عكس صندوق النقد الدولي موقفه من مصر، ثاني أكبر مقترض من الصندوق، من الانتقاد بعدم الالتزام بإجراءات الإصلاح الاقتصادي، إلى الإشادة بجهودها في الحفاظ على استقرار الاقتصاد وتأكيد دعمه بشكل كامل، تبابين واضح في موقف الصندوق.

وقالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، بعد اجتماعها بالرئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، على هامش قمة المناخ 28 الإمارات، الجمعة، في منشور على موقع التواصل "إكس": "أُحيي مصر على دورها في المنطقة، وعلى التزامها باستقرار الاقتصاد العام في بيئة كلها تحديات"، مضيفة أن "صندوق النقد يؤيد بكل قوة مساعي مصر للإصلاح".



وقبل اندلاع الحرب على قطاع غزة، كانت جورجييفا حذرت، مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي من أن مصر "ستستنزف احتياطياتها الثمينة" ما لم تخفض قيمة عملتها مرة أخرى.

وقالت في وقت سابق، إن دعم قيمة الجنيه لا يُمكن أن يستمر للأبد، مُشبهة ذلك بصب الماء في إناء مثقوب، ورهنت صرف أي دفعات من القرض بتحقيق تقدم في تنفيذ الشروط.



ورغم قيام مصر بخفض عملتها المحلية 3 مرات من مستوى 15.7 جنيها للدولار إلى نحو 31 جنيها للدولار رسميا، اعتبرت جورجييفا إن مصر تؤخر ما لا مفر منه، وكلما طال الانتظار، أصبح الأمر أسوأ، في إشارة إلى ضرورة تحرير سعر صرف الجنيه.

Excellent meeting with???????? President @AlsisiOfficial at @COP28_UAE. I commended Egypt for its important role in the region, and for its commitment to macroeconomic stability in a challenging environment. @IMFNews strongly supports Egypt’s reform efforts. pic.twitter.com/51KF7dVSKb — Kristalina Georgieva (@KGeorgieva) November 30, 2023

منذ توقيع اتفاقية برنامج حزمة المساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار نهاية العام الماضي، فشلت الحكومة المصرية في الالتزام بتعهداتها، بما في ذلك سعر الصرف المرن بالكامل، وأجّل الصندوق المراجعتين اللتين كانتا مقررتين في آذار/ مارس وأيلول/سبتمبر الماضيين.

ومنذ اندلاع الحرب في غزة في أعقاب عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ألقت بظلالها على الاقتصاد المصري، وتحولت أنظار العالم إلى مصر التي تشرف على المعبر البري الوحيد مع قطاع غزة من أجل إدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر.

لكن النقطة الأكثر إثارة هو الحديث عن مخطط إسرائيلي لتهجير سكان قطاع غزة إلى مصر من أجل إقامة منطقة عازلة والذي ترجمه جيش الاحتلال بتدمير شمال قطاع غزة بشكل كامل ودعوته للسكان بالنزوح إلى الجنوب ومن الجنوب إلى رفح بالقرب من الحدود المصرية.

وقبل أسبوعين، قالت مديرة صندوق النقد الدولي إن الصندوق "يدرس بجدية" زيادة محتملة لبرنامج القروض لمصر البالغ 3 مليارات دولار؛ نتيجة الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن حرب إسرائيل على غزة، مثل الخسائر في إيرادات السياحة وارتفاع تكاليف الطاقة.

هذا التحول في موقف صندوق النقد الدولي أثار تساؤلات حول علاقته بالحرب على قطاع غزة أو بخطط التهجير الإسرائيلية لسكان القطاع إلى مصر، وهل يتنازل صندوق النقد عن شروطه القاسية لاستكمال برنامجه مع مصر.

أسباب سياسية وليست اقتصادية
إذا ما كانت الحرب على غزة قد تغير من حسابات الصندوق، يقول الخبير الاقتصادي، إبراهيم نوار، إن "هناك تحولات جيوستراتيجية في المنطقة،  ونظرا لدور مصر التاريخي في الشرق الأوسط ووزنها الاستراتيجي وتعاونها مع الولايات المتحدة في حفظ التوازن الإقليمي على النسق المطلوب، ولغيرها من الأسباب السياسية وليس لأسباب اقتصادية كان التغير في موقف صندوق النقد الدولي".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "ليس لأحد مصلحة في أن تنهار مصر اقتصاديا في وقت شديد الحرج والحساسية في الشرق الأوسط، العامل الثاني المهم كما نلاحظ هو  أن كلا من السعودية والإمارات تتسابقان على الاستحواذ على المزيد من الأصول الاستثمارية في مصر".

إضافة إلى العاملين الآخرين، يرى نوار أن "العامل الثالث هو استعداد الاتحاد الأوروبي لضخ أموال في تمويل مشروعات بنية أساسية حيوية في مصر مثل مشروع القطار الكهربائي في الإسكندرية. ومع ذلك فإن السياسة المالية والنقدية للحكومة المصرية في حاجة لإصلاحات جذرية، ولا أظن أن صندوق النقد الدولي سيتهاون في نقد السياسة الحالية والمطالبة بإصلاحها.

واختتم حديثه بالقول إن "مصر تحصل على مكافأة جيوستراتيجية من جديد كما حدث في عام 1991"، في إشارة إلى مشاركتها في حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي.

أزمة خانقة في 2024
وواصلت ديون مصر المستحقة في عام 2024 الارتفاع، في أحدث تقاريره، توقع البنك المركزي المصري أن يبلغ إجمالي أقساط الديون والفوائد المستحقة على البلاد نحو 42.3 مليار دولار خلال عام 2024 وحده ما يعادل نحو 25% من إجمالي الديون الخارجية البالغة نحو 165 مليار دولار.

كما ارتفع عجز صافي الأصول الأجنبية إلى مستوى قياسي في تشرين الأول/ أكتوبر إلى 27.2 مليار دولار، فيما ارتفع عجز صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي إلى 11.3 مليار دولار في نفس الفترة بحسب بيانات البنك المركزي.



ليس دعما مفتوحا
في تقديره يعتقد الخبير الاقتصادي والأكاديمي المصري، الدكتور علي عبد العزيز، أن "الوضع الاقتصادي المصري الآن لا يحتمل أن يتجاهل صندوق النقد بعض شروط برنامج تمويل مصر 3 مليار دولار وبالأخص مرونة سعر الصرف وزيادة الحصيلة الدولارية بما قيمته 14 مليار دولار من خلال الطروحات الحكومية للأصول واستثمارات غير مباشرة خليجية مثل تمديد الودائع وزيادتها وبالتالي أقصى ما يمكن فعله من الصندوق في حالة استمر السيسي في دعم أهداف الغرب في غزة هو زيادة القرض من 3 مليارات دولار إلى 5 أو 6 مليارات دولار والحصول على شهادة من الصندوق بأن الاقتصاد المصري يسير في الاتجاه الصحيح".

ورأى في حديثه لـ"عربي21" أن "الأزمة الدولارية المصرية والتي أدت لارتفاع سعر الصرف فوق الـ51 جنيه للدولار مع مستوى تضخم مرتفع جدا وعجز عن تغطية عشرات المليارات للاستيراد توضح لنا حجم الخلل في الاقتصاد الكلى وهيكل الناتج المحلي والذي أنهك الدولة والشعب خلال 10 سنوات بالاعتماد على سياسة مفتوحة للاقتراض رفعت الدين الخارجي لـ نحو 165 مليار دولار وإنفاق أكثر من 400 مليار دولار على مشروعات لا يرى جدواها إلا السيسي نفسه".

وكل ما سبق بحسب عبد العزيز أصاب الشعب بأزمات معيشة وغذاء وخفض إنفاقه المقوم بالدولار من 337 مليار دولار فى 2021 إلى 262 مليار دولار فى 2023، نحن نتجه خلال عام أو عامين لمستويات سعر للدولار تقترب أو تساوي 100 جنيه للدولار الواحد، فعلى سبيل المثال هناك مؤشر خدمة الدين الذي ارتفع لمستوى 30 مليار دولار خلال 2024 وقريب من ذلك خلال 2025 ما يعزز استمرار الفجوة وارتفاع سعر الصرف والتضخم".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية صندوق النقد مصر السيسي غزة الديون مصر السيسي غزة صندوق النقد الديون سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صندوق النقد الدولی ملیارات دولار ملیار دولار سعر الصرف قطاع غزة فی موقف

إقرأ أيضاً:

مديرة صندوق النقد الدولي: التوترات التجارية مثل قِدر طال غليانه وبلغ نقطة الفوران

الاقتصاد نيوز - متابعة

قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا إن تقلبات الأسواق المالية ترتفع، وعدم اليقين بشأن السياسات التجارية وصلت إلى حدود غير مسبوقة.

وأضافت غورغييفا، خلال كلمتها عن آفاق الاقتصاد العالمي، يوم الخميس، أنه مع تصاعد التوترات التجارية خلال الفترة الأخيرة، انخفضت أسعار الأسهم في الأسواق العالمية، حتى وإن استمر الكثير من التقييمات على ارتفاعه.

وتابعت قائلة: "تذكرة بأننا نعيش في عالم من التحولات المفاجئة والكاسحة". "إيجاد اقتصاد عالمي أكثر توازناً وأقدر على الصمود هدف قريب المنال. وعلينا العمل على تحقيقه".

ووصفت مديرة صندوق النقد التوترات التجارية بأنها مثل "قِدر طال غليانه، وقد بلغ اليوم نقطة الفوران". وأضافت: "ما نراه اليوم هو، إلى حد كبير، نتيجة تآكل الثقة - الثقة في النظام الدولي، والثقة بين البلدان".

وأشارت إلى أن التكامل الاقتصادي العالمي رفع الكثير من الناس من مستويات الفقر وجعل العالم ككل مكاناً أفضل. ولكن المنافع لم تكن للجميع. 

وقالت غورغييفا: "تعرضت المجتمعات المحلية للتفريغ بسبب انتقال الوظائف إلى الخارج. وتم كبح الأجور بسبب توافر المزيد من العمالة منخفضة التكلفة. وارتفعت الأسعار حين اضطربت سلاسل الإمداد العالمية. وكثيرون ينحون باللوم على النظام الاقتصادي الدولي بسبب الشعور بعدم الإنصاف في حياتهم".

وتحدثت مديرة الصندوق إلى نظر الدول إلى اعتبارات الأمن القومي قائلة: "في عالم متعدد الأقطاب، قد يكون مكان صنع المنتج أهم من تكلفته. فمنطق الأمن القومي يقول بضرورة صناعة مجموعة كبيرة من السلع الاستراتيجية محلياً، بداية من رقائق الكمبيوتر وحتى الصلب، وأن هذا الأمر يستحق ما يُنفق من أجله. وفي ذلك إحياء لفكر الاعتماد على الذات".

وأشارت إلى الزيادات الأخيرة في التعرفات الجمركية وإجراءات تعليقها وحالات التصعيد والإعفاءات، وقالت: "يبدو واضحاً أن معدل التعرفة الفعلي الأميركي قفز إلى مستويات لم نشهدها منذ أزمنة بعيدة. وكانت هناك ردود أفعال من بلدان أخرى".

تداعيات التوترات الجمركية

ذكرت غورغييفا أن البلدان الأصغر نفسها تجد نفسها عالقة وسط تيارات متعاكسة في ظل تصادم الدول العملاقة، مشيرة إلى الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة - على الرغم من تراجع وارداتها نسبياً إلى إجمالي الناتج المحلي - هي أكبر ثلاثة مستوردين في العالم.

وقالت إن الاقتصادات المتقدمة الأصغر ومعظم الأسواق الصاعدة أكثر اعتماداً على التجارة لتحقيق النمو، وبالتالي فهي أكثر عرضة للمخاطر بما يحدث في الوقت الحالي، بما في ذلك تشديد الأوضاع المالية. 

وأضافت مديرة الصندوق: "تواجه البلدان منخفضة الدخل تحدياً إضافياً يتمثل في انهيار تدفقات المعونة في ظل تحول تركيز البلدان المانحة إلى التعامل مع المخاوف المحلية".

وذكرت أنه يجب على الاقتصادات الصاعدة المحافظة على مرونة سعر الصرف كأداة لامتصاص الصدمات. أما تشديد القيود على الميزانية فيستتبع مواجهة خيارات صعبة في كل مكان، لكنها ستكون أصعب في البلدان منخفضة الدخل. 

وأوضحت أن ضعف الإيرادات سيتطلب بذل جهود أقوى لتعبئة الموارد المحلية، لكنه يدعو كذلك إلى الدعم من الشركاء الدوليين لتحسين القدرة على تنفيذ الإصلاحات، وضمان الحصول على المساعدة المالية الضرورية.    

وقالت غورغييفا: "ينبغي للبلدان التي عليها ديون عامة لا يمكنها الاستمرار في تحملها أن تتحرك بشكل استباقي لاستعادة استدامة قدرتها على تحملها، بما في ذلك في بعض الحالات عن طريق اتخاذ القرار الصعب باللجوء إلى إعادة هيكلة الديون".


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • صندوق النقد يحذر من تراجع النمو بسبب التوتر التجاري الذي أشعله ترامب
  • مديرة صندوق النقد الدولي: التوترات التجارية مثل قِدر طال غليانه وبلغ نقطة الفوران
  • صندوق النقد: التوترات التجارية تهدد النمو العالمي وتتطلب تعاونا دوليا عاجلا
  • النقد الدولي: العالم يواجه اختبارا جديدا بسبب اضطرابات التجارة العالمية
  • صندوق “هدف” يستعرض خدماته ومنتجاته في ورشة عمل بغرفة تبوك
  • صندوق النقد الدولي يقدم تسهيلات لمالي وغامبيا
  • خالد حنفي: ندرس إنشاء برنامج مسؤولية اجتماعية تجاه القدس من خلال سهم خيري
  • ربيع صندوق النقد وقانون المصارف: إصلاح مطلوب أم تسوية مرحلية؟
  • نصية: محافظ المركزي فضّل صندوق النقد على البرلمان.. وهذا خطر على السيادة
  • نصيّة لـ “المحافظ”: هل تقديم المعلومات إلى صندوق النقد أهم من تقديمها لمجلس النواب والشعب؟