"ثمة احترام لقواعد اللعبة".. جنبلاط: لا أسهل من كبس الزناد ولا أصعب من أن تقول للرصاصة أن تعود
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
شدد الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان وليد جنبلاط، على أن الحكومة الإسرائيلية تريد تهجير أكبر كمية ممكنة من عرب غزة، مشيرا إلى أن لبنان لن يستدرج إلى الحرب ضد اسرائيل.
وفي حديث إلى برنامج "قصارى القول" عبر RT عربية، أشار جنبلاط إلى أنه "بعد عملية طوفان الأقصى كانت ردة الفعل الإسرائيلية دون تمييز تقصف المدنيين والعسكريين، ثم وصلت الخسائر الهائلة في المدنيين والأطفال والأبنية وسويت العمارات والأحياء في الأرض.
وأكد أنه "عمليا الحكومة الإسرائيلية تريد تهجير أكبر كمية ممكنة من عرب غزة إلى خارج غزة، طوعا أو قصرا أي نكون قد كررنا مأساة 1948، حين هجر 700 إلى 800 ألف فلسطيني إلى لبنان سوريا والضفة وغزة".
وردا على سؤال هل إسرائيل تحاول قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين؟، قال جنبلاط: "هكذا يبدو المشهد إذا هذه الدول (دول الجوار الأردن مصر، لبنان، سوريا) مع الدول الراعية للعدوان وفي مقدمتها الولايات المتحدة والغرب، استطاعوا أن يطالبوا بوقف إطلاق نار جدي وليس إنساني كما حدث على مدى أسبوع للدخول في مفاوضات سياسية، لكن حتى هذه اللحظة واستنادا إلى تصاريح الحكومة الإسرائيلية، يعني استمرار حرب القتل والإبادة على الشعب الفلسطيني".
ولفت إلى أن "الهدنة الإنسانية المؤقتة والمحدودة لا قيمة لها وفتح معبر له لا قيمة له، أنظر ما حدث إلى المستشفيات، وما سيحدث في رفح، والمآسي.. هناك 16 ألف قتيل أو أكثر"، مشددا على أن "الولايات المتحدة تستطيع أن تلجم إسرائيل إذا أرادت لأنها من تورد السلاح والقنابل وتعطي الأموال إلى إسرائيل.. إذا هي تستطيع".
وأضاف: "الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تكلم مرتين وقال إن هناك جبهة مساندة لحماس والشعب الفلسطيني من لبنان.. وأنا قلت آنذاك وأصر على أننا لن نستدرج إلى الحرب في مواجهة إسرائيل.. هذا رأيي ولكن حتى هذه اللحظة هناك احترام لقواعد اللعبة، لكن من القائد العسكري في العالم الذي دخل في الحرب وعرف كيف يخرج منها؟ ما من أحد"، معتبرا أنه "ليس أسهل من تكبس على الزناد وليس أصعب من أن تقول للرصاصة أن تعود".
وأشار جنبلاط إلى أنه "ليس هناك قواعد اشتباك بالاتفاق بين حزب الله وإسرائيل، هناك وقف إطلاق نار جرى عام 2006، وصدر القرار 1701. علينا جميعا أن نحترم القرار الأممي لأنه في حال جرى الإخلال بهذا القرار تنسحب القوات الدولية، ونصبح في هذه اللحظة أمام حالة حرب كاملة، وهذا ليس لصالح لبنان وليس لصالح أحد من القيمين في لبنان أو في المنطقة".
ورأى أن "حل الدولتين من وجهة نظري صعب إن لم نقل مستحيل، لسبب بسيط، الضفة الغربية أيضا تستباح من قبل المستوطنين وهناك القدم التدريجي للأراضي"، مبينا أنه "في حال اتفقت الدول الكبرى على حل الدولتين، عندها لا بد من مؤتمر دولي لرعاية حل الدولتين آخذين بالاعتبار أن في الضفة أكثر من 700 ألف مستوطن مسلح يطوقون أهل الضفة العزل دون سلاح".
وعما إذا تستطيع الدول العربية أن تؤثر في القرار الإقليمي؟، قال جنبلاط: "أقول لبعض الدول العربية لا يتعلم البعض من بعض دروس الماضي. لكن تفاديا لمزيد من المصائب التي قد تأتي على العالم العربي، مثلا تهجير غالب سكان غزة إلى سيناء أو مصر، وتهجير أهل الضفة إلى الشرق الأردن. هذه كارثة وطنية وقومية وهذه محاولة للقضاء على القضية الفلسطينية".
وتابع قائلا: "الفلسطينيون الذين عاشوا بأمان مع اليهود والعرب الذين لم يكن لهم أي عداء لليهود يدفعون ثمن النازية والفاشية الأوروبية، وعندما يخرج الغرب بشعار إياكم ومحاربة السامية، ينسى الغرب أن إسماعيل جد العرب وإسحاق جد اليهود هم أولاد العم.. نحن ساميون أيضا".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أسلحة ومعدات عسكرية الجيش الإسرائيلي الحرب على غزة القضية الفلسطينية تل أبيب حركة حماس طوفان الأقصى قطاع غزة واشنطن وليد جنبلاط إلى أن
إقرأ أيضاً:
أصعب أيام المرشد
إيران دولة كبيرة وعريقة. للإقليم مصلحة في رؤيتها مستقرة ومزدهرة بعيداً عن لغة التهديد بإغلاق مضيق هرمز ورعاية الصواريخ الحوثية في البحر الأحمر.
لم تكن ثورة الخميني مجرد انقلاب كبير في إيران. حملت في دستورها مشروع انقلاب على توازنات المنطقة، وكان بند تصدير الثورة واضحاً. لا مبالغة في القول إنَّ الشرق الأوسط يعيش منذ انتصار الثورة في 1979 أطولَ انقلاب في تاريخه. أوقفتِ الحرب العراقية - الإيرانية الانقلابَ على مدى ثماني سنوات، ثم عاود انطلاقه. كان صدام حسين يقول إنَّ سقوط الجدار العراقي سيوصل النفوذ الإيراني إلى حدود المغرب.
ولدت ثورة الخميني على خط التماس مع «الشيطان الأكبر». يتذكر المرشد علي خامنئي بالتأكيد المشاهد القديمة. اقتحم أبناء الثورة السفارة الأمريكية في طهران وأذلّوا «الجبار الأمريكي» في أطول عملية احتجاز رهائن. يمكن أن يتذكر أيضاً في 1983 كيف استيقظت بيروت على دوي هائل. انفجاران استهدفا مقر المارينز والوحدة الفرنسية في القوة المتعددة الجنسيات وأسفرا عن مئات القتلى. حمل «الشيطان الأكبر» جثث جنوده وابتعد عن لبنان. ولا يغيب عن باله ما حصل في 2006. حرب بين «حزب الله» اللبناني وإسرائيل شارك الجنرال قاسم سليماني في إدارتها من الأراضي اللبنانية. أدّت الحرب إلى كسر الحصار الذي ضُرب حول «حزب الله» وسوريا بعد اغتيال رفيق الحريري. يتذكر أيضاً أن سليماني أدار عملية استنزاف الاحتلال الأمريكي للعراق وأطلق في بغداد زمن الفصائل. يستطيع خامنئي تذكّر نجاحات كثيرة بينها النجاح في إنقاذ الرئيس بشار الأسد من المصير الذي لحق بمعمر القذافي وعلي عبد الله صالح وحسني مبارك وزين العابدين بن علي. وهو نفسه سمع جنرالاته يفاخرون بأن مفاتيح أربع عواصم عربية تقيم في طهران.
باستطاعة المرشد أن يتذكّر مشاهد أخرى. كان باراك أوباما متعطشاً لإبرام اتفاق نووي مع إيران. نجح المفاوض الإيراني في استثناء النشاط الإقليمي والترسانة الصاروخية من المفاوضات. تابعت إيران محطات الانقلاب الكبير، ومهّد سقوط صدام حسين الطريق لتعبيد طريق سليماني من طهران إلى بيروت مروراً ببغداد ودمشق. قتلُ سليماني بأمر من دونالد ترمب في ولايته الأولى كان ضربة موجعة، لكنها لم توقف مشروع الانقلاب ولم تقطع الطريق.
على الرغم من متاعبها الاقتصادية، لم تبخل إيران على أذرعها بالسلاح والتمويل. ابتهجت بتطويق خرائط ومناطق بالصواريخ والمسيّرات. ساد في طهران شعور بأنَّ إمبراطورية الفصائل باتت خارج التهديد وموعودة بالتمدد. اعتقدت أنَّ إسرائيل غير قادرة على دفع أثمان حرب كبيرة. وتردد في أروقة الممانعة أنَّ «الضربة الكبرى» ستفاجئ الدولة العبرية ذات يوم وستكشف أنَّها أوهى من بيت العنكبوت. اعتقدت أيضاً أنَّ أمريكا المهمومة بالصعود الصيني لن تنخرط في انقلاب كبير مكلف في الشرق الأوسط. أساءت إيران مع حلفائها تقدير عمق الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل. وحين أطلق يحيى السنوار «طوفان الأقصى» وتبعه حسن نصر الله في إطلاق «جبهة المساندة»، ساد الاعتقاد أنَّ «الضربة الكبرى» قد انطلقت.
الدهر يومان. يوم لك ويوم عليك. وفجأة وجدت إيران نفسها أمام اليوم الآخر. مشاهد مروّعة وأخبار مؤلمة. ليس بسيطاً أن تغتال إسرائيل زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران نفسها. وليس بسيطاً أن تسبح غزة في دمها ولا تستطيع إيران إنقاذها. وأوجع من ذلك أن يُغتال نصر الله في بيروت وتعجز إيران عن إنقاذ «حزب الله». تحركت الصواريخ الحوثية لكنَّها لم تنقذ لا في غزة ولا في لبنان. رأت إيران خطوط دفاعها الإقليمية تتهاوى. تعرضت «حماس» لضربة كبرى. الأمر نفسه بالنسبة لـ«حزب الله». وكانت خسارة الحلقة السورية فادحة أو أكثر. أغارت الطائرات الإسرائيلية على إيران ودمّرت دفاعاتها الجوية، واكتشفت طهران أن الاستمرار في تبادل الضربات يشبه الذهاب إلى فخ سعت دائماً إلى تفاديه وهو الحرب مع أمريكا.
واضح اليوم أنَّ أمريكا وإسرائيل ردتا على الحلقة الأخيرة من الانقلاب الإيراني بانقلاب كبير لكسر التوازنات السابقة في المنطقة. وها هي طهران تسمع وزير الدفاع الإسرائيلي يرهن أمن بيروت بأمن الجليل. لا يستطيع «حزب الله» العودة إلى الحرب. ليس فقط بسبب ما تعرّض له ومطالبة أكثرية اللبنانيين بحصر السلاح في يد الدولة بل أيضاً لأنَّ اسم الجالس في قصر الرئاسة السوري أحمد الشرع وليس بشار الأسد.
أصعب أيام المرشد. ترمب يطالبه برد على رسالته خلال أسابيع. يعرض عملياً على إيران العودة إلى إيران. الغارات الأمريكية الكثيفة على مواقع الحوثيين رسائل يومية ساخنة موجهة إلى المرشد وبلاده. لم يتحدث ترمب عن إسقاط النظام الإيراني. يطالب إيران فقط بالعودة إلى إيران والتنازل عن حلم القنبلة والجيوش الموازية التي كانت تحرّكها في الإقليم. قد لا تتنازل «حماس» عن سلاحها، لكنَّها مضطرة إلى الخروج لسنوات من الشق العسكري في النزاع. «حزب الله» يواجه خيارات صعبة مشابهة. ترمب ينتظر رد المرشد ويلوّح بـ«أمور سيّئة ستحصل لإيران» و«قصف لا سابق له» إن كان ردها سلبياً.
أصعب أيام المرشد. صورة بلاده في المنطقة اليوم غير ما كانت عليه قبل «الطوفان». قراره يعني بلاده والمنطقة والتوازنات الجديدة ليست لمصلحة طهران. ذات يوم وافق الخميني على تجرّع كأس السمّ وقَبِل وقف إطلاق النار متنازلاً عن حلم «إسقاط النظام البعثي الكافر في العراق». هل يوافق خامنئي على تجرّع سمّ القبول بعودة إيران إلى إيران بلا قنبلة وبلا أذرع؟