مساجد وكنائس ومقابر.. الاحتلال الإسرائيلي يدمر الهوية التاريخية لقطاع غزة
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
لطالما كان قطاع غزة مركزا ثقافيا وتجاريا مهما، ومر عليه الكثير من الحضارات التي تركت فيه ما يدل على عمق وتاريخ المكان، مثل الحكم البيزنطي والروماني واليوناني والمصري.
الاحتلال يدمر هوية قطاع غزة
وكشفت دراسة حديثة أجرتها مجموعة "التراث من أجل السلام" عن أن الاحتلال الإسرائيلي دمر أكثر من 100 موقع أثري وتاريخي في قطاع غزة .
وفي مقدمة تلك المعالم التاريخية والأثرية التي دمرت، المسجد العمري الكبير، وهو أحد أهم وأقدم المساجد في فلسطين التاريخية، وكنيسة القديس برفيريوس، التي يُعتقد أنها ثالث أقدم كنيسة في العالم، ومقبرة رومانية عمرها 2000 عام في شمال غزة، تم التنقيب فيها العام الماضي فقط، ومتحف رفح في جنوب غزة، الذي كان مكانا يقصده الدارسون لتاريخ وتراث قطاع غزة الطويل.
وقالت مديرة متحف رفح، سهيلة شاهين، في مقطع فيديو نشرته على حساب المتحف بموقع فيسبوك: "كانت هناك قطع لا تقدر بثمن من عملات معدنية وأحجار كريمة و ألواح نحاسية وملابس".
بدوره قالت، إسبر صابرين، رئيس منظمة التراث من أجل السلام، في مقابلة مع إذاعة NPR الأمريكية إنه: "إذا اختفى هذا التراث في غزة، فسيكون ذلك خسارة كبيرة لهوية الناس في غزة".
وأضاف صابرين أن منظمته تخطط لمواصلة أعمال المسح ومراقبة حالة المعالم الثقافية في غزة خلال الأشهر المقبلة، سواء على الأرض بالتعاون مع السكان المحليين، أو باستخدام صور الأقمار الصناعية.
وقال: "إن سكان غزة لديهم الحق في الحفاظ على هذا التراث والحفاظ عليه، وسرد التاريخ وأهمية هذه الأرض".
تدمير معالم دينية تاريخية
وعرض التقرير الصادر عن "مبادرة التراث من أجل السلام" قائمة بأسماء المعالم الأثرية والتراثية في قطاع غزة التي تعرضت للدمار كليا أو جزئيا بسبب الحرب، وشملت حوالي 23 معلما، بالإضافة إلي أكثر من 70 منزلاً أثرياً، فضلا عن مركز المخطوطات والوثائق القديمة الذي تم تدميره كليا.
وأوضح التقرير أن المعالم التي تضررت هي كنيسة جباليا البيزنطية، وكنيسة برفيريوس الأرثوذكسية، والمسجد العمري، ومسجد الشيخ شعبان، ومسجد الظفر الدمري، ودار السقا الأثرية، وتل المنسطر، و المقبرة الإنجليزية، ودير القديس هيلاريون، وتل السكن، وتل 86 بالقرارة، و سوق مازن، ومقام خليل الرحمن، وتل رفح الأثري، والمسجد العمري، ومسجد السيد هاشم، وقصر الباشا، و المقبرة الإنجليزية، ومقام الخضر (دير البلح)، ومتحف دير البلح، موقع الفخاري، ومقام النبي يوسف.
وبالرغم من أن اتفاقية لاهاي لعام 1954، والتي تحمي المعالم التاريخية من ويلات الحربـ لكن المعالم في غزة دمرت جراء ضربات الاحتلال الإسرائيلي في جولات سابقة من العدوان، وتعرضت عشرات المواقع، بما في ذلك المسجد العمري الكبير الذي طمست معالمه الآن، لأضرار في عام 2014.
وكشف تقرير صادر عن اليونسكو، وهي هيئة الأمم المتحدة التي تحدد مواقع التراث العالمي وتحميها، إلى المزيد من الدمار للمواقع الثقافية والتاريخية في غزة في عام 2021.
وقال متحدث باسم اليونسكو في بيان أرسل إلى إذاعة NPR الأمريكية: "إن اليونسكو تشعر بقلق عميق إزاء التأثير السلبي للقتال المستمر على التراث الثقافي في فلسطين وإسرائيل".
وأكد أن "منظمتنا تدعو جميع الأطراف المعنية إلى الالتزام الصارم بالقانون الدولي. ولا ينبغي استهداف الممتلكات الثقافية أو استخدامها لأغراض عسكرية، لأنها تعتبر بنية تحتية مدنية".
وجاء في بيان الوكالة أنه "بسبب القتال المستمر واستحالة الوصول إلى المنطقة، فإن اليونسكو ليست في وضع يسمح لها بتقييم الأضرار بنفسها في الموقع".
وقالت إنه "في هذه المرحلة، لا يستطيع خبراؤنا سوى مراقبة الوضع عن بعد، باستخدام بيانات الأقمار الصناعية والمعلومات المرسلة إلينا من قبل أطراف ثالثة. ويجب بعد ذلك التحقق من هذه المعلومات بدقة".
ولم تتمكن اليونسكو حتى الآن من مسح مدى الضرر الذي لحق بالتراث الثقافي في غزة.
كنيسة القديس برفيريوس (روم أرثوذكس)
تعرضت كنيسة القديس برفيريوس للتدمير الكامل تقريبا نتيجة القصف المباشر.
وتعد الكنيسة من أقدم الكنائس الأثرية في البلدة القديمة بغزة، وتقع في حي الزيتون، وهو من أقدم أحيائها.
وتم بناؤها عام 425م على يد القديس برفيريوس الذي سمي باسمه. وتضم الكنيسة الآن ضريحه.
ويكشف التصميم الأفقي أن الكنيسة تتكون من قاعة كبيرة ذات سقف تعلوه أقبية متقاطعة على شكل صليب، ترتكز على أعمدة حجرية. والجدران مصنوعة من الحجر الصلب، سمكها حوالي 80 سم.
المسجد العمري الكبير
وتعرض المسجد العمري الكبير للدمار بشكل كامل ويعد من أهم وأكبر المساجد التاريخية في فلسطين.
ويتخذ موقع استراتيجيا إذ يقع في قلب البلدة القديمة في حي الدرج بمدينة غزة، وتبلغ مساحة المسجد 4100 متر مربع، ويتميز بهندسة معمارية على الطراز البازيليكي يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر الميلادي. وبعض الأعمدة المستخدمة في البناء تم جلبها من بقايا الكنائس المهدمة.
وتشتهر ببنيتها القوية وأعمدتها الرخامية الجميلة ونقوشها وزخارفها التي تعود إلى العصرين المملوكي والعثماني.
وتقول الروايات التاريخية إلى أن بناء المسجد كان على عدة مراحل، إذ كان له استخدامات مختلفة عبر تاريخه.
وتشير الروايات التاريخيى إلى أنه كان معبدا في البداية، ثم تحول لكنيسه، و بعد الفتح الإسلامي تحول إلى مسجد .
ويوجد إلى الشمال من المسجد صحن تبلغ مساحته التقريبية 1900 متر مربع.
مسجد السيد هاشم
وهو أحد المساجد التاريخية الهامة في مدينة غزة الذي تعرض للدمار بشكل جزئي. يقع في حي الدرج بمساحة تقدر بحوالي 2400 متر مربع. وهو يعتبر من أجمل وأقدم مساجد غزة.
ويضم المسجد ضريحًا أسفل قبته يعتقد أنه قبر السيد هاشم بن عبد مناف الجد الأكبر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وتم تشييد المسجد الحالي في العصر العثماني على الطراز المعماري المملوكي. ويكشف القسم (المخطط) الأفقي للمسجد عن صحن مفتوح مربع الشكل في المنتصف، تحيط به ثلاثة أروقة خارجية للصلاة.
وقاعة الصلاة الرئيسية بالمسجد مربعة الشكل تقريبًا ومغطاة بأقبية متقاطعة. ويحتوي المسجد على محراب موجه نحو القبلة ومنبر تم تجديده عام 1850 برعاية السلطان العثماني عبد المجيد.
وتعد هذه الأماكن جزء من مواقع أثرية كبيرة تمثل الهوية التاريخية لقطاع غزة مثل قصر الباشا (دار السعادة) وهو أحد معالم العمارة الإسلامية الذي تعرض للدمار الجزئي.
ومقبرة دير البلح التي تعرضت للدمار الكلي، وهي من أهم المقابر التاريخية والأثرية في غزة، حيث تعكس تاريخ الشعب الفلسطيني على مدى عصور عدة.
والكنيسة البيزنطية التي تعود للعهد البيزنطي، والواقعه في جباليا شمال القطاع، ويزيد عمرها عن 1600 عاما، حيث تعود إلى عام 444 ميلادي، من أهم المواقع الأثرية في قطاع غزة، ومن أبرز المعالم في بلاد الشام عامة، إلا انها تدمرت بشكل كامل.
ودار السقا الأثرية، التي تعرضت لأضرار جزئية، في حي الشجاعية بوسط السوق في الضاحية الشرقية لمدينة غزة، وبُني منذ القرن السابع عشر ميلادي في عام 1661 في عهد السلطان محمد الرابع بن السُلطان إبراهيم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة الاحتلال التاريخية الأثرية غزة الاحتلال أثرية تاريخية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المسجد العمری الکبیر القدیس برفیریوس قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية يجدد مسجد القلعة بالمدينة المنورة ويعزز الحضارة الإسلامية للمملكة
شمال شرق المدينة المنورة بنحو 102كلم، وبالتحديد في بلدة الحناكية – https://goo.gl/maps/tiKqsaeuv9hN8dm98 – وصل مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية في مرحلته الثانية، وبدأ العمل على تطوير مسجد القلعة التاريخي، الذي يتجاوز عمره مئة عام؛ لينضم إلى قائمة المساجد التي يستهدفها المشروع لإعادة الحياة فيها لما لها من أثرٍ تاريخي واجتماعي في تشكيل محيطها البشري والثقافي والفكري، فضلًا عن تعزيز الحضارة الإسلامية للمملكة، كونها مهبط الوحي وبلد الحرمين الشريفين.
وسيجدد مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية مسجد القلعة على طراز المدينة المنورة التاريخي، ليزيد مساحته من 181.75 م2، إلى 263.55 م2، فيما ستصل طاقته الاستيعابية إلى 171 مصليًا بعد أن كان غير مستخدم، حيث سيستخدم المشروع المواد الطبيعية من الطين وأخشاب الأشجار المحلية؛ لإعادة بناء المسجد على شكله القديم والمحافظة على تقنيات البناء الذي يتميز بها في قدرته على التعامل مع البيئة المحلية والمناخ الصحراوي الحار.
ويعمل مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية على تحقيق التوازن بين معايير البناء القديمة والحديثة بطريقة تمنح مكونات المساجد درجة مناسبة من الاستدامة، وتدمج تأثيرات التطوير بمجموعة من الخصائص التراثية والتاريخية، في حين يجري عملية تطويرها من قبل شركات سعودية متخصصة في المباني التراثية وذات خبرة في مجالها.
ويأتي مسجد القلعة ضمن مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية في مرحلته الثانية التي شملت 30 مسجدًا في جميع مناطق المملكة الـ13، بواقع 6 مساجد لمنطقة الرياض، و5 مساجد في منطقة مكة المكرمة، و4 مساجد في منطقة المدينة المنورة، و3 مساجد في منطقة عسير، ومسجدين في المنطقة الشرقية، ومثلهما في كل من الجوف وجازان، ومسجدًا واحدًا في كل من الحدود الشمالية، وتبوك، والباحة، ونجران، وحائل، والقصيم.
اقرأ أيضاًالمجتمعوزير الحرس الوطني يستقبل أمراء الأفواج بالوزارة
يذكر أن إطلاق المرحلة الثانية من مشروع تطوير المساجد التاريخية أتى بعد الانتهاء من المرحلة الأولى التي شملت إعادة تأهيل وترميم 30 مسجدًا تاريخيًا في 10 مناطق.
وينطلق المشروع من 4 أهداف إستراتيجية، تتلخص بتأهيل المساجد التاريخية للعبادة والصلاة، واستعادة الأصالة العمرانية للمساجد التاريخية، وإبراز البعد الحضاري للمملكة العربية السعودية، وتعزيز المكانة الدينية والثقافية للمساجد التاريخية، ويسهم في إبراز البُعد الثقافي والحضاري للمملكة، الذي تركز عليه رؤية المملكة 2030 عبر المحافظة على الخصائص العمرانية الأصيلة والاستفادة منها في تطوير تصميم المساجد الحديثة.