عربي21:
2025-03-16@01:13:03 GMT

حربهم كلهم.. لا حرب نتنياهو

تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT

قَصْرُ هذه الحرب على مخاوف نتنياهو الشخصية وأهدافه السياسية؛ نوع من الاستسهال المفضي حتما إلى رؤية قاصرة جدّا، ومضرّة جدّا.

الخلافات في الأوساط السياسية والعسكرية والأمنية الإسرائيلية معلومة بما يغني عن الحديث عنها الآن، وهي بالضرورة لا بدّ وأن تتمدّد إلى مشهدية الحرب، من جذورها السابقة على الحرب، إلى أبعادها الشخصية، وما يصعد على ذلك من محاولات لتصفية الحسابات أو الاستثمار السياسي الداخلي في الحرب أو محاولة السيطرة على الحرب في مساراتها وفي الرؤية الكلّية لها، لكن ذلك كلّه، أبدا، لا يعني أنها حرب نتنياهو وحده، أو حرب الصهيونية الدينية المتحالفة معه.



هذه حربهم كلّهم؛ حرب الجنرالات الذين بات مستقبلهم المهني في قلب العاصفة، بعد أن صار سجلّهم العسكري في قبضة العار، وحرب المؤسسة العسكرية والأمنية التي يستند إليها المجتمع الاستيطاني الصهيوني الإحلالي في التئامه وثقته بإمكان بقائه في هذه البلاد ووسط بيئة معادية لوجوده المهين لكلّ ما هو أخلاقي أو معقول. وحرب هذا شأنها حتما لن تكون أقلّ دمويّة، لا لتحقيق أهداف استراتيجية فحسب، بل وللانتقام أيضا، أهداف وانتقام يتفاحش إلى ما يكافئ قوّة الضربة التي تلقاها النموذج الصهيوني، النموذج على مستوى الوعي، والنموذج على مستوى الممارسة، لترميم الوعي الصهيوني الذاتي نفسه، ثمّ لاصطناع نموذج جديد في وعي الآخر من الفلسطيني إلى العربي إلى العالمي؛ بأنّ "إسرائيل" لم توجد لتبقى فحسب، بل ولتبقى منيعة قادرة على الانتقام المنفلت؛ من كلّ من يتجرأ على نموذجها!

هذه حربهم كلّهم؛ حرب الجنرالات الذين بات مستقبلهم المهني في قلب العاصفة، بعد أن صار سجلّهم العسكري في قبضة العار، وحرب المؤسسة العسكرية والأمنية التي يستند إليها المجتمع الاستيطاني الصهيوني الإحلالي في التئامه وثقته بإمكان بقائه في هذه البلاد ووسط بيئة معادية لوجوده المهين لكلّ ما هو أخلاقي أو معقول. وحرب هذا شأنها حتما لن تكون أقلّ دمويّة، لا لتحقيق أهداف استراتيجية فحسب، بل وللانتقام أيضا
في الأثناء قل ما تشاء عن النموذج من حيث العنصرية، ومن حيث الصدمة؛ لكون الضربة جاءت من الفلسطيني/ العربي، الذي يُفترَض، بحسب الوعي الصهيوني، أنّه أدنى درجة وأحطّ كفاءة من أن يتمكّن من هذا التعالي الخلّاق على الذي رأى نفسه دائما العنصر البشري الأعلى باستحقاق أصلي!

ليست المشكلة فقط في كون الصهيوني تنبّه إلى أن البقاء في هذه البلاد مكلف، وقد تكون كلفته فوق الاحتمال، فأراد سريعا تخليص وعيه مما صار أكثر قوّة وحضورا وكثافة فيه؛ لأوّل مرّة بمثل هذه الدرجة من الوضوح المفزع، فأراد أن يعكس فزعه على الفلسطينيين هلعا وندما ومن خلفهم على العالم كلّه، ولكنه أيضا ينتقم لتصوّره المهشّم عن تفوقه ودنوّ خصمه الفلسطيني/ العربي.

حرب مسعورة، ممسوسة بشيطان الانتقام الجزع، تلفّهم كلّهم، مجتمعا وجيشا وأمنا وساسة، وخلافاتهم وسطها لا تطال مبدأ الحرب، ولا تناقش مقاديرها الدموية، ولا تدور حول نطاقات الإبادة ومستويات المحو الكامل. وذلك كلّه، أي المحو، يستند لأيديولوجيا راسخة، مهّدت للقيام الصهيوني بسياسات التطهير العرقي، سواء بالتهجير أم بالقتل.

فما الجديد وما المستغرب في أن تنفلت الآلة الإسرائيلية إلى هذا المدى من الإزاحة السكانية والحضرية المتعطشة إلى الدم الطاغي على ركام المساكن، في سياق تحقيق المحو الكامل للفلسطينيين، بعد تلك الضربة التي طالت عمق النموذج للوعي الصهيوني؟!

الأمر قد حُسِم من جهة كونها حرب أمريكا، بالقدر الإسرائيلي نفسه أو بما يفوقه، وبالنحو الذي ذكرناه في مقالة سابقة، عن كون "إسرائيل" وكيلا إمبراطوريّا للمركز الإمبراطوري الذي قلبه واشنطن
لكن هل هي حرب "إسرائيل" وحدها، مجتمعا وجيشا وأمنا وساسة؟! أم هي أوسع، و"إسرائيل" فيها اليد الباطشة، ومرتكز الفعل والانتقام؟!

ينبغي أن يكون الأمر قد حُسِم من جهة كونها حرب أمريكا، بالقدر الإسرائيلي نفسه أو بما يفوقه، وبالنحو الذي ذكرناه في مقالة سابقة، عن كون "إسرائيل" وكيلا إمبراطوريّا للمركز الإمبراطوري الذي قلبه واشنطن، وها هي تصريحات كلّ مؤسسات الدولة الأمريكية، وآخرها الخارجية ومستشار الأمن القومي الأمريكي، تغطي المذبحة بالحماية الكاملة، وبالأكاذيب المكشوفة، إلى درجة تسويغ قتل المدنيين ونفي تعمّده!

وإذا كان هذا محسوما وواضحا، بما يجعل الإسهاب فيه حشوا، فيجب بعد ذلك أن يتوقف التحليل الذي يفسّر المواقف العربية بالتخاذل أو الجبن، أو يسعى لعقلنتها بتلمّس أسباب سياسية لها يمكن أن تُفهم حتى ولو لم تُقبل!

التفسير الوحيد للمواقف العربية هو التواطؤ الكامل، والانخراط الكثيف في المذبحة الإسرائيلية، وليس ثمّة حاجة للاستدلال على ذلك بما هو صارخ ينادي على نفسه بكونه جزءا من مشروع المحو والإبادة، كتكدّس قوافل الإغاثة في الجهة المصرية خلف معبر رفح، وقد مرّ ما يقترب من الشهر على القمّة العربية/ الإسلامية، التي انعقدت في الرياض، متأخّرة أصلا، ثمّ لم يُنفّذ شيء من قراراتها الهزيلة! وغير بعيد عن ذلك استقبال رئيس الكيان الإسرائيلي أخيرا في دبيّ في مؤتمر المناخ، الذي كان من قرارته؛ إنشاء صندوق لتعويض الدول الأكثر تضررا من العواصف والجفاف بسبب التغير المناخي! والفلسطيني في غزّة ملاحق بالنار والعطش والجوع والمرض! ليس ذلك إلا إمعانا مقصودا في التخلّص من الفلسطيني معنويّا في طريق التخلّص منه ماديّا.

التفسير الوحيد للمواقف العربية هو التواطؤ الكامل، والانخراط الكثيف في المذبحة الإسرائيلية، وليس ثمّة حاجة للاستدلال على ذلك بما هو صارخ ينادي على نفسه بكونه جزءا من مشروع المحو والإبادة، كتكدّس قوافل الإغاثة في الجهة المصرية خلف معبر رفح، وقد مرّ ما يقترب من الشهر على القمّة العربية/ الإسلامية، التي انعقدت في الرياض، متأخّرة أصلا، ثمّ لم يُنفّذ شيء من قراراتها الهزيلة! وغير بعيد عن ذلك استقبال رئيس الكيان الإسرائيلي أخيرا في دبيّ في مؤتمر المناخ
ليس عجزا ولا قلّة حيلة.. أيّ عجز هذا الذي يطلق ذباب الدولة الخليجية الكبيرة في منصة X وتيك توك لتحطيم الضحية، والتشفّي منها، وتمنّي الهزيمة للفلسطينيين، واتهام الفلسطيني في اللحظة نفسها ببيع أرضه لعدوّه وجنايته على نفسه بـ "مغامراته غير المحسوبة" أو "عمالته لإيران"!؟

وإذا كانت القنوات الممولة من الدولة إيّاها، وصحفها، وعدد من أدعياء الثقافة والمشيخة الدينية فيها، يعلنون هذه المواقف، فكيف بالمتستر بالاسم المستعار!؟ ومن سخرية القول التذكير بأنّنا لا نتحدث عن دولة ديمقراطية، بل عن دولة قد يُحكَم فيها بالإعدام على صاحب تغريدة لم تَرُق لسبب غامض لوليّ الأمر! وإذن فهي سياسة مقصودة، مما يجعل الموقف صريحا في الاصطفاف مع الصهيوني في حربه على الفلسطينيين في غزّة.

لقد أعطت صبيحة 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فرصة للنظام الإقليمي العربي لتحسين موقفه وتعزيز فرص نفوذه ولو من موقع التبعية، ولكنّه أبى، ثم جاءت المذبحة لتبسط له فرصة استظهار الشرف والمروءة ولو تصنّعا ورياء، فأبى إلا الضدّ الكامل، بالاصطفاف الفعلي في الخندق الإسرائيلي.

ليست هذه نظرية مؤامرة، ولا تنفيس غضب، بل حقيقة كاملة. الحرب حربهم كلهم، حرب "إسرائيل" كلّها، وأمريكا، ثم كلّ أتباعها، من الرتب العليا في التبعية، إلى أدناهم رتبة وأحطهم منزلة!

twitter.com/sariorabi

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية الفلسطيني الإبادة التواطؤ إسرائيل فلسطين غزة الإبادة تواطؤ مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

وفد حماس يتوجه للقاهرة لبحث تطورات مفاوضات وقف الحرب: الاحتلال الصهيوني يتنصل عن اتفاق وقف إطلاق النار والمقاومة تدعو الوسطاء للضغط عليه

 

الثورة / متابعة / محمد الجبري
في ظل استمرار ارتكاب العدو الصهيوني خروقات لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي لم يلتزم به جيش العدو ببنوده منذ اليوم الأول لسريانه، حيث تم رصد أكثر من ألف و300 خرق، كما أن ضبابية الموقف الصهيوني من المرحلة الثانية من الاتفاق؛ جعل جرائم العدو مستمرة مخلفة العشرات من الخسائر البشرية بين المدنيين الفلسطينيين العزل كشهداء ومصابين الذين أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن.
وفي هذا الصدد استشهد 4 فلسطينيين، أمس الجمعة، إثر قصف العدو الإسرائيلي لمجموعة من المواطنين جنوب شرق مدينة غزة.
وأفادت مصادر طبية، باستشهاد 4 مواطنين، إثر تعرضهم لقصف العدو الإسرائيلي خلال جمعهم الحطب في محيط مدرسة صبحة الحرازين.
كذلك أصيب، ثلاثة مواطنين فلسطينيين بينهم سيدة بجروح متفاوتة، أمس، إثر قصف دبابات العدو الصهيوني شرق مدينة رفح ووسطها جنوب قطاع غزة.
وذكرت مصادر محلية أن مواطنين أصيبا في قصف دبابات العدو الصهيوني وسط رفح، فيما أصيبت مواطنة جراء سقوط قذائف مدفعية في شارع عائد البشيتي بحي الجنينة شرقا.
وبدعم أمريكي، ارتكب جيش العدو الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023م إبادة جماعية في قطاع غزة، خلّفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
بالمقابل أعلنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أمس الجمعة، توجه وفدها برئاسة القيادي خليل الحية إلى العاصمة المصرية القاهرة، لمتابعة تطورات ملف مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار.
وقالت الحركة في بيان، “توجه الوفد المفاوض في الحركة برئاسة خليل الحية إلى القاهرة للقاء المسؤولين المصريين ومتابعة تطورات ملف المفاوضات، واتفاق وقف إطلاق النار”.
كما أفادت “حماس” بأن وفد قيادتها تسلّم يوم الخميس الماضي، مقترحًا من الوسطاء لاستئناف مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، “وقد تعاملت مع المقترح بمسؤولية وإيجابية، لافتة إلى أنها سلمت ردّها عليه فجر أمس”.
وأضافت أن الرد تضمن الموافقة على إطلاق سراح الجندي الصهيوني عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأمريكية، إضافة إلى جثامين أربعة آخرين من مزدوجي الجنسية.
وأكدت “حماس” جاهزيتها التامة لبدء المفاوضات والوصول إلى اتفاق شامل حول قضايا المرحلة الثانية، داعيةً إلى إلزام العدو الصهيوني بتنفيذ التزاماته كاملة.
من جهته، طالب المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية “حماس” حازم قاسم في تصريحات الوسطاء، بعد هذا الطرح الإيجابي من “حماس”، بإلزام العدو الصهيوني بما هو مطلوب منه وإطلاق مفاوضات المرحلة الثانية.
وقال حازم قاسم إن “على الوسطاء الضغط على الاحتلال لاستكمال اتفاق وقف إطلاق النار”، لافتًا أن الحركة وضعتهم في صورة خروقات العدو الصهيوني للاتفاق، مؤكدًا أن الإدارة الأمريكية مسؤولة عن ممارسة الضغط على العدو الصهيوني، لإلزامه بالاتفاق.
وفي سياق متصل قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي، سلامة معروف، إن العدو الصهيوني يتنصل من اتفاق وقف إطلاق النار، بوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وشدد معروف في تصريحات صحفية، أمس الجمعة، على أن الواقع الإنساني ينذر بتفاقم معاناة أهالي القطاع، مع نفاد المواد الغذائي، مشيرًا إلى أن ستة مخابز من أصل 25 توقفت عن العمل، مع شح كبير في مياه الشرب.”، لافتًا إلى أن أكثر من 90% من سكان القطاع لا يستطيعون الحصول على مياه الشرب.
وأوضح معروف أن هناك عودة حقيقية لمؤشرات المجاعة في كامل القطاع، مضيفًا: “لا نستبعد أن تعلن بلديات القطاع توقف تشغيل الآبار العاملة بالوقود”.
وتغلق سلطات العدو معبر كرم أبو سالم لليوم الثالث عشر على التوالي، مما تسبب بتفاقم الأزمة الإنسانية والصحية والغذائية في القطاع، الذي يعاني منها بسبب حرب الإبادة الصهيونية ، التي استمرّت 15 شهرًا.
فيما قال برنامج الأغذية العالمي، إنه لم يتمكن من نقل أي إمدادات غذائية إلى قطاع غزة منذ الثاني من مارس الجاري، نتيجة إغلاق العدو الصهيوني لجميع المعابر أمام الإمدادات الإنسانية والتجارية.
وأوضح البرنامج الأممي في بيان، أمس الجمعة، أن أسعار المواد الغذائية التجارية آخذة في الارتفاع منذ إغلاق المعابر.
وأكد أن أسعار بعض المواد الأساسية ارتفعت مثل الدقيق والسكر والخضراوات، بأكثر من 200%، موضحا أن بعض التجار المحليين حجبوا البضائع بسبب عدم اليقين بشأن وصول إمدادات جديدة.
وذكر البرنامج أن لديه حاليا مخزونات غذائية كافية لدعم المطابخ والمخابز العاملة في القطاع لمدة تصل إلى شهر، إضافة إلى طرود غذائية جاهزة للأكل لدعم 550 ألف شخص لمدة أسبوعين.
وأشار إلى دعمه حاليا 33 مطبخا في جميع أنحاء غزة، تقدم 180 ألف وجبة ساخنة يوميا، إلى جانب 25 مخبزا، اضطرت 6 منها للإغلاق بسبب نقص غاز الطهي.

مقالات مشابهة

  • مكتب نتنياهو: إسرائيل ستواصل محادثات وقف إطلاق النار في غزة وفقًا للمقترح الأمريكي
  • لهذه الأسباب نتنياهو خائف
  • فوكس: ما الذي يعنيه فعلا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها؟
  • وفد حماس يتوجه للقاهرة لبحث تطورات مفاوضات وقف الحرب: الاحتلال الصهيوني يتنصل عن اتفاق وقف إطلاق النار والمقاومة تدعو الوسطاء للضغط عليه
  • لماذا لن يعود نتنياهو لقرار الحرب؟
  • ما الذي سيفعله الرئيس الشرع لمواجهة إسرائيل؟
  • غولان: نتنياهو باع أمن إسرائيل من أجل بقائه السياسي
  • ضجة في إسرائيل - اتهامات متبادلة بين نتنياهو والشاباك
  • لا فرق بين حمدوك والهادي إدريس والتعايشي كلهم يعملون ضمن ذات المشروع
  • الجيش: تسلمنا العسكري الذي اختطفته إسرائيل