قَصْرُ هذه الحرب على مخاوف نتنياهو الشخصية وأهدافه السياسية؛ نوع من الاستسهال المفضي حتما إلى رؤية قاصرة جدّا، ومضرّة جدّا.
الخلافات في الأوساط السياسية والعسكرية والأمنية الإسرائيلية معلومة بما يغني عن الحديث عنها الآن، وهي بالضرورة لا بدّ وأن تتمدّد إلى مشهدية الحرب، من جذورها السابقة على الحرب، إلى أبعادها الشخصية، وما يصعد على ذلك من محاولات لتصفية الحسابات أو الاستثمار السياسي الداخلي في الحرب أو محاولة السيطرة على الحرب في مساراتها وفي الرؤية الكلّية لها، لكن ذلك كلّه، أبدا، لا يعني أنها حرب نتنياهو وحده، أو حرب الصهيونية الدينية المتحالفة معه.
هذه حربهم كلّهم؛ حرب الجنرالات الذين بات مستقبلهم المهني في قلب العاصفة، بعد أن صار سجلّهم العسكري في قبضة العار، وحرب المؤسسة العسكرية والأمنية التي يستند إليها المجتمع الاستيطاني الصهيوني الإحلالي في التئامه وثقته بإمكان بقائه في هذه البلاد ووسط بيئة معادية لوجوده المهين لكلّ ما هو أخلاقي أو معقول. وحرب هذا شأنها حتما لن تكون أقلّ دمويّة، لا لتحقيق أهداف استراتيجية فحسب، بل وللانتقام أيضا، أهداف وانتقام يتفاحش إلى ما يكافئ قوّة الضربة التي تلقاها النموذج الصهيوني، النموذج على مستوى الوعي، والنموذج على مستوى الممارسة، لترميم الوعي الصهيوني الذاتي نفسه، ثمّ لاصطناع نموذج جديد في وعي الآخر من الفلسطيني إلى العربي إلى العالمي؛ بأنّ "إسرائيل" لم توجد لتبقى فحسب، بل ولتبقى منيعة قادرة على الانتقام المنفلت؛ من كلّ من يتجرأ على نموذجها!
هذه حربهم كلّهم؛ حرب الجنرالات الذين بات مستقبلهم المهني في قلب العاصفة، بعد أن صار سجلّهم العسكري في قبضة العار، وحرب المؤسسة العسكرية والأمنية التي يستند إليها المجتمع الاستيطاني الصهيوني الإحلالي في التئامه وثقته بإمكان بقائه في هذه البلاد ووسط بيئة معادية لوجوده المهين لكلّ ما هو أخلاقي أو معقول. وحرب هذا شأنها حتما لن تكون أقلّ دمويّة، لا لتحقيق أهداف استراتيجية فحسب، بل وللانتقام أيضا
في الأثناء قل ما تشاء عن النموذج من حيث العنصرية، ومن حيث الصدمة؛ لكون الضربة جاءت من الفلسطيني/ العربي، الذي يُفترَض، بحسب الوعي الصهيوني، أنّه أدنى درجة وأحطّ كفاءة من أن يتمكّن من هذا التعالي الخلّاق على الذي رأى نفسه دائما العنصر البشري الأعلى باستحقاق أصلي!
ليست المشكلة فقط في كون الصهيوني تنبّه إلى أن البقاء في هذه البلاد مكلف، وقد تكون كلفته فوق الاحتمال، فأراد سريعا تخليص وعيه مما صار أكثر قوّة وحضورا وكثافة فيه؛ لأوّل مرّة بمثل هذه الدرجة من الوضوح المفزع، فأراد أن يعكس فزعه على الفلسطينيين هلعا وندما ومن خلفهم على العالم كلّه، ولكنه أيضا ينتقم لتصوّره المهشّم عن تفوقه ودنوّ خصمه الفلسطيني/ العربي.
حرب مسعورة، ممسوسة بشيطان الانتقام الجزع، تلفّهم كلّهم، مجتمعا وجيشا وأمنا وساسة، وخلافاتهم وسطها لا تطال مبدأ الحرب، ولا تناقش مقاديرها الدموية، ولا تدور حول نطاقات الإبادة ومستويات المحو الكامل. وذلك كلّه، أي المحو، يستند لأيديولوجيا راسخة، مهّدت للقيام الصهيوني بسياسات التطهير العرقي، سواء بالتهجير أم بالقتل.
فما الجديد وما المستغرب في أن تنفلت الآلة الإسرائيلية إلى هذا المدى من الإزاحة السكانية والحضرية المتعطشة إلى الدم الطاغي على ركام المساكن، في سياق تحقيق المحو الكامل للفلسطينيين، بعد تلك الضربة التي طالت عمق النموذج للوعي الصهيوني؟!
الأمر قد حُسِم من جهة كونها حرب أمريكا، بالقدر الإسرائيلي نفسه أو بما يفوقه، وبالنحو الذي ذكرناه في مقالة سابقة، عن كون "إسرائيل" وكيلا إمبراطوريّا للمركز الإمبراطوري الذي قلبه واشنطن
لكن هل هي حرب "إسرائيل" وحدها، مجتمعا وجيشا وأمنا وساسة؟! أم هي أوسع، و"إسرائيل" فيها اليد الباطشة، ومرتكز الفعل والانتقام؟!
ينبغي أن يكون الأمر قد حُسِم من جهة كونها حرب أمريكا، بالقدر الإسرائيلي نفسه أو بما يفوقه، وبالنحو الذي ذكرناه في مقالة سابقة، عن كون "إسرائيل" وكيلا إمبراطوريّا للمركز الإمبراطوري الذي قلبه واشنطن، وها هي تصريحات كلّ مؤسسات الدولة الأمريكية، وآخرها الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي، تغطي المذبحة بالحماية الكاملة، وبالأكاذيب المكشوفة، إلى درجة تسويغ قتل المدنيين ونفي تعمّده!
وإذا كان هذا محسوما وواضحا، بما يجعل الإسهاب فيه حشوا، فيجب بعد ذلك أن يتوقف التحليل الذي يفسّر المواقف العربية بالتخاذل أو الجبن، أو يسعى لعقلنتها بتلمّس أسباب سياسية لها يمكن أن تُفهم حتى ولو لم تُقبل!
التفسير الوحيد للمواقف العربية هو التواطؤ الكامل، والانخراط الكثيف في المذبحة الإسرائيلية، وليس ثمّة حاجة للاستدلال على ذلك بما هو صارخ ينادي على نفسه بكونه جزءا من مشروع المحو والإبادة، كتكدّس قوافل الإغاثة في الجهة المصرية خلف معبر رفح، وقد مرّ ما يقترب من الشهر على القمّة العربية/ الإسلامية، التي انعقدت في الرياض، متأخّرة أصلا، ثمّ لم يُنفّذ شيء من قراراتها الهزيلة! وغير بعيد عن ذلك استقبال رئيس الكيان الإسرائيلي أخيرا في دبيّ في مؤتمر المناخ، الذي كان من قرارته؛ إنشاء صندوق لتعويض الدول الأكثر تضررا من العواصف والجفاف بسبب التغير المناخي! والفلسطيني في غزّة ملاحق بالنار والعطش والجوع والمرض! ليس ذلك إلا إمعانا مقصودا في التخلّص من الفلسطيني معنويّا في طريق التخلّص منه ماديّا.
التفسير الوحيد للمواقف العربية هو التواطؤ الكامل، والانخراط الكثيف في المذبحة الإسرائيلية، وليس ثمّة حاجة للاستدلال على ذلك بما هو صارخ ينادي على نفسه بكونه جزءا من مشروع المحو والإبادة، كتكدّس قوافل الإغاثة في الجهة المصرية خلف معبر رفح، وقد مرّ ما يقترب من الشهر على القمّة العربية/ الإسلامية، التي انعقدت في الرياض، متأخّرة أصلا، ثمّ لم يُنفّذ شيء من قراراتها الهزيلة! وغير بعيد عن ذلك استقبال رئيس الكيان الإسرائيلي أخيرا في دبيّ في مؤتمر المناخ
ليس عجزا ولا قلّة حيلة.. أيّ عجز هذا الذي يطلق ذباب الدولة الخليجية الكبيرة في منصة X وتيك توك لتحطيم الضحية، والتشفّي منها، وتمنّي الهزيمة للفلسطينيين، واتهام الفلسطيني في اللحظة نفسها ببيع أرضه لعدوّه وجنايته على نفسه بـ "مغامراته غير المحسوبة" أو "عمالته لإيران"!؟
وإذا كانت القنوات الممولة من الدولة إيّاها، وصحفها، وعدد من أدعياء الثقافة والمشيخة الدينية فيها، يعلنون هذه المواقف، فكيف بالمتستر بالاسم المستعار!؟ ومن سخرية القول التذكير بأنّنا لا نتحدث عن دولة ديمقراطية، بل عن دولة قد يُحكَم فيها بالإعدام على صاحب تغريدة لم تَرُق لسبب غامض لوليّ الأمر! وإذن فهي سياسة مقصودة، مما يجعل الموقف صريحا في الاصطفاف مع الصهيوني في حربه على الفلسطينيين في غزّة.
لقد أعطت صبيحة 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فرصة للنظام الإقليمي العربي لتحسين موقفه وتعزيز فرص نفوذه ولو من موقع التبعية، ولكنّه أبى، ثم جاءت المذبحة لتبسط له فرصة استظهار الشرف والمروءة ولو تصنّعا ورياء، فأبى إلا الضدّ الكامل، بالاصطفاف الفعلي في الخندق الإسرائيلي.
ليست هذه نظرية مؤامرة، ولا تنفيس غضب، بل حقيقة كاملة. الحرب حربهم كلهم، حرب "إسرائيل" كلّها، وأمريكا، ثم كلّ أتباعها، من الرتب العليا في التبعية، إلى أدناهم رتبة وأحطهم منزلة!
twitter.com/sariorabi
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية الفلسطيني الإبادة التواطؤ إسرائيل فلسطين غزة الإبادة تواطؤ مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
ارتدادات جحيم ترامب وإجرام نتنياهو المستمر
صدق ترامب وعده بأن جعل قطاع غزة يعيش جحيماً صباحاً ومساءً ليلاً ونهاراً، صدق ترامب ما خططه مع شريك الإبادة والإجرام نتنياهو؛ لكنه لم يصدق وعده في تحقيق السلام، فكان ما أراده جحيماً حقيقياً طال الأطفال والنساء والمشافي ومراكز الأمم المتحدة لإيواء النازحين وخيمهم، ومحو مدينة رفح بالكامل والشجاعية وجباليا. صدق وعد التاجر المستثمر بالدم الفلسطيني بالتزامن مع شن حربه التجارية على دول العالم، وبقيت وعود الوسطاء مجرد فقاعات بالهواء، وبقيت قرارات القمة العربية والإسلامية الأخيرتين رهن التأجيل والتجميد؛ وكأنه اتفاق مع أركان إدارة ترامب الصهاينة لحفظ ما تبقى من ماء الوجه بأنهم أرجأوا التهجير القسري لسكان غزة لموعدٍ آخر حتى تُستكمل شروط نجاحه بمزيد من الضحايا والقتل والتدمير والإبادة، وتشاطرهم بذلك المنظمات والهيئات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية ومجلس حقوق الإنسان؛ من خلال الاكتفاء بالإدانات والاستنكارات الخجولة لاحتضار غزة وموتها على يد جلادي القرن الحادي والعشرين.
لقد بات الشغل الشاغل للإدارة الأمريكية والقادة الصهاينة، هو إطلاق سراح الرهائن، ولهذا اتخذ التصعيد شكلاً خطيراً، حتى أن كاتس وزير الدفاع الإسرائيلي هدد قائلاً «سنوسع الحرب في كل أنحاء قطاع غزة» في إشارة منه لتوسيع العملية البرية لتشمل كل أنحاء القطاع، كما أفاد أنه ستكون هناك خطط وهيئة لتمكين الغزاويين من الهجرة الطوعية، ولم يتطرقوا إلى أي ثمن مقابل إطلاق سراح أسراهم؛ وكأنهم لا يريدون صفقة تبادل، بل العمل على تحقيق ذلك بالقوة العسكرية، كما لم يتحدثوا أبدا بأي موضوع يخص الحل السياسي، حتى أن العالم كله بات منهمكاً بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين وحرب ترامب التجارية، ولم يأتِ على ذكر الأسرى الفلسطينيين ولا عن مليوني غزاوي محاصر في ظروف تفتقد إلى كل جوانب الحياة من غذاء ودواء وماء ومأوى وأمان، بل على العكس الاستمرار في إغلاق المعابر، وتعطيل البروتوكول الإنساني الذي تضمنته المرحلة الأولى من الاتفاق الهدنة، والاستمرار بسياسة التجويع والتعطيش، واستهداف الطواقم الطبية والمسعفين والمشافي، والتي كان آخرها استهداف مشفى المعمداني.
والأكثر من ذلك توسيع المنطقة العازلة بنحو 3 كلـم على طول حدود القطاع مع مصر ومع غلاف غزة، ومحاولة فرض واقع جديد على الأرض؛ من خلال تقطيع أوصال القطاع إلى خمسة أو ستة أجزاء، وإنشاء محاور جديدة غير نتساريم وفيلادلفيا، وزيادة الضغط الميداني العملياتي لفرض شروط جديدة على المقاومة، خاصةً ما رشح منها فرض نزع سلاح المقاومة شرطاً لأي اتفاق. كل ذلك يتم والعالم لا يحرك ساكناً، في الوقت الذي تدهم فيه القوات الإسرائيلية المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وتعيد هندستها بهدم البيوت وتجريف الشوارع والأراضي الزراعية وتغيير معالمها، وتعتقل وتقتل المواطنين؛ إنه التشارك مع عمليات وسياسة المحتل.
يدير قادة الاحتلال ظهرهم لما يجري في جبهتهم الداخلية تحت شعار مواجهة «القاسم المشترك الأعظم لهم؛ العدو الفلسطيني»
في الوقت ذاته يدير قادة الاحتلال ظهرهم لما يجري في جبهتهم الداخلية تحت شعار مواجهة «القاسم المشترك الأعظم لهم؛ العدو الفلسطيني»، فلا يأبهون بمطالبة الشارع الإسرائيلي باستقالة نتنياهو ولا بتراجعه عن الإجراءات التي اتخذها لتقويض السلطة القضائية وإقالة رئيس الشاباك رونين بار والمستشارة القضائية للحكومة، ولا إنهاء الحرب والعودة إلى إبرام صفقة تبادل الأسرى.
وكان لابد لكل هذه المواقف من ارتدادات على الداخل الإسرائيلي، هذا ما بدا من خلال اتساع احتجاجات المعارضين للحرب على غزة، فبعد تجاهل العريضة التي وقّعها نحو1000من الطيارين الاحتياط والعاملين في سلاح الجو الإسرائيلي، هناك أيضا رسالة وقّعها نحو 150 ضابطا من سلاح البحرية، يضاف إليهم أعداد كبيرة من جنود الاحتياط في وحدة 8200 للاستخبارات، والذين انضموا إلى الاحتجاجات المناهضة للحرب برسالة تحدٍ ضد نتنياهو والوزراء اليمينيين الذين أبدوا ارتياحهم لفصل كل من يحتج ويرفض الخدمة العسكرية.
قال هؤلاء برسالتهم الاحتجاجية إن الحرب تخدم مآرب شخصية وسياسية للبعض، ولا تخدم الأمن القومي الإسرائيلي. هذا ما أشار إليه دان حالوتس رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي السابق بقوله «إن نتنياهو مصدر تهديد مباشر لأمن إسرائيل، وهو عدو يجب اعتقاله « حسب القناة 14 الإسرائيلية. من جهة أخرى، كان عشرات الأطباء العسكريين، ونحو 250 عضوا سابقا في الموساد قد احتجوا على استمرار الحرب متهمين نتنياهو بأن استمرارها لا يحقق الأهداف ويعرّض الأسرى إلى الخطر، ويعرّض الجنود إلى الموت، ويجب التوقف فورا عن العمليات العسكرية والإسراع في إبرام صفقة تبادل، ولعل ما قاله رئيس وزراء إسرائيل السابق ايهود أولمرت «نحن أقرب إلى الحرب الأهلية من أي وقت مضى»؛ إنما هو إشارة إلى خطورة الوضع.
وهناك أيضا، حالة من التململ والاحتجاج العام والعارم تسود صفوف الاستخبارات وقطعات الجيش المختلفة والهيئات المجتمعية الأخرى وانضمام حوالي ألفي عضو من أساتذة الجامعات والعاملين فيها إلى الاحتجاجات إضافة الى نحو1600 من قدامى المحاربين من سلاح المظلات والمشاة وكذلك مطالبة 1790 من خريجي التلبيوت لإعداد قادة الأمن بإبرام اتفاق لإطلاق الأسرى، حتى لو تطلب الأمر إنهاء الحرب، وهذا ما طالب به أيضاً خريجو الوحدة الإعلامية في الجيش الإسرائيلي؛ مما يعني أكبر وأسوأ حركة احتجاج تشهدها دولة الكيان في تاريخها، ومع ذلك مازال نتنياهو يختار إدارة الظهر لمطالبهم، بل التصعيد في مواجهتهم، وهذا ما يؤكد عدم شرعية الحرب؛ لأنها لا تحظى بأي إجماع سيما أنها باتت بلا أهداف ولا إنجازات.
وفي محاولة منه للتقليل من أهمية ونوعية واتساع هذه الاحتجاجات؛ اتهم نتنياهو المحتجين بأنهم يتصرفون وفق أجندات خارجية، قائلاً: «إن عريضة الاحتجاج بشأن غزة تبعث برسالة ضعفٍ لأعداء إسرائيل ولن نسمح بذلك مرة أخرى»، كما قال أيضا « لقد كتبها حفنة صغيرة ضارة تتحرك بتوجيهٍ مُموّل من الخارج».
إن من ارتدادات هذا الواقع تعميق الانقسام الداخلي وتباعد المسافة بين المستوى الشعبي والسياسي والعسكري؛ مما يهدد بإسقاط الحكومة، ومثول نتنياهو وقادة حربه أمام المحكمة لمسؤوليتهم عما حدث في السابع من أكتوبر وتداعياته اللاحقة، واستمرار هذه الحرب غير الشرعية، وكذلك سقوط الرهان على الأحزاب اليمينية، وافتضاح صورة الكيان عالمياً وظهوره بمظهر الإجرام والإبادة والتطهير العرقي الذي لم يسبق له مثيل؛ وبالتالي الذهاب قسراً إلى إبرام صفقة التبادل مع المقاومة.
ختاماً، إن من أهم ارتدادات هذه السياسة هو انتهاء صلاحية الضوء الأخضر الذي أعطاه ترامب لنتنياهو، وذلك من خلال خيبة الأمل التي حصدها هذا الأخير في زيارته لواشنطن، والذي بدا – كما رآه الكاتب الإسرائيلي في صحيفة هآرتس عاموس هرئيل في تعليقه على فشل زيارته القسرية الاستدعائية للبيت الأبيض – « نتنياهو كان نصف زيلنسكي».