شهران من العدوان على غزة.. المقاومة الفلسطينية صامدة وتكبد الاحتلال خسائر فادحة ومعركة الشجاعية على الأبواب
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
مع اقتراب مرور شهرين على بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر، يبدو أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تتمكن من السيطرة على القطاع وما زالت المقاومة الفلسطينية صامده أمام آلات القتل والدمار الإسرائيلية، بعد النصر الكبير الذي حققوه، عندما اقتحم مقاتلو حركة حماس مستوطنات غلاف غزة في عملية نوعية لم يشهدها التاريخ العسكري، وألحقوا بإسرائيل هزيمة لم تشهدها منذ حرب أكتوبر 1973.
وقالت القناة الـ 12 العبرية، إن من يعول على استسلام حركة المقاومة الفلسطينية وزعيمها يحيى السنوار يعيش في عالم آخر.
وأضافت أن السنوار، الذي قضى 23 عاما في السجون الإسرائيلية، لن يعود بأي حال من الأحوال إلى السجن، فهو يفضل الاستشهاد على قضاء يومٍ واحد في سجنٍ إسرائيلي.
وأكدت الصحيفة التي اعتمدت على مصادر أمنية مطلعة، أن قائد حركة حماس في غزة لن يمنح الإسرائيليين متعة رؤيته برفقة قادة آخرين يغادِرون قطاع غزة وهم يحملون الرايات البيضاء تأكيدًا لاستسلامهم، فالشهادة بالنسبة لهم هي أمر محسوم، على حد تعبيرهم.
من جانبها أكدت صحيفة "هآرتس" العبرية، إن الجيش الإسرائيلي لم ينجز حتى اللحظة ربع المهام التي ألقيت عليه، مشيرة إلى أنه ما زال حي الشجاعية شرقي غزة أمامه.
وقالت الصحيفة أنه معروف للجميع بأن الهجوم على الشجاعية شرقي غزة غير معقول، مشيرة إلى أن جيش الاحتلال خاض في حي الشجاعية معارك ضارية خلال عملية (الجرف الصامد)، وقد قتل ستة جنود كانوا في الدبابة، وحتى اليوم ما زال الجنديين هدار غولدين وشاؤول أورون في إسر حركة حماس.
وهدد جيش الاحتلال 9 من قادة كتيبة الشجاعية، ووضعهم أمام خيارين إما الاستسلام وإما القتل.
وفي بيان قال جيش الاحتلال، "هذا البلاغ موجه لقادة كتيبة الشجاعية في حماس: اعتبروا هذا الإشعار إشعارا أخيرا.
إنكم جميعا مستهدفون. جيش الدفاع سيعمل بقوة شديدة للغاية في الحي من أجل تفكيك البنى التحتية الحمساوية الإرهابية. أمامكم خياران:
الاستسلام ووضع أسلحتكم أو البقاء ومواجهة مصير مشابه لذلك الذي واجهه وسام فرحات ويونس مشتهى".
وفي أخر إحصائية أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، ارتفاع حصيلة الشهداء الفلسطينيين إلى نحو 16 ألف شهيدًا، وأكثر من 42 ألف جريح، منذ بدء العدوان الإسرائيلي.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة أن 70% من ضحايا العدوان الإسرائيلي هم من الأطفال والنساء، مضيفًا أن الاحتلال الاسرائيلي يتعمّد قصف المستشفيات في غزة والشمال لإخراجها عن الخدمة، وقتل وإرهاب الطواقم الطبية والجرحى والنازحين في مستشفيات غزة والشمال لإجبارهم على الإخلاء القسري.
على الجانب الأخر، أعلن جيش الإسرائيلي الاحتلال، الثلاثاء، ارتفاع حصيلة قتلاه منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الماضي إلى 406.
من جهتها، حذّرت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر ميريانا سبولياريتش إيغر من أن الوضع في قطاع غزة لا يطاق، مجددة نداءها العاجل لحماية المدنيين التزامًا بالقانون الدولي الإنساني.
وقالت إيغر في تدوينة نشرتها المنظمة على منصة إكس:"وصلت إلى غزة حيث معاناة الناس لا تطاق"، مشددة على أنّه "من غير المقبول ألا يكون لدى المدنيين مكان آمن في غزة".
وشددت على ضرورة السماح بدخول المساعدات إلى غزة دون عراقيل، مشيرة إلى أنه "لا توجد استجابة إنسانية كافية حاليًا في ظل الحصار العسكري القائم على غزة".
من جهتها، أعلنت "الأونروا" نزوح نحو 1.9 مليون شخص في أنحاء قطاع غزة أي أكثر من 80% من السكان، منذ 7 أكتوبر الماضي.
وأشارت الوكالة في بيان، إلى "ارتفاع عدد قتلى موظفيها في قطاع غزة إلى 111 منذ بداية الحرب" على القطاع منذ نحو شهرين.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: العدوان على غزة المقاومة الفلسطينية إسرائيل مستوطنات غلاف غزة الجيش الإسرائيلي قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
ماذا نعرف عن كسر الذراع اليابسة للجيش الإسرائيلي؟
تنوّعت تكتيكات المقاومة بعد أكثر من عام من الكرّ والفرّ مع قوات الاحتلال. فمع كل مرحلة جديدة تعمد المقاومة إلى تنويع أساليب الهجوم. وفي الأسبوع الأخير من ديسمبر/ كانون الأول كانت ثورة السكاكين والاختراقات والأحزمة الناسفة، إضافة إلى المخزون التقليدي الذي رافق المعركة منذ بداية العدوان.
وشمال القطاع الذي حولته "خطة الجنرالات" إلى أرض محروقة، حولته المقاومة إلى مسرح "لصيد الثعابين". فالأرض المباركة لن تخون أصحابها. ويطل أبو عبيدة على عجل كي يفصل حصيلة الجولة. فيشير إلى "بطولات المقاومين الملهمة" لكل أحرار العالم. ويتحدى العدو أن يكشف عن خسائره.
فجيش الاحتلال لم يعد قادرًا على حسم المعارك مثلما كان. فتلك الانتصارات الخاطفة قد صودرت شروطها إلا من التاريخ. فقد ولدت المقاومة كي تردع "الردع" وكي تقهر الجيش الذي لا يقهر.
الذراع اليابسة"الذراع اليابسة" هي ترجمة للتعبير العبري "زروع هيابشة". وهي صفة تطلق على جيش الاحتلال، كناية عن صراعه الظافر مع الجيوش العربية التي كانت في أغلب الجولات سهلة الانكسار.
فمن نكبة عام 1948 حتى هزيمة يونيو/ حزيران 1967 كان الجيش الصهيوني قادرًا على الانتصار في حروبه الخاطفة. ولكن المقاومة أثبتت أن الذراع اليابسة يمكن أن تكسر. وتلك واحدة من حقائق الطوفان التي لا يختلف فيها عاقلان.
إعلانلا يخفى على أحد أن المشروع الصهيوني مشروع "إحلالي استيطاني"، تأسس من خلال القدرة على اختراق القرار الدولي، واستدامة حالة العسكرة. فلا غرو أن يتزامن بناء دولة الكيان مع إعلان رئيس الحكومة المؤقتة ديفيد بن غوريون عن ولادة الجيش الصهيوني في 26 مايو/أيار 1948. وقد أثبت ذلك التزامن أن العسكر هم العمود الفقري للمشروع الصهيوني، وأن العنف "سمة عضوية جوهرية" في الكيان الطارئ على المنطقة.
لقد وصف هرتزل الفكرة الصهيونية بأنها "فكرة استعمارية". فكان من الطبيعي أن يحمل جيشها مواصفات الجيوش الاستعمارية في تركيبته، وفي أيديولوجيته وفي أدائه القتالي. وأن يستبطن على الميدان، الأساليب الكولونيالية في إخضاع الشعوب.
فلا عجب أن يتأسس الجيش الصهيوني من الرماد الحارق للانتداب البريطاني في فلسطين، ومن دخان المعارك في الحرب الفاصلة بين العرب والعصابات الصهيونية سنة 1948. وإذا أضفنا لتلك الطبيعة الاستعمارية الوجه الاستيطاني للمشروع الصهيوني، نفهم حقيقة العسكرة.
فالمجتمعات الاستيطانية بطبيعتها مجتمعات عسكرية، على اعتبار أنه "لا يمكن وضع الأسطورة الاستيطانية موضع التنفيذ إلا بقوة السلاح". وأمام الهواجس الأمنية والاستشعار الدائم للتهديد، فإن دولة الكيان غالبًا ما تحتفظ بالجاهزية العالية للردع. إضافة إلى حالة التعبئة العامة والاستنفار المستمر. وهو ما أضاف إلى عسكرة الدولة عسكرة المجتمع، فولدت "الأمة المسلحة" مثلما يقول الإسرائيليون عن أنفسهم.
وهكذا فقد أسست دولة الكيان على امتداد سبعة عقود، أو يزيد، جيشًا من أعتى الجيوش المحترفة في العالم. فكان بمثابة القوة الضامنة لوجود تلك الدولة. وخلال جولات الصراع مع الجيوش العربية كان الأقدر على بدء المعارك وعلى إنهائها.
جولات الصراع السابقةجاءت أولى جولات الصراع من الحروب العربية الصهيونية مع نهاية الانتداب البريطاني عام 1947. فقد نازلت العصابات الصهيونية الجيوش العربية الضعيفة في حرب سماها الصهاينة حرب الاستقلال وما هي إلا حرب النكبة. ورغم قساوة النكبة، فإن التاريخ سيبقى محتفظًا لبعض العسكريين العرب بذكرى ناصعة مثل المجاهد عبد القادر الحسيني.
إعلانانتصرت العصابات الصهيونية على الجيوش النظامية العربية عبر العمليات العسكرية، وعبر المؤامرات الدولية. وكانت دولة الكيان ثمنًا لانتصاراتهم. فأصبح ينظر إلى سنة 48 على أنها "سنة مقدسة" وأنها "المصدر التكويني" للكيان. لتتحول بعدها العصابات إلى "جيش الدفاع".
فكان أول جيش في التاريخ يتناسل من عصابات القتل والتدمير. وقد كان مفهومًا أن تتماهى أخلاق الجيش الوليد مع أخلاق العصابة الموؤودة، ليصبح "السلوك العسكري للجنود الإسرائيليين في ساحة المعركة عام 1948 نموذجًا للأجيال الآتية"، مثلما قال تشومسكي. أما عربيًا فقد مثلت تلك الحرب هزة عنيفة "أطاحت بالعديد من المسلمات السياسية والفكرية القائمة واستبدلت بها أخرى جديدة".
لم يكد العرب يتجاوزون نكبة دولة الاستقلال حتى جاءت نكسة الدولة القومية. فكانت هزيمة يونيو/ حزيران 1967 جولة أخرى على درب مراكمة الهزائم. انقاد خلالها العرب في بضعة أيام إلى هزيمة قاسية.
نجحت الحرب الخاطفة فجر الخامس من يونيو/ حزيران في إخراج الطيران المصري عن الخدمة. وهو ما يصدق على الجبهتين الأردنية والسورية. ومع نهاية المعركة كان جيش الاحتلال يستولي على أراضٍ جديدة. فقد خسرت مصر سيناء وغزة. وخسر الأردن الضفة والقدس. وخسرت سوريا هضبة الجولان. وبذلك وسعت دولة الاحتلال من عمقها الإستراتيجي.
وقد غيّر ذلك الحدث الجلل الكثير من واقع العرب الذين استوطن قلوبهم شعور دائم بالهزيمة. فانهارت دولة المخابرات العربية، وانهارت معها الديمقراطية الاجتماعية. وكانت الهزيمة هي المكافئ الموضوعي لدولة القهر العربي ومواطنها الذليل. ومن خلال تلك المعارك السهلة اكتسب الجيش الصهيوني صفة الجيش الذي لا يقهر.
العقيدة القتاليةوعلى الرغم من الانتصار الجزئي في حرب العبور 1973، فإن الصهاينة قد ظلوا يتحكمون في المبادرة الميدانية. وقد تشكلت العقيدة الأمنية لدولة الاحتلال في ضوء الحربين- الهزيمتين. وهي عقيدة تقوم على "تعزيز قوة الردع والإنذار الإستراتيجي، ثم سرعة الحسم".
إعلانولكن بعد حرب يوليو/ تموز 2006 اهتدت المراجعات الصهيونية إلى ضرورة التسليم بنهاية الحروب الشاملة. فقد أصبحت المواجهات المحدودة واللامتناظرة مع تنظيمات لادولتية (حزب الله، حماس وغيرهما) هي النمط السائد، بينما قلت أهمية الحروب الشاملة بين دول.
وفي كل الأحوال، لقد أيقظت تلك الهزائم وتلك النكبات روح المناظرة حول الدولة والسياسة في السياقات العربية. وجرى الاشتباك الأيديولوجي حول قضايا الحرية والتحرر والمقاومة وطرائق النهوض بعد الهزيمة. فانبثقت مقاربات أخرى في إدارة الصراع.
طوفان الأقصىلقد تحولت المواجهة العسكرية منذ الانتفاضة الثانية من الأنظمة إلى التنظيمات. أي من صراع مع الجيوش النظامية إلى صراع مع المقاومة. وهو ما يعني التحول من الحروب النظامية إلى الحروب اللامتناظرة.
وقد شهدت غزة بالذات عدة جولات من الصراع. فمنذ 2008 حتى 2023 تواترت الجولات. فكانت معركة "الفرقان" 2008، ومعركة "حجارة السجيل" 2012، ومعركة "العصف المأكول" 2014، ومعركة "سيف القدس" 2021. ثم جاء الطوفان. وعبر تلك التراكمات كانت تُبْنى حالة الاستعصاء لدى المقاومة.
وقد كان الطوفان خلاصتها. وفي الطوفان كانت المقاومة تواجه الغرب الحضاري وقاعدته المتقدمة، في ظل صمت عربي يرتقي بعضه إلى المشاركة في المجهود الحربي لجيش الاحتلال. ومع ذلك فقد كانت المقاومة في غزة قادرة على إلحاق الأذى بالعدو. فكانت الجولة الجديدة هي الاختبار الأصعب لجيش الاحتلال.
على الرغم من الاختلال الكبير في موازين القوى، فإن المقاومة قد جمعت إلى قوة الحسم العسكري، الوعي الاستخباراتي والقدرة على قراءة المرحلة. إضافة إلى معرفة غير مسبوقة بالعدو سهلت التخطيط والتنفيذ.
وحين بادرت بالهجوم المباغت فقد حرمت جيش الاحتلال من امتياز الضربة الأولى. فجاءته برًا وبحرًا وجوًا. فقتلت وأسرت وشردت واستولت وخاضت معارك ضارية في مدن الغلاف حتى بدا جيش الاحتلال في حالة من الشلل التام. وحين حاول استعادة المبادرة، كانت المقاومة قد سبقته بخطوات.
إعلانولم تكن الحرب البرية أقل قسوة على الصهاينة. فقد دخل جيش الاحتلال الحرب في حالة من الانهيار المعنوي. وأمام الفشل الاستخباراتي لم يستطع أن يبني عملياته العسكرية بنجاح فغرق في رمال غزة. وحين التقى الجمعان كانت كل مدينة في القطاع دولة بحالها وجيشًا بحاله. فاستحالت غزة كل غزة إلى أرض ملتهبة.
فالمقاوم يظهر فجأة. ينفذ مهامه القتالية بالقذائف أو بالعبوات أو بالألغام فيثخن في العدو. ويثخن في آلياته ثم يختفي. وفي كل ذلك الأداء كان يحرم المحتل من تحقيق أهدافه.
وفي لغة الأهداف كانت المقاومة أكثر واقعية. فقد ذهبت أهداف نتنياهو أدراج الرياح؛ لأن الحرب على غزة "حرب لا يمكن الفوز فيها". في حين كان "الطوفان" قادرًا على تسفيه سردية الاحتلال وإنهاء التسويق السياسي لمظلوميته التاريخية، وإيقاف حالة التدهور العربي. والأهم من كل ذلك كسر "الذراع اليابسة".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية