دمشق-سانا

تشكل الصحة النفسية حالة من الرفاه النفسي تمكّن الشخص من مواجهة ضغوط الحياة، وتحقيق إمكاناته، والتعلّم والعمل بشكل جيد، والمساهمة في مجتمعه المحلي.

ومن هذا المنطلق فإن تعزيز الصحة النفسية والعناية بها لا يقل أهمية عن العناية بالصحة الجسدية، بل يعتبر مكملاً لها… فما هي الصحة النفسية؟

وما أهميتها في حياتنا؟ وما أكثر الأمراض النفسية شيوعا وطرق علاجها؟

للإجابة عن هذه الاسئلة تحدثت الطبيبة النفسية لانا سعيد عن أهمية الصحة النفسية في حياتنا، وقالت: “تمثل الصحة النفسية والعقلية حالة من الرفاهية، وهذا يعني أنه يمكننا بسهولة مواصلة عملنا اجتماعياً وسلوكياً وعقلياً وعاطفياً، وإدارة تحديات الحياة والتعرُّف على نقاط قوّتنا وتحقيق النجاح في الحياة الشخصية والمهنية والعمل بإيجابية في مجتمعنا”.

وأكدت سعيد خلال حديثها لـ سانا أن الصحة النفسية تنعكس كالمرآة على جسد الإنسان لأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً به خلال تفسيرها لأثر الصحة النفسية على الجسد، مبينة أن انعكاس الصحة النفسية على جسد الإنسان ازداد خاصة في السنوات الأخيرة، فالإجهاد والقلق والاكتئاب يمكن أن تؤدي إلى تغييرات في الجسم، مثل ارتفاع ضغط الدم واضطراب الشهية، وتشنج المعدة والقولون العصبي، والسكري وأمراض القلب، والصداع، والأرق واضطرابات النوم، وزيادة أو فقدان الوزن، وكل هذه التغيرات تضعف المناعة.

وأوضحت سعيد الآثار النفسية للحروب والصراعات والمشاكل على الصحة النفسية، حيث قالت: “لا تزول آلام الحرب بمجرّد انتهاء العمليات العسكرية، بل تمتدُّ المأساة لسنوات طوال بعدها، عندما يصحو الناس على ما خلّفته الحروب من ندوب عميقة داخل الأُسرة التي تعتبر النواة الأولى للمجتمع، وإلحاق الضرر بها يؤدي لإحداث خللٍ يطالُ المجتمع بأسره واِرتفاع معدّلات الطلاق، وزيادة المشاكل بين الزوجين والعنف الأُسري، إلى جانب إهمال تربية الأولاد والاعتناء بصحتهم”.

وأضافت: أما الأطفال الذين فقدوا آباءهم وأمهاتهم خلال الحرب فيتكون لديهم شعور دائم بالخوف وتأخّر النمو العقلي والبدني والعاطفي، وصعوبة الاِندماج في المجتمع والعجز عن بناء روابط عاطفية مع الآخرين، كما لا ينجو البالغون من تداعيات الحرب السلبية خاصة إذا كانوا مسؤولين عن إعالة أُسرهم وتأمين لقمة عيشهم، ما يجبرهم على الكتمان ومواصلة الكفاح دون أن يدري أحد بما يشعرون من آلام.

بدورها، قالت المدربة النفسية ريم كرمنشاهي: “لكل مرض نفسي أعراضه وفتراته، ومن تلك الأعراض الرغبة في قضاء الكثير من الوقت وحيداً والميل إلى العزلة وعدم المشاركة اجتماعيا وعدم القدرة على اتخاذ القرارات والمعاناة من أمراض هضمية أو جلدية وشحوب الوجه والحزن والتعب والإرهاق وعدم الرضا عن النفس والأكل غير الصحي وتوارد أفكار بإيذاء النفس والشعور بالقلق والتعرق والارتجاف وسرعة ضربات القلب”.

وأضافت: عند تأكيد الإصابة بمرض نفسي يجب اللجوء إلى طبيب أو مدرب اختصاصي لتأمين العلاج المناسب.

وحول كيفية تعزيز الصحة النفسية قالت: “عندما أكون منتجاً أحافظ على صحتي النفسية، وعندما أسهم بشكل إيجابي بمجتمعي فأنا أحافظ على صحتي النفسية، كما يجب التواصل مع الآخرين الداعمين والفضفضة لأشخاص أثق بهم، وشرب كميات من المياه والحصول على قسط من الراحة وممارسة الرياضة كاليوغا لأن كل هذه التعزيزات تقوي الثقة بالنفس والمناعة الذاتية”.

مرام قباقلي

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: الصحة النفسیة

إقرأ أيضاً:

هل تؤثر الصدمات المبكرة على الصحة النفسية للأطفال؟.. دراسة تكشف التفاصيل

أوضحت نتائج دراسة أجراها باحثو مستشفى بوسطن للأطفال أن الأحداث المجهدة التي مر بها الأطفال في سن 1-2 و2-3 سنوات كانت مرتبطة بظهور أعراض داخلية لدى الفتيات مثل القلق والاكتئاب وفي المقابل، لم يظهر الأطفال الذكور في هذه المرحلة العمرية أعراضا داخلية ملحوظة، ما يشير إلى أن الجنس قد يؤثر في كيفية استجابة الأطفال للأحداث المجهدة في سن مبكرة.

واستخدم فريق البحث تصميما طوليا (نوع من الدراسات البحثية التي تتابع المجموعة نفسها من الأشخاص أو الموضوعات على مدار فترة زمنية طويلة) لتحليل تأثير هذه العوامل على الأعراض النفسية لدى الأطفال.

وشملت الدراسة 456 من الآباء والأمهات الذين أكملوا استبيانات في فترات عمرية مختلفة للأطفال، بدءا من مرحلة الرضاعة وصولا إلى سن السابعة. وتم جمع البيانات حول الأحداث المجهدة التي مر بها الأطفال والصدمات التي تعرضوا لها، وكذلك مستوى مرونة الأسرة في مواجهة الضغوطات.

كما وجد الباحثون أن الأحداث المجهدة في سن 3 سنوات كانت مرتبطة بشكل كبير بزيادة الأعراض النفسية الخارجية، مثل العدوان وفرط النشاط. وفي سن الخامسة، لوحظ أن الأحداث المجهدة في مراحل سابقة من العمر كانت مرتبطة بشكل أكبر بظهور الأعراض النفسية الداخلية والخارجية لدى الأطفال، مع وجود تأثيرات تراكمية حساسة.

وأظهرت النتائج أن التعرض للصدمات الشخصية كان مرتبطا بزيادة الأعراض الداخلية، بينما ارتبطت التجارب المجهدة - سواء كانت شخصية أو غير شخصية - بزيادة الأعراض الخارجية، مثل السلوك العدواني والاندفاع.

ووجد الباحثون أن مستويات مرونة الأسرة تلعب دورا مهما في تقليل الأعراض النفسية. فالأطفال الذين نشأوا في بيئات أسرية تتمتع بمرونة أكبر، مثل القدرة على مواجهة التحديات والشعور بالالتزام الأسري، كانوا أقل عرضة للإصابة بالأعراض النفسية الداخلية والخارجية. وبالإضافة إلى ذلك، أظهر الباحثون أن شعور الطفل بالسيطرة في سن السابعة كان عاملا مهما في تقليل خطر ظهور الأعراض النفسية الخارجية.

وتعد هذه النتائج خطوة مهمة نحو فهم كيفية تأثير الأحداث المجهدة والصدمات على صحة الأطفال النفسية، ويمكن أن تسهم بشكل كبير في تطوير استراتيجيات علاجية وتدخلات وقائية تساعد على تخفيف تأثيرات هذه الأحداث السلبية على الأطفال في مراحلها المبكرة.

مقالات مشابهة

  • هل تؤثر الصدمات المبكرة على الصحة النفسية للأطفال؟.. دراسة تكشف التفاصيل
  • (الصحة النفسية والتأمين الصحى)
  • كيف تؤثر الحرب وعنف الاحتلال على الصحة النفسية لأطفال القدس؟
  • توقيع الكشف على 248 مريضا ضمن قافلة استثنائية بمستشفى الصحة النفسية بدميرة
  • الكشف على 248 مريضًا ضمن قافلة في مستشفى الصحة النفسية بالدقهلية
  • تعرف على الصحة النفسية وأهميتها
  • حقوق النواب تناقش ملف الصحة النفسية والإدمان
  • حقوق النواب تناقش ملف الصحة النفسية ومراكز التأهيل النفسي
  • تساؤلات في «حقوق النواب» بشأن المبادرة الرئاسية للصحة النفسية
  • تقرير رسمي مخيف.. نصف المغاربة يعانون من الإضطرابات النفسية