بين عري الجسد وعري القتل والدمار
تاريخ النشر: 12th, July 2023 GMT
شوقية عروق منصور في زمن العهر السياسي يقف العهر الجسدي خلف الباب مصفقاً، لأنه يكشف عن قناعه بسرعة دون لف ودوران ، بينما العهر السياسي الذي يرتدي بدلة رسمية وربطة عنق مشدودة بحرص يبقى القناع ملتصقاً بجلده وخلفه أيضاً مئات الأقنعة. قد تكون أجواء العهر الجسدي صرخة جنسية في الزمن المباح، حيث تتفتق صدور وسائل الاعلام والفضائيات على صور تتنهد بإغراء، والوجوه المزدهرة النائمة في غليان المواقف تصنع الربيع للخيال وتمد الجسور للذين تقطعت أنفاسهم من شدة الركض في سباق الحياة .
كلما هجمت علينا قطعان ذئاب السياسيين ووقفوا أمام الميكروفونات ووسائل الاعلام ، نردد نحن البشر ” الله يستر من تصريحاتهم ” لأن خلف كل تصريح مجزرة ، مذبحة ، احتلال ومشانق ، ونصب واحتيال على الشعوب، أسلحة وطائرات حيث تنتعش المصانع وتضيء عيون المصالح ، ويتحول كل سياسي إلى حريق متنقل . دارت هذه الأفكار في رأسي عندما رأيت الهجوم على الممثلة الإباحية اللبنانية ” مايا خليفة ” التي دعتها جامعة أكسفورد في بريطانيا للتحدث أمام طلاب الجامعة بمناسبة مرور 200 عام على أول مناظرة عقدها الاتحاد الاكاديمي عند تأسيسه لتعزيز حرية التعبير، وخلال عرض الفلم الوثائقي عن هذه المناظرات كان أبرز المتحدثين في هذه المناسبة الرئيس الأمريكي كارتر ونيكسون وكلينتون وعالم الفيزياء اينشتاين وغيرهم. وقد نقلت وسائل الاعلام عن الحشود الضخمة التي حضرت للاستماع إلى ” ميا خليفة” التي تحدثت عن تجربتها في عالم الأفلام الإباحية و حياتها واعتزالها. قد يكون اختيار جامعة أكسفورد تجربة امرأة عربية عاشت حياتها على حافة الاغراء والجسد ولم يحاول اختيار امرأة لها الباع الطويل في النشاط الاجتماعي والسياسي والتحدي فيه ذلك البريق الإعلامي الدعائي والتلهف لجذب الانتباه للصورة المناقضة للعادات والتقاليد والعقلية العربية، ولكن في المقابل من يتأمل الشخصيات السياسية التي تحيط بنا يجد أن تلك المرأة ” مايا خليفة ” تشكل حالة تصفع الواقع بقدمها وتقول أنها أشرف من جميع السياسيين، كأنها تقول ” أنا تاجرت بجسدي أما أنتم فتاجرت بالشعوب، أنتم سبب دمارها وفقرها وقتلها ولجوئها وحرمانها من العيش بكرامة “ أثناء حصار جنين الأخير صرحت ” مايا خليفة” بلغتها الإنجليزية أمام وسائل الاعلام ضد العمليات العسكرية وقتل الفلسطينيين وضد الإبادة الجماعية وان الاحتلال ارتكب جرائم إنسانية وعلى العالم الانتباه لمعاناة المواطنين . وسابقاً قامت ” ما يا خليفة” في بث حي ومباشر بالمطالبة بإنقاذ حي الشيخ جراح من التهويد وأظهرت وحشية الاحتلال ، وقد اعترفت بعد ذلك تعرضها للمضايقات من قبل عناصر يهودية وأيضاً من سياسة تضيق وسائل التواصل الاجتماعي خاصة تطبيق ” انستغرام ” . في الوقت الذي صمتت فيه القصور الرئاسية في العالم العربي وصمت الشارع العربي والشارع الغربي، بل بالعكس كان الجلاد والضحية على ذات الخط الإعلامي، حيث ردد الغرب بقيادة أمريكا ” من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها” وكأن “مخيم جنين” يجب أن يكون على موعد مع الحصار والقتل والهدم . إذا قارنت بين “مايا خليفة” المرأة العارية و”بن جفير “وسموتطرتش” و”نتنياهو” وغيرهم ممن يطلقون صرخات القتل والتهجير علناً . إذا قارنت بين “مايا خليفة” بين من يعانقون التطبيع العربي مع إسرائيل ويتبادلون نخب الموت الفلسطيني وموت قضيته. إذا قارنت بين “مايا خليفة” وبين من يبيعون وهم الاتفاقيات والمفاوضات، حتى أصبحت الشعارات مجرد تراكم الغبار على الدماء. كلما ازددنا ايغالاً في المقارنة نكتشف أنهم جميعهم مثل “مايا خليفة” الفرق أن “مايا خليفة” أعلنت توبتها وتحاضر الآن في الاخلاق والثقة بالنفس والسياسيين ما زالوا يمارسون العهر السياسي والتصريحات التي من خلالها يزرعون الألغام في طرق البشر. كاتبة فلسطينية
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
المكاري شارك في أعمال المجلس الحكومي الدولي لتنمية الإعلام
أقيمت، اليوم الجمعة، دورة المجلس الحكومي الدولي للبرنامج الدولي لتنمية الاعلام، وهو أهم مجلس يعنى بشؤون الصحافيين، في مقر منظمة اليونسكو في باريس. وشارك في أعماله وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري ومندوب لبنان لدى اليونسكو بالوكالة السفير مصطفى أديب. وقد أضيف بند خاص بالصحافيين اللبنانيين إلى تقرير المديرة العامة لليونسكو، المتعلق بسلامة الصحافيين وحمايتهم، بناء على طلب بعثة لبنان لدى اليونسكو. وبعد التفاوض مع البعثات الاعضاء في المجلس المؤلف من ٣٨ دولة، تم اعتماد البند بالتوافق. وينص على إدانة استهداف الصحافيين اللبنانيين وقتلهم، ويطالب بحمايتهم ومعاقبة المعتدين عليهم.
يُشار إلى أن هذا التقرير يعد من أهم التقارير الدولية المعنية بسلامة الصحافيين وخطر الإفلات من العقاب. من ناحية أخرى، وفي مناسبة عيد الاستقلال، رُفع علم لبنان على مقرّ منظمة اليونسكو في باريس.