هل تستطيع الصين وأمريكا التوسط لحل مستدام في غزة؟
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
رأى يونس زنجي أبادي، المؤسس المشارك ونائب الرئيس التنفيذي لمعهد السلام والدبلوماسية، وبول جاتكوفيتس، مدير الوساطة ودعم السلام في مركز جنيف للسياسة الأمنية، أن بوسع الولايات المتحدة والصين، عبر نهج تعاوني، استغلال نفوذهما لدى اللاعبين الإقليميين الرئيسيين لتهدئة التوترات وتهيئة بيئة مواتية لحل سياسي مستدام في غزة.
النخب الإقليمية اليوم لديها ثقة أقل نوعاً ما في قدرة واشنطن على لعب دور صانع الملوك
وتمثل الجولة الدولية التي تقوم بها اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية، تحولاً محورياً في مجال انخراط الشرق الأوسط الدبلوماسي العالمي واستراتيجياته مع القوى الخارجية الرئيسية.
تشجيع هدنة إنسانية مستديمة
وتهدف هذه الجولة، التي تشمل زيارات إلى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى الضغط على مجلس الأمن للتوحد حول تشجيع هدنة إنسانية دائمة، ووقف إطلاق نار طويل الأمد، وإيجاد حل سياسي في غزة.
واستهلت اللجنة رحلتها الدبلوماسية بزيارة إلى الصين ومن بعدها روسيا، حيث انخرطت في محادثات رفيعة المستوى مع وزيري خارجية البلدين، وأعقب ذلك اجتماع وزاري آخر في لندن مع وزير الخارجية البريطاني المعين حديثاً ديفيد كاميرون، لحشد دعم حلفاء إسرائيل الأوروبيين الرئيسيين.
????????????????????????????????Can China and America Resolve the Israeli-Palestinian Conflict? https://t.co/i04hmWbyCH
— China - Arab Forum (CAF) - المنتدى العربي الصيني (@china_arabia) December 4, 2023
وتخطط اللجنة بعد ذلك لزيارة فرنسا، وهي عضو آخر دائم في مجلس الأمن، لكن الهدف النهائي الحقيقي لهذه المشاورات سيكون تقريب الولايات المتحدة – صانع القرار الأكثر نفوذاً في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني – من موقف اللجنة المتمثل في التوصل إلى وقف سريع للحرب.
وتنمّ هذه السلسلة من الزيارات، بدءاً من بكين ومروراً بأعضاء آخرين في مجلس الأمن، عن تحول أوسع في الجغرافيا السياسية والدبلوماسية الإقليمية في الشرق الأوسط، وهذا يسلط الضوء على نظام ناشئ متعدد الأقطاب تقوم فيه بلدان الشرق الأوسط بتنويع ارتباطاتها الدبلوماسية لمواجهة التحديات الإقليمية.
دور متنامي للصين
ويعكس النهج الذي تتبناه اللجنة، خاصة تركيزها الأوّلي على بكين، الاعتراف الجماعي في المنطقة بالدور المتنامي الذي تلعبه الصين كوسيط في الشرق الأوسط، وهي مكانة عززها نجاحها مؤخراً بالتوسط في الاتفاق الإيراني السعودي.
وفي هذا السياق المتطور، تستغل الصين أيضاً نفوذها المتنامي، وتتبوأ لنفسها منزلاً كوسيط محايد في المنطقة، وهو ما يقول بعض الخبراء إنه قد يُنظر إليه كتحدٍّ محتمل لدور الولايات المتحدة ونفوذها التقليدي.
تراجع الثقة في واشنطن
وقال الباحثان في مقالهما فمجلة "ناشونال إنترست": "الواقع أنه في تباين مع الصين، فإن النخب الإقليمية اليوم لديها ثقة أقل نوعاً ما، في قدرة واشنطن على لعب دور صانع الملوك، والعمل كضامن موثوق للأمن في المنطقة، ويُعزى هذا إلى حد كبير إلى دعمها المطلق لإسرائيل في الصراع الراهن".
????????????????????????????????Can China and America Resolve the Israeli-Palestinian Conflict? https://t.co/i04hmWbyCH
— China - Arab Forum (CAF) - المنتدى العربي الصيني (@china_arabia) December 4, 2023
لكن لا ينبغي أن يُنظر إلى هذا باعتباره محض منافسة صفرية المحصلة بين الولايات المتحدة والصين على النفوذ في الشرق الأوسط، بل هو فرصة للدبلوماسية التعاونية في منطقة مضطربة، تتمتع فيها كلتا القوتين العظميين بنفوذ كبير على مختلف الأطراف، يفتقر إليه الآخر، مع تشاطرهما في الوقت نفسه مصالح استراتيجية في المحافظة على الأمن والسلام.
واعتبر الباحثان الاتفاق الإيراني- السعودي، بمنزلة دراسة لحالة ناجحة للتنسيق الدبلوماسي بين الصين والولايات المتحدة، حيث لعب التأثيران المنفصلان المتكاملان لكلا البلدين، دوراً حاسماً على مختلف الجهات الفاعلة، في التوصل إلى صفقة لم تعد بالنفع على هاتين القوتين فحسب، بل أيضاً على المنطقة ككل والمجتمع الدولي.
وعلى الرغم من عدم وجود إطار رسمي لتنسيق الاستراتيجية الدبلوماسية الأمريكية والصينية تجاه ذلك الاتفاق، إلا أن تنسيقهما من خلال أطراف ثالثة – وتحديداً المملكة العربية السعودية، التي تتمتع بعلاقات ودية مع كلا البلدين، ساعد على التوصل إلى إنجاز دبلوماسي.
ونظراً لدوريهما المتمايزين – الولايات المتحدة بحضورها الإقليمي الطويل وعلاقاتها الأمنية، والصين بنفوذها الاقتصادي في المنطقة – يتبوأ كلا البلدين مكانة فريدة تهيّئ لهما العمل ضمن إطار تعاوني، مستوحى من قصة نجاحهما في الاتفاق الإيراني السعودي، لإنهاء الحرب الدائرة في غزة.
نهج تعاوني لتهدئة التوترات
وأوضح الباحثان في مقالهما المشترك بموقع مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية أنه بتبني نهج تعاوني، تستطيع الولايات المتحدة والصين، بالتنسيق لكن من خلال قنوات منفصلة، الانخراط وتعزيز نفوذهما مع اللاعبين الإقليميين الرئيسيين، بما في ذلك إسرائيل وتركيا وقطر والمملكة العربية السعودية وإيران، إلى جانب وكلاء كل منها في المنطقة.
وهذا المجهود المتضافر ضروري، برأي الباحثَين، لتهدئة التوترات وتهيئة بيئة مواتية للتوصل إلى حل سياسي مستدام في غزة.
وأكد الباحثان ضرورة التأكيد على أن الولايات المتحدة والصين، اللتين تواجهان تحديات ملحّة في الداخل والخارج، تميلان إلى تجنب المزيد من الصراع في الشرق الأوسط، فكلا البلدين يعطي الأولوية لتحسين الأوضاع الاقتصادية المحلية ومعالجة ملفات السياسة الخارجية الأخرى كالحرب الدائرة في أوكرانيا وتغير المناخ وإدارة العلاقات الثنائية المعقدة بينهما.
ويدل الاتفاق الأخير بين الرئيس جو بايدن والرئيس شي جين بينغ، على إعادة إنشاء قنوات الاتصال العسكرية-العسكرية، على نحو ما تم الإعلان عنه في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ الأخيرة، على أن كلا البلدين يفضلان التعاون على التصعيد، حتى في علاقاتهما الثنائية.
سيناريو مربح للجانبين
وفي ضوء هذا التطور الإيجابي في علاقاتهما الثنائية، فإن أي إطار تعاون أمريكي صيني لإنهاء الحرب في غزة بالتعاون الوثيق مع بلدان المنطقة وأعضاء مجلس الأمن الآخرين، يمكنه تقديم سيناريو "مربح للجانبين" لكل من واشنطن وبكين، وبالتبعية للمنطقة والمجتمع العالمي.
واختتم الباحثان مقالهما بالقول: "مثل هذا التعاون لن يحل الصراع المباشر فحسب، بل سيساهم أيضاً في جعل الشرق الأوسط منطقة أكثر سلاماً، وربما بالقدر نفسه من الأهمية، يمكنه أن يساعد على إعادة بناء الثقة بين هاتين القوتين الرئيسيتين فيما تديران منافستهما الاستراتيجية في مشهد عالمي متعدد الأقطاب بشكل متزايد".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الصين الولايات المتحدة الولایات المتحدة والصین فی الشرق الأوسط فی المنطقة مجلس الأمن فی غزة
إقرأ أيضاً:
سفير أمريكا الجديد لإسرائيل يدعو لـإعادة ضبط كاملة للعلاقات الدولية
(CNN)-- دعا حاكم أركنساس السابق، مايك هاكابي، الذي عينه الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الثلاثاء، سفيرا للولايات المتحدة لدى إسرائيل، إلى "إعادة ضبط كاملة للعلاقات الدولية"، عندما يعود ترامب إلى البيت الأبيض.
وفي حديثه في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، اقترح هوكابي إعادة تقييم كبيرة للعلاقات الدبلوماسية في جميع المجالات، موضحًا ما يتوقعه لرؤية ترامب للسياسة الخارجية، قائلا: "لقد حان الوقت لإعادة ضبط علاقاتنا الداخلية والدولية بشكل كامل.. من الواضح أن هذا ما يعتزم دونالد ترامب القيام به، ولا يسعني إلا أن أشعر بسعادة غامرة لرؤية هذا يحدث".
وادعى هوكابي أن فوز ترامب في الانتخابات أثر بالفعل على الصراع في الشرق الأوسط، في حين أثار المزيد من التشويق بشأن "إعادة تنظيم" مكانة البلاد في الدبلوماسية الخارجية، حيث قال: "إنك ترى تدافعًا في جميع أنحاء الشرق الأوسط من الدول التي تحاول فجأة التصرف بشكل مختلف لأنها تعلم أن عمدة جديدًا قد وصل إلى المدينة".
كما أشاد هوكابي بترامب لاختياره النائب عن نيويورك، إليز ستيفانيك، لتكون سفيرة الولايات المتحدة القادمة لدى الأمم المتحدة، قائلاً إنها ستجلب "كشفًا عظيمًا عن الأخطاء" في الأمم المتحدة، وكثيرا ما انتقدت ستيفانيك المنظمة الدولية، خاصة بسبب انتقاداتها لإسرائيل، وقالت الشهر الماضي إن إدارة بايدن يجب أن تفكر في "إعادة تقييم كاملة" للتمويل الأمريكي للأمم المتحدة إذا استمرت السلطة الفلسطينية في السعي لإلغاء عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة.