على وقع حرب إسرائيلية مدمرة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، شنت جماعة الحوثي في اليمن سلسلة هجمات في البحر الأحمر، وهو ممر ملاحي استراتيجي؛ ما أضر بمصالح إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة، ودفعهما إلى بحث سبل الرد على الحوثيين، المدعومين من إيران.

وأودت حرب الاحتلال الإسرائيلي بحياة 15 ألفا و899 فلسطينيا في غزة، وأصابت أكثر من 42 ألف بجروح، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.

وبعدما أعلنوا مرارا عن استهداف إسرائيل بصواريخ ومسيّرات، توعد الحوثيون باستهداف السفن التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية "نُصرة لغزة"، ودعوا الدول إلى "سحب مواطنيها العاملين ضمن طواقم هذه السفن".

وفي أحدث هجمات الحوثيين، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في 3 ديسمبر/ كانون الأول الجاري "تعرض المدمرة الأمريكية "يو إس إس كارني" وسفن تجارية لهجوم في البحر الأحمر".

وبينما لم يحدد "البنتاجون" مصدر الهجوم، قال مسؤول أمريكي لوكالة "أسوشييتد برس" إنه تم شنه من العاصمة اليمنية صنعاء (تحت سيطرة الحوثيين)، واستمر لمدة 5 ساعات.

فيما أعلنت جماعة الحوثي، المسيطرة على معظم شمال غرب اليمن، أنها استهدافت سفينتين "إسرائيليتين" في مضيق باب المندب بالبحر الأحمر بصاروخ بحري وطائرة مسيّرة.

ويربط باب المندب البحر الأحمر بخليج عدن، وهي ممر بحري حيوي للتجارة العالمية، وعادة ما تؤدي التوترات فيها إلى ارتفاع الأسعار على مستوى العالم.

وفي 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تم إطلاق صاروخين من الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، بعد أن استجابت سفينة تابعة للبحرية الأمريكية لنداء استغاثة من سفينة مرتبطة بإسرائيل أثناء محاولة قراصنة صوماليين اختطافها.

وأعلن الحوثيون، في 19 نوفمبر، السيطرة في البحر الأحمر على سفينة الشحن "جالاكسي ليدر" (Galaxy Leader)، وهي مملوكة لرجل أعمال إسرائيلي، واقتيادها إلى الساحل اليمني.

وردا على "قيامها بأعمال عدائية ورصد وتجسس في أجواء المياه الإقليمية اليمنية وضمن الدعم العسكري الأمريكي للكيان الإسرائيلي"، أعلن الحوثيون عبر بيان في 8 من الشهر الماضي "إسقاط طائرة تجسس أمريكية مسيرة من طراز MQ9  في المياه الإقليمية لليمن بالبحر الأحمر".

اقرأ أيضاً

مباحثات أمريكية مع إسرائيل لإنشاء قوة حماية للملاحة بالبحر الأحمر

تداعيات اقتصادية 

وتحت وطأة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، تترقب شركات الملاحة البحرية العالمية تطورات حركة الملاحة عبر باب المندب، وأظهرت بيانات لهذه الشركات ارتفاعا في تكلفة تأمين السفن المارة في المنطقة.

فيما أعلنت شركة الشحن البحري الإسرائيلية "زيم"، في 29 نوفمبر، تحويل سفنها عن قناة السويس المصرية.  

وستستخدم سفن الشركة مسارا بديلا عبر البحر المتوسط، ثم مضيق جبل طارق، ومنه جنوبا عبر المحيط الأطلسي، مرورا برأس الرجاء الصالح جنوبي إفريقيا، ثم إلى آسيا.

ويعني ذلك ارتفاع تكاليف الشحن وتأخير وصول شحنات البضائع إلى دولة الاحتلال. وقال خبير الشؤون الاستخبارية في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية يوسي ميلمان إن مهاجمة السفن التي يملكها رجال أعمال إسرائيليون "تهدد التجارة الخارجية لإسرائيل، التي تؤمّن 99% من احتياجاتها عبر النقل البحري".

وبحسب ميلمان، فإن إسرائيل مترددة في كيفية الرد على هجمات الحوثيين؛ إذ ترى أنها محاولة من إيران لفتح جبهة قتال إسرائيلية ثالثة، بالإضافة إلى جبهتي غزة ولبنان، في إشارة إلى محاولة إشغال إسرائيل لتخفيف الضغط عن غزة.

ومنذ اليوم التالي لحرب غزة، يتبادل جيش الاحتلال الإسرائيلي قصفا متقطا مع جماعة "حزب الله" (حليفة إيران) وفصائل فلسطينية في لبنان؛ ما أسفر عن قتلى وجرحى على جانبي الحدود.

وتعتبر كل من طهران وتل أبيب العاصمة الأخرى العدو الأول لها، وتحتل إسرائيل منذ عقود أراضٍ في لبنان وفلسطين وسوريا.

ونقلا عن مسؤول عسكري لم يسمه، قال ميلمان إن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر تزيد رسوم تأمين السفن؛ ما يرفع الأسعار عالميا، ويحفز المزيد من الدول على التدخل لوقف الهجمات.

اقرأ أيضاً

حرب إقليمية محتملة.. ماذا ستفعل إيران؟ وكيف يساعد الحوثيون؟

خيارات صعبة

ومن المرجح، بحسب تحليل بموقع "ستراتفور" الأمريكي، أن يستمر الحوثيون في تنفيذ عمليات سيطرة وهجمات بطائرات مسيّرة ضد السفن المرتبطة بإسرائيل؛ مما قد يورط واشنطن و/أو تل أبيب في "ضربات انتقامية" ضد الجماعة.

ويبدو أن الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل لا تملكان حتى الآن الوسائل لوقف هجمات الحوثيين، على الرغم من وجود أمريكي في البحر الأحمر، عززته واشنطن بحاملة الطائرات "يو إس إس دوايت دي أيزنهاور"، ضمن دعم عسكري ودبلوماسي لتل أبيب منذ اندلاع حربها على غزة.

وكشف مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، في 4 ديسمبر، أن بلاده بحثت مع إسرائيل ودول أخرى إنشاء قوة لحماية الملاحة في البحر الأحمر.

كما توعدت واشنطن بإعادة تصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية". وسبق أن صنفت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب (2017-2021) الحوثيين "منظمة إرهابية" في يناير/كانون الثاني 2021، وهو ما ألغته إدارة الرئيس الحالي جو بايدن.

لكن هذا التصنيف، وفقا لمايكل هورتون في تحليل بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي، "سسيكون له تأثير ضئيل أو معدوم على الحوثيين وقيادتهم، فكبار أعضاء الحوثي لا يغادرون اليمن وليس لديهم أصول أجنبية قد تكون عرضة للمصادرة، وسيتم الاحتفال بهذا التصنيف في صنعاء كدليل على أن الحوثيين ينتصرون".

وكذلك الضربات العسكرية الأمريكية و/ أو الإسرائيلية تعتبر "خيارا سيئا"، بحسب هورتون؛ فـ"الجماعة المسلحة لم تنجو من سنوات من الضربات التي نفذتها السعودية والإمارات فحسب، بل ازدهرت عسكريا وسياسيا أيضا، وأثارت هذه الضربات الغضب الشعبي، ما أبقى الجماعة متماسكة".

اقرأ أيضاً

لماذا يهاجم الحوثيون إسرائيل؟ وما تداعيات ذلك على اليمن؟

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: هجمات الحوثي البحر الأحمر إسرائيل الرد خيارات فی البحر الأحمر هجمات الحوثیین هجمات الحوثی

إقرأ أيضاً:

فاينشينال تايمز: اقتراح ترامب بشأن غزة يبدد آمال صناعة الشحن في البحر الأحمر

يمن مونيتور/قسم الأخبار

ارتفعت حركة الملاحة بعد أن أعلن الحوثيون أنهم سيتوقفون عن استهداف معظم السفن في أعقاب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.

وقال مسؤولون في قطاع الشحن إن اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالسيطرة على غزة ضرب آمال العودة إلى طريق البحر الأحمر بعد أكثر من عام من الاضطراب.

ووفقا لصحيفة “فاينشينال تايمز” أثار إعلان ترامب الصادم هذا الأسبوع مخاوف من أن تجدد جماعة الحوثي المسلحة في اليمن تهديدها ضد السفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر، بعد أن أعلنت الشهر الماضي أنها ستتوقف عن استهداف معظم السفن بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.

وقال جان ريندبو الرئيس التنفيذي لمجموعة نوردن للشحن السلعي إن خطة ترامب أضافت “إلى هذه الصورة من الاضطرابات والتوتر في الشرق الأوسط وقد يؤدي ذلك إلى إطالة أمد قضية البحر الأحمر”. وأضاف أن الإعلان زاد من “خطر عدم بقاء الحوثيين في وضع ثابت”.

وتابع: لقد أدى اقتراح ترامب بشأن غزة إلى تفاقم حالة عدم اليقين التي يخلقها نهجه غير المتوقع للتجارة وصناعة الشحن.

وفي الأيام الأولى من توليه منصبه، أعادت تهديدات الرئيس بفرض رسوم جمركية على العديد من الشركاء التجاريين إشعال المخاوف من الحروب التجارية والانحدار الاقتصادي العالمي الذي قد يؤثر على أرباح أصحاب السفن.

وقد تبع إعلان الحوثيين في 19 يناير/كانون الثاني عن رفع العقوبات عن السفن، باستثناء تلك المسجلة في إسرائيل أو المملوكة بالكامل لكيانات إسرائيلية، زيادة طفيفة في الشحنات القادمة من خارج اليمن.

ومنذ إطلاق حملتهم في أواخر عام 2023 لدعم الفلسطينيين في غزة، هدد الحوثيون جميع السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، وكذلك تلك المملوكة لكيانات بريطانية وأمريكية.

وارتفع عدد السفن العابرة لمضيق باب المندب الذي يدخل البحر الأحمر بعد اليمن بنسبة 4% إلى 223 سفينة في الأسبوع الذي أعقب إعلان الحوثيين، بحسب شركة لويدز ليست إنتليجنس. وأضافت الشركة أن نحو 25 سفينة من هذه السفن تجنبت المنطقة منذ عام 2023 أو لم تبحر عبر المضيق تاريخيا.

وبحسب شركة بيانات السلع الأساسية ICIS، من المقرر أن تنقل إحدى ناقلات الغاز الطبيعي المسال التي غادرت عُمان مؤخرًا أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال غير الروسي عبر البحر الأحمر منذ أكثر من عام. وتشير سفينة صلالة للغاز الطبيعي المسال إلى ميناء تركي ومن المتوقع وصولها في 16 فبراير، مما يشير إلى أنه سيتعين عليها اتخاذ طريق البحر الأحمر للوصول في الوقت المحدد.

وقالت بريدجيت ديكن، محللة المخاطر البحرية في شركة لويدز ليست إنتليجنس، إنه في حين أن “عددًا صغيرًا من السفن يعود”، فإن البعض الآخر لا يزال “ينتظر دليلاً على الاستقرار”.

لكن المزيد من مالكي السفن يستعدون الآن لتصعيد التوترات في الشرق الأوسط ولتراجع الحوثيين عن وعدهم بالحد من الهجمات، بحسب مسؤولين تنفيذيين.

وقال لارس جينسن الرئيس التنفيذي لشركة فسبوتشي ماريتايم التي تقدم خدمات استشارية لأصحاب السفن والتجار إن الآمال المبكرة في العودة إلى المرور عبر البحر الأحمر قد تحطمت.

وقال جينسن “قبل أسبوع كان هناك ضوء في نهاية النفق”، لكن الآن “احتمال العودة إلى البحر الأحمر أصبح أقل”.

وقال ريندبو إن حركة العبور قد تنتعش بعد نحو شهرين من السلام في البحر الأحمر، لكن إعلان ترامب “لم يساعد حقًا في غرس الثقة في أن هذه المنطقة مستقرة”. وقد هاجم زعماء في مختلف أنحاء الشرق الأوسط اقتراح ترامب .

وكان التجار ينتظرون العودة إلى الوضع الطبيعي بعد الاضطرابات التي أدت لأكثر من عام إلى زيادة أوقات الشحن وتكاليفه حيث اتخذت السفن المسافرة بين أوروبا وآسيا الطريق الأطول حول أفريقيا.

توقت مجموعة الشحن البحري الدنماركية AP Møller-Maersk هذا الأسبوع أن التجارة عبر البحر الأحمر ستُفتح في أفضل الأحوال بحلول منتصف عام 2025 وفي أسوأ الأحوال ستظل مقيدة حتى نهاية العام. قد يؤدي الأول إلى تمكين شركة الشحن البحري الدنماركية العملاقة من تحقيق التعادل هذا العام، ولكن قد يرى الأخير أنها ستحقق حوالي 3 مليارات دولار من الأرباح التشغيلية.

 

وقال الرئيس التنفيذي للشركة فينسنت كليرك لصحيفة فاينانشال تايمز “إن العودة عبر قناة السويس عملية معقدة للغاية، لذا يتعين علينا التأكد من عدم العودة قبل بضعة أشهر فقط. فالعملاء لا يريدون التقلب”.

وكانت شركة ميرسك قد حاولت في السابق العودة إلى البحر الأحمر في ديسمبر/كانون الأول 2023، لكن الحوثيين أطلقوا النار على إحدى سفنها على الفور وحاولوا الصعود إلى متنها، مما دفع الشركة إلى إعادة توجيه الشحنات مرة أخرى.

وقال كليرك “ما دام هناك شك حول الكيفية التي ستبدو عليها الأمور بعد بضعة أسابيع، فسوف ننتظر”.

مقالات مشابهة

  • بلومبرغ: حركة السفن في البحر الأحمر لم تنتعش!!
  • “بلومبرغ”: حركة السفن في البحر الأحمر لم تنتعش رغم توقف العمليات اليمنية
  • هيئة قناة السويس تبحث استقرار الأوضاع في البحر الأحمر مع غرفة الملاحة الدولية
  • مسؤول مصري: خطة ترامب في غزة أثرت على الملاحة في قناة السويس
  • FT: خطة ترامب في غزة تبدد آمال حركة الشحن في البحر الأحمر
  • فدية البحر الأحمر: كيف تمول رسائل البريد الإلكتروني عمليات القرصنة التي يشنها الحوثيون بقيمة 2 مليار دولار (ترجمة خاصة)
  • قطاع الشحن الدولي ينسفُ التضليل الأمريكي: البيت الأبيض يهدّدُ أمنَ الملاحة في البحر الأحمر
  • فاينشينال تايمز: اقتراح ترامب بشأن غزة يبدد آمال صناعة الشحن في البحر الأحمر
  • حديث ترامب عن غزة يبدد آمال عودة الشحن للبحر الأحمر
  • مسؤولو الشحن: اقتراح ترامب بشأن غزة يبدد آمال صناعة الشحن في البحر الأحمر