حرب غزة ورسالة دانيال وإميليا: فجوة بين قادة إسرائيل وشعبها
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
في السابع والعشرين من نوفمبر، نشرت كتائب القسام رسالةً لإحدى المحتجزات الإسرائيليات لديها "دنيال" كتبتها بخط يدها قبل إطلاق سراحها، وعبّرت فيها عن امتنانها لما أظهرته المقاومة من إنسانية تجاه ابنتها إميليا.
ووصفت دنيال طفلتها والكتائب بأنهم أصدقاء وأحباء حقيقيون، وأثنت على صبرهم تجاهها واصطحابها لغرفتهم متى أرادت ذلك، كما وصفت دنيال نفسها بأنها ستكون للأبد أسيرة شكر.
اعتبر الكثيرون أن هذه الرسالة هي شهادة واضحة تثبت أن المقاومة عاملت أسراها بكل رحمة وأخلاق، على عكس ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي.
ففي الوقت الذي تعالت فيه أصوات الشكر والامتنان للمقاومة، ترتفع أصوات الآهات من سجون الاحتلال الإسرائيلي لنساءٍ تضرب وأشبال يعتدى عليهم وتكسر أطرافهم.
حرصت المقاومة على محاربة التُهم الموجّهة لها بالإثباتات القاطعة، وقدمت الأدلة والبراهين على ما يتحدث عنه ناطقها العسكري، على عكس ما يفعله جيش الاحتلال الذي اكتفى بإلقاء الروايات المزعومة دون وجود ما يدعمها، فعملت المقاومة على تسجيل معظم تحركاتها في هذه الحرب، مما ساعدها في التغلب على الاحتلال في الحرب النفسية، وكانت سببا في ازدياد شعبيتها حول العالم.
يقول الأستاذ سليمان بشارات مدير مؤسسة يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية لـ "عربي21" "إن المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تستثمر الهدنة المرحلية بشكل كبير، وربما أكثر من مجرد عمليات تبادل للأسرى أو إدخال مساعدات، أحد هذه الجوانب هو الصورة التي ترافق عملية الإفراج، سواء ما يرتبط بشكل وطريقة الإفراج التي تعطي انعكاسا لقدرات المقاومة العسكرية وتحكّمها في الميدان، أو صورة الأسرى الإسرائيليين المفرج عنهم، وهو ما يدفع المشاهدين إلى المقارنة المباشرة بينها وبين صور ومشاهد الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال"
وويرى بشارات: "ما بين اهتمام واحترام إنساني لدى المقاومة، يحرص الاحتلال على التنكيل بالأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم، ويخشى من مجرد إظهار الفرح، وهذا يعزز بعدا مهما يرتبط بمفهوم الصورة النمطية التي حاول الاحتلال خلال سنوات طويلة رسمها على أن إسرائيل دولة حضارية تحترم الحقوق، والآن تنكشف ملامح عنصرية هذه الدولة وعشوائيتها وهمجيتها"
وتابع "إن هذا يخدم القضية الفلسطينية في الوقت الحالي ومستقبلا على مستوى المجتمعات الغربية بالدرجة الأولى والمجتمعات الإقليمية والعربية بالدرجة الثانية، التي عاشت تحت إطار حالة الخداع والأنماط الكاذبة من الخطاب الإعلامي"
توتر السياسة الإسرائيلية
وصف البشارات رسالة الأسيرة الإسرائيلية دنيال بأنها رسالة مهمة تعزز صورة المعاملة الإنسانية التي تعكسها المقاومة الفلسطينية عن نفسها.
وأردف بأن "هذه الرسالة تكسر الصورة المضللة التي حاول نتنياهو أن يرسمها للمقاومة منذ بداية الحرب، عن انعدام إنسانيتها ومحاولة دعشَنَتها، لكن في الأيام القليلة الماضية لم يعد يتحدث الاحتلال عن ذلك، لأن صور الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين باتت طاغية بشكل كبير وتقدم دليلا واقعيا على صدق الرواية الفلسطينية أمام الادّعاء الإسرائيلي".
وفي ظل التوتر السياسي الداخلي الذي تعيشه إسرائيل، وحالة عدم الرضى عن سياسات الحكومة وقراراتها التي قد تسود الرأي العام الإسرائيلي، إن ما تظهره حماس من وثائق مصوّرة أو مكتوبة، تساهم بشكل كبير في التأثير على الصراع الداخلي الإسرائيلي.
يرى بشارات أن "رسالة دنيال لها قدرتها على إحداث فجوة في الثقة ما بين الجمهور الاسرائيلي وحكومته التي كانت تغامر وتقامر بأرواح أسراها لدى المقاومة، في حين أن المقاومة نفسها تحت ظل الحرب والقصف والاستهداف عملت على حمايتهم"
وتابع حديثه لـ "عربي21": "تعكس هذه الرسالة الروح المعنوية والراحة النفسية للمقاومة نفسها، فكيف لمقاومة تحت القصف والاستهداف أن تهتم بأدق تفاصيل الأسرى لديها لو لم تكن هي في راحة وبحبوحة من وقتها، وهذا دليل يفند مزاعم الاحتلال من أنه استطاع أن يوجه ضربات موجعة للمقاومة"
سؤال مطروح على الطاولة
كانت عملية التوغل البري على غزة لها أهدافها الواضحة والمعلنة، كإعادة الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين والقضاء على حماس، لكن إسرائيل وجدت نفسها أمام المفاوضات بوصفها الحل المتاح لإعادة أسراها بعد فشلها في تحديد أماكنهم، وعليه فقد تم عقد صفقة لتبادل الأسرى، تماما كما حدث مع شاليط حين اضطر الاحتلال إلى عقد صفقة وفاء الأحرار، وتحرير عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين مقابل الإفراج عن شاليط، ولهذا الفشل المستمر أثره على المجتمع الإسرائيلي.
ومن جهته قال سليمان بشارات: "لا شك أن السؤال الذي يطرح الآن على الطاولة أمام قادة الاحتلال من مجتمعهم الداخلي، أنه بما أن الحرب على مدار 48 يوما فشلت بإعادة أي من الأسرى، بينما في أيام التهدئة وقبول صفقة التبادل تم إعادة 70 منهم، فما داعي الاستمرارية بالحرب العسكرية؟ وهذا بالتالي سيشكل ورقة ضغط على الحكومة الإسرائيلية لاستكمال ملف التبادل"
ويضيف "إن عادت إسرائيل لاستكمال العملية العسكرية سيكون هناك سرعة في استجابة المجتمع الإسرائيلي للمطالبة بوقفها والعودة مرة أخرى لاستكمال ملف التفاوض، خاصة وقد باتت تتولد قناعة لدى المجتمع الإسرائيلي بأن هناك أهداف شخصية تتعلق بنتنياهو ورئيس الجيش لحماية مستقبلهم السياسي على حساب الأهداف العامة للحرب المتعلقة بمستقبل الدولة نفسها".
ويرى أن "فجوة الثقة تلك سوف تتسع أكثر ما بين الجمهور الإسرائيلي وقادته، وهذا الشيء يدلل عليه استطلاعات الرأي التي تشير لتراجع نتنياهو بشكل كبير جدا بينما يتقدم غانتس."
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير القسام المقاومة الاحتلال الأسرى غزة غزة الأسرى الاحتلال المقاومة القسام تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بشکل کبیر
إقرأ أيضاً:
حماس تدرس مقترح الوسطاء وتتمسك بوقف دائم لإطلاق النار
قالت حركة المقاومة الإسلامية حماس -في بيان لها- إن قيادة الحركة تدرس بمسؤولية وطنية عالية المقترح الذي تسلمته من الوسطاء وإنها ستقدم ردها عليه في أقرب وقت فور الانتهاء من المشاورات اللازمة بشأنه.
وجددت حماس تأكيد موقفها الثابت بضرورة أن يحقق أي اتفاق وقفا دائما لإطلاق النار وانسحابا كاملا للاحتلال وأكدت حماس موقفها الثابت بالتوصل لصفقة حقيقية وبدء مسار جاد لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال ورفع الحصار عن قطاع غزة.
وكان قيادي في حركة حماس قال للجزيرة، إن مقترحا تلقته الحركة في مصر يشمل إطلاق سراح نصف الأسرى الإسرائيليين في الأسبوع الأول من الاتفاق، كما يشمل تهدئة مؤقتة لـ45 يوما مقابل إدخال الطعام والإيواء، كما يشترط المقترح تسليم جميع الأسرى الأحياء والأموات بنهاية اليوم 45 لتمديد الهدنة وإدخال المساعدات.
وأضاف القيادي في حماس للجزيرة أن وفد الحركة المفاوض فوجئ بأن المقترح الذي تلقته في مصر يتضمن نصا صريحا بنزع سلاح المقاومة، وأن مصر أبلغت حماس أنه لا اتفاق لوقف الحرب دون التفاوض على نزع سلاح المقاومة.
وقال القيادي في حماس للجزيرة، إن الحركة أبلغت مصر أن المدخل لأي اتفاق هو وقف الحرب والانسحاب وليس السلاح، وأن نقاش مسألة سلاح المقاومة مرفوض جملة وتفصيلا، مؤكدا على أن سلاح المقاومة حق أساسي من حقوق الشعب الفلسطيني غير خاضع للنقاش.
إعلان
صفقة جادة
وفي وقت سابق، قال القيادي في حماس طاهر النونو إن الحركة مستعدة لإطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة مقابل صفقة تبادل جادة ووقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي من القطاع.
وقال النونو -وهو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس- "نحن جاهزون لإطلاق سراح كافة الأسرى الإسرائيليين مقابل صفقة تبادل جادة ووقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وإدخال المساعدات".
وفي تصريحاته لوكالة الصحافة الفرنسية، اتهم النونو إسرائيل بتعطيل الاتفاق، وقال إن "المشكلة ليست في أعداد الأسرى، لكن المشكلة أن الاحتلال يتنصل من التزاماته ويعطل تنفيذ اتفاق وقف النار ويواصل الحرب".
وأجرى الوفد المفاوض برئاسة رئيس حماس في قطاع غزة خليل الحية -أمس الأحد- في القاهرة عدة لقاءات بمسؤولين مصريين عن ملف المفاوضات بمشاركة مسؤولين قطريين.
وتسعى كل من القاهرة والدوحة الوسيطتين في مفاوضات الهدنة، إلى تقريب وجهات النظر بين حماس وإسرائيل لإنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة الفلسطيني وتثبيت وقف إطلاق النار.
استعداد إسرائيلي
في الأثناء، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر مطلع قوله إن إسرائيل مستعدة لتقديم بعض التنازلات بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة "لكن ليس على حساب منع تدمير حماس".
من جانبها، قالت رئاسة الوزراء الإسرائيلية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبلغ عائلات أسرى بغزة أن عمليات تفاوض مكثفة تجري حاليا لإعادة الأسرى.
وقالت هيئة عائلات الأسرى في غزة، إن طريقة الإفراج الجزئي عن ذويهم على شكل دفعات هي نهج خطير يعرض جميع المختطفين للخطر، وطالبت باعتماد حل مناسب يفضي إلى إنهاء الحرب وإعادة جميع الأسرى دفعة واحدة وبشكل فوري.
يذكر أنه في يناير/كانون الثاني 2025، تمكن الوسطاء من التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحركة حماس ينص على وقف إطلاق النار في غزة وفق عدة مراحل، قبل أن تنتهكه إسرائيل وتعلن من طرف واحد، استئناف الحرب في مارس/آذار الماضي.
إعلان