ماذا وراء التحول في موقف صندوق النقد المتشدد من مصر.. وما علاقة غزة؟
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
عكس صندوق النقد الدولي موقفه من مصر، ثاني أكبر مقترض من الصندوق، من الانتقاد بعدم الالتزام بإجراءات الإصلاح الاقتصادي، إلى الإشادة بجهودها في الحفاظ على استقرار الاقتصاد وتأكيد دعمه بشكل كامل، تبابين واضح في موقف الصندوق.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، بعد اجتماعها بالرئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، على هامش قمة المناخ 28 الإمارات، الجمعة، في منشور على موقع التواصل "إكس": "أُحيي مصر على دورها في المنطقة، وعلى التزامها باستقرار الاقتصاد العام في بيئة كلها تحديات"، مضيفة أن "صندوق النقد يؤيد بكل قوة مساعي مصر للإصلاح".
وقبل اندلاع الحرب على قطاع غزة، كانت جورجييفا حذرت، مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي من أن مصر "ستستنزف احتياطياتها الثمينة" ما لم تخفض قيمة عملتها مرة أخرى.
وقالت في وقت سابق، إن دعم قيمة الجنيه لا يُمكن أن يستمر للأبد، مُشبهة ذلك بصب الماء في إناء مثقوب، ورهنت صرف أي دفعات من القرض بتحقيق تقدم في تنفيذ الشروط.
ورغم قيام مصر بخفض عملتها المحلية 3 مرات من مستوى 15.7 جنيها للدولار إلى نحو 31 جنيها للدولار رسميا، اعتبرت جورجييفا إن مصر تؤخر ما لا مفر منه، وكلما طال الانتظار، أصبح الأمر أسوأ، في إشارة إلى ضرورة تحرير سعر صرف الجنيه.
Excellent meeting with???????? President @AlsisiOfficial at @COP28_UAE. I commended Egypt for its important role in the region, and for its commitment to macroeconomic stability in a challenging environment. @IMFNews strongly supports Egypt’s reform efforts. pic.twitter.com/51KF7dVSKb — Kristalina Georgieva (@KGeorgieva) November 30, 2023
منذ توقيع اتفاقية برنامج حزمة المساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار نهاية العام الماضي، فشلت الحكومة المصرية في الالتزام بتعهداتها، بما في ذلك سعر الصرف المرن بالكامل، وأجّل الصندوق المراجعتين اللتين كانتا مقررتين في آذار/ مارس وأيلول/سبتمبر الماضيين.
ومنذ اندلاع الحرب في غزة في أعقاب عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ألقت بظلالها على الاقتصاد المصري، وتحولت أنظار العالم إلى مصر التي تشرف على المعبر البري الوحيد مع قطاع غزة من أجل إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر.
لكن النقطة الأكثر إثارة هو الحديث عن مخطط إسرائيلي لتهجير سكان قطاع غزة إلى مصر من أجل إقامة منطقة عازلة والذي ترجمه جيش الاحتلال بتدمير شمال قطاع غزة بشكل كامل ودعوته للسكان بالنزوح إلى الجنوب ومن الجنوب إلى رفح بالقرب من الحدود المصرية.
وقبل أسبوعين، قالت مديرة صندوق النقد الدولي إن الصندوق "يدرس بجدية" زيادة محتملة لبرنامج القروض لمصر البالغ 3 مليارات دولار؛ نتيجة الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن حرب إسرائيل على غزة، مثل الخسائر في إيرادات السياحة وارتفاع تكاليف الطاقة.
هذا التحول في موقف صندوق النقد الدولي أثار تساؤلات حول علاقته بالحرب على قطاع غزة أو بخطط التهجير الإسرائيلية لسكان القطاع إلى مصر، وهل يتنازل صندوق النقد عن شروطه القاسية لاستكمال برنامجه مع مصر.
أسباب سياسية وليست اقتصادية
إذا ما كانت الحرب على غزة قد تغير من حسابات الصندوق، يقول الخبير الاقتصادي، إبراهيم نوار، إن "هناك تحولات جيوستراتيجية في المنطقة، ونظرا لدور مصر التاريخي في الشرق الأوسط ووزنها الاستراتيجي وتعاونها مع الولايات المتحدة في حفظ التوازن الإقليمي على النسق المطلوب، ولغيرها من الأسباب السياسية وليس لأسباب اقتصادية كان التغير في موقف صندوق النقد الدولي".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "ليس لأحد مصلحة في أن تنهار مصر اقتصاديا في وقت شديد الحرج والحساسية في الشرق الأوسط، العامل الثاني المهم كما نلاحظ هو أن كلا من السعودية والإمارات تتسابقان على الاستحواذ على المزيد من الأصول الاستثمارية في مصر".
إضافة إلى العاملين الآخرين، يرى نوار أن "العامل الثالث هو استعداد الاتحاد الأوروبي لضخ أموال في تمويل مشروعات بنية أساسية حيوية في مصر مثل مشروع القطار الكهربائي في الإسكندرية. ومع ذلك فإن السياسة المالية والنقدية للحكومة المصرية في حاجة لإصلاحات جذرية، ولا أظن أن صندوق النقد الدولي سيتهاون في نقد السياسة الحالية والمطالبة بإصلاحها.
واختتم حديثه بالقول إن "مصر تحصل على مكافأة جيوستراتيجية من جديد كما حدث في عام 1991"، في إشارة إلى مشاركتها في حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي.
أزمة خانقة في 2024
وواصلت ديون مصر المستحقة في عام 2024 الارتفاع، في أحدث تقاريره، توقع البنك المركزي المصري أن يبلغ إجمالي أقساط الديون والفوائد المستحقة على البلاد نحو 42.3 مليار دولار خلال عام 2024 وحده ما يعادل نحو 25% من إجمالي الديون الخارجية البالغة نحو 165 مليار دولار.
كما ارتفع عجز صافي الأصول الأجنبية إلى مستوى قياسي في تشرين الأول/ أكتوبر إلى 27.2 مليار دولار، فيما ارتفع عجز صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي إلى 11.3 مليار دولار في نفس الفترة بحسب بيانات البنك المركزي.
ليس دعما مفتوحا
في تقديره يعتقد الخبير الاقتصادي والأكاديمي المصري، الدكتور علي عبد العزيز، أن "الوضع الاقتصادي المصري الآن لا يحتمل أن يتجاهل صندوق النقد بعض شروط برنامج تمويل مصر 3 مليار دولار وبالأخص مرونة سعر الصرف وزيادة الحصيلة الدولارية بما قيمته 14 مليار دولار من خلال الطروحات الحكومية للأصول واستثمارات غير مباشرة خليجية مثل تمديد الودائع وزيادتها وبالتالي أقصى ما يمكن فعله من الصندوق في حالة استمر السيسي في دعم أهداف الغرب في غزة هو زيادة القرض من 3 مليارات دولار إلى 5 أو 6 مليارات دولار والحصول على شهادة من الصندوق بأن الاقتصاد المصري يسير في الاتجاه الصحيح".
ورأى في حديثه لـ"عربي21" أن "الأزمة الدولارية المصرية والتي أدت لارتفاع سعر الصرف فوق الـ51 جنيه للدولار مع مستوى تضخم مرتفع جدا وعجز عن تغطية عشرات المليارات للاستيراد توضح لنا حجم الخلل في الاقتصاد الكلى وهيكل الناتج المحلي والذي أنهك الدولة والشعب خلال 10 سنوات بالاعتماد على سياسة مفتوحة للاقتراض رفعت الدين الخارجي لـ نحو 165 مليار دولار وإنفاق أكثر من 400 مليار دولار على مشروعات لا يرى جدواها إلا السيسي نفسه".
وكل ما سبق بحسب عبد العزيز أصاب الشعب بأزمات معيشة وغذاء وخفض إنفاقه المقوم بالدولار من 337 مليار دولار فى 2021 إلى 262 مليار دولار فى 2023، نحن نتجه خلال عام أو عامين لمستويات سعر للدولار تقترب أو تساوي 100 جنيه للدولار الواحد، فعلى سبيل المثال هناك مؤشر خدمة الدين الذي ارتفع لمستوى 30 مليار دولار خلال 2024 وقريب من ذلك خلال 2025 ما يعزز استمرار الفجوة وارتفاع سعر الصرف والتضخم".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية صندوق النقد مصر السيسي غزة الديون مصر السيسي غزة صندوق النقد الديون سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صندوق النقد الدولی ملیارات دولار ملیار دولار سعر الصرف قطاع غزة فی موقف
إقرأ أيضاً:
«SRMG Think» تناقش تقرير صندوق النقد عن اقتصادات الخليج
استضافت «SRMG Think»، الذراع البحثية والاستشارية للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، نقاشاً رفيع المستوى حول أحدث تقرير لصندوق النقد الدولي عن دول الخليج، الذي تناول تحقيق الرؤى في ظل الاضطرابات الجيوسياسية، والآفاق الاقتصادية، وأولويات السياسات، بمشاركة نخبة من صانعي السياسات، والخبراء الاقتصاديين، والدبلوماسيين، وقادة القطاع الخاص.
ووفقاً لـ “الشرق الأوسط” ناقش المشاركون خلال الجلسة التي أقيمت في الرياض، الثلاثاء، موضوعات عدة، بينها مرونة الاقتصاد بدول الخليج، والنمو الملحوظ للأنشطة غير المتعلقة بالهيدروكربونات، والتقدم المستمر في تنفيذ الإصلاحات، ودور القطاع الخاص في تعزيز التحول الاقتصادي، كما استعرضوا المخاطر التي قد تؤثر على الآفاق المستقبلية، وأولويات السياسات على المدى المتوسط.
وقال أمين ماتي، رئيس بعثة الصندوق إلى السعودية ورئيس قسم دول الخليج، إن المملكة «تحقق تقدماً ملحوظاً في مسيرة الإصلاحات، مدعومةً بطلب محلي قوي يحافظ على نمو القطاعات غير النفطية عند مستويات قوية»، مبيناً أنها «تتصدّر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نمو البحث والتطوير عبر الاعتماد المتزايد على قوى عاملة عالية المهارة، مما يعزز مكانتها مركزاً إقليمياً للابتكار».
أخبار قد تهمك السعودية والهند تعززان التعاون في الصناعات الاستراتيجية الواعدة 5 فبراير 2025 - 12:46 صباحًا السماح لشركات الطيران الأجنبية بنقل الركاب داخلياً في السعودية 4 فبراير 2025 - 2:30 مساءًوأوضح أن الإصلاحات المالية، بما فيها التعديلات الضريبية الشاملة، ساهمت في مضاعفة الإيرادات غير النفطية خلال السنوات الخمس الماضية، مضيفاً: «نتيجة لذلك، انخفض الفارق بين الإيرادات الضريبية المحتملة والفعلية في السعودية إلى نحو 9 في المائة، مقارنةً بـ15 في المائة في دول مجلس التعاون الخليجي».
ويرى رئيس بعثة الصندوق أن «الاحتياطيات المالية والخارجية تظل قوية رغم تقلص الحساب الجاري، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي للمملكة».
بدورها، أكدت نداء المبارك، المديرة التنفيذية لـ«SRMG Think»، أهمية النقاشات المبنية على البيانات في صياغة السياسات الاقتصادية للمنطقة، معربةً عن التزامهم بتقديم حوارات ذات تأثير كبير تجمع صانعي السياسات، والخبراء، وقادة الصناعة من القطاعين العام والخاص، للتعامل مع المشهد الاقتصادي الحالي.
وأضافت المبارك: «تؤكد مناقشتنا اليوم ضرورة تبني سياسات استباقية، والتخطيط الاستراتيجي؛ للحفاظ على مرونة اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي، في ظل بيئة عالمية متغيرة».
كان بالازس شزونتو، نائب مدير المكتب الإقليمي للصندوق في الرياض، قد افتتح النقاش بعرض النتائج الرئيسية للتقرير، وأبرز التطورات الاقتصادية الأخيرة بدول الخليج، والمخاطر التي تهدد الآفاق المستقبلية، وأولويات السياسات للتصدي لها. بينما تولت إدارة الجلسة هازار كاراكالا، مستشار أول للسياسات في «SRMG Think».