من مبادئ المسؤولية في الحروب والأزمات
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
من عجائب ما وصلت إليه حالة تغييب وعي كثير من الشعوب العربية والإسلامية والمتخلفة عموما باستخدام إمكاناتها أن أصبحت مظلومية الشعب الفلسطيني محل نقاش، وهذا في الغالب ناتج عن الخلط بين عدالة القضية الفلسطينية وبين السياسات التي تفصل الأقوال والأفعال وبين العلم والإعلام وكأن من هم في موقع القرار سواء تعلق بتسيير شؤون ما يسمى السلطة أو المقاومة جميعهم وصلوا إلى حالة من الاستهتار بالشأن العام لدرجة يخال معها المرء كما لو أنه أمام شأن خاص بمتخذ القرار ما غذى نزعة الاستبداد عند بعض رموز السلطة ومنافسيهم وهذا السلوك يؤكد أن حكام الدول ومنظمات المقاومة لم تستفد من سلوك العدو سوى في مزيد من الفصل بين الأخلاق والسياسة، وتجاهلوا تماماً اهتمام العدو الصهيوني بالعلم في ما يرتكبه من جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، مع أن المقاومة هي الأجدر باتباع المنهج العلمي في مقاومة الظلم الظالمين.
ومن البديهي القول بأن أي دولة أو أمة لا تحترم العلم ومبدأ سيادة القانون ولا تجعل لهما المكانة المستحقة لن تقوم لها قائمة، والمقصود بالعلم هنا العلم بمعناه الشامل وعلى الخصوص العلم التطبيقي العملي لقيامه على اليقين ولو كان نسبياً وعلى التجربة العملية ودراسة الظواهر والفرضيات مثل علم الطب والهندسة والأحياء والفيزياء والكيمياء والفلك والجيولوجيا وكل فروع العلم الذي يُعد التطبيق العملي فيه معيار صحة النظرية، ولا غنى عن إعمال العقل والمنطق في مختلف العلوم بما فيها العلوم النظرية كالفلسفة وعلم الآثار والتاريخ والمعارف المتعلقة بالعقائد والأديان أو ما يطلق عليه مجازاً علم اللاهوت ومن ذلك فقه الشريعة الإسلامية بفرعيه العبادات والمعاملات المستمدة من مصادر الشريعة (الكتاب والسنة) والإجماع والقياس والمصالح المرسلة وشرع من قبلنا والشروح والتفاسير والروايات والسير وجميعها يغلب عليه الظن، ولهذا يجب التأكيد على أن جميع العلوم والمعارف تستوجب تمتع الدارس بحرية البحث العلمي ليكون قادراً على الإبداع والاستنباط فالحرية بوابة الانطلاق نحو الإبداع، وهي كذلك ضرورية للحصول على الآراء الموصلة إلى القرار السليم سواء في حالة السلم أو الحرب وغياب الحرية أهم أسباب ضعف الأمم والشعوب المتخلفة المحكومة بالاستبداد ومنها غالبية الدول العربية والإسلامية لميلها إلى الدعة ومنافقة حكامها كنوع من محاولة الهروب من المسؤولية في اتخاذ القرار وعدم الجدية في المشاركة، لذا فإن غالبية القرارات الاستراتيجية تكون خاطئة ونتائجها على المجتمع بل وعلى الحكام كارثية وهذا الهروب لا يعفي الشعوب من المسؤولية ولا يجديها نفعاً وإن كان الحكام هم من اتخذوا القرار رغم أن القسط الأكبر تاريخياً وقانونياً وأخلاقياً يقع على متخذه، وأي أمة لا تراجع تاريخها بجدية وأمانة ومسؤولية لتتعرف على مواطن الأخطاء والهزائم والنكسات وتراجع أسبابها على الأقل لتجنب تكرارها وتواجه نفسها وقادتها بالحقائق وتحاسبهم على القرارات غير المدروسة حتماً تكرر الهزائم والنكسات وأخطر من ذلك ميل الشعوب والقيادات غير الواعية إلى المكابرة وعدم تسمية الحقائق بأسمائها إذ ليس من العيب أن تنهزم ولكن العيب كل العيب أن لا تعترف بالهزائم المتكررة ولا تمعن النظر في أسبابها لتجنبها مستقبلاً، وهذا ما أدى إلى إضعاف أوطانهم فسهَّل للمعتدي التدخل في شؤونها واحتلال أجزاء منها أو كلها، وغابت عنها روح المسؤولية والمبادرة في اتخاذ القرار المناسب للمحاسبة القانونية والأخلاقية.
نعم لقد أدى إهمال المراجعة والمحاسبة المبنية على الوقائع والأدلة الواضحة إلى تكرار الأزمات والحروب واستمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والعسكرية وكل مجالات الحياة.
إن عدالة أي قضية لا تكفي لكي يقوم أي فرد أو حزب أو جماعة أو حركة باتخاذ قرار الحرب أو السلم أو أي قرار اقتصادي أو عسكري أو غيره متعلق بالقضية أو يمس كيان الدولة ومستقبلها وأمنها واستقرارها ثم يدعو الناس للاعتصام بالدعاء رغم أهميته ويتهرب عن مسؤولية اتخاذ القرار ، وأي قرار من هذا النوع يوجب على الجميع إذا ما اتخذ كل من موقعه أن لا يكتفوا بإطلاق اللوم على من اتخذه وتحميله المسؤولية بل لا بد من تأجيل الخلاف حول ذلك وتكاتف الجميع وقت الأزمات والحروب ما دامت قد وقعت الواقعة واستشعار المسؤولية الوطنية للقيام بما يمكن القيام به وتلافي ما يمكن تلافيه من تداعيات والتركيز على ذلك، وحينما ينجلي الهم وتستقر الأوضاع يفتح باب التحقيق والمحاسبة لمعرفة المسؤول وحجم المسؤولية، ومن المعلوم أن كل القرارات والممارسات المتعلقة بالشأن العام من القضايا والمسائل التي لا تنتهي بالتقادم مهما زين المنافقون للحكام لأن الصفة والمصلحة معاً متوفرة لكل مواطن في هذه القضايا وفق كل القيم والمبادئ القائمة على العدالة سواء كان مصدرها الدين أو أي مبادئ أو فلسفات أخرى!.
قد تغيب الشعوب عن الوعي
لكنها لن تموت
وإن حاصرتها جيوش الطغاة
قادم فجرها المنتظر
كي يواري مواكبهم.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
وزير الاتصالات: يجب تبني وثيقة عربية موحدة حول مبادئ الذكاء الاصطناعي
أكد الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن هناك حراكا وتحولا غير مسبوق في دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، على الساحة الدولية، خلال العامين الماضيين؛ إذ بات يعيد تشكيل الاقتصادات، ويحدث ثورة في الصناعات، ويغير المجتمعات بصورة مطردة.
القوى الدافعة للعالم اليومجاء ذلك خلال كلمة الوزير ضمن الجلسة الافتتاحية لدائرة الحوار العربية حول «الذكاء الاصطناعي في العالم العربي تطبيقات مبتكرة وتحديات أخلاقية»، التي تنعقد على مدار يومين، تحت رعاية ورئاسة أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، رئيس لجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك، بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وبحضور الدكتور إسماعيل عبد الغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، والدكتور عبد المجيد عبدالله البنيان، رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، ومحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي.
وشدد «طلعت» على أن التكنولوجيات البازغة، مثل الذكاء الاصطناعي وسلاسل الكتل والحوسبة الكمومية وإنترنت الأشياء، لم تعد وعودا مستقبلية، بل أضحت القوى الدافعة للعالم اليوم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وتتداخل مع مختلف القطاعات، بما في ذلك الزراعة والصحة والتعليم والقطاع المصرفي وغيرها.
وزير الاتصالات: سعيد بالتواجد في هذا المحفل العلميوكشف عن سعادته بالتواجد في هذا المحفل العلمي المتميز في رحاب جامعة الدول العربية، التي تذخر بتاريخ حافل من التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكذلك التكنولوجي، الذي أصبح ركنا أساسيا في القضايا التي تعيد تشكيل العالم، وتمثل أولوية في ملفات التعاون العربي المشترك؛ مثمنا مبادرة عقد «دائرة الحوار العربي حول الذكاء الاصناعي في العالم العربي»، التي تأتي بالتزامن مع الاحتفاء بمرور 80 عاما على تأسيس جامعة الدول العربية؛ إذ توفر منصة فريدة للتفاعل البناء وتبادل المعرفة، بهدف صياغة رؤى مشتركة واستراتيجيات مستقبلية تعكس محورية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كممكن فاعل للقطاعات كافة في الدول العربية.
ودعا وزير الاتصالات، الباحثين والخبراء والمطورين وصناع السياسات من الحكومات والقطاع الخاص، إلى تبادل الرؤى من خلال فعاليات هذا المحفل، للخروج بمقترحات عمل موضوعية لتنفيذ خارطة الطريق التي رسمتها الرؤية الاستراتيجية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعي، معربا عن تطلعه إلى توصيات دائرة الحوار العربى فيما يتعلق بمبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، بما يسهم في تبني وثيقة عربية موحدة حول مبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، بما تشمله من أطر وقواعد استرشادية تتماشى مع أولويات الدول العربية وخططها التنموية.