شعوب غاضبة وحسابات استراتيجية.. هكذا يتعامل الخليج مع غزة
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
استجابةً لغضب شعبي، لجأت دول مجلس التعاون الخليجي إلى مناورات دبلوماسية ورسائل مرنة، وغاضمة أحيانا، للتعامل مع الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، دون الإضرار بحساباتها الاستراتيجية وعلاقتها مع الولايات المتحدة وأحيانا إسرائيل.
ذلك ما خلص إليه ويليام روباك، في تحليل بـ"معهد دول الخليج العربية في واشنطن" (AGSIW) ترجمه "الخليج الجديد"، في ظل حرب يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وهذه الحرب خلّفت أكثر من 18 ألف شهيد، بينهم نحو 6 آلاف طفل، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية وأممية.
روباك تابع أن "الحكومات الخليجية استخدمت رسائل مرنة ومناورات دبلوماسية وما يرتبط بها من غموض؛ لحماية حساباتها الاستراتيجية ومنع عرقلة الأهداف الأطول أمدا، وقد تباينت الرسائل إلى حد ما من بلد إلى آخر ومع مرور الوقت، واشتداد القتال في غزة".
ومجلس التعاول لدول الخليج العربية يتألف من 6 دول هي السعودية والكويت وقطر وسلطنة عمان والإمارات والبحرين، وقد أُسس في 25 مايو/ أيار 1981 ويوجد مقره في الرياض.
واستدرك روباك: "أما الإمارات والبحرين، اللتان قامتا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل (منذ عام 2020)، فتبنتا لغة أكثر اعتدالا إلى حد ما، حتى في لحظات الأزمة والإدانة الجماعية لإسرائيل، وكانتا على استعداد أحيانا لإدانة (حركة) حماس، كما فعل ولي العهد البحريني رئيس الوزراء سلمان بن حمد آل خليفة".
وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية بمحيط غزة، فقتلت نحو 1200 إسرائيلي وأصابت 5431 وأسرت حوالي 239 بادلت العشرات منهم مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونه 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.
وقال روباك إن "الإمارات والبحرين لم تخجلا من عمليات إسرائيل العسكرية المدمرة، التي أدت إلى نزوح أكثر من ثلاثة أرباع سكان غزة وحرمان السكان، الذين كان 80٪ منهم يعتمدون بالفعل على المساعدات الدولية قبل الحرب، من الغذاء الأساسي والمياه والمأوى والدواء".
وفي غزة يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون بالأساس من أوضاع كارثية؛ جراء حصار إسرائيلي مستمر للقطاع منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.
اقرأ أيضاً
خبراء: لهذا تؤكد الإمارات على مواصلة التطبيع مع إسرائيل رغم حرب غزة
رسائل خليجية
و"ذهبت دول الخليج، التي لم تنضم إلى اتفاقات إبراهيم (لتطبيع العلاقات مع إسرائيل)، إلى أبعد من ذلك في الإدانة، إذ وصف بيان لوزارة الخارجية العمانية، في أواخر أكتوبر/تشرين الأول (الماضي)، الإجراءات الإسرائيلية في غزة بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ودعت مسقط المحكمة الجنائية الدولية إلى إجراء تحقيق"، كما زاد روباك.
واستطرد: "وهناك ملاحظات مشتركة تم توضيحها في رسائل دول الخليج حول الأزمة، بما في ذلك سلسلة من الدعوات لوقف إطلاق النار، بدلا من مجرد توقف مؤقت لأسباب إنسانية".
وتابع: "كما أشار العديد من المسؤولين الخليجيين بشكل روتيني إلى الصراع باعتباره تطورا خطيرا وكارثة إنسانية، بينما انتقدوا إسرائيل لعدم سماحها بوصول المساعدات الإنسانية دون قيود، وأهمية التعامل بشكل شامل مع القضية الفلسطينية، ومخاوف من أن الحرب من المرجح أن تولد مستويات خطيرة من التطرف".
و"دعا العديد من المسؤولين، سرا وعلنا، الولايات المتحدة إلى ممارسة المزيد من القيادة واستخدام نفوذها لكبح جماح (حليفتها) إسرائيل، وفرض وقف إطلاق النار، جمع الأطراف (المعنية) في مؤتمر دولي"، كما أردف روباك.
وزاد بأنه "ربما سعيا إلى استخدام لغة إدانة جديدة، دعا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مؤخرا إلى وقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.. وفي حين أن بعض الانتقادات قاسية، يبدو أن الحكومات تحرص على عدم الإفراط في استعداء الولايات المتحدة أو الإضرار بشكل دائم بالعلاقات الرسمية أو غير الرسمية مع إسرائيل".
اقرأ أيضاً
إيران وأمريكا والتطبيع.. حرب غزة تضع دول الخليج أمام تحديات خطيرة
الدراما الكبرى
إلى حد ما، وفقا لروباك، "تمكنت دول الخليج من اجتياز الأزمة الحالية بنجاح، وحماية مصالحها، وتجنب التعرض للتمييز بسبب عدم حساسيتها أو تأثرها بشكل مفرط بأزمة غزة".
وتابع: "ومن المرجح أن يستمر المزيج الحالي من الاستراتيجيات في العمل بفعالية على المدى القصير والمتوسط، على افتراض إمكانية حل الأزمة في الأسابيع المقبلة".
واعتبر أن "الدراما الكبرى القادمة ستتضمن تحديد دول الخليج التي ستمارس أكبر قدر من النفوذ بمجرد توقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، وكيف تؤثر سيناريوهات اليوم التالي (لانتهاء الحرب) في غزة: احتلال إسرائيلي طويل الأمد (للقطاع) أو تمكين السلطة الفلسطينية أو تطورات أخرى".
ويصر قادة الاحتلال على استمرار الحرب المدمرة، على أمل إنهاء حكم "حماس" المتواصل لغزة منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة التي تقاوم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ عقود.
روباك قال إنه "يمكن لسيناريوهات اليوم التالي في غزة وأي علامات على تزايد التطرف في المنطقة أن توفر أيضا مؤشرات إنذار مبكر للأسئلة المتعلقة بنماذج التطبيع والحسابات الاستراتيجية ذات الصلة".
وختم بأنه "في حين أن أي أسئلة من هذا القبيل من غير المرجح أن تؤدي إلى انعكاسات في الاتجاه الاستراتيجي فيما يتعلق بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، إلا أنها قد تؤدي إلى مناصرة أكثر عدوانية للقضية الفلسطينية".
اقرأ أيضاً
إغاثة غزة.. دول الخليج ترسل 158 طائرة مساعدات إلى القطاع
المصدر | ويليام روباك/ معهد دول الخليج العربية في واشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة حرب إسرائيل دول الخلیج مع إسرائیل فی غزة
إقرأ أيضاً:
لم يتعامل الجيش بشكل تدميري مع أي منطقة انسحب منها
الجيش يقاتل وفق قواعد اشتباك ومنظومة أسلحة دقيقة في أهدافها ومساحتها، لا يستخدم الأسلحة بصورة عشوائية أو انتقامية، ولا يسيطر عليه الإحباط عند خسارته لمعركة أو منطقة، وهذا أمر طبيعي لجيش محترف له تاريخ طويل في التعامل مع مثل هذه الظروف. لم يتعامل الجيش بشكل تدميري مع أي منطقة انسحب منها، ولو أراد ذلك لفعل ولدمر ما فيها من مباني وقوات، على عكس الميليشيا التي يسيطر عليها الإحباط وغياب الأهداف وعدم الالتزام بقواعد معروفة بحكم بنيتها وتركيبتها الإجرامية ..
سعي الميليشيا الحالي لمواصلة هجماتها التدميرية على المنشآت الاستراتيجية والمدنية، ومع ورود معلومات تشير إلى حصولها على أسلحة ومدافع جديدة، يعني أن التعامل معها سيكون وفقاً لما تفهمه من قواعد، فإن كان الجيش سابقاً يقضي على نصف القوة ويفتح “جسر ذهبي” بتعبير سون تزو لبقية القوات، فإن المرحلة القادمة ستكون سحقاً كاملاً للقوات..
سحق يستخدم فيه قواعد اشتباك جديدة هدفها ليس هزيمة الجنجويد بل طحنهم بالكامل، فعلى الجنجويد أن يختاروا بين الموت هزيمة أو الموت سحقاً أو الاستسلام بسلام .
#السودان
#القوات_المسلحة_السودانية
حسبو البيلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب