الاقتصاد نيوز-متابعة

لأكثر من ربع قرن، ظل العراق أسيرًا للأرقام والإحصائيات "التخمينية"، وبالرغم من وجود محاولات من قبل الحكومات السابقة لتحقيق التعداد السكاني، الا أنها باءت بالفشل نتيجة لتعقيدات وتدخلات سياسية وعرقية.

 تقول وزارة التخطيط إنها تعتزم إتمام التعداد خلال العام المقبل، في حين يبدي اقتصاديون شكوكًا حيال جدية الحكومة في إنجازه.

محاولات "فاشلة"
المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي يشير إلى أن "العراق لم يجرِ تعداداً سكانياً منذ عام ١٩٧٩، والذي لم يكن شاملاً لعدم تضمينه إقليم كردستان".
واوضح الهنداوي خلال حديثه لـ (المدى) أن "غياب التعداد كل هذه السنوات سبب فجوة كبيرة، لوجود حاجة الى البيانات والاحصائيات التي ترسم الواقع وتعكسة بدقة"
ويفيد الهنداوي بإن "المحاولات السابقة لإجراء التعداد واجهت كماً من التحديات  ففي عام ٢٠١٠ وصلت إجراءات التعداد الى مراحلها الأخيرة، وتأجل بسبب خلافات سياسية على بعض المناطق المتنازع عليها لم تحل"، وفق قوله.
ويضيف ان "المحاولة الثانية كانت عام 2020 لكن تأجل التعداد السكاني بسبب الوضع العام للبلد الذي لم يكن مستقراً آنذاك".
ويتابع، ان "مجلس الوزراء أصدر قراراً بأن يكون التعداد خلال شهر تشرين الثاني من العام المقبل"، مؤكدا ان "التعداد يعتبر أولوية للبرنامج الحكومي".


متطلبات وإجراءات
وفيما يتعلق بالتحضيرات للتعداد المترقب، يوضح الهنداوي انه " تم وضع خطة بتوقيتات محددة لاجل اتمام التعداد خلال شهر تشرين الثاني من عام ٢٠٢٤، ولكونه يعد مشروعاً ضخماً وكبيراً فهو يتطلب العديد من الإجراءات والتحضيرات".
وعن تلك المتطلبات، يبين أن "هناك حاجة لتوفيرالاجهزة اللوحية بعدد لا يقل عن ١٢٠ الف جهاز، كون التعداد سيكون إلكترونيا"، لافتاً إلى أن عملية التعاقد مع شركات عالمية لاجل توفير وتجهيز الأجهزة يتطلب وقتا يترواح بين ٥-٦ اشهر".
ويستكمل حديثه عن بقية المتطلبات :" نحتاج الى اجراء تعداد تجريبي خلال شهر أيار المقبل بالإضافة الى تدريب ما يقارب ١٣٠ الف عداد من المدرسين والمعلمين، على كيفية استخدام الأجهزة اللوحية وملئ الاستمارة وطرح الأسئلة"، مضيفا ان "اهم اجراء يتمثل بعمليات الحصر والترقيم، التي تحتاج إلى شهرين على الأقل".
ويلفت الهنداوي الى وجود حاجة ملحة "لانشاء مركز وطني يعالج البيانات باحدث التقنيات، وتوفير الصور الفضائية للوحدات الادارية على مستوى المحافظة والقضاء والناحية والقرية. إضافة إلى توفير تغطية الهاتفية وشبكة الانترنيت لكل مناطق العراق، لتمكين نقل  البيانات بشكل مباشر وبدقة عالية".
ويشيع الهنداوي إلى أن "موازنة ٢٠٢٢ خصصت مبلغ ١٠٠ مليار دينار لتنفيذ التعداد السكاني"، معربا عن امله في توفير  أموال إضافية بموازنة العام المقبل لاستكمال بقية الإجراءات.
وعن أهمية إتمام التعداد السكاني، يوضح الهنداوي أنه "يسهم بتوفير قاعدة بيانات شاملة عن العراق تساعد في حل مشاكل توزيع الثروات بين المحافظات بناءً على الأسس السكانية، وتقديم بيانات دقيقة لخطط التنمية والباحثين، بالإضافة الى التصدي لشكوك بعض المحافظات بخصوص دقة إحصاءات كثافة سكانها، مما يسهم في بناء قاعدة بيانات موثوقة ومستدامة".

أغراض سياسية
الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد، يقول إن "أي دولة تسعى الى تنمية واقعها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ستضع الإحصاء السكاني ضمن أولوياتها "، مشيرا الى ان "الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام ٢٠٠٣، تجاهلت الاهتمام بإجراء التعداد السكاني".
ويعزوا عيد، أسباب عزوف الحكومات عن اجراء التعداد بـ "وجود دوافع سياسية وأخرى طائفية"، واصفاً التصريحات الحكومية التي تتحدث عن أهمية اجراء التعداد، بانها "استهلاكا اعلامياً يستخدم لأغراض سياسية".
 

غياب الأرقام
ويبين عيد، أن "الحكومات العراقية خلال ٢٦ عاما التي مضت اعتمدت على قواعد بيانات قديمة وغير مُحدثة، ما ولدت حالة من الإرباك بسبب عدم وجود بيانات صحيحة وواقعية"، مستدركا بالقول ان "عدم وجود قاعدة بيانات رسمية سيجعل البلد رهينة للتوقعات والتخمينات التي تُبنى على أساس طائفي وحزبي".
ويردف، أن "غياب الأرقام الحقيقية يزيد من مستويات وحجم الفساد في جميع مؤسسات الدولة، وعدم وجود بيانات تعتمد على تعداد موثوق يضع البلد في دائرة الخطر التنظيمي والاقتصادي والاجتماعي".
ويلمح الى "عدم وجود بوادر لإجراء التعداد على المستوى العملي"، قائلاً: "مجرد تصريحات يعرف مطلقيها من خلالها مدى خسارتهم بعد إجراء التعداد"،
ويكمل، أن "المؤشرات الإحصائية في العراق عادة ما تدخل حيّز التخمين، وهو ما ترتّب عليه فشل معظم خطط التنمية الوطنية كونها مرتكزة على بيانات تقديرية غير موثوقة"، محذراً من الامتناع عن إجراء التعداد السكاني.
ويختتم عيد حديثه، أن التعداد "ضرورة وطنية مهمة، وواجب اجراءه كل ٨ سنوات"، لافتاً الى ان "إدارة التعداد بمهنية وعملية ونزاهة عالية، لن يكلف الدولة تكلفة مالية كبيرة".

احتياجات العراقيين
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي، جليل اللامي، إن "الحكومة تعول على أهمية إجراء التعداد في تنفيذ سياسات وتحقيق أهداف برنامجها، ومعالجة المشاكل التي تسعى لحلها والمتعلقة بالصحة والتعليم والسكن والبطالة والفقر"، داعياً إياها الى "بذل أقصى الجهود لإنجازه في الوقت المحدد، وإصدار توجيهات لتهيئة كل الإمكانات والمتطلبات البشرية والفنية والمالية واللوجستية المطلوبة".
وخصصت الحكومة الاتحادية، مبلغ 120 مليار دينار لتنفيذ التعداد السكاني، بهدف تحقيق معالجات حقيقية للسيطرة على معدلات الفقر، ووفقاً لقاعدة بيانات حقيقية، سيتم احتساب معدلات الدخل ومستوى الخدمات التي يحصل عليها الفقراء، في حين سيتم تنفيذ المسوح الميدانية لتحديد أماكن تركزهم، ما يمهد تحديد خط الفقر في البلاد، كما يسهم في دعم ميزانيات المدن وفقاً لاحتياجاتها، وإطلاق المشاريع الخاصة بالسكن وتحجيم البطالة، بحسب ما تحدث به اللامي.
ويؤكد على ان "العراق بحاجة إلى إجراء تعداد سكاني نزيه لا تتدخل فيه الإرادات الحزبية والخلافات بين الكيانات السياسية وبين السلطات في بغداد وأربيل"؟
ويرى اللامي وجود "ضرورة سياسية لإجراء التعداد وهو خطوة هامة تستند على الرغبة في تحديد احتياجات الشعب والتصدي للتحديات التي تعترضه، لتحديد خطة فعّالة لدعم كافة مطالب العراقيين".

 

المصدر : جريدة المدى 

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار التعداد السکانی إجراء التعداد

إقرأ أيضاً:

القدرات الحقيقية للسلاح الصيني.. ما يكشفه السقوط الدراماتيكي لوزيري دفاع؟

كشف "السقوط الدراماتيكي" لاثنين من وزراء الدفاع الصينيين مؤخرا عن خداع عميق مزعوم بقطاعات رئيسية من حملة التحديث العسكري التي يقودها الزعيم الصيني، شي جين بينغ، رغم حربه المعلنة التي دامت عقداً من الزمن على الفساد، بحسب تقرير لشبكة "سي إن إن" الإخبارية.

وطبقا للشبكة الأميركية ذاتها، فإن هذا الأمر أثار تساؤلات بشأن الاستعداد القتالي للجيش الصيني في وقت تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية.

وبعد أشهر من التكهنات المكثفة، والتحفظ الرسمي، أكدت بكين أخيرا أن وزيري دفاعها السابقين اللذين اختفيا عن الرأي العام خلال العام الماضي كانا قيد التحقيق بتهمة الفساد.

وذكرت وسائل إعلام رسمية، الخميس، أن لي شانغ فو، الذي أطيح به من منصب وزير الدفاع خلال شهر أكتوبر الماضي بعد 7 أشهر فقط من توليه مهامه، ووي فينغي، الذي تبوأ الوزارة ذاتها خلال الفترة من 2018 إلى 2023، تم طردهما من الحزب الشيوعي الحاكم عقب التحقيقات.

وبالإضافة إلى تلقي وتقديم الرشاوى، وإساءة استخدام السلطة، اتُهم لي أيضا "بتلويث البيئة السياسية والممارسات الصناعية لقطاع المعدات العسكرية بشدة"، وفقا لقناة "سي سي تي في" الحكومية.

وأحيلت قضيتي الوزيرين السابقين إلى النيابة العسكرية، لتوجيه الاتهامات إليهما.

معلومات استخباراتية أميركية تكشف سبب حملة التطهير في الجيش الصيني كشفت الاستخبارات الأميركية أن عملية التطهير العسكري الشاملة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ سببها الفساد المستشري الذي قوض جهوده لتحديث القوات المسلحة، وأثار تساؤلات حول قدرة الصين على خوض الحروب، بحسب ما ذكرته شبكة "بلومبرغ".

وتشير الاتهامات ضد لي تحديدا، الواردة في إعلان المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني المؤلف من 24 عضوا، بوضوح إلى الفساد في شراء الأسلحة.

ويعد الوزيران من أكبر المسؤولين العسكريين الذين أطيح بهما في عملية تطهير واسعة النطاق لمؤسسة الدفاع الصينية منذ الصيف الماضي، التي أدت إلى إقصاء أكثر من 10 من كبار الجنرالات والمديرين التنفيذيين من المجمع الصناعي العسكري، وفقا لـ "سي إن إن".

وتأتي هذه الاضطرابات في الرتب العليا للجيش الصيني في الوقت الذي يسعى فيه الزعيم شي إلى جعل القوات المسلحة أقوى وأكثر استعدادا للقتال، وأكثر عدوانية، في تأكيد مطالباتها الإقليمية فيما يتعلق بجزيرة تايوان، المتنازع عليها في المنطقة.

وتأتي إقالتهما بعد ترقيتهما خلال عهد شي، رغم حملة الزعيم الصيني لمكافحة الفساد منذ أكثر من عقد من الزمن، مما يؤكد الصعوبات في منع الفساد على أعلى مستويات الجيش، وفقا للمحللين.

وفي حين حققت حملة شي لمكافحة الفساد بعض النجاح، فإن الافتقار إلى الرقابة المدنية المناسبة والنظام القانوني المستقل يعني أن الجيش يعتمد على محققيه الداخليين للإشراف، حسبما قال جيمس تشار، وهو زميل كلية "إس. راجاراتنام" للدراسات الدولية في سنغافورة.

وأضاف: "هذا أمر صعب، لذا فإن الفساد سيستمر بالتأكيد".

وكجزء من طموح شي لتحويل الجيش إلى قوة قتالية "من الطراز العالمي"، أنفقت الصين مليارات الدولارات لشراء وتحديث المعدات العسكرية. 

كما شيد شي قوة الصواريخ، وهو فرع النخبة الذي يشرف على ترسانة البلاد السريعة التوسع من الصواريخ النووية والبالستية.

وكان معظم الجنرالات الذين تم فصلهم، أو اختفوا دون تفسير  العام الماضي، مرتبطين بقوة الصواريخ أو المعدات العسكرية، بما في ذلك لي ووي.

وقال جويل ووثنو، وهو زميل أبحاث بارز في جامعة الدفاع الوطني الممولة من البنتاغون، إن العبارة المصاغة بعناية في الاتهامات تشير إلى التواطؤ بين الشركات المملوكة للدولة التي تصنع الأسلحة ونظام المشتريات التابع للجيش.

وقال ووثنو: "نعلم أن هناك بعض التواطؤ، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت الأسلحة الحيوية دون المستوى المطلوب، أو لا يمكن الاعتماد عليها". 

وأضاف: "إذا ثبت ذلك، فسيكون الأمر أكثر خطورة بالنسبة لشي، لأنه ستكون لديه شكوك ليس فقط بشأن الأخلاق، ولكن أيضا بشأن الاستعداد العسكري الفعلي".

من جانبه، أشار تشار إلى دراسة أعدتها الجامعة البحرية الصينية للهندسة ومركز شراء المعدات البحرية ومكتب التدقيق التابع للجنة العسكرية المركزية في عام 2018 حللت بالفعل ممارسات التلاعب في العطاءات في شراء معدات الجيش، ودعت إلى تحسين نظام العطاءات. 

وتابع: "أثارت هذه المشكلات في عمليات الشراء تساؤلات بشأن جودة المعدات التي اشتراها الجيش في وقت سابق. ولكن ما مدى جودة أداء هذه الأسلحة فعليا في الميدان؟ أعتقد أن هذا أمر قابل للنقاش".

وفي إشارة إلى أن القيادة العسكرية العليا بالصين قد تكون قلقة بشأن جودة أسلحتها، تعهد الجنرال هي ويدونغ، نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية التي تشرف على القوات المسلحة في مارس الماضي باتخاذ إجراءات صارمة بشأن "القدرات القتالية المزيفة" داخل الجيش، حسبما لفت تشار.

وأضاف تشار: "وسرعان ما تم حظر تعليقه من الرأي العام بعد ذلك. أعتقد أن هذا يوضح الكثير عن القدرات القتالية الفعلية لـ(جيش التحرير الشعبي الصيني)".

مقالات مشابهة

  • ديالى رهينة للصراع السياسي بين العامري والمالكي ..
  • القدرات الحقيقية للسلاح الصيني.. ما يكشفه السقوط الدراماتيكي لوزيري دفاع؟
  • «الموارد البشرية» تدعو منشآت القطاع الخاص إلى تحديث بيانات فروعها عبر منصة «قوى»
  • QNB يتوقع تحسن الاقتصاد العالمي
  • بعد غياب قرابة عام.. نورزي تطرح أحدث أعمالها الغنائية «قلبي بلو»
  • هل أوقع "ماكرون" فرنسا في أزمة سياسية؟
  • الترخيص للمنشآت الخاصة بتقديم خدمة الفحص الفني للمركبات
  • الشرطة تسمح بتقديم الفحص الفني للمركبات خارج مراكزها
  • عضو «اقتصادية الشيوخ»: المؤتمر الاستثماري الأوروبي يزيد فرص التنمية في مصر
  • وزيرة التخطيط: الدولة استثمرت في شبكة الطرق لتصبح مؤهلة للتجارة العالمية