موقع 24:
2025-04-07@07:07:50 GMT

هل تستطيع الصين وأمريكا التوسط لحل مستدام في غزة؟

تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT

هل تستطيع الصين وأمريكا التوسط لحل مستدام في غزة؟

رأى يونس زنجي أبادي، المؤسس المشارك ونائب الرئيس التنفيذي لمعهد السلام والدبلوماسية، وبول جاتكوفيتس، مدير الوساطة ودعم السلام في مركز جنيف للسياسة الأمنية، أن بوسع الولايات المتحدة والصين، عبر نهج تعاوني، استغلال نفوذهما لدى اللاعبين الإقليميين الرئيسيين لتهدئة التوترات وتهيئة بيئة مواتية لحل سياسي مستدام في غزة.

النخب الإقليمية اليوم لديها ثقة أقل نوعاً ما في قدرة واشنطن على لعب دور صانع الملوك


وتمثل الجولة الدولية التي تقوم بها اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية، تحولاً محورياً في مجال انخراط الشرق الأوسط الدبلوماسي العالمي واستراتيجياته مع القوى الخارجية الرئيسية.


تشجيع هدنة إنسانية مستديمة


وتهدف هذه الجولة، التي تشمل زيارات إلى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى الضغط على مجلس الأمن للتوحد حول تشجيع هدنة إنسانية دائمة، ووقف إطلاق نار طويل الأمد، وإيجاد حل سياسي في غزة.

 

واستهلت اللجنة رحلتها الدبلوماسية بزيارة إلى الصين ومن بعدها روسيا، حيث انخرطت في محادثات رفيعة المستوى مع وزيري خارجية البلدين، وأعقب ذلك اجتماع وزاري آخر في لندن مع وزير الخارجية البريطاني المعين حديثاً ديفيد كاميرون، لحشد دعم حلفاء إسرائيل الأوروبيين الرئيسيين.

 

????????????????????????????????Can China and America Resolve the Israeli-Palestinian Conflict? https://t.co/i04hmWbyCH

— China - Arab Forum (CAF) - المنتدى العربي الصيني (@china_arabia) December 4, 2023


وتخطط اللجنة بعد ذلك لزيارة فرنسا، وهي عضو آخر دائم في مجلس الأمن، لكن الهدف النهائي الحقيقي لهذه المشاورات سيكون تقريب الولايات المتحدة – صانع القرار الأكثر نفوذاً في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني – من موقف اللجنة المتمثل في التوصل إلى وقف سريع للحرب.


وتنمّ هذه السلسلة من الزيارات، بدءاً من بكين ومروراً بأعضاء آخرين في مجلس الأمن، عن تحول أوسع في الجغرافيا السياسية والدبلوماسية الإقليمية في الشرق الأوسط، وهذا يسلط الضوء على نظام ناشئ متعدد الأقطاب تقوم فيه بلدان الشرق الأوسط بتنويع ارتباطاتها الدبلوماسية لمواجهة التحديات الإقليمية.


دور متنامي للصين


ويعكس النهج الذي تتبناه اللجنة، خاصة تركيزها الأوّلي على بكين، الاعتراف الجماعي في المنطقة بالدور المتنامي الذي تلعبه الصين كوسيط في الشرق الأوسط، وهي مكانة عززها نجاحها مؤخراً  بالتوسط في الاتفاق الإيراني السعودي.


وفي هذا السياق المتطور، تستغل الصين أيضاً نفوذها المتنامي، وتتبوأ لنفسها منزلاً كوسيط محايد في المنطقة، وهو ما يقول بعض الخبراء إنه قد يُنظر إليه كتحدٍّ محتمل لدور الولايات المتحدة ونفوذها التقليدي.


تراجع الثقة في واشنطن


وقال الباحثان في مقالهما فمجلة "ناشونال إنترست": "الواقع أنه في تباين مع الصين، فإن النخب الإقليمية اليوم لديها ثقة أقل نوعاً ما، في قدرة واشنطن على لعب دور صانع الملوك، والعمل كضامن موثوق للأمن في المنطقة، ويُعزى هذا إلى حد كبير إلى دعمها المطلق لإسرائيل في الصراع الراهن".

 

????????????????????????????????Can China and America Resolve the Israeli-Palestinian Conflict? https://t.co/i04hmWbyCH

— China - Arab Forum (CAF) - المنتدى العربي الصيني (@china_arabia) December 4, 2023


لكن لا ينبغي أن يُنظر إلى هذا باعتباره محض منافسة صفرية المحصلة بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ في الشرق الأوسط، بل هو فرصة للدبلوماسية التعاونية في منطقة مضطربة، تتمتع فيها كلتا القوتين العظميين بنفوذ كبير على مختلف الأطراف، يفتقر إليه الآخر، مع تشاطرهما في الوقت نفسه مصالح استراتيجية في المحافظة على الأمن والسلام.


واعتبر الباحثان الاتفاق الإيراني- السعودي، بمنزلة دراسة لحالة ناجحة للتنسيق الدبلوماسي بين الصين والولايات المتحدة، حيث لعب التأثيران المنفصلان المتكاملان لكلا البلدين، دوراً حاسماً على مختلف الجهات الفاعلة، في التوصل إلى صفقة لم تعد بالنفع على هاتين القوتين فحسب، بل أيضاً على المنطقة ككل والمجتمع الدولي.


وعلى الرغم من عدم وجود إطار رسمي لتنسيق الاستراتيجية الدبلوماسية الأمريكية والصينية تجاه ذلك الاتفاق، إلا أن تنسيقهما من خلال أطراف ثالثة – وتحديداً المملكة العربية السعودية، التي تتمتع بعلاقات ودية مع كلا البلدين، ساعد على التوصل إلى إنجاز دبلوماسي.


ونظراً لدوريهما المتمايزين – الولايات المتحدة بحضورها الإقليمي الطويل وعلاقاتها الأمنية، والصين بنفوذها الاقتصادي في المنطقة – يتبوأ كلا البلدين مكانة فريدة تهيّئ لهما العمل ضمن إطار تعاوني، مستوحى من قصة نجاحهما في الاتفاق الإيراني السعودي، لإنهاء الحرب الدائرة في غزة.


نهج تعاوني لتهدئة التوترات


وأوضح الباحثان في مقالهما المشترك بموقع مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية أنه بتبني نهج تعاوني، تستطيع الولايات المتحدة والصين، بالتنسيق لكن من خلال قنوات منفصلة، الانخراط وتعزيز نفوذهما مع اللاعبين الإقليميين الرئيسيين، بما في ذلك إسرائيل وتركيا وقطر والمملكة العربية السعودية وإيران، إلى جانب وكلاء كل منها في المنطقة.


وهذا المجهود المتضافر ضروري، برأي الباحثَين، لتهدئة التوترات وتهيئة بيئة مواتية للتوصل إلى حل سياسي مستدام في غزة.


وأكد الباحثان ضرورة التأكيد على أن الولايات المتحدة والصين، اللتين تواجهان تحديات ملحّة في الداخل والخارج، تميلان إلى تجنب المزيد من الصراع في الشرق الأوسط، فكلا البلدين يعطي الأولوية لتحسين الأوضاع الاقتصادية المحلية ومعالجة ملفات السياسة الخارجية الأخرى كالحرب الدائرة في أوكرانيا وتغير المناخ وإدارة العلاقات الثنائية المعقدة بينهما.


ويدل الاتفاق الأخير بين الرئيس جو بايدن والرئيس شي جين بينغ، على إعادة إنشاء قنوات الاتصال العسكرية-العسكرية، على نحو ما تم الإعلان عنه في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ الأخيرة، على أن كلا البلدين يفضلان التعاون على التصعيد، حتى في علاقاتهما الثنائية.


سيناريو مربح للجانبين


وفي ضوء هذا التطور الإيجابي في علاقاتهما الثنائية، فإن أي إطار تعاون أمريكي صيني لإنهاء الحرب في غزة بالتعاون الوثيق مع بلدان المنطقة وأعضاء مجلس الأمن الآخرين، يمكنه تقديم سيناريو "مربح للجانبين" لكل من واشنطن وبكين، وبالتبعية للمنطقة والمجتمع العالمي.


واختتم الباحثان مقالهما بالقول: "مثل هذا التعاون لن يحل الصراع المباشر فحسب، بل سيساهم أيضاً في جعل الشرق الأوسط منطقة أكثر سلاماً،  وربما بالقدر نفسه من الأهمية، يمكنه أن يساعد على إعادة بناء الثقة بين هاتين القوتين الرئيسيتين فيما تديران منافستهما الاستراتيجية في مشهد عالمي متعدد الأقطاب بشكل متزايد".


المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الصين الولايات المتحدة الولایات المتحدة والصین فی الشرق الأوسط فی المنطقة مجلس الأمن فی غزة

إقرأ أيضاً:

عن إجرام المجمع الصناعي العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط

 

لا يحتاج المرء إلى الكثير من الفطنة لكي يدرك بأنّ الولايات المتحدة تعيش على إذكاء الحروب في دول العالم، وخاصة في المنطقة العربية، وذلك من خلال دور المركّب الصناعي العسكري (Military – Industrial Complex)  الذي يُعدّ مصدرًا أساسيًا لتمويل حروب الولايات المتحدة وحلفائها، وخاصة “إسرائيل”، باعتبارها الحليفة الأوثق في الشرق الأوسط منذ إنشائها في عام 1948.

إنّ عودة حرب الإبادة الجماعية التي تمارسها “إسرائيل” على غزّة والضفّة الغربية ما كانت لتكون وتستمر بهذه الوتيرة لولا الدعم الأمريكي المطلق لها، إذ لا يمكن فصل هذه الجرائم التي تقوم بها إزاء الشعب الفلسطيني عن دور المجمع الصناعي العسكري الأمريكي الذي يضطلع برفد الجيش “الإسرائيلي” بأحدث آلات القتل، وذلك من خلال شركات الأسلحة الأمريكية الشهيرة مثل: لوكهيد مارتن ورايثيون ونورثروب جرومان وجنرال دايناميكس وبوينغ …  في الماضي، أثار الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور عند انتهاء ولايته في عام 1961، معضلة المجمع الصناعي العسكري وخطورته، حيث حذّر من هذا التحالف الذي يتكوّن من الكونغرس وشركات السلاح الرائدة ووزارة الدفاع الأمريكية. ووصف آنذاك الأمر بأنه تهديد للديمقراطية، فضلًا عن تأثيره المباشر في السياسة الخارجية الأمريكية.

يشكّل المُجمع الصناعي العسكري الأمريكي إلى جانب مجتمع الاستخبارات   والبيروقراطية الاقتصادية ما يُسمّى بالدولة العميقة (Deep State) في الولايات المتحدة. وتُعرّف “الدولة العميقة” على أنّها مجموعة من الأفراد والمؤسسات التي تُعتبر ذات تأثير كبير في السياسات الأمريكية، ويُعتقد أنّ لديها نفوذًا كبيرًا في رسم السياسات الداخلية والخارجية، على الرغم من افتقارها إلى السلطة التشريعية الرسمية. وتشمل هذه المجموعة عناصر من الجيش، وأجهزة الاستخبارات، والبيروقراطية الحكومية، بالإضافة إلى قطاعات أخرى من المؤسسات التي يُعتقد بأنها تعمل في كثير من الأحيان بشكل مستقل عن الإرادة الشعبية أو الحكومة المنتخبة، وتهدف إلى الحفاظ على استمرارية الأوضاع التي تخدم مصالحها الخاصة. مع التأكيد على أنّ الدولة العميقة تستمدّ قوتها من أجهزة الأمن القومي والاستخبارات الأمريكية.

تشير الباحثة الأمريكية سارة لي ويتسن، إلى أنّ قطاع الصناعات العسكرية يعتمد على التأثير المباشر على المسؤولين الحكوميين، فعلى سبيل المثال تجاوزت التبرعات الانتخابية في عام 2020 عتبة الخمسين مليون دولار. وغالبًا ما يتم منح وظائف في هذا القطاع للمسؤولين الحكوميين والعسكريين، فبالنسبة إلى المسؤولين المدنيين، تُعدّ العديد من هذه الوظائف أدوات ضغط لصالح المؤسسات الدفاعية. أما المسؤولون العسكريون، فهم غالبًا ما يشغلون وظائف داخل المجمع الصناعي أو يعملون كمستشارين في البنتاغون وفروع الجيش، ويشاركون أيضًا في التفاوض وتنفيذ عقود المشتريات التي كانوا يمثلون فيها الحكومة الأمريكية سابقًا.

في انتخابات عام 2022، أنفق المجمع الصناعي العسكري ما يقارب 101 مليون دولار على جماعات الضغط، وساهم بأكثر من 18 مليون دولار في الحملات السياسية. معظم هذه الأموال كانت تذهب إلى السياسيين – سواء كانوا من الجمهوريين أو الديمقراطيين – الذين يشاركون في اللجان التي تحدد الانفاق الدفاعي السنوي. وعليه، يمكن للمقاولين توقع الحصول على حصة كبيرة من أي انفاق يخصصه الكونغرس والبنتاغون. وهذا إن دلّ على شيء، إنّما يدلُّ على مدى تغوّل وتأثير المركب الصناعي العسكري في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية.

على مدى عقود، اعتمدت استراتيجية الولايات المتحدة الدولية على إشعال الحروب في مختلف أنحاء العالم، وخاصة في الشرق الأوسط، نظرًا لأهميته الجيوسياسية في العقل الأمريكي. واليوم، تتركز الأنظار أكثر من أي وقت مضى على لبنان وسورية والعراق واليمن وإيران وفلسطين، وخاصة بعد أن أعطى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الضوء الأخضر لحكومة “إسرائيل” في استئناف الحرب ضدّ الفلسطينيين في الضفّة الغربية وغزّة من ناحية، وشن غارات شبه يومية على لبنان وسورية من ناحية أخرى. ففي الحرب الجارية، تسببت القوّة النارية الهائلة لجيش الاحتلال في مقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين في غزّة وتدمير مدن كاملة، وذلك باستخدام أسلحة قدّمتها الولايات المتحدة. وتتولى الأخيرة في نفس الوقت مهمّة ردع اليمن عن مساندة غزّة والضفّة الغربية، على الرغم من أن عدوانها على اليمن لم يؤت أكله في عهد الإدارة السابقة، وعلى ما يبدو لن يحقق الأهداف المرجوة في ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فاليمن له خصوصية واستقلالية في محور المقاومة، إذ يتمتع بهامش مناورة وإمكانات تجعله مستمرًا في إسناد الشعب الفلسطيني حتّى وقف العدوان الإسرائيلي.

تُعدّ “إسرائيل” أكبر متلقٍ للمساعدات العسكرية الأمريكية، وقد تمّ ترجمة ذلك من  خلال مذكرة تفاهم تمتد لعشر سنوات (2019 – 2028). فبحسب تفاصيل المذكرة، تقدم الولايات المتحدة سنويًا 3.3 مليار دولار كجزء من التمويل العسكري الخارجي، بالإضافة إلى 500 مليون دولار لبرامج التعاون في مجال الدفاع الصاروخي. والنقطة التي لا ينبغي إغفالها هو دور اللوبي الصهيوني  وتأثيره في السياسات الأمريكية، كان من أبرز الذين أثاروا هذه المسألة هما المنظّران الأمريكيان جون ميرشايمر وستيفن والت، حين أشارا في كتابهما المعنون “اللوبي “الإسرائيلي” والسياسة الخارجية الأمريكية” (The Israel Lobby and U.S. Foreign Policy) إلى مدى قوة اللوبي “الإسرائيلي” مثل إيباك (AIPAC)  في دفع الولايات المتحدة بما فيها من أكاديميين وموظفيين حكوميين وعسكريين ورجال أعمال ووسائل إعلام عالمية إلى تبني سردية ومقاربة “إسرائيلية” صرفة من أجل الحصول على كلّ أشكال الدعم الديبلوماسي والعسكري على حدّ سواء.

ولا شك في أنّ الدول العميقة بكلّ عناصرها في الولايات المتحدة تستلهم سياساتها الخارجية تجاه الدول الأخرى من المذاهب الواقعية، فالواقعيون (Realists)  على اختلاف آرائهم لا يعترفون إلا بالقوّة كمحدّد محوري للبقاء والحفاظ على أمن ومصلحة الدولة. ولعلّ أكثر ما تتبنّاه السياسة الخارجية الأمريكية في هذا المضمار، هو رؤية الواقعية الهجومية (Offensive Realism)  التي نظّر لها جون ميرشايمر، والتي تفترض أنّ الدول بطبيعتها تريد أن تحصل على ما أمكنها من القوّة للوصول إلى الهيمنة. وقد تجلّى ذلك من خلال الحروب العسكرية والاقتصادية والناعمة التي شنتها الولايات المتحدة على الدول التي لا تدور في فلكها، ولا أدلّ على ذلك من أمثلة، هو حروبها في فيتنام وأفغانستان والعراق…، وتمكين حليفتها “إسرائيل” من احتلال فلسطين وقضم الأراضي من دول الطوق. لذلك، لا يمكن فصل سياسات واشنطن في الماضي والحاضر عن المدرسة الفكرية التي اعتمدتها على مدى عقود، وهي مدرسة ترتكز على لغة القوّة والهيمنة، بل إن هذه المدرسة ترى لغة العدالة في النظام الدولي مناقضة لرؤيتها الفكرية ونهجها العملي. هذه النظرة الواقعية لا تسري فقط على خصوم وأعداء الولايات المتحدة، بل تمتد أيضًا لتشمل حلفاءها الأوروبيين التقليديين، وإن كان ذلك بدرجة أقل وبخطاب سياسي أكثر اعتدالًا.

في نهاية المطاف، يمكن القول إنّ المجمع الصناعي العسكري الأمريكي الذي يتمتع بأهمية كبيرة في دوائر صنع القرار، يعمل منذ عقود على تأجيج الحروب وخلق الفوضى في العالم، بهدف إنعاش الاقتصاد الأمريكي من جهة، وتقويض استقرار الدول للتمكّن من الهيمنة عليها من جهة أخرى. واليوم، نرى مفاعيله في غزّة والضفّة الغربية ولبنان واليمن وسورية والعراق. الموضوع هنا يتجاوز الوضع المأساوي في غزّة، حيث يسعى الأمريكيون و”الإسرائيليون” إلى تشكيل شرق أوسط خالٍ من أي مقاومة، وقائم على قهر إرادة الشعوب والسيطرة على المقدرات، تمهيدًا للتطبيع الجديد الذي يعطي “إسرائيل” جرعة إضافية تضمن استمرارية وجودها في منطقة معادية لها شعبيًا، وإن طبّعت بعض الأنظمة العربية معها، فالأغلبية الجماهيرية في الوطن العربي ينظرون إلى “إسرائيل” على أنّها كائن لقيط وظرفي، لن ينعم بالاستقرار على المدى القصير والطويل. ويأتي ذلك، على الرغم من أن القوى المناوئة للمشروع الأمريكي – “الإسرائيلي” تمرّ بمرحلة من الأفول، ولا نبالغ إذا قلنا بأنّ هذه القوى لا تقاتل “إسرائيل” فحسب، بل “الحضارة الغربية” المتوحشة التي خسرت سرديتها ومصداقيتها أمام شعوبها لناحية ادعائها الدفاع عن حقوق الإنسان وحق تقرير المصير (Self – determination)، وهذا ما انعكس في خروج مظاهرات جماهيرية من أعرق جامعات العالم تنديدًا بالجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني. ولعلّ الواقعيين الكلاسيكيين (Classical Realists) أصابوا حينما قالوا، إن القوى الكبرى هي عدو لنفسها بالدرجة الأولى، لأن الهيمنة التي يولدها النجاح، تدفع الفاعلين إلى النظر إلى أنفسهم ككيانات منفصلة عن مجتمعاتهم وأعلى منها، وهذا بدوره يؤدي إلى فقدان التوازن، مما يستدعي الحاجة إلى إعادة الأمور إلى نصابها وضبط النفس الجامحة.

مقالات مشابهة

  • TIRTIR تطلق أول فعالية تجميلية كبرى في الشرق الأوسط بالتعاون مع K-SECRET في دبي فستيفال سيتي مول
  • تحرير العراق من إيران.. تصعيد امريكي لتأجيج الأوضاع في الشرق الأوسط - عاجل
  • ترمب: الصين تأثرت بشكل أكبر بكثير من الولايات المتحدة
  • باحث سياسي: واشنطن تعتبر إسرائيل قاعدة عسكرية لضمان نفوذها في المنطقة
  • توترات بين البلدين.. نصيحة للكنديين لشراء هاتف جديد عند الذهاب إلى الولايات المتحدة
  • واشنطن ترسل حاملة طائرات نووية ثانية إلى الشرق الأوسط.. ماذا نعرف عنها؟
  • عن إجرام المجمع الصناعي العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط
  • غزة هي البداية فقط.. الاحتلال يوسع دائرة الصراع لتغيير خريطة الشرق الأوسط
  • مسؤولون أمريكيون لـ CNN: تعزيزات عسكرية جوية كبيرة قادمة إلى الشرق الأوسط
  • قيادي بمستقبل وطن: العربدة الإسرائيلية تهدد استقرار الشرق الأوسط