لماذا رفضت طفلة فلسطينية انتشالها من تحت الأنقاض؟.. شقيقها السبب
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
الصمود والعزيمة قيم سطرها أهالي قطاع غزة، في وسط المحنة التي يعانون منها منذ السابع من أكتوبر الماضي، فبسبب الغارات المستمرة التي يشنها طيران الاحتلال على المباني السكنية، التي تنهار على رؤوس ساكنيها، تحولت أغلب مناطق القطاع إلى كوم تراب، تدفن تحتها آلاف الضحايا من المدنيين، وخلال محاولة الدفاع المدني إخراج الأحياء من تحت الركام، كانت قصة الطفلة «ألما»، التي قدمت مثالا جديداً في التضحية والفداء.
«ألما» طفلة صغيرة، في الثانية عشر من عمرها، وجدت نفسها فجأة تحت الأنقاض، بعد أن قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي منزل عائلتها، ولأنها كانت الأقرب بين الحطام، فكان صوتها هو أول ما سمعه المسعفون ورجال الدفاع المدني، عندما حاولوا إزاحة الركام، للبحث عن أحياء تحت المنزل الذي انهار على رؤوس ساكنيه نتيجة القصف الوحشي للاحتلال الإسرائيلي.
ولكن كلمات «ألما» رغم شجاعتها، كانت مؤلمة، إذ قالت: «أمانة طلعوني آخر واحدة، انقذوا عائلتي»، وعندما سألها المسعف: «أنت مع مين يا ألما؟» ردت: «أنا وأخوتي وأمي وجدتي»، سألها المسعف: «هل هم عايشين؟» أجابت: «أيوة، ساعد أمي وأبي واخوتي وجدتي وكل حاجة، ما عدا أنا ساعدني آخر واحدة».
وبينما كانت «ألما» تعطي المسعفين بيانات أشقائها، ومنهم أخوها الصغير «طرزان»، البالغ من العمر سنة ونصف، بدأ المسعفون في إنقاذها، حتى تم انتشالها من بين الحطام، ثم بدأوا في البحث عن باقي أفراد العائلة، وفق ما جاء في مقطع فيديو مصور على مواقع التواصل الاجتماعي.
غارات الاحتلال على حي اليرموكوتعرض حى اليرموك، في قطاع غزة الذي تسكن فيه ألما مع عائلتها، لغارات جوية شنتها طائرات الاجتلال الإسرائيلي أمس الأحد، راح ضحيتها عشرات المدنيين، الذين نزحوا لهذا الحي، وفق المركز الوطني الفلسطيني للمعلومات.
وبعد قصف البيوت من قبل طائرات الاحتلال، اتجه المسعفون لمحاولة انتشال الجثث وإنقاذ المصابين، وسمعوا صوت «ألما»، 12 عاماً، من تحت الأنقاض وتحدثوا معها، لكنها قالت لهم إنها لا تريد أن تخرج قبل أن ينقذوا عائلتها وأخوها الرضيع، في مشهد مؤلم جداً.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: قطاع غزة الحرب على غزة ألما خانيونس من تحت
إقرأ أيضاً:
لماذا يبدو مخطط ترامب لتهجير غزة غير قابل للتحقيق؟
تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تهجير سكان قطاع غزة، وعن السيطرة على غزة وتملكها، وذكر ترامب أنه يريد من مصر والأردن استيعاب مليوني فلسطيني من قطاع غزة، مؤكدا أنهما سيقبلان ذلك، ولكن تأمل الواقع الفلسطيني يشير بوضوح إلى أن مقترح ترامب غير قابل للتحقيق، وأنه يتحدث بمنطق بعيد تماما عن الواقع، وأن الرجل غير مطلع على حقائق بديهية في الصراع الفلسطيني الصهيوني وتشابكاته الإقليمية.
ولو افترضنا جدلا أن الولايات المتحدة نجحت في تحقيق مشروع ترامب عمليا، بغض النظر عن كيفية تحقيقه، فإن النتيجة ستكون انهيار النظام الإقليمي برمته، وتغييرا جوهريا في شكل المنطقة كلها، وشكل الصراع، وحدوده السابقة، ولن يكون ذلك بحال نهاية للصراع المستمر منذ قرابة القرن.
ولا يمكن تحقيق مشروع ترامب للأسباب والنقاط التالية:
أولا: عدم القدرة على تطبيق الخطة عمليا، فلو افترضنا جدلا أن كلام ترامب عن رغبة الفلسطينيين في الهجرة حقيقيا، فإن هذا لا يشمل كل الفلسطينيين، فعندما ضغط الاحتلال بكل قوته لإخراج أهالي شمال قطاع غزة إلى الجنوب ظل جزء أساسي في الشمال رغم كل الضغوط، في أكبر حالة صمود جماهيري سجلها التاريخ في وجه آلة قتل بهذا المستوى من الإجرام، وعندما نجح الاحتلال في إخراج أهالي جباليا وبيت حانون لم يعنِ ذلك نهاية القتال، بل ظلت المقاومة مشتعلة بقوة. مهما كانت المغريات فإن الهجرة الطوعية لن تُخرج إلا جزءا محدودا من الفلسطينيين من قطاع غزة، وسيبقى في غزة الفئات الأكثر تمسكا بالمقاومة، وهو ما يزيد قوة المقاومة في مواجهة الاحتلال، أما في حال فرض التهجير القسري بالقوة فإن هذا يحتاج لسنوات طويلة ومئات آلاف الجنودوهو ما يعني أنه حتى في حال خروج كل المدنيين الفلسطينيين من غزة فإن هذا لا يعني أن أي قوة احتلال ستجد مكانا خاليا من المقاومة، وستحتاج إلى سنوات من القتال لإطباق سيطرتها التامة على الأرض.
ولو افترضنا أن جزءا من الفلسطينيين يبحث عن سبل للهجرة كأي شعب في العالم لتحسين ظروف حياتهم فإنهم لن يقبلوا -مع كل الاحترام والتقدير- الهجرة إلى مصر أو الأردن، لأن الظروف المعيشية هناك ليست أفضل من غزة، بل ربما كانت أسوأ في الظروف الطبيعية قبل الحرب.
وبالتالي مهما كانت المغريات فإن الهجرة الطوعية لن تُخرج إلا جزءا محدودا من الفلسطينيين من قطاع غزة، وسيبقى في غزة الفئات الأكثر تمسكا بالمقاومة، وهو ما يزيد قوة المقاومة في مواجهة الاحتلال، أما في حال فرض التهجير القسري بالقوة فإن هذا يحتاج لسنوات طويلة ومئات آلاف الجنود، وخسائر بشرية ومالية كبيرة تتكبدها أي قوة مهاجمة، ودون ضمان نجاح مطلق، وهو ما يعني انعدام فرص نجاح أي مشروع استثماري كما يتصور ترامب.
ثانيا: التهجير لا يعني وقف المقاومة، وإنما توسعها وزيادة قوتها، فلو افترضنا أن الفلسطينيين خرجوا من غزة إلى الأردن ومصر ودول الطوق المحيطة بفلسطين المحتلة، فإن هذا لا يعني خروجهم من دائرة الفعل المقاوم، بل سيتجه جزء منهم لمقاومة الاحتلال من خلال حدود أوسع، وسيعود الصراع إلى بدايته الأولى كما جرى في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي في الأردن ولبنان وغيرها.
الخطة تتعارض مع المصالح الصهيونية العليا، فإذا خُيرت المؤسسة الأمنية الصهيونية بين وجود الفلسطينيين في غزة تحت سيطرتها، وبين انتشارهم في دول عديدة، بما يتيح لهم مساحات أوسع للحركة، وفتح علاقات جديدة وقدرة على التنقل، فإنها ستفضل بقاءهم تحت سيطرتها، لتتمكن من متابعتهم بشكل أيسر
وهذا يعني أمرين: الأول توريط هذه الدول في الصراع، لأنها لن تكون قادرة على السيطرة على مئات آلاف الوافدين الجدد إليها، ولديهم خبرات عسكرية وأمنية كبيرة ظهرت فعاليتها في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وفي حال حاولت منع ذلك ستشتبك معهم وتدخل في صراع دموي سيؤثر عليها بشكل كبير، وفي حال عجزها سيحاول الاحتلال الضغط عليها من خلال استهدافها عسكريا، فهي متورطة في الحرب على كل حال.
والثاني: أن الوافدين الجدد سيختلطون مع السكان المحليين المعادين أساسا للمشروع الصهيوني، وهو ما يعني بيئة حاضنة لهم ولعملهم العسكري، وبالتالي سيتمكنون من تجنيد مئات آلاف العناصر الجدد، ونقل الخبرات إليهم ودفعهم للانخراط في العمل المقاوم.
كما أن الدول العربية المشار إليها تعيش أساسا وضعا اقتصاديا صعبا لا يحتمل دخول مليوني لاجئ إليها، وكلنا يعلم حجم الضغط الاقتصادي الذي عاشته تركيا بسبب وفود بضعة ملايين سوري إليها، فكيف بدولة في حجم الأردن، تعيش على المساعدات الخارجية، خاصة أن مشروع التهجير إذا نجح في غزة فإنه لن يقتصر على مليوني لاجئ منها، بل سيتوسع ليشمل سبعة ملايين فلسطيني في غزة والضفة والقدس والداخل.
ثالثا: الخطة تتعارض مع المصالح الصهيونية العليا، فإذا خُيرت المؤسسة الأمنية الصهيونية بين وجود الفلسطينيين في غزة تحت سيطرتها، وبين انتشارهم في دول عديدة، بما يتيح لهم مساحات أوسع للحركة، وفتح علاقات جديدة وقدرة على التنقل، فإنها ستفضل بقاءهم تحت سيطرتها، لتتمكن من متابعتهم بشكل أيسر. حتى اليمين الاستيطاني لو خير بين تهجير أهل غزة أو الضفة مثلا، فإنه سيختار تهجير أهالي غزة. وبالتالي فإنني أتوقع أن هذه الخطة لن تحظى بموافقة أمنية صهيونية، ولم تأت موافقة نتنياهو المتعجلة عليها إلا لأسباب سياسية داخلية، وهو أول من يدرك أن مشروع ترامب هذيان.
مهما كانت العلاقات قوية بين الأنظمة العربية والاحتلال فإنها لن تضحي بوجودها من أجله. وهو ما يهدد مسار التطبيع برمته، بل ويهدد عملية التسوية السابقة، فقد تنتقل تلك الدول لخانة العداء للاحتلال، ليس حبا في الفلسطينيين بقدر ما هو دفاع عن نفسها، وقد شاهدنا صرامة الردود السعودية والمصرية الرافضة للتهجير
وقد أعلن ترامب أنه لن يرسل جنودا أمريكيين لغزة، ولن يضخ أموالا أمريكية لصالح الخطة، وهو ما يعني أن الاحتلال هو من سيقوم بذلك، وإذا لم تكن 471 يوما من القتال قادرة على تمكين الاحتلال من تحقيق ذلك، فكيف سيفعل في الأيام القادمة؟ إن الخطة تعني باختصار حربا قد تستمر لسنوات طويلة دون نجاح مضمون.
رابعا: معارضة العالم والإقليم لخطة التهجير، فلقد أعلنت مصر والأردن بشكل واضح رفض تهجير الفلسطينيين، لأنها تمس بمصالح تلك الدول بما يهدد استقرارها واستقرار أنظمتها، وهو ما يجعل الاحتلال الصهيوني يتحول إلى عبء على تلك الأنظمة العربية، بعد أن كان جزء منها ينظر إليه على أنه ذخر استراتيجي يخدم مصالحها وتوجهاتها ويحميها، فمهما كانت العلاقات قوية بين الأنظمة العربية والاحتلال فإنها لن تضحي بوجودها من أجله. وهو ما يهدد مسار التطبيع برمته، بل ويهدد عملية التسوية السابقة، فقد تنتقل تلك الدول لخانة العداء للاحتلال، ليس حبا في الفلسطينيين بقدر ما هو دفاع عن نفسها، وقد شاهدنا صرامة الردود السعودية والمصرية الرافضة للتهجير.
كما أن دول المهجر الغربية لن تقبل بتهجير الفلسطينيين لأنه ستتضرر في نهاية المطاف حيث سيصل جزء من المهجرين إليها، وهو ما يجعلها مثقلة بأعباء كبيرة لاستيعابهم وتوفير احتياجاتهم المعيشية والتعليمية، خاصة أن الأمر يتم في ظل أزمات كبيرة في المنطقة أدت لوصول موجات واسعة من المهاجرين إليها.
كل ما سبق يشير إلى أن ما طرحه ترامب في هذا السياق رغم إثارته لمخاوف العديدين إلا أن احتمالات تحقيقه غير واقعية، وهو ما يثير الأسئلة حول أهداف ترامب وشخصيته وأهليته.