أبارتهايد بيئي: كيف دمر الاحتلال مناخ الأراضي المحتلة ؟
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
من هناك، حيث أرضنا المحتلة، عند التقاء مدينة أريحا ونهر الأردن والبحر الميت، روج كيان الاحتلال على مدار سنوات نفسه على أنه "دولة" صديقة للبيئة.
إلا أن الأرقام والحقائق لها رأي آخر، فما يقوله الكيان لطالما تنافى مع معطيات الواقع والسرديات التي ينسجها حول نفسه مصدرا إياها للعالم.
العالم الناظر للمنطقة وحياة شعوبها على أنها " أقل قيمة " من حيوات الشعوب والمناطق الأخرى، والمنظر في ضرورة إنقاذ العالم من " كارثة بيئية"، سببها الأول الممارسات البشرية، وحرب الدول الصناعية على طبقات الغلاف الجوي، موارد الأرض المحتلة، وتضاريس طبيعتها، تدلل على واقع مغاير في الأراضي المحتلة، سببه الأول هجمات الاحتلال على بيئة المنطقة ومناخها، والمتزامن مع كل انواع الهجمات في حق سكانها.
الكيان، عراب الابارتهايد البيئي في المنطقة، الذي جلس رئيسه في مؤتمر المناخ منذ عدة أيام، قبل مجيئه إلى المنطقة، كان يسير فوق المنحدرات نهر، هو نهر الأردن، بلغ عرضه حينها حوالي 100 متر.
اليوم عرض النهر من خمسة إلى عشرة أمتار فقط، بعد أن قيّد الاحتلال في ستينيات القرن الماضي، تدفق النهر من بحيرة طبريا محولا مياهه إلى تل أبيب وصولاً إلى النقب.
النهر، الذي يعد رافد البحر الميت الأساسي، كان يصب فيه مليار وثلاثمئة مليون متر مكعب سنويًا في خمسينات القرن الماضي، قبل أن يشرع الاحتلال بعملية التحولات الكبرى لمنافذ نهر الأردن عبر مشروع أطلقت عليه "الناقل الوطني القطري"، أدى إلى تناقص منسوب مياه البحر الميت سنويا بمقدار متر ونصف، فاقدا منذ حينها حوالي ثلثي مساحته.
كما وأضر الاحتلال بجودة مياه بحيرة طبرية، المصدر الأكبر للمياه العذبة في المنطقة، والتي تدهورت بعد أن أزال الاحتلال مئة وخمسة ألف دونم من الأراضي الرطبة حولها منذ عام ألف وتسعمئة وثمانية وأربعين، مجففا إلى جانب ذلك بحيرة الحولة، لإفساح المجال لبناء المستوطنات الزراعية.
تصحر، وتآكل للتربة، وتدهور للأراضي الزراعية على حساب التوسع الحضري للمستوطنات غير القانونية تزايد بشكل صارخ في الأراضي المحتلة، فالكيان اقتلع مليوني ونصف فقط من أشجار الزيتون منذ عام الف وتسعمئة وسبعة وستين، تسعة الآف زيتونة كان بين عامي ألفين وعشرين ألفين وواحد وعشرين.
عاشر دولة في تصنيع الأسلحة تهاجم مناخ المنطقةالاحتلال والذي دمر محطة الكهرباء الوحيدة في غزة خلال حربه عليها عام ألفين وأربعة عشر، أكثر من ستة وتسعين في المئة من إنتاج كهربائه ناجم عن حرق الوقود الأحفوري، المسبب الرئيسي لظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي في العالم.
وعلى الجانب ذاته من ابارتهايد الاحتلال البيئي، فصناعة الأسلحة، إحدى الركائز الأساسية لاقتصاد الاحتلال، وواحدة من أكثر الصناعات الملوثة بيئيا، يعد الكيان عاشر أكبر مصدر لصناعتها في العالم، مساهم بشكل كبير في تلوث الهواء العالمي والأضرار البيئية واسعة النطاق.
بيئة غزة عدو الاحتلال الأولوعلى الجانب الآخر من خريطة فلسطين، حصار وهجمات وحروب متكررة منذ ما يقرب العشرين عاما على قطاع لا تتجاوز مساحته الـ الأربعمئة كيلو متر مربع، دمر الاحتلال من خلالها خطوط الأنابيب ومرافق الصرف الصحي، والبنية التحتية لمعالجة المياه والنفايات، فعشرات الآلاف من الأمتار المكعبة من مياه الصرف الصحي تصرفها بلديات غزة مجبرة في البحر الأبيض المتوسط، مسببة بتسرب عشرة في المئة منها إلى المياه الجوفية، المصدر الرئيسي للمياه العذبة في القطاع.
فمياه غزة سبعة وتسعين في المئة منها غير صالحة للشرب، والأرقام تشير إلى أن اثنتي عشرة في المئة من الوفيات بين الأطفال الغزيين وأكثر من خمسة وعشرين في المئة من الأمراض في القطاع سببها نوعية المياه السيئة.
هواء ملوث، محمل بمتفجرات سامة، بلغ حجمها فقط في الستين يوما الماضية أكثر من أربعين ألف طن، دهورت جودة الهواء في غزة تحت وطأة الحروب وهمجية طيران الكيان، محدثة عن قصد وترصد كارثة بيئية في سماء غزة ممتدة إلى سماء المنطقة ككل.
لن يكف الاحتلال عن ترويج نفسه على أنه الدولة المتحضرة الوحيدة في الشرق الأوسط، إلا أن كل شيء، الشجر والحجر والهواء وحبات الزيتون تقول إننا نواجه يوميا سرطانا ينهش في كل بقاع الارض.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: دولة فلسطين الحرب في غزة قطاع غزة التغير المناخي مؤتمر المناخ فی المئة من
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يورط الضفة الغربية في جحيم صراع لم تشهده منذ 58 عامًا
في تصعيد غير مسبوق، تعيث قوات الاحتلال فسادًا في مدن الضفة الغربية، حيث لم تشهد المنطقة مثل هذا الوضع منذ نحو 58 عامًا، حيث أدت الاعتداءات الإسرائيلية إلى تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين، بالإضافة إلى استشهاد وإصابة العديد من المواطنين.
عرضت قناة "القاهرة الإخبارية" تقريرًا تحت عنوان "الاحتلال يقحم الضفة الغربية في جحيم صراع لم تشهده منذ 58 عامًا"، والذي كشف النقاب عن مخطط الاحتلال الذي يهدف إلى تغيير الواقع الديموغرافي في المنطقة.
ومن خلال فترة زمنية لا تتجاوز ثلاثة أشهر، تمكن الاحتلال من تنفيذ مخططه الاستيطاني، حيث أفرغ المنطقة من سكانها الأصليين، ثم منح المستوطنين الضوء الأخضر للاستمرار في انتهاكاتهم العدوانية بحق الفلسطينيين.
وبحسب تقارير إعلامية، فقد دعا وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، المستوطنين في الضفة الغربية إلى تكثيف هجماتهم ضد الفلسطينيين. ووجه دعوته للمستوطنين بملاحقة المواطنين الفلسطينيين من أجل إجباريهم على مغادرة أراضيهم والنزوح منها.
و هذا التحريض يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، ويتعرض له الفلسطينيون في كل جزء من أراضيهم المحتلة، مما لاقى إدانة دولية متزايدة.
ويشير المحللون إلى أن هذه الخطوات الإسرائيلية تهدف إلى فرض واقع جديد يقوم على تعزيز الاستيطان الإسرائيلي، ومحو الوجود الفلسطيني في المنطقة.
وفقًا لهذه الأهداف، يسعى الاحتلال إلى تغيير التركيبة السكانية للضفة الغربية بشكل كامل.
من الناحية العملية، يعد ما يحدث اليوم من أكبر عمليات التدمير والتهجير التي شهدتها الضفة الغربية منذ عام 1967.
فقد قامت القوات الإسرائيلية بإخلاء سكان مخيمات جنين وتل كارم ونور شمس، كما دمرت البنية التحتية للعديد من المناطق الفلسطينية بشكل متعمد. هذا التصعيد يشير إلى أن الاحتلال ماضٍ في تنفيذ مخططه الاستيطاني والتهجيري، بينما لا يزال الفلسطينيون يدافعون عن حقهم في الوجود على أرضهم.