من هناك، حيث أرضنا المحتلة، عند التقاء مدينة أريحا ونهر الأردن والبحر الميت، روج كيان الاحتلال على مدار سنوات نفسه على أنه "دولة" صديقة للبيئة.

إلا أن الأرقام والحقائق لها رأي آخر، فما يقوله الكيان لطالما تنافى مع معطيات الواقع والسرديات التي ينسجها حول نفسه مصدرا إياها للعالم. 

العالم الناظر للمنطقة وحياة شعوبها على أنها " أقل قيمة " من حيوات الشعوب والمناطق الأخرى، والمنظر في ضرورة إنقاذ العالم من " كارثة بيئية"، سببها الأول الممارسات البشرية، وحرب الدول الصناعية على طبقات الغلاف الجوي، موارد الأرض المحتلة، وتضاريس طبيعتها، تدلل على واقع مغاير في الأراضي المحتلة، سببه الأول هجمات الاحتلال على بيئة المنطقة ومناخها، والمتزامن مع كل انواع الهجمات في حق سكانها.

 

الاحتلال يحارب المياه وأشجار الزيتون

الكيان، عراب الابارتهايد البيئي في المنطقة، الذي جلس رئيسه في مؤتمر المناخ منذ عدة أيام، قبل مجيئه إلى المنطقة، كان يسير فوق المنحدرات نهر، هو نهر الأردن، بلغ عرضه حينها حوالي 100 متر.

اليوم عرض النهر من خمسة إلى عشرة أمتار فقط، بعد أن قيّد الاحتلال في ستينيات القرن الماضي، تدفق النهر من بحيرة طبريا محولا مياهه إلى تل أبيب وصولاً إلى النقب.

النهر، الذي يعد رافد البحر الميت الأساسي، كان يصب فيه مليار وثلاثمئة مليون متر مكعب سنويًا في خمسينات القرن الماضي، قبل أن يشرع الاحتلال بعملية التحولات الكبرى لمنافذ نهر الأردن عبر مشروع أطلقت عليه "الناقل الوطني القطري"، أدى إلى تناقص منسوب مياه البحر الميت سنويا بمقدار متر ونصف، فاقدا منذ حينها حوالي ثلثي مساحته.

كما وأضر الاحتلال بجودة مياه بحيرة طبرية، المصدر الأكبر للمياه العذبة في المنطقة، والتي تدهورت بعد أن أزال الاحتلال مئة وخمسة ألف دونم من الأراضي الرطبة حولها منذ عام ألف وتسعمئة وثمانية وأربعين، مجففا إلى جانب ذلك بحيرة الحولة، لإفساح المجال لبناء المستوطنات الزراعية.

تصحر، وتآكل للتربة، وتدهور للأراضي الزراعية على حساب التوسع الحضري للمستوطنات غير القانونية تزايد بشكل صارخ في الأراضي المحتلة، فالكيان اقتلع مليوني ونصف فقط من أشجار الزيتون منذ عام الف وتسعمئة وسبعة وستين، تسعة الآف زيتونة كان بين عامي ألفين وعشرين ألفين وواحد وعشرين.

عاشر دولة في تصنيع الأسلحة تهاجم مناخ المنطقة

الاحتلال والذي دمر محطة الكهرباء الوحيدة في غزة خلال حربه عليها عام ألفين وأربعة عشر، أكثر من ستة وتسعين في المئة من إنتاج كهربائه ناجم عن حرق الوقود الأحفوري، المسبب الرئيسي لظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي في العالم. 

وعلى الجانب ذاته من ابارتهايد الاحتلال البيئي، فصناعة الأسلحة، إحدى الركائز الأساسية لاقتصاد الاحتلال، وواحدة من أكثر الصناعات الملوثة بيئيا، يعد الكيان عاشر أكبر مصدر لصناعتها في العالم، مساهم بشكل كبير في تلوث الهواء العالمي والأضرار البيئية واسعة النطاق.

بيئة غزة عدو الاحتلال الأول

وعلى الجانب الآخر من خريطة فلسطين، حصار وهجمات وحروب متكررة منذ ما يقرب العشرين عاما على قطاع لا تتجاوز مساحته الـ الأربعمئة كيلو متر مربع، دمر الاحتلال من خلالها خطوط الأنابيب ومرافق الصرف الصحي، والبنية التحتية لمعالجة المياه والنفايات، فعشرات الآلاف من الأمتار المكعبة من مياه الصرف الصحي تصرفها بلديات غزة مجبرة في البحر الأبيض المتوسط، مسببة بتسرب عشرة في المئة منها إلى المياه الجوفية، المصدر الرئيسي للمياه العذبة في القطاع.

فمياه غزة سبعة وتسعين في المئة منها غير صالحة للشرب، والأرقام تشير إلى أن اثنتي عشرة في المئة من الوفيات بين الأطفال الغزيين وأكثر من خمسة وعشرين في المئة من الأمراض في القطاع سببها نوعية المياه السيئة.

هواء ملوث، محمل بمتفجرات سامة، بلغ حجمها فقط في الستين يوما الماضية أكثر من أربعين ألف طن، دهورت جودة الهواء في غزة تحت وطأة الحروب وهمجية طيران الكيان، محدثة عن قصد وترصد كارثة بيئية في سماء غزة ممتدة إلى سماء المنطقة ككل.

لن يكف الاحتلال عن ترويج نفسه على أنه الدولة المتحضرة الوحيدة في الشرق الأوسط، إلا أن كل شيء، الشجر والحجر والهواء وحبات الزيتون تقول إننا نواجه يوميا سرطانا ينهش في كل بقاع الارض.

 

 

المصدر: رؤيا الأخباري

كلمات دلالية: دولة فلسطين الحرب في غزة قطاع غزة التغير المناخي مؤتمر المناخ فی المئة من

إقرأ أيضاً:

جيش الاحتلال يقتل ناشطة أمريكية “متضامنة” شمال الضفة المحتلة

يمن مونيتور/ وكالات

قتلت ناشطة أجنبية تحمل الجنسية الأمريكية، الجمعة، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في بلدة بيتا بمحافظة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة.

وقال مدير مستشفى رفيديا في نابلس فؤاد نافعة إن “ناشطة أمريكية تبلغ 26 عاما وصلت إلى المستشفى بعد إصابتها برصاص حي في الرأس، مع خروج لأنسجة الدماغ”، مشيرا إلى أن “الطواقم الطبية قدّمت لها إنعاشا للقلب والرئتين لدقائق، إلا أنها استشهدت متأثرة بإصابتها الحرجة”.

وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إن الناشطة وهي من أصول تركية، كانت تشارك في مسيرة بيتا الأسبوعية المناهضة لتوسيع مستوطنة إسرائيلية في بلدة بيتا جنوب مدينة نابلس، عندما أطلقت القوات الإسرائيلية نيرانها على المسيرة.

وأوضحت الوكالة أن القوات الإسرائيلية أطلقت الرصاص الحي وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع لتفريق المشاركين في المسيرة.

بدوره، أعلن سفير واشنطن في “إسرائيل” جاك لو، الجمعة، أن بلاده على علم بحادثة القتل المأساوية، وأنها تجمع بصورة عاجلة مزيدا من المعلومات عن ملابسات الحادث.

وقال السفير في تدوينة على منصة إكس: “نحن على علم بحادثة القتل المأساوية للمواطنة الأمريكية، عائشة نور أيغي، اليوم في الضفة الغربية. نقدم أعمق تعازينا لعائلتها وأحبائها”. وأضاف: “نجمع بشكل عاجل مزيدا من المعلومات عن ملابسات مقتلها، وسنصدر بيانا آخر عندما نحصل على تفاصيل إضافية. لا توجد لدينا أولوية أعلى من سلامة وأمن المواطنين الأمريكيين”.

وأدانت تركيا مقتل الناشطة وقالت في بيان “علمنا بحزن عميق أن مواطنتنا وتدعى عائشة نور إزغي إيغي قُتلت على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي في مدينة نابلس (…) ونحن ندين جريمة القتل هذه التي ارتكبتها حكومة نتنياهو”.

واعتبرت الخارجية الفلسطينية أن “هذه الجريمة جزء لا يتجزأ من جرائم الاحتلال ضد شعبنا، بما فيها جريمة الإبادة الجماعية والتهجير، واستهداف من يتضامن مع قضية شعبنا وحقوقه”. وقالت إن قتل الناشطة “ترجمة عملية لتعليمات وتوجيهات المستوى السياسي في دولة الاحتلال التي تسهل على الجنود استخدام الرصاص الحي بهدف قتل المواطنين الفلسطينيين وكل من يتضامن معهم”.

وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان إن إسرائيل “تريد إيصال رسالة تهديد بالرصاص والدماء لكل من يفكر أن يتضامن مع فلسطين”. وأكد أن “حادثة اليوم تؤكد بلا شك النية المبيتة لدولة الاحتلال في استهداف كافة الأنشطة والفعاليات الشعبية”.

من جانبها، أعربت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيان عن إدانتها “بأشد العبارات، الجريمة التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني”، وعدّتها “امتدادا لجرائم الاحتلال المتعمدة بحق المتضامنين الأجانب مع شعبنا الفلسطيني، والتي راح ضحيتها العشرات منهم، لعل أبرزهم المتضامنة راشيل كوري التي سحقت تحت جنازير دبابات الاحتلال عام 2003″.

 

مقالات مشابهة

  • عملية «الكرامة» والمظاهرات تهز عرش «نتنياهو»
  • الاحتلال يفرج عن مسافرين عالقين في معبر الكرامة
  • الاحتلال يفرج عن مسافرين عالقين على جسر الكرامة
  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
  • عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى
  • ‏إذاعة الجيش الإسرائيلي: إطلاق نحو 15 صاروخا من الأراضي اللبنانية باتجاه شمال إسرائيل خلال ساعات الليل
  • استمرارا لمسلسل الانتهاكات.. إسرائيل تلوح بـ«سيناريو غزة» في الضفة الغربية المحتلة
  • الرشق: المتضامنة الأميركية قُتلت بذات الرصاص الذي يقتل به شعبنا
  • جيش الاحتلال يقتل ناشطة أمريكية “متضامنة” شمال الضفة المحتلة
  • جيش الاحتلال: رصد عدد من الأهداف الجوية عبرت من الأراضي اللبنانية