مسلسل تلفزيوني من إنتاج “حماس”.. نبوءة مبكرة أم تضليل إستراتيجي؟
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
متابعة بتجــرد: على غرار “جدار أريحا”، الوثيقة الاستخباراتية التي تداولها ضباط إسرائيليون قبل اندلاع حرب السابع من أكتوبر/تشرين الأول الأخيرة، وأُهملت بصلف، بالذات لأنها طموحة أكثر من اللازم، كُشف أخيراً عن مسلسل تلفزيوني أنتجتْه مؤسسات “حماس” الإعلامية، وبث على قنواتها، في العام 2021، كما على قناة “المنار” التابعة لـ “حزب الله”، يحمل اسم “قبضة الأحرار”، وفيه، على ما يبدو، تفاصيل خطة “جدار أريحا”، إنما بالصوت والصورة، والتصورات الأولى لعملية “طوفان الأقصى”.
واليوم يجري تداول مقاطع منه على وسائل التواصل، كما يتداول فيديو تكريم زعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار لفريق العمل، بعد اعتباره عملاً ناجحاً بشكل استثنائي.
“قبضة الأحرار” هو إذن الاسم التلفزيوني لـ “طوفان الأقصى”، ويبدو أنه تنفيذ لسيناريو الأربعين صفحة التي وصلت إلى أيدي مسؤولي الجيش والمخابرات الإسرائيليين، ووجدوا أن “حماس” وإمكانياتها أقل من أن تنفّذ سيناريو كهذا. لكن المتابعين والمحللين وجدوا أن هجوم السابع من أكتوبر ينفذ نقطة بنقطة الخطة الواردة على الورق، اقتحام التحصينات التي كلفت الاحتلال ملايين الدولارات، والاستيلاء على قواعد عسكرية، بالإضافة إلى رشقات الصواريخ، والطائرات المسيّرة، وصولاً إلى تدفق المسلحين، فرادى وجماعات، طائرات شراعية ودراجات نارية أو حتى على الأقدام.
ويبدو للمرء أن مسلسلاً تلفزيونياً قد يكون أخطر بالفعل من الورق، فهذا متعوب عليه، ومن المفترض أنه يطمح إلى الوصول إلى ملايين المتفرجين، فهل كان الإنتاج التلفزيوني جزءاً من الخطة؟ بمعنى أنه جزء من محاولات عديدة اعتبرت تضليلاً إستراتيجياً، تماماً كما اعتُبر سعي الغزيين إلى زيادة عدد تصاريح العمال للعمل عند الإسرائيليين في أراضي الـ 48؟ أم هي مجرد مصادفة أو تخاطر بين كاتب سيناريو مولع بأفلام الأكشن، وقائد عسكري مغامر؟
الأسئلة حول “قبضة الأحرار” لا تنتهي. من بينها السؤال حول علاقته بالمسلسل الإسرائيلي “فوضى”، الذي عرض بجزأين على نتفليكس، وصوّر مغامرات المستعربين الإسرائيليين و”بطولاتهم” في المطاردة والوصول إلى قادة المقاومة. كان “فوضى” مستفزاً ومقرفاً بادعاءاته، وبدا شكلاً من أشكال التنكيل بالفلسطينيين، ومن المؤسف أن بعض المشاركين فيه من فلسطينيي الـ 48، وقد أصبحوا نجوماً بـ “فضله”.
ويرد في أحد الريبورتاجات المصورة عن مسلسل “قبضة الأحرار” أثناء إنجازه أنه جاء رداً على “فوضى”، ولأن الأخير معروض على أَشْهَر القنوات وأقوى منصات العرض فمن الطبيعي أن يُعتنى بتنفيذه، على النحو الذي ظهر فيه (ولو أن ذلك لم يخفف من مقدار اشمئزاز المشاهدين)، فيما ينفذ المسلسل الحمساوي بإمكانيات أبسط، ولو أنها ليست أقل طموحاً، وعلى سبيل المثال كان من المؤكد أن أحداً من النجوم العرب، وحتى الفلسطينيين، لم يكن ليقبل بالعمل فيه، فكان من البديهي أن يلجأ المسلسل لممثلين مغمورين، أو وجوه جديدة غير محترفة، أن يظهر بما توفّرَ من ممثلين وتقنيين.
وواضح الآن أن المسلسل، بعد عامين على إنتاجه، لم يلتفت إليه أحد، لأن نتفليكس ليست له، وحتى ما هو أقل منها بكثير لن تقبل به، والآن فقط، بعد الإشارة إليه كنوع من نبوءة مبكرة، على الأقل، (على نحو ما نشاهد في ارتباطات كثيرة بين المسلسل الأمريكي الشهير “سيبمسون” وأحداث واقعية كبرى)، أو كجزء مبكر من خطة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أو كردّ على مسلسل “فوضى”، أو على الأقل كنوع من الأكشن والتشويق، سينفض الغبار عنه، حلقة حلقة، وستكتب عنه صحف، وتتحدث عنه التلفزيونات، وسيصبح ممثلوه (من بقي منهم على قيد الحياة) نجوم المقابلات التلفزيونية، يتحدثون كيف لعبوا أدوارهم، وبأي عين تابعوا هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، هل اضطروا للعودة إلى مشاهد المسلسل، هل تذكروه بالأساس؟
وبالطبع أول ما يخطر أمام الاهتمام المتفاقم بالمسلسل، في ما يخص المشاهدين، هل كانوا أقلّ صلفاً من أولئك الذين وقع بين أيديهم “جدار أريحا”! (وبالمناسبة، قد يكون المسلسل زاد على الوثيقة الورقية توقع الموقف الأمريكي وحجم الرد الإسرائيلي، ما يعني أن لا مفاجأت عن قيادة «حماس»، على ما يبدو).
وعلى أي حال، سنسارع جميعاً للمشاهدة إن لم يكن لكل الأسباب الواردة أعلاه، فمن أجل شيء أبسط بكثير: لقد صور المسلسل في غزة، مزارعها، شوارعها، شواطئها، بين أشجارها، وبناياتها، حاراتها.. كل تلك المفردات التي آلت الآن إلى الدمار. في وقت جعلتنا الحرب، ومتابعتها اليومية التفصيلية، نتعرف على كل أحيائها، ونتوق للقاء كل شبر من ترابها.
main 2023-12-05 Bitajarodالمصدر: بتجرد
كلمات دلالية: السابع من أکتوبر
إقرأ أيضاً:
“هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق
الثورة نت
أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” عاموس هرئيل إلى أن صور الحشود الفلسطينية التي تعبر سيرًا على الأقدام من ممر “نِتساريم” في طريقها إلى ما تبقى من بيوتها في شمال غزة، تعكس بأرجحية عالية أيضًا نهاية الحرب بين “إسرائيل” وحماس، مؤكدًا أن الصور التي تم التقاطها، يوم أمس الاثنين، تحطم أيضًا الأوهام حول النصر المطلق التي نشرها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ومؤيدوه على مدى أشهر طويلة، وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.
ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “إسرائيلي” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى “إسرائيليين” في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.
تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على “إسرائيل” استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.
وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية الإسرائيلي” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.
وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – “إسرائيلية” وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.
وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء “إسرائيلي”.