استجابةً لغضب شعبي، لجأت دول مجلس التعاون الخليجي إلى مناورات دبلوماسية ورسائل مرنة، وغاضمة أحيانا، للتعامل مع الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، دون الإضرار بحساباتها الاستراتيجية وعلاقتها مع الولايات المتحدة وأحيانا إسرائيل.

ذلك ما خلص إليه ويليام روباك، في تحليل بـ"معهد دول الخليج العربية في واشنطن" (AGSIW) ترجمه "الخليج الجديد"، في ظل حرب يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وهذه الحرب خلّفت أكثر من 18 ألف شهيد، بينهم نحو 6 آلاف طفل، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية وأممية.

روباك تابع أن "الحكومات الخليجية استخدمت رسائل مرنة ومناورات دبلوماسية وما يرتبط بها من غموض؛ لحماية حساباتها الاستراتيجية ومنع عرقلة الأهداف الأطول أمدا، وقد تباينت الرسائل إلى حد ما من بلد إلى آخر ومع مرور الوقت، واشتداد القتال في غزة".

ومجلس التعاول لدول الخليج العربية يتألف من 6 دول هي السعودية والكويت وقطر وسلطنة عمان والإمارات والبحرين، وقد أُسس في 25 مايو/ أيار 1981 ويوجد مقره في الرياض.

واستدرك روباك: "أما الإمارات والبحرين، اللتان قامتا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل (منذ عام 2020)، فتبنتا لغة أكثر اعتدالا إلى حد ما، حتى في لحظات الأزمة والإدانة الجماعية لإسرائيل، وكانتا على استعداد أحيانا لإدانة (حركة) حماس، كما فعل ولي العهد البحريني رئيس الوزراء سلمان بن حمد آل خليفة".

وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية بمحيط غزة، فقتلت نحو 1200 إسرائيلي وأصابت 5431 وأسرت حوالي 239 بادلت العشرات منهم مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونه 7800 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء.

وقال روباك إن "الإمارات والبحرين لم تخجلا من عمليات إسرائيل العسكرية المدمرة، التي أدت إلى نزوح أكثر من ثلاثة أرباع سكان غزة وحرمان السكان، الذين كان 80٪ منهم يعتمدون بالفعل على المساعدات الدولية قبل الحرب، من الغذاء الأساسي والمياه والمأوى والدواء".

وفي غزة يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون بالأساس من أوضاع كارثية؛ جراء حصار إسرائيلي مستمر للقطاع منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.

اقرأ أيضاً

خبراء: لهذا تؤكد الإمارات على مواصلة التطبيع مع إسرائيل رغم حرب غزة

رسائل خليجية

و"ذهبت دول الخليج، التي لم تنضم إلى اتفاقات إبراهيم (لتطبيع العلاقات مع إسرائيل)، إلى أبعد من ذلك في الإدانة، إذ وصف بيان لوزارة الخارجية العمانية، في أواخر أكتوبر/تشرين الأول (الماضي)، الإجراءات الإسرائيلية في غزة بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ودعت مسقط المحكمة الجنائية الدولية إلى إجراء تحقيق"، كما زاد روباك.

واستطرد: "وهناك ملاحظات مشتركة تم توضيحها في رسائل دول الخليج حول الأزمة، بما في ذلك سلسلة من الدعوات لوقف إطلاق النار، بدلا من مجرد توقف مؤقت لأسباب إنسانية".

وتابع: "كما أشار العديد من المسؤولين الخليجيين بشكل روتيني إلى الصراع باعتباره تطورا خطيرا وكارثة إنسانية، بينما انتقدوا إسرائيل لعدم سماحها بوصول المساعدات الإنسانية دون قيود، وأهمية التعامل بشكل شامل مع القضية الفلسطينية، ومخاوف من أن الحرب من المرجح أن تولد مستويات خطيرة من التطرف".

و"دعا العديد من المسؤولين، سرا وعلنا، الولايات المتحدة إلى ممارسة المزيد من القيادة واستخدام نفوذها لكبح جماح (حليفتها) إسرائيل، وفرض وقف إطلاق النار، جمع  الأطراف (المعنية) في مؤتمر دولي"، كما أردف روباك.

وزاد بأنه "ربما سعيا إلى استخدام لغة إدانة جديدة، دعا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مؤخرا إلى وقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل.. وفي حين أن بعض الانتقادات قاسية، يبدو أن الحكومات تحرص على عدم الإفراط في استعداء الولايات المتحدة أو الإضرار بشكل دائم بالعلاقات الرسمية أو غير الرسمية مع إسرائيل".

اقرأ أيضاً

إيران وأمريكا والتطبيع.. حرب غزة تضع دول الخليج أمام تحديات خطيرة

الدراما الكبرى

إلى حد ما، وفقا لروباك، "تمكنت دول الخليج من اجتياز الأزمة الحالية بنجاح، وحماية مصالحها، وتجنب التعرض للتمييز بسبب عدم حساسيتها أو تأثرها بشكل مفرط بأزمة غزة".

وتابع: "ومن المرجح أن يستمر المزيج الحالي من الاستراتيجيات في العمل بفعالية على المدى القصير والمتوسط، على افتراض إمكانية حل الأزمة في الأسابيع المقبلة".

واعتبر أن "الدراما الكبرى القادمة ستتضمن تحديد دول الخليج التي ستمارس أكبر قدر من النفوذ بمجرد توقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، وكيف تؤثر سيناريوهات اليوم التالي (لانتهاء الحرب) في غزة: احتلال إسرائيلي طويل الأمد (للقطاع) أو تمكين السلطة الفلسطينية أو تطورات أخرى".

ويصر قادة الاحتلال على استمرار الحرب المدمرة، على أمل إنهاء حكم "حماس" المتواصل لغزة منذ صيف 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة التي تقاوم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ عقود.

روباك قال إنه "يمكن لسيناريوهات اليوم التالي في غزة وأي علامات على تزايد التطرف في المنطقة أن توفر أيضا مؤشرات إنذار مبكر للأسئلة المتعلقة بنماذج التطبيع والحسابات الاستراتيجية ذات الصلة".

وختم بأنه "في حين أن أي أسئلة من هذا القبيل من غير المرجح أن تؤدي إلى انعكاسات في الاتجاه الاستراتيجي فيما يتعلق بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، إلا أنها قد تؤدي إلى مناصرة أكثر عدوانية للقضية الفلسطينية".

اقرأ أيضاً

إغاثة غزة.. دول الخليج ترسل 158 طائرة مساعدات إلى القطاع

المصدر | ويليام روباك/ معهد دول الخليج العربية في واشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة حرب إسرائيل دول الخلیج مع إسرائیل فی غزة

إقرأ أيضاً:

مسير شعبي حاشد بمديرية شعوب لتأكيد الجهوزية ونصرة للشعب الفلسطيني

الوحدة نيوز/ شهدت مديرية شعوب بأمانة العاصمة اليوم، مسيراً شعبياً ومسلحاً حاشد لخريجي الدورات العسكرية المفتوحة “طوفان الأقصى” من أبناء المديرية، تأكيداً على الجهوزية لمواجهة الأعداء ونصرة الشعب الفلسطيني المظلوم.

وجاب المشاركون في المسير الذي تقدمه وكيل أول أمانة العاصمة خالد المداني ومسؤول التعبئة بالمديرية عبدالله الكول وقيادات محلية وتنفيذية وأمنية ومسؤولي التعبئة بالأحياء وعقال وشخصيات اجتماعية، عدداً من الشوارع مروراً من أمام السفارة الأمريكية بصنعاء وصولاً إلى دوار الأربعين، رافعين الإعلام اليمنية والفلسطينية واللبنانية.

ورددوا الهتافات الداعمة والمساندة للشعب الفلسطيني في غزة، والمنددة بالعدوان الصهيوني على سوريا، واستمرار حرب الإبادة الجماعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني بمشاركة أمريكية ودعم غربي وتواطؤ دولي مهين.

وأكد المشاركون، الاستعداد والجاهزية الكاملة للتصدي لأعداء اليمن والأمة، ودعم ومساندة الأشقاء في فلسطين لمواجهة كيان العدو الصهيوني المجرم، الذي تمادى في ارتكاب أبشع الجرائم الوحشية والمروعة بحق سكان غزة.

وفي المسير الشعبي المسلح، أشاد الوكيل المداني بدور أبناء مديرية شعوب الذين كان لهم السبق في الجهاد، وخروجهم الكبير والمشرف في هذا المسير الحاشد الذي يأتي تنفيذاً لتوجيهات قائد الثورة بضرورة الحشد والتعبئة العامة لمواجهة العدو.

وأكد أن جميع سرايا قوات التعبئة بمديريات أمانة العاصمة، جاهزة ومستعدة للتحَرّك وخوض معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس تحت راية السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، بعد أن خاضت برنامجاً تدريبياً مكثّـفاً اكتسبت من خلاله مهارات وخبرات عززت من قدراتهم القتالية في مواجهة الأعداء ومخططاتهم.

وأكد بيان صادر عن المسير، على الموقف الثابت والمبدئي في نصرة الشعب الفلسطيني والاستمرار في هذا المسار بزخم أكبر وبمعنويات تقهر الأعداء، حتى إيقاف العدوان والحصار على أبناء غزة وفلسطين.

وأشار إلى استمرار دورات “طوفان الأقصى” العسكرية المفتوحة حتى تشمل الملايين من أبناء الشعب اليمني المقاتل، ورفع جهوزيتهم واستعدادهم لمواجهة أي تصعيد صهيوني أمريكي مهما كان نوعه أو حجمه.

وأدان البيان، العدوان الصهيوني على سوريا واحتلال أراضيها.. محذرا الشعوب العربية من المخطط الصهيوني الأمريكي فيما يعرف بالشرق الأوسط الجديد الذي يستهدف دول وشعوب الأمة.

ودعا علماء الأمة الإسلامية ونخبها الفكرية والثقافية ووسائلها الإعلامية إلى القيام بمسؤوليتهم تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ونشر الوعي القرآني حول خطورة العدو الصهيوني اليهودي ومخططاته الشيطانية التي تستهدف الجميع.

 

مقالات مشابهة

  • مسير شعبي حاشد بمديرية شعوب لتأكيد الجهوزية ونصرة للشعب الفلسطيني
  • أوكرانيا "غاضبة" من شحنة الحبوب القادمة من شبه جزيرة القرم المحتلة إلى الحوثيين في اليمن (ترجمة خاصة)
  • تفاؤل بقرب التوصل لاتفاق وقف حرب غزة ومغردون يتساءلون: هل إسرائيل جادة؟
  • إسرائيل تتوغل داخل ريف درعا وتتمركز في مواقع استراتيجية قرب الحدود السورية - الأردنية
  • سموتريتش مُعقّبا على صفقة التبادل: "سيئة ولا تخدم مصالح إسرائيل"
  • المبادرات الدبلوماسية أبرزها.. كيف يتعامل العالم مع قضية الشرق الأوسط
  • إسرائيل تتحدّث عن بلدة لبنانيّة جنوبيّة... ماذا شهدت خلال الحرب الأخيرة؟
  • إسرائيل: سنواصل السيطرة الأمنية على غزة بعد الحرب
  • أبو شامة: الغرب بدأ يتعامل مع الأمر الواقع الجديد لسوريا.. وهذا الدليل
  • إسرائيل: صفقة الرهائن "أقرب من أي وقت مضى"