تقنيات الأمن السيبراني والتحديات المستقبلية
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
لا شك في أن الأمن السيبراني يمثل الدرع الرقمي الذي يحمي عالمنا المتصل بالإنترنت. وفي عصر تكنولوجيا المعلومات حيث تتداخل حياتنا مع الشبكة العنكبوتية، يصبح الأمن السيبراني أمرا حيويا للحفاظ على خصوصيتنا وأمان بياناتنا.
ويشمل الأمن السيبراني مجموعة من السياسات والتقنيات التي تستهدف الوقاية من الهجمات والحفاظ على سلامة الأنظمة الرقمية وبناء حاجز ضد التهديدات السيبرانية المتزايدة من خلال استخدام برامج مكافحة الفيروسات، وجدران الحماية، وتحديثات البرمجيات.
ويمثل تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والحفاظ على الأمن تحديًا مستمرًا يتطلب تطوير وتبني إستراتيجيات فعّالة للدفاع عن العالم الرقمي الذي نعيش فيه، حيث يلعب الأمن السيبراني في هذا العالم الرقمي المعقد دورا حيويا في حماية معلوماتنا الشخصية، وضمان استمرارية العمليات الأساسية للشركات والحكومات.
ما هو الأمن السيبراني؟يعد الأمن السيبراني بمثابة عملية لحماية الأنظمة والشبكات والبرامج من الهجمات الرقمية، وتهدف هذه الهجمات عادة إلى الوصول إلى المعلومات الحساسة أو تغييرها أو تدميرها، وذلك بغرض الاستيلاء على المال من المستخدمين أو مقاطعة العمليات المعادية.
ويشمل الأمن السيبراني مجموعة واسعة من الإجراءات والتقنيات التي تهدف إلى حماية الأنظمة الإلكترونية والبيانات من التهديدات السيبرانية، بما في ذلك حماية البيانات الشخصية والمعلومات السرية الأخرى من السرقة أو التخريب عبر الفيروسات وبرامج الفدية.
كما يشمل حماية الشبكات والأنظمة ومنع المهاجمين من الوصول إليها، واكتشاف الهجمات السيبرانية ومعالجتها بسرعة، والاستعداد للتعامل مع الهجمات السيبرانية عبر تنفيذ التدابير الوقائية، مثل تحديث البرمجيات بانتظام، وفحص الضعف في الأمان، وتنفيذ سياسات الوصول الصارمة.
تقنيات الحماية المستخدمة في مجال الأمن السيبراني تتنوع حسب الاحتياجات والتحديات الفردية (غيتي) التقنيات المستخدمةتوجد العديد من تقنيات الحماية المستخدمة في مجال الأمن السيبراني، وتتنوع حسب الاحتياجات والتحديات الفردية، وإليك بعض التقنيات الرئيسية:
برامج مكافحة البرمجيات الخبيثة: تساعد تكنولوجيا مكافحة البرمجيات الخبيثة في اكتشاف وإزالة البرامج الضارة والفيروسات من الأنظمة. جدران الحماية: تراقب حركة المرور بين الشبكة الداخلية والشبكة الخارجية، مما يساعد في حماية الأنظمة من التسلل. التحديثات: يساعد تحديث البرمجيات والأنظمة بانتظام في سد الثغرات الأمنية وتعزيز الأمان. أنظمة الكشف عن التسلل: تراقب هذه الأنظمة حركة المرور عبر الشبكة وتحاول اكتشاف ومنع التسلل غير المرغوب فيه. تقنيات التشفير: تساعد في تأمين البيانات عند نقلها عبر الشبكة، مما يحميها من التجسس والاستخدام غير المصرح به. إدارة الهويات والوصول: تتيح للمستخدمين الوصول إلى الموارد بناءً على صلاحياتهم، وتقلل من مخاطر الوصول غير المصرح به، وتتأكد من أن المستخدمين المتصلين بالأنظمة أو الشبكات هم الأشخاص المصرح لهم. تقنيات الوقاية من فقدان البيانات: تمنع تسريب البيانات غير المصرح بها. التحليل السلوكي: يُستخدم من أجل رصد التصرفات غير الطبيعية والاعتداءات السيبرانية باستخدام تحليل سلوك المستخدم والنظام. الرصد الأمني: يتيح للمؤسسات رصد الأنشطة السيبرانية وتحليل الحوادث للاستجابة السريعة. الهندسة الأمنية: وهي تصمم الأنظمة والشبكات بطريقة تجعلها أكثر مقاومة للهجمات. التحليل السلوكي يرصد التصرفات غير الطبيعية باستخدام تحليل سلوك المستخدم والنظام (غيتي) التهديدات السيبرانية في تطورمن المتوقع أن تستمر التهديدات السيبرانية في التطور والتقدم في السنوات القادمة مع تقدم التكنولوجيا، ويشير خبراء الأمن إلى إمكانية ظهور تحديات وتهديدات جديدة في المستقبل، ومن هذه التهديدات المحتملة:
الذكاء الاصطناعي:يعد الذكاء الاصطناعي تقنية سريعة التطور ويمكن استخدامها لإنشاء هجمات سيبرانية أكثر تعقيدا وقوة، مما يجعل من الصعب اكتشافها والتصدي لها، حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء برامج ضارة أكثر ذكاء يمكنها التهرب من تقنيات الأمان التقليدية، كما يمكن أيضا استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء هجمات تستهدف البنية التحتية الحيوية، مثل شبكات الطاقة أو نظم النقل. إنترنت الأشياء (IoT):
وتُستخدم أجهزة إنترنت الأشياء من أجل إنشاء هجمات حجب الخدمة الموزعة (DDoS) أو سرقة البيانات أو حتى السيطرة على الأجهزة، وقد يزداد التركيز على استهدافها للوصول إلى بيانات المستخدمين أو التحكم في الأنظمة المتصلة. الهجمات الهجينة:
وتَستخدم الهجمات الهجينة مزيجا من الأساليب التقليدية وغير التقليدية، وتتميز بأنها أكثر تعقيدا وصعوبة في الاكتشاف والحماية منها مقارنة بالهجمات التقليدية. هجمات الحواسيب الكمومية:
قد تظهر هجمات تعتمد على الحوسبة الكمومية من أجل كسر أنظمة التشفير الحالية، حيث تتميز الحواسيب الكمومية بقدرتها على إجراء العمليات الحسابية بشكل أسرع بكثير من الحواسيب التقليدية، وهذا يجعلها قادرة على كسر أنظمة التشفير الحالية. الهجمات على الذكاء الاصطناعي:
قد تُستهدف نظم الذكاء الاصطناعي بشكل مباشر لتشويه البيانات أو النتائج، وقد تتسبب هذه الهجمات بتعطيل الأنظمة أو سرقة البيانات أو حتى تعديل البيانات أو إتلافها. التهديدات السيبرانية للصحة الرقمية:
قد تستهدف أجهزة الرعاية الصحية أو نظم السجلات الطبية، وذلك لأنها حساسة للغاية ويمكن استخدامها لأغراض ضارة، مثل الابتزاز أو التجسس أو حتى إلحاق الضرر الجسدي. هجمات التحكم في الطائرات المسيرة:
أصبح استهداف الطائرات المسيرة أو أنظمة التحكم فيها محط اهتمام متزايد، وقد تتسبب هذه الهجمات بأضرار جسيمة، بما في ذلك تعطيل الطائرات أو سرقة البيانات أو حتى إسقاطها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: التهدیدات السیبرانیة الذکاء الاصطناعی الأمن السیبرانی البیانات أو أو حتى
إقرأ أيضاً:
موظفو البنوك.. أين أنتم من الذكاء الاصطناعي؟
مؤيد الزعبي
رغم أنَّ قطاع البنوك واحدٌ من أكثر القطاعات حساسية في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لما يترتب على ذلك من مخاطر عديدة، إلّا أنه في الوقت نفسه، يُعد قطاع البنوك واحدًا من أكثر القطاعات استثمارًا في التكنولوجيا واستخداماتها لتطوير بيئة العمل داخل القطاع نفسه أو حتى فيما يتعلق بتحسين تجربة المستخدمين وتعاملاتهم وخدمتهم بشكل أفضل وأسرع.
ووفقًا لدراسة أجرتها شركة "ماكينزي" بعنوان "لماذا تفشل أغلب عمليات التحول إلى الخدمات المصرفية الرقمية، وكيفية قلب الاحتمالات"، فإنَّ إنتاجية البنوك الكبيرة كانت أقل بنسبة 40% من البنوك الرقمية. وهنا نتحدث عن البنوك الرقمية، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ كيف يكون الحال مع البنوك الذكية أو بنوك الذكاء الاصطناعي. وفي المقابل كيف سيؤثر هذا الأمر على موظفي قطاع البنوك؛ سواء من حيث طريقة عملهم أو حتى فرصهم المستقبلية والمخاطر التي تهدد وظائفهم، هذا هو ما سوف أتناوله معك ها هنا من خلال هذا الطرح.
تُشير الدراسات إلى أنه منذ عام 2013 وحتى عام 2022، زادت البنوك إنفاقها على التكنولوجيا بنسبة 38% لدعم الاحتياجات الرقمية المتطورة للعملاء، وفي بيئة حياة دخلها الذكاء الاصطناعي بشكل لافت خلال السنوات القليلة الماضية فكان لا بُد للبنوك من إدخال هذه التقنيات في صلب عملياتها التشغيلية وأيضًا إدراجها في عمليات تحسين تجربة العملاء. وقد حدث بالفعل في أن شهدنا تطورًا كبيرًا في التطبيقات الرقمية الخاصة بالبنوك، من خلال تحسينات ملحوظة في واجهة المستخدم، وأيضًا من خلال الخدمات التي يمكن للعمل الوصول إليها من خلال هذه التطبيقات مباشرة دون تدخل موظفي البنوك إلا في بعض الحالات.
الذكاء الاصطناعي قادم لا محال في قطاع البنوك، أولًا: لأن البنوك تستهدف الربحية في المقام الأول؛ إذ يُشير تقرير منشور في موقع "Financial News London" إلى أن تبنِّي الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يضيف 170 مليار دولار إلى أرباح البنوك في السنوات الخمس المقبلة، مع توقعات بزيادة الأرباح إلى ما يقرب من 1.992 مليار دولار بحلول عام 2028، وعين البنوك جميعها على هذه الأرباح. وثانيًا: لأن البنوك لن تدخر أي فرصة من شأنها تحسين وتسريع تجربة العملاء. وثالثًا: لأن المخاطر التي سيخلقها دخول الذكاء الاصطناعي لحياتنا تحتاج لذكاء اصطناعي قادر على مواجهتها. ونتحدث هنا عن الأمن الإلكتروني والاحتيال وما شابه ذلك من مخاطر رقمية. ففي الوقت الذي تعمل فيه أنظمة الذكاء الاصطناعي من محاكاة الأصوات وتقليدها وما سيُسببه ذلك من إرباك لمقدمي الخدمات المصرفية عبر الهاتف، إلّا أنه في الوقت نفسه، سيُقدِّم الذكاء الاصطناعي حلًا لمثل هذه المشاكل، كما إن أنظمة الذكاء الاصطناعي ستُقلِّل من عمليات جرائم غسيل الأموال أو انتحال الهوية أو التحويلات المزيفة أو السرقة الإلكترونية.
ربما لاحظنا جميعًا السرعة الكبيرة التي حدثت في عمليات التحويلات المالية والتي باتت مؤتمتة بالكامل من خلال أنظمة تكنولوجية لا يمكننا القول إنها تعمل بالذكاء الاصطناعي؛ لأن هذه العمليات يمكن إدراجها ضمن الأتمتة الإلكترونية المتطورة، وليس لها علاقة بالذكاء الاصطناعي. لكن سنجد أن الذكاء الاصطناعي سيقوم بتسريع بعض العمليات المُعقَّدة في هذا الجانب، مثل التحويلات المالية بين الشركات أو حتى التحويلات الدولية، والتي كانت تحتاج لبعض الأيام لمعالجتها والتأكد منها إلى حين إتمامها. والذكاء الاصطناعي سيؤدي دورًا كبيرًا في تسريع هذه العملية لما له من قدرات فائقة في تحليل البيانات والتأكد من صحتها.
وتُعد خدمة العملاء أو الرد على استفسارات أو تنفيذ متطلباتهم المالية من أكثر المهام التي سيدخلها الذكاء الاصطناعي، وسيسطر عليها في السنوات المقبلة. فعلى سبيل المثال: رُوبوت الدردشة "Watsonx Assistant" الذي طورته شركة "IBM، وهو عبارة عن روبوت محادثة يقدم المساعدة للخدمات المصرفية مدعوم بالذكاء الاصطناعي، سنجده يلبي احتياجات المؤسسات المالية بشكل فعّال في الرد على استفسارات العملاء، وتسجيل شكاويهم وتنفيذ طلباتهم وتقديم المساعدة في الوصول لبياناتهم المصرفية. وكل هذا دون تدخل بشري، إلّا أن الشركة المُطوِّرة تقول إن نظامها يُشبه البشر في طريقة الرد والتحدث، ونحن ما زلنا في بداية الأمر؛ إذ ستشهد هذه الخدمات تطورًا كبيرًا قد يتسبب في إلغاء أي وظيفة متعلقة بخدمة العملاء في قطاع البنوك في السنواتر المقبلة.
وأحد أكبر فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، هو تحسين عملية اتخاذ القرار المتعلقة بتقييم الائتمان والإقراض والاستثمار، والذكاء الاصطناعي وقدراته في الاستفادة من الكم الهائل من البيانات التي تولدها المؤسسات المالية سيُعزز عمليات اتخاذ القرار؛ سواءً بالنسبة للموظفين العاملين في البنوك من عمليات الموافقة على القروض والائتمان، أو حتى تحسين اتخاذ القرار بالنسبة للخدمات المؤتمتة والرقمية؛ حيث سيُوفِّر الذكاء الاصطناعي القدرة على تقييم المخاطر الائتمانية وبنفس الوقت سيكون قادرًا بنفسه على اتخاذ القرار للموافقة أو الرفض لأي عملية ائتمانية دون الرجوع للبشر.
أيضًا الذكاء الاصطناعي قادرٌ على فتح وإغلاق الحسابات، وقد لاحظنا إدراج العديد من البنوك لمثل هذه الخدمات ضمن خدماتها المصرفية الرقمية. كما يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يتنبأ ما إذا كان العملاء الأفراد أو الشركات على وشك إلغاء حساباتهم بناء على سجلاتهم البنكية، مثل عدد مرات تسجيل الدخول أو إيداع الأموال، وبالتالي يُمكن للبنوك تفادي هذا الأمر من خلال تقديم بعض العروض للعملاء، أو حتى تقديم بعض التحسينات في تجربتهم الشخصية. ومن هنا تأتي أهمية الذكاء الاصطناعي في أن يقدم للعملاء تجربة شخصية بناءً على متطلباته ومتغيراته الشخصية، ولهذا سنجد في قادم الوقت خدمات أكثر شخصية تقدمها البنوك لعملائها، مثل بطاقة ائتمانية تناسب العميل نفسه وحده، أو نوع حساب مناسب له بشكل أكبر، أو تسهيلات في عمليات الدفع تناسب ظروفه المالية أو حتى تناسب طبيعة عمله.
الخلاصة.. أن قطاع البنوك سيشهد طفرة كبيرة في عملية التحوُّل التشغيلي والخدمي مع دخول الذكاء الاصطناعي، وسنجد وظائفَ تنتهي مثل وظائف خدمة العملاء، ووظائف متعلقة بالتحليل الائتماني ومكافحة الاحتيال، أو حتى بعض وظائف المبيعات والتسويق، إلّا أن الذكاء الاصطناعي سيخلق وظائف جديدة في قطاع البنوك، مثل مُبرمِج ذكاء اصطناعي أو مُتخصص أمن سيبراني أو مدير أنظمة الذكاء الاصطناعي. وعلى جانب آخر، ستُوفِّر البنوك خدمات "أكثر ملاءمة شخصية" لعملائها، تتناسب معهم ومع طبيعة أعمالهم الشخصية أو التجارية، ولكن ينبغي الانتباه إلى أنَّ الخطأ في برمجة الذكاء الاصطناعي قد يُسبب كارثة في المستقبل، ولهذا ما نُبرمِجه اليوم وما نُدخله في بيئة أعمالنا هو ما سيُحدد شكل تواجدنا المستقبلي كمؤسسات بنكية، وما نتعلمه اليوم ونُطوِّرُه من مهارات، سيُحدد ما إذا كُنا سنخسر وظائفنا أم سنُطوِّرُها كأفراد وعاملين في قطاع البنوك.
رابط مختصر