عادة مصرية قديمة جدًا، منذ " الجدة " حتشبسوت الله يرحمها"، حينما كانت تهتم بإحتياجات الشعب من "تمور وخمور وفواكة غريبة" عن أرض "مصر"، ومع البخور والعطور، والبقول والمنشطات الطبيعية للحيوية، هكذا درسنا وشاهدنا فى المتحف المصرى، وكذلك المتحف الزراعى "بالدقى"، كل المنتجات التى إستزرعناها والتى إستوردناها، قديمًا !!
ومع ذلك لم تنسى أية حكومة مصرية، الإهتمام " ببطون " ومزاج المصريون، ففى العهد الناصرى كان المثل الذى ينتشر بين الناس، أن الرئيس "جمال عبد الناصر" ( الله يرحمه ) يسأل قبل النوم سكرتاريته الخاصة (الأستاذ سامى شرف ) أطال الله عمره، عن أخبار الغذاء وخاصة العيش والأرز والسكر والشاى !!
ولكن كان يعزينا فى الإهتمام الناصرى ببطون وأمزجة المصريين، أنه كان يضع فى أولويات إهتمامه وحكومته، مستقبل أبناء شعب "مصر"، فمن الإصلاح الزراعى إلى تأميم قناة السويس، إلى بناء مشروع السد العالى، إلى النهضة الصناعية الضخمة،  التى أقامتها ثورة يوليو، وسميت بالقطاع العام، إلى مجانية التعليم، والسماح لكل شاب مصرى قادر على الإجتهاد بأن يكمل تعليمه الجامعى، وأنشأ التعليم الصناعى بمراحلة الإعدادى والثانوى والتعليم العالى!.


وشملت النهضة أيضًا التوسع فى الأراضى والزراعة فى واحات مصر الغربية الوادى الجديد، حتى عام 1967 حينما أصيبت الدولة بما عرفناه بأسم النكسة! 
وجاء الإهتمام ( ببطون المصريين ) أيضًا أيام "الرئيس السادات"، حيث تردد فى أحاديثه المتعددة بأن من حق المصريين الإنفتاح على العالم فلأول مرة نرى فى
( السوبر ماركت ) بديلًا عن "البقال" الذى يجلب عشرات الأنواع من الجبن، وعشرات الأنواع من الشكولاته وعشرات مثلها من كل منتجات ( الفرفشة، والنعنشة ) التى "تفرغ" جيوب المواطنين، حتى وصلت إلى إستيرادنا "لأكل القطط والكلاب والعصافير أيضًا"، ولعل شهر رمضان هو الشهر الكريم الذى تهتم به الحكومة ببطون المصريين، ( إيشى ياميش، إيشى قمر الدين ) وأيشى أصناف وأنواع متعددة من "المكسرات" وغيرهم من إحتياجات المائدة المصرية فى الأفطار!! 
وفى عصر "مبارك"، كانت "مصر" وكانها فى هذا الشهر الكريم "تكفر عن ذنوب كل من  نهب البلد"، بفرد الطاولات فى الشوارع وليس جميعم "ناهبى البلد" بشكل ما ولكن كل من قصد أن يبرىء ذمته أمام الله وأن يفعل شيئًا  يستحق عليه الثناء فى الحياة الدنيا، وربما فى "القبر" عند الحساب!!.
فُرِدَتْ السرادقات، وشُدَّتْ الطاولات، ووزعت الإعلانات عن "موائد الرحمن" وهكذا، إهتموا الخاصة ببطون المصريين لكن الجديد فى الأمر، أن الحكومة وهى تسعى لسد الفجوة فى "ميزان المدفوعات" ،وإعادة الموازنه العامة للدوله من رئيس الجمهورية لعدم رضائه عنها وللدعم الذى (ينحر) فى جسد المالية ووزارتها، وفى جسد الأمة، لمن يستحق ولمن لا يستحق سواء !!.
يالعجب العجاب نشاهد الدوله فى تصريحات على ألسنه كبار وزرائها ورئيسهم وغيرهم، بأنها تدفع مئات الملايين من الجنيهات لتوزيع علب وصناديق  الغذاء على المصريين !!.
(شنطه رمضان) أو (صندوق رمضان ) أو(مائدة الرحمن ) كل هذا يجوز من العامة ومن المنظمات الأهلية ولكن من الدوله، والله عيب وأيضًا حرام، وأيضًا "اللى إختشوا ماتوا" !!.
[email protected]

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

منير أديب يكتب: 30 يونيو.. والحفاظ على الهوية المصرية من التآكل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مصر قلب الأرض كما قال المقريزي؛ وثورتهم الحديثة هي قلب الثورات كما علق المواطن المصري البسيط، ولذلك كانت هذه الثورة ملهمة لكل الثورات في كل دول العالم وبخاصة العالم العربي.
ثورة 30 يونيو عبرت عن خصائص وسمات الشخصية المصرية؛ فعلى قدر ما نجحت الثورة في تجسيد هذه السمات، على قدر ما نجحت هذه السمات أيضًا في صناعة ثورة المصريين الملهمة.
شخصية مصر تبدو أكثر وضوحًا في أبناء الوطن، صحيح الوطن ليس مجرد أحجار مرتبة في مبني فخم، وليست شوارع تاريخية مهما ارتبط النّاس بها، ولكنّ هذه الروح تسير بداخلها روح وليدة يُمثلها عرق ودماء أبناء هذا الوطن.
هؤلاء هم الذين دافعوا عنه قبل سبعة آلاف عام، هي عمر التاريخ المصري في مراحله السابقة، وهم الذين دافعوا عن الوطن أيضًا ضد مغتصبيه قبل أحد عشر عامًا، هي عمر الثورة المصرية ضد جماعات العنف والتطرف.
ثورة المصريين جاءت بعد صبر وجلد وقوة وقدرة على التحمل، وكلها ملامح تميز الشخصية المصرية، التي حطمت القيود والأغلال عندما أرادت التحرر في لحظة حبس الجميع فيها أنفاسهم، فأخرج المصريون أفضل ما لديهم.

الثورة والهوية المصرية
صحيح تعرضت الشخصية المصرية لمحاولات التآكل والتلاشي ولكنها ظلت محتفظة بقوتها؛ فرغم حجم التعدي عليها من الهكسوس والمغول والتتار والصليبيين والعثمانيين والنزاع العربي الفارسي والمصري الإسرائيلي ونهاية بمحور أهل الشر في العصر الحديث، لكن ذهب هؤلاء إلى الجحيم وبقيت الشخصية المصرية بكل ثرائها دون أنّ تتغير أو تتبدل كما بقيت الذاكرة المصرية تحتفظ بكل هذا.
عظمة الثورة المصرية في أنه لا يمكن حصر دورها في التخلص من نظام سياسي كان تابعًا لجماعة الإخوان المسلمين بكل ما يحمله من أفكار تحض على الكراهية وتدعو إلى ممارسة العنف بكل صوره وأشكاله، ولا لسلوكها الداعم لهذا التوجه، على مدار عام كامل.
ولكن عظمة الثورة الحقيقية في أنها حافظت على الهوية المصرية والتي تمثل الرديف الحقيقي للشخصية المصرية من الانجراف والذوبان؛ واجه الشعب المصري عندما استشعر الخطر، فتحرك المصريون بدون دعوة  أو طلب، ولم يعودوا إلى منازلهم إلا بعد أنّ أطمأنوا على وطنهم، وإنّ شئنا أنّ نقول: بعد أنّ استردوا هذا الوطن.
لم ينخدع الشعب المصري يومًا في الإخوان ولا غيرها من جماعات العنف والتطرف، بل انخدعت هذه التنظيمات في هذا الشعب، واعتقدوا خطأءً بأنهم قادرون على احتلاله ومحو هويته الوطنية، فكان الرد سريعًا ومفاجئًا، وبدا صاعقًا للتنظيم.
وهنا أعادت الثورة الوطن إلى حضن مواطنيه، كما أنها عززت دور وأهمية الهوية في وجدان المصريين؛ فالهوية المصرية التي يُحاول أهل الشر الاعتداء عليها هي سر الثورة الحقيقي!

حقيقة الثورة على أعداء الوطن
وفي الحقيقة ثورة المصريين لم تكن ضد جماعة الإخوان في مصر، وإّنّ كانت كذلك، ولكن كانت ضد الحركة في كل مكان، فمصر كانت بلد المنشأ ومركز قيادة التنظيم على مدار أكثر من تسعين عامًا، ولذلك اختارت الثورة أنّ تتخلص من هذه الأفكار أو إنّ شئنا أنّ نقول تفكيكها.
ودلالة ذلك يظهر في تعاقب سقوط الإخوان في عدد من الدول العربية بعد إسقاط الثورة الجماعة في مصر، بدأت بالمغرب وانتهت بتونس وما بينهما، وما زالت انتكاسات التنظيم وهزائمه قائمة وحاضرة.
ثورة المصريين لم يكن هدفها إسقاط التنظيم وفقط، ولكنها أسقطت الأفكار المؤسسة وفككتها أيضًا، وهنا تبدو عظمة وقوة وحكمة هذه الثورة والذين قاموا بها، فكل الذين واجهوا التنظيم من قبل لم يلتفتوا ولم يروا أهمية في تفكيك أفكاره رغم أنها الأهم والأخطر.
صحيح تحرك الثوار ضد حكم الإخوان والذي استمر عامًا كاملًا، ولكن الهدف كان تفكيك الأفكار المؤسسة لهذا التنظيم، وهو ما بدا واضحًا فيما آل إليه الوضع التنظيمي، فنحن لم نعد نتحدث عن تنظيم واحد وإنما عن عدة تنظيمات، كل تنظيم له مرشد ومكتب إرشاد!
مر أحد عشر عامًا على الثورة وما زال ظلها يعيش في وجدان الشعب المصري، لأنها ثورة وطنية، لم يكن هدفها التخلص من الحكم الفاسد فقط، ولكن التخلص من الأفكار الفاسدة أيضًا، فالأفكار تبدو أخطر من الوجود التنظيمي، ولذلك كان هدف المصريين واضحًا وكانت إرادتهم في التخلص من الجماعة واجبة.
المصريون لا يتهاونون في هوية بلادهم، ولذلك يقفون دائمًا ضد المحتل سواء كان محتلًا خارجيًا أو داخليًا؛ فرغم محاولات الاحتلال وكسر إرادة الوطن والعنف أو التهديد به الذي مارسه كل المحتلين على مر العصور، إلا أنّ الكلمة بقيت في النهاية للشعب المصري وإرادته القوية.
هوية المصريين خط أحمر لا يمكن تجاوزه، ولا يُفرطون فيه، ويُضحون من أجله بالغالي والثمين، ذهب الإخوان وبقي الشعب المصري بهويته الثقافية والوطنية وتاريخه الذي كتبه الأجداد وخطه الواقع عندما قرر الأبناء التخلص من كل الأفكار المتطرفة التي تحض على الكراهية.
كان هدفهم في أنّ يصلوا إلى الحكم، ولأن الفشل حليفهم فإنّ الواقع والمستقبل رسما سيناريو هذا السقوط سريعًا؛ وهذا ما يُترجم فكرة أنّ الثورة لم تكن على حكم الجماعة فقط ولكن كانت على أفكارها المؤسسة كما أشرنا من قبل.
وهو ما يُفسر مصرية الثورة وعربية التوجه الذي حملته عندما وضعت المسمار الأول في نعش أهل الشر، الثورة رغم أنها مصرية ولكنها أسقطت التنظيم بكل فروعه في كثير من دول العالم، وحتى التي ما زالت متشبثة ببعض الحكم، فإنها غير فاعلة، وهذا معنى سقوط الفكرة وتفكيكها.

أسرار نجاح الثورة
الهوية المصرية هي سر قوة المصريين وسر نجاح ثورتهم، كما أنها سر هذه الثورة التي كسرت إرادة أعتى التنظيمات المتطرفة، ولذلك الثورة كانت نتيجة الوعي الذي اكتسبه المصريون على مدار عقود وقرون مضت، وقد ورثوه عن الأجداد، وهنا يحتار النّاس أيهما كان الأسبق من الآخر، وعي المصريين أم هويتهم التي دفعتهم للثورة على المحتل الداخلي؟
الثورة كانت حركة تصحيحية بعدما استهدف الإخوان وباقي جماعات العنف والتطرف قلب هذا الوطن، ولذلك كتب المصريون النجاح لثورتهم بوعي وإدراك بخطورة من تصدروا المشهد، فالقرار كان نهائيًا والتغيير كان حتميًا والمواجهة كانت واجبة، ولذلك انتصرت الثورة وبقيت هوية الوطن بينما اندثرت أفكار التنظيم وتلاشت بالأقل على الأرض المصرية.
انكسر التنظيم وانهزمت إرادته ولكنه ما زال موجودًا، فالمواجهة لم تنته بعد ولن تنتهي وسوف تظل حتى لا يبقى من التنظيم شيء، وإذا بقي فسوف يكون عبارة عن سطر في كتب التاريخ يحكي تاريخ فرقة ضالة لا تختلف كثيرًا عن فرق ضالة عبر التاريخ مثل الخوارج أو غيرها من الفرق الضالة الأخرى.
ما زالت الثورة تبحث لها عن مكان في قلوب وعقول أبنائها، فهي تُدرك أهمية نفسها، فلا يمكن أنّ تُبنى الأوطان بدون ماضٍ يدفع للمستقبل، ولا يمكن أنّ يكون هناك حاضر دون أنّ نحكي عن ثورة لم تكن في الماضي البعيد ولكنها كانت قريبة إلى المصريين في بُعدها الزمني والبنيوي.

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: "سن الرشد والأمم"
  • محمد حيزة يكتب "حكومة مدبولي الثانية.. ـ عايز أربي الولا ـ"
  • عادل حمودة يكتب: في صحة أحمد زكي
  • د.حماد عبدالله يكتب: حقوق التميز -وواجباتها !!
  • د. محمد حجازي يكتب: ثورة 30 يونيو بين حاضر ومستقبل أمة
  • د.حماد عبدالله يكتب: الوطنية المصرية «المنقوصة» !!
  • عضو الزمالك: لم تتحقق أي طلب من شروطنا ولكن المكاسب قادمة
  • الأنبا ديمتريوس يكتب: 30 يونيو.. وعودة مصر لمكانتها
  • اقرأ في عدد «الوطن» غدا: حكومة جديدة تحمل آمال المصريين 
  • منير أديب يكتب: 30 يونيو.. والحفاظ على الهوية المصرية من التآكل