إذا أراد المحّللون أن يشرّحوا الوضع في جنوب لبنان منذ إعلان وقف "حرب تموز" حتى اليوم، لا يمكنهم الاستنتاج سوى أن لا أحد من طرفي النزاع التزم بمضمون القرار 1701. فالخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، جوًّا وبرًّا وبحرًا، لا تُعدّ ولا تُحصى. أمّا من جهة "حزب الله" فإن وجوده لم يغب يومًا عن جنوب نهر الليطاني، بل ازداد قوة وفعالية وحضورًا، وقد أثبتت المعارك الأخيرة بينه وبين جيش العدو على طول الشريط الأزرق مدى فعالية حضوره وانتشاره بقوة في القرى الحدودية المواجهة للمواقع الإسرائيلية.
أمّا في ما يخصّ وقع قوات الطوارئ الدولية فإن ما شهدته جلسة التمديد الأخيرة لها في الأمم المتحدة كشفت بما لا يقبل الشك بأن ثمة تباينات في مواقف الدول، التي كان لديها بعض التحفظات على عدم السماح لهذه القوة بالقيام بالمهام المطلوبة منها من قِبل إسرائيل أولًا، ومن قِبل "حزب الله" ثانيًا، الذي يعتبرها في مكان ما "قوات لحفظ سلام إسرائيل"، وقد أثبتت الاحتكاكات المتفرقة بين وحداتها والأهالي صحة عدم ارتياح "الحزب" إلى دور هذه القوات.
فالتقرير السنوي الأخير الصادر عن الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش، وقبل الحرب على غزة والاعتداءات على جنوب لبنان، أشار بوضوح إلى "أن الطرفين اللبناني والاسرائيلي لم ينفّذا بعد كامل التزاماتهما بموجب القرار 1701، ولم يُحرَز أي تقدم نحو التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل".
وبناء عليه، فإن الحديث عن إدخال بعض التعديلات على قرار لم ينّفذ أو كأنه لم يكن لا يتناسب ظرفيًا مع ما تشهده جبهة الجنوب من اهتزازات أمنية متنقلة، وإن كان الخوف من توّسع رقعة هذه المناوشات إلى مناطق لبنانية أكثر عمقًا لا يزال "سيد الموقف".
فأي تعديل قد يطال القرار 1701 بما يضمن أمن إسرائيل الشمالي يرفضه "حزب الله"، وهو المعني أكثر من غيره بما يسعى إليه البعض من تعديلات غير واقعية، وتهدف إلى إراحة الإسرائيليين. وهذا ما كان واضحًا في كلام نائب الأمين العام لـ "الحزب" الشيخ نعيم قاسم، الذي كان يتحدّث في الذكرى السادسة والعشرين لتأسيس "السرايا اللبنانية"، فقال "إن العدو المهزوم والمأزوم يحاول ان يحقق مكاسب في هذه المرحلة على حساب السيادة اللبنانية، وهناك من يروج للمطالب والاهداف الاسرائيلية في الداخل والخارج، فيطالبون بتعديل القرار 1701، وانشاء منطقة عازلة على الحدود تهدف الى تطمين المستوطنين الذين يخافون العودة الى مستوطناتهم بسبب وجود "حزب الله" على الحدود. فـ"حزب الله" لن يسمح بأي مكسب اسرائيلي وبأي معادلة اسرائيلية جديدة على حساب السيادة اللبنانية، لان حق اللبنانيين هو في الوجود والتحرك على اي شبر من ارضنا في الجنوب، وهذا يتصل بكل السيادة والكرامة الوطنية اللبنانية".
ضمن هذا الإطار جاءت التحذيرات الدولية للبنان من خطر توسع الحرب في جبهة الجنوب، ومنها ما حمله المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، الذي تطرق إلى القرار 1701 داعيًا إلى تطبيقه تجنباً لتوسع الحرب. وقد سبقه في التحذير كبير مستشاري الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين الذي دعا الى تطبيق هذا القرار وعدم الانجرار إلى الحرب.
إذًا فالمجتمع الدولي متمسك بالقرار 1701، فيما الدول المعنية ترى أن الفرصة مناسبة اليوم لتطبيقه، لكن الأمور محكومة بما ستؤول إليه حرب غزة، لكن تعديله يحتاج إلى توافق دولي على أولويات المرحلة المقبلة، التي تتطلب تخاذ إجراءات وقائية تحول دون إدخال لبنان في متاهة الحرب، تُضاف إلى هذا الحجم الهائل من المشاكل التي يعاني منها اللبنانيون. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: القرار 1701 حزب الله
إقرأ أيضاً:
إبراهيم الأمين: أمريكا تفتح رحلة لبنان نحو التطبيع.. وترامب ينتظر إضعاف حزب الله
شدد رئيس تحرير جريدة "الأخبار" اللبنانية، إبراهيم الأمين، على أن الولايات المتحدة تفتح رحلة لبنان نحو تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك عبر خلق واقع لبناني "يناسب مشروع التطبيع الواسع" في المنطقة.
وقال الأمين في مقال له، "ليقل الجميع ما يقولون، لكنّ الحقائق صارت أقوى من أن تحل مكانها ألاعيب وشيطنات الصغار في قومنا. فملف تشكيل الحكومة، ليس سوى ملحق لانتخابات رئاسة الجمهورية، وكل ما يمكن لنواف سلام أن يفعله، لا يمكن أن يخرج عما هو مرسوم أصلاً من دور للعهد الجديد".
وأضاف أنه "مع مرور الأيام، تتكشف التفاصيل عن المشروع الكبير الذي يُعد للبنان، حيث تخطط الإدارة الأمريكية لخلق واقع لبناني يناسب مشروع التطبيع الواسع في المنطقة بين العرب وإسرائيل".
وأشار إلى أن "الأمريكيون كانوا شركاء كاملين في الحرب على لبنان، وتظهر تباعاً التفاصيل عن دور أمني وعسكري مباشر في الحرب أيضاً"، موضحا أن هناك "برنامجا تقوده الولايات المتحدة من أجل بناء الإدارة العامة في لبنان، بما يساعد على كبح جماح أي قوة تريد مقاومة مشروع التطبيع، ما يجعل شعار الحرب الآن، هو كيفية إخضاع لبنان لطلبات العدو بتنفيذ النسخة الإسرائيلية من القرار 1701، والسير في مهمة نزع سلاح المقاومة في كل لبنان".
واستدرك الكاتب بالقول "لكن الجانب الأميركي لا يقف عند حد معين، بل هو يذهب بعيداً في الاستعدادات والتحضيرات. وكل فكرة الحكومة الجديدة الخالية من الحزبيين والسياسيين، والتي يكون فيها الوزراء مجرد موظفين في مجلس إدارة يُعهد بإدارته إلى الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام، لهي مجرد مقدمة لكثير من الخطوات الداخلية، التي تتصل بتعيين القيادات العسكرية والأمنية على اختلافها، ومن يشغل مناصب القضاء وإدارة المؤسسات المالية ومصرف ولبنان. إضافة إلى نشر فرق اختصاصيين ستشرف على إعادة هيكلة قطاعات الطاقة والاتصالات. ومن دون إهمال أكثر الملفات حساسية، وهو المتعلق بإعادة إعمار ما هدّمته الحرب الإسرائيلية، حيث المسعى الدائم لمنع وصول الأموال لمساعدة الناس على إعادة بناء منازلهم".
ولفت الأمين إلى أن "المفاجأة التي يريدون تحويلها إلى رشوة كبيرة للبنان، تتعلق بإبداء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استعداده لزيارة لبنان، بعد تحديد موعد افتتاح أكبر سفارة أمريكية في الشرق الأوسط، أي المجمع الاستخباراتي والقاعدة اللوجستية لعمل وكالات الدفاع والأمن الأمريكية في منطقة المشرق العربي، وخصوصا في لبنان وسوريا".
و"هو مجمع ضخم، سيستوعب نحو ألفي موظف أمريكي بين دبلوماسي وأمني وعسكري إلى جانب الفريق العامل في مجالات العلاقات العامة، حيث ستنطلق أكبر ورشة لجذب الشباب اللبناني المهتم بتطوير مهاراته وخدماته ضمن عمل المنظمات غير الحكومية، علماً أن إدارة الجامعة الأمريكية في بيروت، أنجزت شراء مستشفى في كسروان وبدء تجهيزه ليكون مخصصاً للأمريكيين. إضافة إلى اختيار مرفأ بحري خاص يخضع لإشراف الأمن الأمريكي"، حسب المقال.
وأشار الكاتب إلى أن "ترامب الذي يتميز بصراحته الواسعة، يريد أن يزور لبنان بعد أن يكون حزب الله قد أُضعف إلى أبعد الحدود، وقد تمت إزالة السلاح من كامل المخيمات الفلسطينية وفق برنامج يعمل عليه بالتعاون مع عواصم عربية، ويتولاه الموظف في رئاسة الحكومة باسل الحسن، وصولاً إلى رفع شعار تحسين الشروط الحياتية للاجئين الفلسطينيين ضمن برنامج يقود إلى توطينهم في لبنان على غرار ما سيحصل في سوريا ودول عربية أخرى".
وشدد الأمين على أن "ما يجري ليس إلا استكمالا للحرب التي بدأها العدو في غزة ولبنان ويستكملها في سوريا وربما يخطط لما هو أكثر خطورة ضد العراق وإيران واليمن أيضا".