الجزيرة:
2025-02-09@22:52:44 GMT

الامتنان لحماس ليس عقدة ستوكهولم

تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT

الامتنان لحماس ليس عقدة ستوكهولم

لقد اعتصرنا الألم، وأدمت قلوبَنا مشاهدُ الفقد، والثُّكْل، فهناك أطفال رضّع يموتون بالآلاف، ترقّ لمنظرهم قلوب الوحوش، لكن لا تلين لهم قلوب بعض البشر.

كلّنا منهكون من الحرب الضروس على غزة، كنا مستعدين نفسيًا أن نشاهد جرعة صغيرة من الرحمة، في هذا الليل الداجي، والسماء الملبّدة بالعتمة والتخريب والدماء والدمار، حتى جاءت المفاجأة، التي تشبه النسمات الدافئة في زمهرير الشتاء.

تفاجأنا جميعًا بتلك المشاهد التي أعادت لنا الإيمان بالإنسانية، من خلال تسليم حركة حماس الأسرى الإسرائيليين.

تحليل نفسي

هذه المشاهد التي انشغل بها الجميع، البعض وجد فيها رحمة، وفخرًا بشباب ينفذون وصايا رسول الله، صلى الله عليه وسلَّم. ورآها البعض مشاهد رومانسية، وابتسامات طيبة وحانية للأسرى، وهم يلوّحون ويصافحون بحرارة آسريهم.

وهو الأمر الذي أزعج قيادات الكيان أنفسهم، ودفعهم إلى أن يعزلوا الأسرى، ويمنعوهم من التحدّث إلى الإعلام.

وذهب البعض- خاصة المندهشين وغير المصدقين- إلى تحليل نفسي قديم يدل على أن تلك التصرفات هي مثال على "متلازمة ستوكهولم".

متلازمة ستوكهولم

هو مصطلح أطلقه عالِمُ الجرائم والأمراض النفسية، الدكتور نيلز بيجيروت كتفسير لردود الأفعال النفسية التي يعاني منها الرهائن والمخطوفون.

اسم متلازمة ستوكهولم مبنيّ على إحدى عمليات السطو على بنك في مدينة ستوكهولم بالسويد.

كان مرتكب عملية السطو- الذي يدعى جان إريك أولسون- قد احتجز في بداية العملية أربعةً من موظفي البنك رهائنَ لمدة ستة أيام من 23 إلى 28 أغسطس 1973.

خلال فترة الستة أيام هذه، حاولت شرطة مدينة ستوكهولم التفاوض مع أولسون، الذي طلب في سبيل إطلاق سراح الرهائن الحصول على ثلاثة ملايين كرون سويدي، "حوالي 700 ألف دولار حينها"، وإطلاق سراح زميل له في السجن، وهو كلارك أولوفسون، وإحضاره إلى المصرف للانضمام إليه، وسيارة للهروب بها لاحقًا.

وافقت شرطة المدينة على شروط أولسون، بما فيها إطلاق سراح أولوفسون، والسماح له بالانضمام إلى زميله.

خلال الستة أيام من الاحتجاز والمفاوضات بين أولسون والشرطة، بدا أن الرهائن الأربعة قد أظهروا سلوكًا غريبًا. لقد أيدوا في الواقع دوافع أولسون وطلبوا منه عدم الاستسلام للشرطة.

كانت الشرطة في ذلك الوقت تواصل التفكير في وسيلة لتحرير الرهائن الأربعة، حتى تمكنت أخيرًا من اقتحام الخزنة الرئيسية حيث كان أولسون يحتجز الرهائن.

بمجرد إجلاء الرهائن من البنك رفضوا الإدلاء بشهاداتهم أو توجيه اتهامات ضد الجاني.

وقالت إحدى الرهائن: إن الخاطف لم يفعل شيئًا، بل كان لطيفًا وودودًا للغاية.

واعتبر الطبيب نيلز بيجيروت- الذي ساعد الشرطة في هذه القضية- ما فعله موظفو البنك الأربعة بأنَّه أحد ردود أفعالهم النفسية خلال أيام الاحتجاز الستّة.

بحسب تلك النظرية، في أيام الاحتجاز هذه، يتكون لدى الضحية فيها اعتقاد فعلي بأن مرتكب الجريمة غير ضارّ.

أسئلة صعبة

بعد انتهائي من تصفح المقالات والدراسات المرتبطة بعقدة ستوكهولم، بدأت أعقد مقارنة بين أسرى حركة حماس وإسرائيل.

وثار في داخلي تساؤلات جديدة، لماذا لا تعامل إسرائيل الأسرى الفلسطينيين جيدًا حتى يصابوا بتلك العقدة؟ أم أن عقيدتها الصهيونية وعداءها المجنون للفلسطينيين حدَّا من قدراتها وذكائها.

تساؤل آخر: ما الفرق بين مختطفين بسبب سرقة أو عمل عدائي، وبين ما يمكن أن نصفهم مجازًا بـ "أسرى في قضية فلسطين العادلة"؟ لذا نحتاج إلى مصطلحات دقيقة جديدة.

إنَّ حالة الأسر وما يصاحبها من سوء المعاملة المتوقعة، هي من الأسباب التي جعلت الأسرى لدى حماس يشعرون بالتعاطف والتسامح مع آسريهم، إذ وجدوا عكس ما كانوا يتوقعون، فعدم إلحاق الأذى بهم كان سبب شعورهم بالامتنان والنظر بعين الحقيقة إلى آسريهم على أنّهم إنسانيّون.

على العكس في الجانب الآخر، نرى الفلسطينيين الذين تعرضوا للتعذيب الجسدي والنفسي والمعنوي، حسب شهادات الأسرى المحرّرين الذين أدلوا بها أمام وسائل الإعلام. ولا سيما الأطفال الذين لم تمنع أعمارهم الاحتلال من التنكيل بهم والمعاملة غير الإنسانية.

وهو ما يخالف اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة والتي جاء فيها: "ألا يعرض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة دون وجود إمكانية للإفراج عنهم"، وأيضًا " ألا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية. ويجب أن يجرَى اعتقال الطفل أو احتجازه أو سجنه وَفقًا للقانون".

في مثل هذه المواقف الصعبة والمهددة للحياة، سيبدو فعلًا صغيرًا مشمولًا باللطف أو عدم القيام بأي أعمال عنف بمثابة علامة على الصداقة.

ذلك ما أشعر الكيان البغيض وإعلامه بالغضب من تلك الإشارات والابتسامات على وجوه الأسرى بالامتنان والشكر لآسريهم، ما دفعهم للتشكيك في ذلك، وقولهم: إن الأسرى فعلوا ذلك خوفًا من قتلهم، من قبل الآسرين من حركة حماس.

لكن لا شيءَ يجبر الأسير أو المخطوف على الابتسام لخاطفه، وهو في سيارة الصليب الأحمر، إلا الإنسانية التي عُومل بها هؤلاء أثناء احتجازهم، لا ككيانهم البغيض الذي سلّم جنودُه أسرانا وهم محطّمون نفسيًا، ومحمّلون بالألم.

لطالما خطط الإسرائيليون لتشويه العرب، ودفعوا أموالًا طائلة، وجاءت تلك المشاهد العفوية لتدحض كذبَهم وافتراءَهم، "ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين".

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

"حماس" تسلم ثلاثة من الرهائن الإسرائيليين للصليب الأحمر في إطار صفقة تبادل الأسرى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

سلمت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس اليوم (السبت) ثلاثة من الرهائن الإسرائيليين، محتجزين لديها منذ السابع من أكتوبر عام 2023 إلى طواقم الصليب الأحمر الدولي، ضمن الدفعة الخامسة من المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وسلمت كتائب القسام الرهائن الإسرائيليين الثلاثة إلياهو داتسون يوسف، اور ابراهم ليفي، اوهاد بن عامي إلى الصليب الأحمر الدولي في دير البلح وسط قطاع غزة، وسط تواجد حشد من السكان الفلسطينيين وانتشار عناصر القسام بلباسهم العسكري وأسلحتهم.
وخلال مراسم التسليم، رفعت صور قادة حماس وكتائب القسام الذين استشهدوا خلال المعارك مع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، كما رفعت لافتة على منصة التسليم باللغتين العربية والعبرية تحت عنوان "نحن الطوفان..نحن اليوم التالي".
في المقابل، من المقرر أن تفرج إسرائيل في وقت لاحق اليوم عن 183 أسيرًا فلسطينيًا، ضمن الدفعة الخامسة من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بينهم 18 أسيرا محكوما بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، و54 أسيرا من ذوي الأحكام العالية، و111 أسيرا من أسرى قطاع غزة الذين جرى اعتقالهم بعد السابع من أكتوبر 2023.
وتعد عملية التبادل اليوم الأحدث في سلسلة من عمليات التبادل منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في 19 يناير الماضي والتي أعادت حتى الآن 13 رهينة إسرائيلية بالإضافة إلى خمسة عمال تايلانديين، مقابل إفراج إسرائيل عن 583 سجينا ومعتقلا فلسطينيا، أُبعد العشرات منهم للخارج.
ويتكون اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوما، تشمل المرحلة الأولى - في الشق المتعلق بتبادل الأسرى -، الإفراج تدريجيا عن 33 إسرائيليا محتجزا بغزة سواء الأحياء أو جثامين الأموات، مقابل قرابة ألفي أسير فلسطيني.
وتتعلق المرحلة الثانية من الاتفاق بعودة الهدوء المستدام التام، وتبادل أعداد أخرى من الأسرى والمحتجزين.. فيما تركز المرحلة الثالثة على تبادل جثامين ورفات الموتى الموجودة لدى الطرفين.
وفي 19 يناير الماضي، بدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية.

مقالات مشابهة

  • بالصور.. ما الرسائل التي توصلها كتائب القسام خلال تسليم الأسرى؟
  • حماس: تدهور صحة الأسرى المحررين تكشف الأوضاع المأساوية التي يعيشونها داخل سجون العدو الصهيوني.
  • BBC: جيش الاحتلال تسلم الرهائن الإسرائيليين الثلاثة
  • حماس تسلم 3 من الرهائن الإسرائيليين للصليب الأحمر
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: الرهائن ليس لديهم وقت وعلينا سرعة إخراجهم
  • الرهائن الإسرائيليون في طريقهم إلى مواقع جيش الاحتلال بقطاع غزة
  • رسالة من الرهائن الإسرائيليين المفرج عنهم في غزة إلى نتنياهو
  • "حماس" تسلم ثلاثة من الرهائن الإسرائيليين للصليب الأحمر في إطار صفقة تبادل الأسرى
  • إعلام عبري: الأسرى الإسرائيليون المقرر الإفراج عنهم من غزة سينقلون إلى منشأة عسكرية
  • أبرز الأسماء التي ستفرج عنها إسرائيل اليوم ضمن صفقة التبادل مع حماس