فى جنوب غرب مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة، توجد قرية صغيرة اسمها "فراسين"، وتتميز بموقع أثرى يحتوى على تل أنقاض وأساسات وأعمدة وأرض مبلطة.

وفى إطار المخطط الإسرائيلى لابتلاع الضفة الغربية، يتبع الاحتلال دائما سياسة التهجير والترحيل ضد الفلسطينيين فى مختلف المحافظات والقرى ومن بينهم "فراسين" المحاذية لمستوطنة "حرميش"، وتعد القرية الفلسطينية نموذجا مصغرا للضفة بأكملها، وبين الحين والآخر يهدم الاحتلال منازل القرية إما بإخطار مسبق أو بدون.

بدأ المخطط الإسرائيلى للاستيلاء على فراسين ببناء مستوطنة حرميش، على جزء من أراضيها خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضى، وفى أغسطس من عام 2020 عبر المواطن الفلسطينى يعقوب عبيد، عن مخاوفه لأنه لا يعرف ماذا سيحل بأهل القرية، بعد اقتحام الاحتلال للقرية وتسليمهم إخطارات بهدم المنازل التى يسكنونها مشيرا إلى أنه يقطن بـ"فراسين" منذ نحو عقدين من الزمان، ولديه أوراق ثبوتية بذلك، ويعول 12 فردا، بحسب شكواه التى نشرتها وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" آنذاك.

وحينما شكا "عبيد" عن أحواله كان يسكن القرية التى تعد منطقة أثرية 200 نسمة فقط، وبها بئر مياه يزيد عمره على 200 سنة، كما تضم مبانى قديمة وبعض الأماكن الأثرية، إلا أن الاعتداءات والممارسات المتطرفة من قوات الاحتلال، لم تتوقف حيث تهدف إلى تهجير الفلسطينيين وإفراغها من السكان، لتسهيل الاستيلاء عليها لصالح توسيع المستوطنات، وشرع الاحتلال فى وضع مكعبات أسمنتية بمدخل القرية وشق طرق تربط بمستوطنة "حرميش" القريبة منها.

وفى أغسطس من العام الماضى 2022 هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلى، غرفة سكنية فى قرية فراسين، وأكد المواطن الفلسطينى صالح محمد عمارنة، أن قوات الاحتلال هدمت الغرفة التى تأويه وسبعة أفراد من عائلته دون سابق إنذار، ومنعتهم من إخراج مقتنياتهم، مضيفا أن المواطنين الفلسطينيين فى القرية ومنذ سنوات يتعرضون لمحاولة ترحيلهم، والاستيلاء على أراضيهم.


وفى ظل انشغال العالم بالعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلى قرية الفراسين، وهدمت ٥ غرف تؤوى أكثر من ٢٠ فلسطينيا، ومنعتهم من إخراج مقتنياتهم، وخربت ٥ خزانات مياه، دون سابق إنذار، ودمرت خطوط المياه والكهرباء، ولوحة الطاقة الشمسية، وقبل أسبوعين اقتلعت وجرفت قبل نحو أسبوعين ٥٠٠ شجرة مثمرة، كما هدمت مدخل مغارة أثرية وأغلقتها بالسواتر الترابية، ودمرت كاميرات المراقبة وكل شيء قابل للحياة.

هذه الممارسات التى ينتهجها الاحتلال الإسرائيلى تجاه الفلسطينيين فى قرية فراسين، هى نموذج مصغر للانتهاكات التى يفرضها على سكان الضفة الغربية بالكامل فى محاولة لقضمها واحتلال كل شبر فيها.

ومدينة جنين بأكلمها وقعت تحت وطأة العدوان الإسرائيلى عما قريب، واستمر ليومين متتاليين فى بداية يوليو الماضى، بشن غارات جوية وبحرية أسفرت عن استشهاد ١٢ فلسطينيا وأكثر من ١٠٠ جريح، وجرى تدمير جميع شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي فى المخيم بالإضافة إلى تدمير ٩٠٪ من الشوارع وإلحاق أضرار بنحو ٨٠٪ من المنازل بين تدمير كلى وجزئى وحرق وتخريب ممتلكات وإتلافها، وإجبار مئات العوائل على إخلاء منازلها، فضلا عن تضرر ٣ مستشفيات، ومسجد، وكنيسة وعشرات المركبات.

وعاشت مدينة جنين قبل ٢١ عاما مشاهد مرعبة، بعد الاجتياح الإسرائيلى للمدينة والذى استمر عشرة أيام ارتكب فيها الاحتلال مجزرة مروعة بحث سكان المدينة.

ودارت معركة عنيفة فى أبريل من عام ٢٠٠٢ بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، استشهد خلالها مئات الفلسطينيين.

وأكدت السلطة الفلسطينية ومنظمات دولية أخرى، أن القوات الإسرائيلية ارتكبت أعمال القتل العشوائى واستخدام الدروع البشرية، والاستخدام غير المتناسب للقوة وعمليات الاعتقال التعسفى والتعذيب، ومنع المساعدات الطبية وقد جاءت هذه العملية فى سياق اجتياح شامل للضفة الغربية، فى أعقاب تنفيذ عملية تفجير فى فندق فى مدينة نتانيا، وكان هدف عملية الاجتياح هذه وفق المبررات الإسرائيلية المعهودة هو القضاء على العناصر الفلسطينية المسلحة.

وبحسب التقرير الصادر من الأمم المتحدة، فقد استشهد فى مجزرة جنين ٥٨ فلسطينيا، وفى المقابل أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلية عن مقتل خمسين من جنودها.

ونشر مركز "بتسيلم" الحقوقى الإسرائيلى فى نهاية نوفمبر الماضى، قائمة قال إنها لتجمعات تعرضت للتهجير القسرى من مناطق "ج" فى الضفة الغربية المحتلة، تحت ستار الحرب فى قطاع غزة، شملت تهجير ١٥١ عائلة تضم ١٠٠٩ أفراد بينهم ٣٧١ قاصرا وجرى تهجيرها قسريا، من مناطق الأراضى الفلسطينية المحتلة.

وكان مركز بتسيلم قد قال إن "إسرائيل تحاول الاستيلاء على مزيد من الأراضى فى مختلف أنحاء الضفة الغربية المحتلة، لوضعها تحت تصرف المستعمرين وخدمتهم".

وجاوز المستوطنون المدى فى جنين، حينما اقتحموها إلى جانب قوات الاحتلال وأحرقوا أرضا ومنازل وممتلكات الفلسطينيين فى نهاية نوفمبر الماضى، وأعداموا بدم بارد الطفلين آدم سامر الغول (٨ أعوام)، وباسل سليمان أبو الوفا (١٥ عاما) فى جنين.

خسائر جنين

وقال رئيس بلدية جنين فى الضفة الغربية، نضال عبيدى، فى نهاية نوفمبر الماضى، إن جيش الاحتلال الاسرائيلى دمر البنية التحتية بشكل كبير، مما أدى إلى تجريف الطرق وإتلاف شبكات المياه والصرف الصحى، مؤكدا أن الخسائر الناجمة عن تدمير البنية التحتية تقدر بنحو ٥ ملايين دولار، لافتا إلى أن هذه الخسائر "تفوق إمكانية البلدية".

وفى سياق متصل، أفادت غرفة تجارة وصناعة جنين أن الخسائر "وصلت إلى ٢٤ مليون دولار فى المنشآت الاقتصادية التى تضررت بشكل كبير، نتيجة إغلاق حاجز الجلمة"، حيث يعتمد الاقتصاد فى المدينة بشكل كبير على تسوق عرب إسرائيل فيها.

زيتون جنين ضحية البندقية الإسرائيلية

وينتج الفلسطينيون فى الضفة الغربية، ما يقارب ٣٣ ألف طن من زيت الزيتون فى السنوات الوفيرة، وهذا المحصول يعد ركيزة أساسية فى الاقتصاد الفلسطينى، حيث يشكل موسم الزيتون مصدر رزق لـ٨٠- ١٠٠ ألف أسرة فلسطينية، كما يوفر فرصة عمل موسمية للآلاف منهم، سواء بالعمل فى المعاصر أو القطاف أو استصلاح الأراضى وتأهيلها، إضافة إلى العمل فى التخزين والتعبئة وأعمال البستنة.

وتتصدر محافظة جنين قائمة المدن الفلسطينية من حيث المساحات المزروعة بالزيتون، إذ تقدر بأكثر من ١٥ ألف دونم.

وقالت منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو فى فلسطين، إن الاحتلال الإسرائيلى والمستوطنين ارتكبوا خلال شهر نوفمبر الماضى، ٢١٥ اعتداء ضد التجمعات البدوية فى الضفة الغربية.

وبحسب المنظمة، تلخصت هذه الانتهاكات فى اعتداءات جسدية مباشرة على الفلسطينيين، وهدم مساكن وتجريف أراض، واقتلاع وإتلاف مزروعات، والاستيلاء على ممتلكات، وإقامة بؤر استيطانية جديدة، وإصابات جسدية، وإخطارات بهدم مساكن المواطنين الفلسطينيين، ونصب الكمائن ليلا لإرهابهم، ومنع الرعاة من دخول المراعى المجاورة لهم.

وأوضحت منظمة البيدر فى تقريرها الشهرى الصادر فى الثانى من ديسمبر الجارى، أن محافظة الخليل سجلت الرقم الأعلى فى الاعتداءات من قبل الاحتلال ومستوطنيه، وذلك بواقع ٤٨ عملية اعتداء، ثم محافظة أريحا والأغوار الشمالية، ثم المحافظات الأخرى.

كلمات عصفور تختصر المعاناة

ولا يتوقف القمع عند قوات الاحتلال الإسرائيلى، وإنما الأمر ممتد إلى المستوطنين بالطبع وحاليا "الوضع مأساوى جدا"، كما لخص شاب فلسطينى أيامه فى الضفة الغربية، بكلمات ثلاث تكشف المعاناة التى يعيشها الشعب الفلسطينى بين مطرقة الاحتلال وسندان المستوطنين، الذين عاثوا فى الضفة فسادا فأحرقوا الحرث والنسل بدعم مباشر من حكومة الاحتلال وعلى رأسها الوزير المتطرف إيتمار بن غفير الذى وزع بنفسه السلاح على المتطرفين.

وأكد المواطن الفلسطينى لؤى عصفور، أن الاحتلال الإسرائيلى صعد من انتهاكاته ضد الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية، تزامنا مع العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، الذى بدأ فى السابع من أكتوبر الماضى، بعد عملية المقاومة ضد مستوطنات غلاف غزة التى أسفرت عن مقتل ١٢٠٠ إسرائيلى، إلى جانب أسر حوالى ٢٥٠ إسرائيليا وأجنبيا ومزدوجى الجنسية، أفرج عن بعضهم خلال الهدنة التى استمرت لأسبوع واحد.

تفتيش الهواتف

وقال "عصفور" فى تصريحات لـ"البوابة" إن الاحتلال الإسرائيلى اعتقل ما يقرب من ٤ آلاف فلسطينى، منذ السابع من أكتوبر الماضى، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال تركز فى اعتقالاتها على الأسرى المحررين، ويعودون لاعتقالهم من جديد، لافتا إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية تمارس قمعا وانتهاكات عديدة ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية، حيث يفتشون الهواتف المحمولة بحثا عن أى مواد مصورة تتعلق بالمقاومة الفلسطينية أو أى محظورات من جانب الاحتلال.

ولفت لؤى عصفور، إلى أن الفلسطينيين الذى يعتقلون من الضفة الغربية؛ بعضهم يفرج عنه بعد أسبوع، ولكن البعض الآخر يستمر رهن الاعتقال ويخضع للمحاكمة العسكرية والجميع يتعرضون للضرب المبرح.

وأكد أن الوضع فى الضفة الغربية مأساوى جدا، خاصة وأن المستوطنين يمارسون أقصى درجات الانتهاكات.

حقوقية فلسطينية تعلق على عنف المستوطنين

وفى هذا السياق، قالت الحقوقية ومنسقة فريق المشهد الحقوقى لفلسطين فى منظمة "القانون من أجل فلسطين" روزن عيسى، إنه على الرغم من الضغط الأوروبى والأمريكى والدولى، لوقف تصاعد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية، إلا أن موجات العنف شهدت ارتفاعا ملحوظا لا سيما بعد أحداث ٧ أكتوبر، حيث تضاعفت حوادث الاعتداءات والقتل والتخريب والحرمان من الوصول ضد المدنيين الفلسطينيين فى مناطق مختلفة من الضفة الغربية، وهو ما ذكرته الأمم المتحدة فى أحد تقاريرها بأن هجمات المستوطنين تزايدت بمعدل ثلاثة أضعاف يوميا.

وأكدت الحقوقية الفلسطينية فى تصريحات خاصة لـ"البوابة" أن هجمات المستوطنين أثرت بشكل مباشر على حياة الكثير من المدنيين الفلسطينيين سواء على الطرق بين المدن والقرى أو حتى خلال موسم قطف الزيتون، كاستشهاد الشاب بلال محمد صالح من بلدة الساوية جنوب مدينة نابلس أثناء قطفه لثمار الزيتون بأواخر شهر أكتوبر الماضى.

وأضافت الحقوقية الفلسطينية روزن عيسى، أنه فى الثانى من ديسمبر الجارى، أحرق المستوطنون مركبة مواطن فلسطينى فى قرية مادما جنوب مدينة نابلس، واستشهد شاب آخر يدعى أحمد عاصى من بلدة قراوة بنى حسان بالقرب من مدينة سلفيت وذلك بعد تصديه للمستوطنين الذين هاجموا البلدة وترك ينزف لساعات حتى ارتقى.

وأشارت "عيسى" إلى أنه بحانب كل هذه الانتهاكات فإن التهديدات التى يتلقاها سكان المناطق المتاخمة للمستوطنات الإسرائيلية، لا تتوقف خاصة سكان مناطق مسافر يطا جنوب الخليل المهددة بالتهجير بسبب بلطجة المستوطنين ضد السكان الأصليين.

ونوهت إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلى هى من أججت أو ساندت عنف المستوطنين فى الضفة الغربية بعد سماح حكومتها وبالأخص الوزير اليمينى المتطرف إيتمار بن غفير، بتسليح المستوطنين وانتشار السلاح بينهم وبحماية من جيش الاحتلال، الأمر الذى من شأنه تعزيز نظام الفصل العنصرى الذى تمارسه إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية.

ولفتت الحقوقية الفلسطينية، التى تقطن فى الضفة الغربية، إلى أنه وبحسب القانون الدولى فإن إسرائيل ملزمة بتحمل مسئولياتها تجاه المدنيين الفلسطينيين بصفتها القوة القائمة بالاحتلال ومحاسبتها للجناة، مؤكدة أن عنف المستوطنين لطالما كان ممنهجا وكان الرد عليها من قبل السلطات الإسرائيلية غائب بشكل كبير كالأحداث التى شهدتها منطقة حوارة جنوب مدينة نابلس من قتل للمدنيين وحرق للممتلكات ومنازل المدنيين الفلسطينيين وفرض حظر التجوال فى أوائل العام الجارى.

وقالت إن عنف المستوطنين هو جزء من سياسة حكومة الاحتلال الإسرائيلى وكذلك جزء من استراتيجية نظام الفصل العنصرى الإسرائيلى "الأبارتهايد" والذى يسعى إلى توسيع وضم الأراضى الفلسطينية المحتلة، الأمر الذى نرى أنه قد يؤدى إلى انفجار الأوضاع فى الضفة الغربية.

العالم يتجاهل الضفة

وفى مستهل ديسمبر الجارى، نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، تقريرا حول التجاهل العالمى للانتهاكات التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى فى الضفة الغربية، للكاتب ليث هانبالى الباحث فى الشئون الصحية بجامعة بيرزيت بالضفة الغربية، الذى أشار إلى أن الجانب الإسرائيلى يمارس أعنف درجات العنف بشكل يومى ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية إلا أن المجتمع الدولى لا يلتفت لتلك الممارسات.

ويوضح الباحث فى الشئون الصحية بجامعة بيرزيت، فى هذا السياق أن قوات الاحتلال الإسرائيلية تسلب سكان الضفة الغربية جميع أنواع الحريات بما فيها حرية التنقل والحرية الاقتصادية بالإضافة إلى القدرة على ممارسة أى نوع من الاحتفالات.

ويلفت "هانبالى" إلى أن الجانب الإسرائيلى يمارس أنواع مختلفة من العنف ضد الفلسطينيين منها العنف الذى يمارسه فى قطاع غزة، والذى يرقى إلى مستوى الإبادة حيث تقضى القوات الإسرائيلية على عائلات بأكملها وأحياء ومناطق سكنية بالكامل كما أن هناك صنوفا أخرى من العنف تمارسها القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين منذ نكبة عام ١٩٤٨ وهو العنف الذى لايلتفت إليه المجتمع الدولى.

ويضيف الكاتب أنه عادة ما يرى العالم أن العنف ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية أقل وطأة منه فى قطاع غزة مهما بلغت قسوة ذلك العنف ضد فلسطينيى الضفة، إلا أن العنف الإسرائيلى فى الضفة الغربية فى الأسابيع الأخيرة زادت حدته على نحو غير مسبوق.

ويوضح الكاتب أن الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية تشمل الاحتجاز دون توجيه تهمة إلى جانب التعذيب الذى يتعرض له المحتجزون فى السجون الإسرائيلية بالإضافة إلى تقييد حرية التنقل والحرية الاقتصادية، كما أصبحت المداهمات الإسرائيلية للقرى والمدن ومخيمات اللاجئين فى الضفة الغربية أمرا مألوفا يحدث فى وضح النهار فى الوقت الذى يستهدف فيه القناصة الإسرائيليون الشباب الفلسطينيين.

ويشير المقال المنشور فى الجارديان، إلى أن العنف الإسرائيلى فى الضفة الغربية يأخذ أشكالا أخرى متعددة حيث تمنع القوات الإسرائيلية طواقم الرعاية الطبية من علاج المصابين الفلسطينيين فى الوقت الذى رصدت فيه منظمة الصحة العالمية تنفيذ ٢٢٩ هجوما إسرائيليا على منشأت طبية فى الضفة فى الفترة من السابع من أكتوبر حتى الثامن والعشرين من نوفمبر الماضى.

ويوضح الكاتب كذلك أن القوات الإسرائيلية قامت خلال العام الحالى بمداهمة مخيم جنين حيث قامت بتدمير أنابيب المياه وقطعت التيار الكهربى وخربت الطرق والسيارات.

ويلفت الكاتب فى الختام إلى أن حجم الدمار الناجم عن الممارسات الإسرائيلية فى الضفة الغربية يشير إلى أن الأهداف الإسرائيلية أبعد بكثير من مجرد ابتلاء الفلسطينيين بنكبة ثانية حيث بات من الواضح أن الهدف الحقيقى هو تدمير فرص الحياة اليومية ليس فقط فى قطاع غزة ولكن أيضا فى الضفة الغربية.

المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة

وتبلغ عدد المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة ١٧٦ مستوطنة و١٨٦ بؤرة استيطانية، يسكنها ٧٢٦ ألفا و٤٢٧ مستوطنا، منذ ١٩٦٧ وحتى ٢٠٢٣، على مساحة تقدر بـ٤٢٪ من مساحة الضفة الغربية، بحسب مركز المعلومات الفلسطينى.

وتعانى الضفة الغربية من الاحتلال الإسرائيلى منذ ٥٦ عاما، ويعيش فيها ٤٩٠ ألف مستوطن بين ٣ ملايين فلسطينى، وتعد المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية من وجهة نظر القانون الدولى غير شرعية، وانتهاكا لاتفاقية جنيف الرابعة، التى تحظر على القوة المحتلة نقل سكانها إلى المناطق الخاضعة للاحتلال.

انتهاكات الأقصى فى نوفمبر

ولم تتوقف انتهاكات المستوطنين فى مدن وقرى الضفة الغربية فقط، وإنما كان المسجد الأقصى هدفا رئيسيا لاستفزازاتهم، وشهد شهر نوفمبر الماضى، تصاعد انتهاكات المستوطنين ضد المسجد الأقصى المبارك، ووفقا لـ"شبكة معراج" المتخصصة فى أخبار مدينة القدس المحتلة، فإن المستوطنين واصلوا خلال الشهر الماضى، أداء طقوس استفزازية داخل المسجد الأقصى، وطرد المرابطين من المسجد ومحيطه والاعتداء عليهم، بالإضافة إلى فرض قيود مشددة على دخول الفلسطينيين للمسجد، وتوقيف وفحص هويات الفلسطينيين والتحقيق معهم، ومواصلة منع عمليات الترميم والإعمار فى المسجد الأقصى.

قرارات دولية

وتعد القضية الفلسطينية، هى أشهر ما تداول فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى، منذ منتصف القرن الماضى، وقد صدرت قرارات عديدة إلا أن العنجهية الإسرائيلية حالت دون تنفيذها ما ساهم فى استمرار الوضع القائم فى الأراضى المحتلة.

ومن أبرز القرارات الصادرة من مجلس الأمن الدولى، هو القرار رقم ٤٤٦ الصادر فى مارس من عام ١٩٧٩ والذى ينص على أن "المجلس قرر أن سياسة إسرائيل وممارساتها فى إقامة المستوطنات فى الأراضى الفلسطينية والأراضى العربية الأخرى المحتلة منذ عام ١٩٦٧، ليس لها شرعية قانونية ويدعو مرة أخرى إسرائيل بوصفها "السلطة القائمة بالاحتلال"، إلى التقيد الدقيق بـ"اتفاقية جنيف" الرابعة ١٩٤٩".

وطالب القرار إسرائيل "بإلغاء تدابيرها السابقة، والامتناع عن اتخاذ أى إجراء من شأنه أن يؤدى إلى تغيير الوضع القانونى والطابع الجغرافى، أو يؤثر ماديا على التكوين الديموغرافى للأراضى العربية المحتلة منذ ١٩٦٧؛ وعلى وجه الخصوص القدس، وعدم نقل سكانها المدنيين، وتحدد لجنة مؤلفة من ثلاثة أعضاء فى مجلس الأمن، ليتم تعيينهم من قبل رئيس المجلس بعد التشاور مع أعضاء المجلس لدراسة الوضع المتعلق بالمستوطنات فى الأراضى العربية المحتلة منذ عام ١٩٦٧ بما فيها القدس".

وتأتى جملة "ليس لها أى مستند قانونى" كوصف للمستوطنات الإسرائيلية كأبرز ما يميز القرار رقم ٤٦٥ الصادر من مجلس الأمن فى عام ١٩٨٠ بشأن المستوطنات، الذى قرر "أن جميع التدابير التى اتخذتها إسرائيل لتغيير المعالم المادية والتركيب السكانى والهيكل المؤسسى فى الأراضى الفلسطينية وغيرها من الأراضى العربية المحتلة منذ عام ١٩٦٧ بما فيها القدس أو أى جزء منها- ليس لها أى مستند قانونى".

وأضاف القرار أن "سياسة إسرائيل وأعمالها لتوطين قسم من سكانها من المهاجرين الجدد فى هذه الأراضى تشكل خرقا فاضحا لـ"اتفاقية جنيف" الرابعة، ويدعو إسرائيل إلى تفكيك المستوطنات القائمة، كما يدعوها بصورة خاصة إلى التوقف فورا عن إنشاء المستوطنات وبنائها والتخطيط لها فى الأراضى العربية المحتلة منذ عام ١٩٦٧ بما فيها القدس".

وكان آخر قرار صادر من مجلس الأمن الدولى، بشأن الأوضاع فى الضفة الغربية هو القرار رقم ٢٣٣٤ الصادر فى ديسمبر من عام ٢٠١٦ والذى "يدين بناء المستوطنات، وتوسيعها؛ ومصادرة الأراضى، وهدم المنازل، وتشريد المدنيين الفلسطينيين فى الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٦٧، بما فيها القدس الشرقية".

وأثار تمرير مجلس الأمن الدولى، لهذا القرار الذى يدين عمليات الاستيطان الإسرائيلية، ضجة كبيرة وسابقة بتاريخ مجلس الأمن بعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت واستخدام حق النقض "الفيتو" فى صالح إسرائيل، فى حين أيدته ١٤ دولة من أصل ١٥.

وينص القرار على "واجب إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال لأن تتقيد تقييدا صارما بالالتزامات والمسئوليات القانونية بموجب اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب،" فى حين أدان القرار "جميع التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديموغرافى ووضع الأرض الفلسطينية المحتلة والتى تشمل إلى جانب تدابير أخرى المستوطنات وتوسيعها، ونقل المستوطنين الإسرائيليين ومصادرة الأراضى وهدم المنازل وتشريد المدنيين فى انتهاك للقانون الدولى والقرارات ذات الصلة."

وأضافت الأمم المتحدة فى تقريرها أن "القرار لن يعترف بأى تغييرات فى خطوط الرابع من حزيران يونيو ١٩٦٧ بما فى ذلك فيما يتعلق بالقدس سوى التغييرات التى يتفق عليها الطرفان من خلال المفاوضات."

وتسبب هذا القرار فى أزمة بين واشنطن وتل أبيب، حيث امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت، مما دفع برئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية آنذاك بنيامين نتنياهو إلى توجيه انتقاد لاذع إلى إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، خلال اجتماع مجلس الوزراء فى ٢٥ ديسمبر ٢٠١٦، حيث أكد نتنياهو للوزراء الإسرائيليين أنه "بناء على المعلومات المتوفرة لدينا، لا شك لدينا بأن إدارة أوباما قد بادرت إلى تمرير هذا القرار ووقفت وراءه ونسقت صيغه وطالبت بتمريره".

وقد وصف القرار أيضا بأنه "غير متوازن" و"مخجل" و"معاد جدا لإسرائيل"، وأشار إلى أنه أبلغ وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى الأسبوع الماضى أن "الأصدقاء لا يأخذون الأصدقاء إلى مجلس الأمن".

وذكر تقرير لـ"معهد واشنطن" فى ديسمبر ٢٠١٦ أن المسئول فى البيت الأبيض بن رودس، أبدى اعتراضه علنا على الفكرة بأن الولايات المتحدة، قد قادت هذا القرار ولفت مسئولون أمريكيون إلى أن الامتناع عن التصويت يتماشى مع الإدارات الديمقراطية والجمهورية السابقة التى عارضت النشاط الاستيطانى.

وأشار تقرير "معهد واشنطن" إلى أن إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، كانت متسقة للغاية فى سياساتها بشأن هذه المعارضة، وأن إسرائيل وحدها تتحمل اللوم على أفعالها الأخيرة، وأن الإدارات الأمريكية المختلفة دافعت عن إسرائيل فى الماضى ضد أى إجراءات أحادية الجانب، بما فيها حق النقض على قرار المستوطنات فى عام ٢٠١١.

وقد جرى التصويت على القرار رقم ٢٣٣٤ بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، وليس الفصل السابع الأكثر إلزاما، لذا فإن أى عقوبات دولية رسمية ليست مطروحة على الطاولة.

تسليح المستوطنين

بعد أسبوع من عملية المقاومة الفلسطينية ضد مستوطنات غلاف غزة والتى أطلق عليها "طوفان الأقصى"، ظهر وزير الأمن القومى الإسرائيلى المتطرف إيتمار بن غفير، فى مقطع فيديو تداولته بعض الحسابات على مواقع التواصل الإجتماعى، وهو يشرف على توزيع السلاح والذخيرة على المستوطنين فى الضفة الغربية، فى إشارة إلى شرعنة الانتهاكات ضد الفلسطينيين، من جانب حكومة الاحتلال الإسرائيلية.

وأعلنت وزارة الأمن القومى الإسرائيلية أنها تلقت خلال الشهر الأول من بعد السابع من أكتوبر، أكثر من ٢٣٥ ألف طلب جديد لإصدار ترخيص سلاح شخصى، مؤكدة أنها تصدر ١٧٠٠ رخصة حيازة سلاح نارى فى المعدل يوميا لمواطنيها، وأنها أصدرت أكثر من ٣١ ألف رخصة سلاح للمستوطنين منذ هجوم "طوفان الأقصى" الذى نفذته حركة حماس.

ويعد هذا الرقم قياسيا مقارنة بالعام الماضى ٢٠٢٢ فى إسرائيل، حيث يوازى كل طلبات حيازة السلاح فى ٢٠ عاما من النشاط الروتينى، حيث أنهى ١٨ ألف إسرائيلى عملية الحصول على الرخصة وشراء السلاح النارى فى شهر واحد، وفقا لتقرير أصدرته صحيفة "هآرتس" العبرية فى منتصف نوفمبر الماضى.

التأشيرة وسيلة أمريكية لعقاب المستوطنين

وفيما يتعلق بالموقف الأمريكى - الحليف والداعم الأكبر لإسرائيل ضد الفلسطينيين - من انتهاكات المستوطنين فى الضفة الغربية، فقد هدد الرئيس جو بايدن فى مقاله بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية بحظر تأشيرات الدخول على "المتطرفين الذين يهاجمون المدنيين فى الضفة الغربية"، مضيفا أنه أكد لقادة إسرائيل ضرورة وقف أعمال العنف المتطرفة ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية ومحاسبة مرتكبيها".

وأضاف بايدن فى مقاله المنشور فى شهر نوفمبر الماضى أن "حل الدولتين هو السبيل الوحيد لضمان الأمن على المدى الطويل لكل من الشعبين الإسرائيلى والفلسطينى، وبالرغم من أنه قد يبدو الآن أن هذا المستقبل أبعد من أى وقت مضى، إلا أن هذه الأزمة جعلت هذا الحل أكثر إلحاحا".

وبالفعل نفذ الرئيس بايدن تهديده، حيث أبلغ وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، خلال زيارته الأخيرى لمنطقة الشرق الأوسط فى الأسبوع الماضى، رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، فى تل أبيب أن الإدارة الأمريكية تستعد للإعلان عن سلسلة من حظر التأشيرات ضد المستوطنين الإسرائيليين المتورطين فى هجمات على الفلسطينيين فى الضفة الغربية، حسبما قال مسئول إسرائيلى لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية.

وأوضح المسئول الإسرائيلى أن الإعلان من المرجح أن يشمل فقط عدد المستوطنين الممنوعين من دخول الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تأمل أن يكون هذا الإجراء رادعا ضد أولئك الذين يفكرون فى استهداف الفلسطينيين، مضيفا أن حظر التأشيرات قد يتم فرضه فى وقت مبكر من الأسبوع المقبل.

وفى نفس السياق، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن-كلير لوجاندر، فى نهاية نوفمبر الماضى إن على الاتحاد الأوروبى أن يفكر أيضا فى فرض عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين العنيفين الذين يهاجمون الفلسطينيين فى الضفة الغربية.

وأضافت المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية "نكرر إدانتنا الحازمة لهذا العنف وقلقنا لتزايد هذا العنف" مشيرة إلى دعوة إسرائيل إلى وضع حد لهذا العنف، ومحاكمة مرتكبى هذه الانتهاكات"، مطالبة المجتمع الدولى بأداء دور على هذا الصعيد.

وشددت المسئولة الفرنسية على أن هذه الانتهاكات تؤدى إلى زعزعة استقرار المنطقة بعمق وتقوض آفاق حل الدولتين، موضحة أن فرنسا لا تستبعد أى خيار، فى إشارة إلى إمكان فرض عقوبات على أفراد أو مجموعات من المستوطنين.

ولفت مسئول إسرائيلى لتايمز أوف إسرائيل فى وقت سابق من نوفمبر الماضى أن الحكومة كثفت أنشطتها لمكافحة هذه الظاهرة، وقد تم بالفعل إجراء العديد من الاعتقالات فى الأسابيع الأخيرة.

المستوطنون ميليشات مسلحة

واتخذ المستوطنين الإسرائيلى شكل وتنظيم الميلشيا المسلحة، منذ سنوات بعيدة ويعود جذور ذلك التوجه إلى حقبة الثمانينيات حينما اندلعت الانتفاضة الأولى التى عرفت بانتفاضة "الحجارة" فى ديسمبر من عام ١٩٨٧.

ونشرت مجلة "شئون فلسطينية" فى عددها الصادر فى أبريل ١٩٨٩ بعد شهور قليلة من اندلاع انتفاضة الحجارة، تقريرا أشارت فيه إلى فكرة تسليح المستوطنين، قالت فيه إنه "مع دخول الانتفاضة عامها الثانى، وتجذرها وتطورها فى اتجاه المزيد من التضييق على حركة المستوطنين فى المناطق المحتلة، وعدم قدرة الجيش الإسرائيلى على اخماد جذوتها، أو دفعها إلى حالة التعايش الممكن، أنشئ جهاز من المستوطنين يعمل بشكل منهجى ومنظم للقيام بدوريات ردع، وأعمال انتقامية، ومذابح منظمة ضد سكان القرى العربية المجاورة".

وأضاف التقرير أن "القاعدة الأساسية لهذه الميلشيا المدنية غير القانونية، أنشئت من مستوطنة اريئيل، وقد كشف عن هذه الظاهرة لأول مرة فى الحادى عشر من يناير ١٩٨٩ فى الحادث الذى وقع عند تقاطع ياكير".

وتابع التقرير "لقد أقام المستوطنون لأنفسهم جيشا خاصا يعمل وفقا لمفهومهم، وهم يقررون متى يهددون جيرانهم العرب، ومتى يعاقبونهم وينتقمون منهم".

الضفة قبل الطوفان

وكان الوضع فى الضفة الغربية التى تحتلها إسرائيل منذ عام ١٩٦٧ متوترا بالأساس قبل اندلاع الحرب فى قطاع غزة، مع تنفيذ قوات الاحتلال الإسرائيلية عمليات توغل متواصلة وتصاعد هجمات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين.

وفى مطلع العام الجارى ٢٠٢٣، أجرى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مسحا للإغلاقات، الذى أظهر أن القوات الإسرائيلية أقامت ٦٤٢ عائقا ثابتا أمام الحركة والتنقل وتتحكم بها فى تنقل الفلسطينيين وتقيده وتراقبه بصورة دائمة أو متقطعة فى الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية والمنطقة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية فى مدينة الخليل.

وتشكل هذه العوائق الفعلية جزءا من القيود التى تفرضها السلطات الإسرائيلية منذ العام ١٩٦٧، بما فيها شروط استصدار التصاريح وتصنيف المناطق باعتبارها مناطق مغلقة أو مقيد الوصول إليها.

وتعوق هذه القيود مجتمعة إمكانية الوصول إلى الخدمات والموارد، وتعطل الحياة الأسرية والاجتماعية وتقوض قدرة الفلسطينيين على التمتع بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتقوض سبل عيشهم وتسهم فى تقطيع أوصال الضفة الغربية.

ومن بين الممارسات التى تضيق الخناق على الشعب الفلسطينى فى الضفة المحتلة، هو إقامة قوات الاحتلال الإسرائيلى حواجز عسكرية للتضييق على الفلسطينيين، وإخضاعهم لعمليات التفتيش والاعتقال وتنفيذ الاعدامات الميدانية بدم بارد، وإعاقة الحركة والإهانة ومختلف الممارسات الحاطة من الكرامة، وإعداد مكان لانفلات المستوطنين الذين يستغلون أنهم محميون من قبل جنود الاحتلال بالاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم.

وبحسب إحصائية لمركز المعلومات الإسرائيلى لحقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة "بتسيلم" فقد بلغ عدد الحواجز ١٧٦ حاجزا حتى تاريخ شهر أكتوبر من عام ٢٠٢١.

انتفاضتان.. تاريخ من النضال

وتسببت الانتهاكات الإسرائيلية التى لا تتوقف، فى انفجار الوضع بالضفة الغربية أكثر من مرة، ووصل ذروته خلال انتفاضتين، وكانت شرارة الانتفاضة الأولى فى ديسمبر من عام ١٩٨٧ عند حاجز تفتيش بمخيم جباليا فى قطاع غزة، إلا أن شرارته امتدت إلى مدن الضفة الغربية، التى انتفضت فى وجه الاحتلال.

وكان شرارة انتفاضة الحجارة حينما كانت حافلات تقل العمال الفلسطينيين من أماكن عملهم "فى إسرائيل" العائدة مساء إلى قطاع غزة، على وشك القيام بوقفتها اليومية أمام الحاجز الإسرائيلى للتفتيش حينما داهمتها شاحنة عسكرية إسرائيلية، مما أدى إلى استشهاد أربعة عمال وجرح سبعة آخرين من سكان مخيم جباليا فى قطاع غزة، ولاذ سائق الشاحنة العسكرية الإسرائيلية بالفرار على مرأى من جنود الاحتلال.

وفى التاسع من ديسمبر انفجر بركان الغضب الفلسطينى فى وجه الاحتلال من مخيم جباليا حيث يقطن أهالى الضحايا الأبرياء ليشمل قطاع غزة برمته وتتردد أصداؤه بعنف أيضا فى الضفة الغربية المحتلة، تزامنا مع تشييع جنازة الشهداء الأربعة.

واستشهد فى انتفاضة الحجارة، ١٥٥٠ فلسطينيا وجرح نحو ٧٠ ألفا، من بينهم ٤٠٪ أصيبوا بإعاقات دائمة، و٦٥٪ منهم يعانون من شلل دماغى أو نصفى أو علوى أو شلل فى أحد الأطراف، أو تعرضوا لبتر أطرافهم، بالإضافة إلى اعتقال ١٠٠ ألف فلسطينى خلال الانتفاضة.

فيما أكدت منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية، أن ٧٠ جنديا و٩٩ مستوطنا إسرائيليا قتلوا بين ١٩٨٧ و١٣ سبتمبر ١٩٩٣ يوم توقيع اتفاق أوسلو.

وتسببت الانتفاضة الأولى فى خسائر كبيرة على الاقتصاد الإسرائيلى، ووفقا لما نشرته مؤسسة الدراسات الفلسطينية فى عددها الصادر فى شتاء عام ١٩٩٠ فإن الخسائر الأولية انحصرت فى انخفاض السياحة الوافدة، وانخفاض واردات المناطق المحتلة من إسرائيل، وتراجع الإيرادات المباشرة من ضرائب ورسوم كان يذهب ريعها إلى الخزينة الإسرائيلية، وازدياد النفقات العسكرية الناجمة عن قمع الانتفاضة.

وجاءت الانتفاضة الثانية فى سبتمبر من عام ٢٠٠٠ حينما استفز إيريل شارون الفلسطينيين فى المسجد الأقصى، بزيارته لباحة المسجد المبارك بحماية ألفين من الجنود الإسرائيليين، واندلعت الاحتجاجات الفلسطينية لتشمل المدن والبلدات وراء الخط الأخضر، وبعد يومين من المواجهات، وفى الثلاثين من الشهر نفسه استشهد الطفل الفلسطينى محمد جمال الدرة بعد أن حاصرته النيران الإسرائيلية بين يدى أبيه وأمام كاميرات التلفاز، فهزت صورته ضمائر البشر فى كل أرجاء المعمورة وصار بذلك رمزا للانتفاضة الفلسطينية فى كل مكان.

الاحتلال يحاصر مستشفيات الضفة

وفى نهاية نوفمبر الماضى، حاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلية، عددا من المستشفيات فى الضفة الغربية، وذكرت شبكة "سى إن إن" الإخبارية الأمريكية، أنه تمت محاصرة رئيس منظمة "أطباء بلا حدود" وغيره من المتواجدين فى مستشفى بمخيم جنين للاجئين بالضفة الغربية، بعد اشتباكات بين فلسطينيين وقوات إسرائيلية بمحيط المنطقة، فيما نقلت عن مصادر أن الجيش الإسرائيلى "يحاصر عددا من المستشفيات" الأخرى فى المدينة.

وأوضح رئيس منظمة أطباء بلا حدود كريستوس كريستو، الذين كان يزور مستشفى خليل سليمان، أن فلسطينيين توفيا متأثرين بجراحهما، بسبب عدم تمكن سيارات الإسعاف من الوصول إليهما.

وأوضح رئيس منظمة أطباء بلا حدود فى منشور على منصة التواصل الإجتماعى "إكس": "لمدة ساعتين، لم نتمكن من الخروج لتقديم الرعاية، ولم يتمكن الناس من الوصول إلينا، حيث أغلقت المركبات العسكرية الإسرائيلية مدخل المستشفى والطريق، ومنعت سيارات الإسعاف من المغادرة".

وأفاد متحدث باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطينى فى مدينة جنين، أنه تم إجلاء ٣ أشخاص على الأقل مصابين بأعيرة نارية، موضحا أن المستشفيات الـ٣ الرئيسية فى المدينة، "محاصرة" من قبل القوات الإسرائيلية.

وكان المخيم الذى تبلغ مساحته نصف كيلومتر مربع، والذى يأوى أكثر من ١٧ ألف لاجئ فلسطينى منذ فترة طويلة، نقطة اشتعال للعنف فى الضفة الغربية، وقتل ما لا يقل عن ١٤ فلسطينيا فى المخيم فى وقت سابق من نوفمبر الجارى.

وهدمت القوات الإسرائيلية منزل رجل زعمت أنه قتل جنديا إسرائيليا خارج الخدمة خلال الصيف الماضى.

وفى نهاية الأسبوع الماضى، قتل ٥ فلسطينيين فى جنين خلال توغل إسرائيلى آخر، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: حرب في الضفة الغربية الفصل العنصري إسرائيل طوفان الأقصى قوات الاحتلال الإسرائیلى المستوطنین الإسرائیلیین فى الأراضى الفلسطینیة الضفة الغربیة المحتلة المدنیین الفلسطینیین الاحتلال الإسرائیلیة القوات الإسرائیلیة الفلسطینیة المحتلة الولایات المتحدة السابع من أکتوبر على الفلسطینیین بالضفة الغربیة حکومة الاحتلال عنف المستوطنین هذه الانتهاکات بما فیها القدس الأمم المتحدة أکتوبر الماضى الإسرائیلى فى المسجد الأقصى المستوطنین فى بالإضافة إلى الفلسطینى فى فى قطاع غزة القرار رقم فلسطینى فى مدینة جنین هذا القرار بشکل کبیر الصادر فى فى دیسمبر إلى جانب أکثر من إلى أنه من عام من قبل إلى أن أن هذه إلا أن جزء من

إقرأ أيضاً:

قوات الاحتلال تدمر عددا من المركبات بمنطقة وادي حسن في الضفة الغربية

دمرت قوات الاحتلال، عددًا من المركبات بمنطقة وادي حسن، بين بلدتي اليامون وكفر دان غرب جنين بالضفة الغربية، وفق نبأ عاجل أفادت به قناة «القاهرة الإخبارية».

مقالات مشابهة

  • إسرائيل توقف أوامر اعتقال المستوطنين بتهمة الاعتداء على الفلسطينيين
  • دولة الاحتلال توقف أوامر اعتقال المستوطنين المتورطين بجرائم في الضفة
  • قرار إسرائيلي بوقف الاعتقال الإداري بحق المستوطنين في الضفة الغربية
  • إصابة عشرات الفلسطينيين بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال الإسرائيلى بلدة الخضر
  • وسائل إعلام فلسطينية: 3 شهداء وعدد من الجرحى جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي مجموعة من الفلسطينيين جنوب شرقي خان يونس جنوب قطاع غزة
  • الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة جنين شمالي الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال تدمر عددا من المركبات بمنطقة وادي حسن في الضفة الغربية
  • حملة فلسطينية للحفاظ على المواقع التراثية والتاريخية في الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 15 فلسطينيا في الضفة الغربية.. بينهم طفل
  • دعوات لمسيرات غاضبة بالضفة الجمعة نصرةً لغزة ورفضًا للتهجير