حققت دولة الإمارات تطوراً نوعياً في شتى القطاعات التنموية، وشغلت مواقع متقدمة في مختلف مؤشرات التنافسية الدولية من خلال تهيئة البنى التحتية الرائدة عالمياً، وتمكين الكفاءات البشرية من كلا الجنسين.

وعززت الدولة مساهمة المرأة في مجالات البناء والتنمية والتطوير، بما في ذلك قضايا التغير المناخي والبحث عن حلول مستدامة عالمياً لهذا التحدي الذي يهدد جميع الدول والمجتمعات، وفتحت المجال لمساهمة المرأة بفاعلية في دعم الجهود الوطنية لتعزيز حماية البيئة ومواجهة تداعيات التغير المناخي من خلال مبادرات وحلول مستدامة تعود بالفائدة على الأجيال القادمة، حيث أكدت الإمارات من خلال هذا النهج التشاركي، استمرارها في ترسيخ نموذجها الرائد في مجال حقوق المرأة والثقة الكاملة في مؤهلاتها وقدراتها على تقديم مساهمة فاعلة في جميع الميادين.

كما أثبتت المرأة الإماراتية حضورها الفاعل في قضايا المناخ، وأسهمت في صياغة توجّهات الاستعداد لمواجهة تحديات المناخ، في ظل الدعم الذي تحظى به من قبل القيادة الرشيدة وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “ أم الإمارات” رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، التي توفر كل سبل الرعاية للمرأة في شتى المجالات لا سيما البيئة والمناخ.

وطرحت الإمارات مبادرات وبرامج متنوعة لإشراك المرأة في العمل المناخي، وهي جهود تنسجم مع محور “أبطال العمل المناخي” ضمن حملة “استدامة وطنية ” التي تم إطلاقها تزامناً مع الاستعدادات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ “COP28” الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، حيث تسعى الحملة إلى التعريف بجهود أفراد من مجتمع دولة الإمارات يلتزمون بالمشاركة في مبادرات مبتكرة في مجال العمل المناخي لبناء مجتمع أكثر استدامة.

 

صانعة قرار مناخي

وتدعم القيادة الرشيدة في دولة الإمارات تمكين المرأة، باعتباره إحدى الركائز الرئيسية لكل الجهود التنموية ، حيث أتاحت الفرصة لتولي المرأة العديد من المناصب القيادية والمهمة في المجال البيئي والمناخي وإحداث التغيير الإيجابي داخل الدولة وعلى مستوى العالم، بناء على استعدادات مبكرة تمثلت في الارتقاء بالمستوى التعليمي للمرأة الإماراتية، وتحفيزها لنيل أرفع المؤهلات العلمية التي تشكل مرتكزاً لتقديم رؤيتها في مجال الحلول المستدامة لقضايا المناخ.

ويعكس وجود إماراتيات ضمن مناصب قيادية في صناعة القرار الفاعل بقضايا المناخ وحماية البيئة ثمار الكفاءة العلمية لدى ابنة الإمارات، ومن الأمثلة على ذلك، تولي معالي مريم بنت محمد المهيري منصب وزيرة التغير المناخي والبيئة، والتي تتابع تنفيذ خطط واستراتيجيات الدولة في مجالات تغير المناخ والبيئة والأمن الغذائي والمائي، كما تم تعيين معالي شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة تنمية المجتمع كرائدة المناخ للشباب، في حين تم تعيين سعادة رزان المبارك رائدة الأمم المتحدة للمناخ لدى مؤتمر “COP28”، والتي تم انتخابها سابقاً رئيسة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في سبتمبر 2021 لمدة أربع سنوات، لتكون بذلك ثاني امرأة تقود هذه المؤسسة المرموقة وأول امرأة من العالم العربي تتولى هذا المنصب.

 

التعليم وتحدي تغير المناخ

وحرصت المؤسسات التعليمية في الإمارات على رفد المجتمع بالكفاءات النسائية القادرة على استشراف متطلبات المستقبل، والتصدي للظواهر العالمية التي تفرض تحدياتها على جميع المجتمعات.

وتؤكد منظمة الأمم المتحدة أن التعليم يعد أحد أهم العوامل في معالجة قضية تغير المناخ، ودعت إلى القيام بحملات تثقيفية وتوعية عامة بشأن تغير المناخ، لضمان مشاركة الجمهور في البرامج والوصول إلى المعلومات حول هذه القضية، مشيرة إلى أن التعليم يمكن أن يشجع الناس على تغيير مواقفهم وسلوكهم، وفهم تأثير الاحتباس الحراري وتعلُّم كيفية التكيف مع تغير المناخ.

وعلى صعيد دور المرأة في إحداث تغيير جذري في قضايا المناخ استناداً إلى رصيدها التعليمي والمعرفي، تظهر مؤشرات التعليم في الدولة نمواً كمياً ونوعياً، حيث حققت الدولة المركز الأول عربياً والسادس عالمياً في جودة التعليم قبل الجامعي، وهو ما انعكس إيجاباً على مؤشرات تمكين المرأة في مجال التعليم، لتحظى النساء بنحو نصف مقاعد كليات الهندسة.

وحسب إحصائيات مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين فإن أكثر من 10000 من طلبة كليات التقنية العليا هم من الإناث، بينما تشكل الإناث نسبة 60% من الخريجين الإماراتيين في معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي الذي يركز على تقنيات الطاقة المتقدمة والتنمية المستدامة.

ويبلغ معدل الإلمام بالقراءة والكتابة بين الإناث في الدولة 95.8%، ونسبة الإناث الحاصلات على شهادة الثانوية اللواتي يلتحقن بالتعليم العالي 95% مقارنة مع 80% من الذكور، في حين تشكل الإناث ما بين 80% و90% من إجمالي عدد الطلبة في كل من جامعتي الإمارات وزايد على التوالي.

 

مبادرات محلية وعالمية

وتزامناً مع استعدادات الإمارات لاستضافة “ COP28 ”، جاءت مبادرة “التغيير المناخي والمساواة بين الجنسين”، والتي أطلقتها وزارة الخارجية بالتعاون مع الاتحاد النسائي العام، ومكتب اتصال هيئة الأمم المتحدة للمرأة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في مارس الماضي، برعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، وتهدف إلى دعم مشاركة المرأة في منظومة العمل الخاصة بالتغيير المناخي.

كما أطلقت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر” منصة “ السيدات للاستدامة والبيئة والطاقة المتجددة ” التي تعد مبادرة استراتيجية تهدف إلى تحفيز النساء على لعب دور فاعل في مواجهة تحديات الاستدامة العالمية، حيث تم إطلاق هذه المنصة خلال الدورة الـ 70 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في شهر سبتمبر عام 2015.

وتضم منصة “السيدات للاستدامة والبيئة والطاقة المتجددة” عدة أنشطة وبرامج وملتقى سنوياً، وجميعها تهدف إلى تعزيز دور النساء والفتيات للمساهمة الفاعلة في العمل المناخي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة، وإلهام جيل جديد من النساء القياديات الواعيات بقضايا الاستدامة.

ومنذ إطلاقها، عقدت منصة “السيدات للاستدامة والبيئة والطاقة المتجددة” منتديات رفيعة المستوى، حضرها أكثر من 2000 مشارك ساهموا في تعزيز الاستدامة وتحقيق التوازن بين الجنسين، كما أعلنت “مصدر” العام الماضي عن تخريج 23 خريجة من برنامج “الرائدات” الذي يقام تحت مظلة المنصة.

كما تهدف مبادرة “ بيوت مستدامة”، التي تم إطلاقها تحت رعاية كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، إلى بناء قدرات المرأة وتمكينها وتوعيتها للقيام بدورها المهم في الحفاظ على البيئة، وتتضمن سلسلة من ورش العمل والجلسات الحوارية التي تهدف إلى بناء قدرات المرأة حول مفهوم الاستدامة وتعزيز دورها في ترسيخ الممارسات البيئية المستدامة في المنزل.

وطرحت دولة الإمارات مبادرة استباقية في 2013 تبرز أهمية مشاركة المرأة بنشر الثقافة البيئية بين أفراد أسرتها وترسيخ السلوك البيئي الصحيح بين أبنائها، وتعزيز دورها المحوري في مجال استدامة البيئة، وقد تمثلت في مبادرة “ لنظهر التقدير لأجيال المستقبل” التي أطلقها الاتحاد النسائي العام.

ومن أبرز المبادرات الموجهة للمرأة الإماراتية كذلك مبادرة “زراعتي اكتفائي” التي تم إطلاقها أواخر 2015، بهدف تشجيع المرأة على الزراعة المنزلية وتمكينها من الاعتماد الذاتي على الإنتاج المنزلي من المحاصيل الزراعية وسد حاجتها الغذائية البسيطة، وتعزيز دور المرأة الحيوي في الحفاظ على استدامة البيئة، ومبادرة “الحرف اليدوية” والتي ترتكز على استغلال المنتجات الطبيعية وإعادة تدويرها في تقديم منتجات تراثية إماراتية للحفاظ على التراث الإماراتي القائم على إعادة تدوير بعض الموارد الطبيعية، ومبادرة “طاقة إيجابية” بالتعاون مع اتحاد الإمارات لرياضة المرأة، التي أطلقت مطلع العام الحالي وتتضمن سلسلة من الأنشطة الرياضية والجلسات الحوارية لتعزيز الصحة الجسدية والنفسية بما يمكن من تقليل أثر التغير المناخي على صحة المرأة.

وعالمياً، أطلق الاتحاد النسائي العام مبادرة “المرأة الريفية الأفريقية في المجال الزراعي”، بالتعاون مع وزارة الخارجية وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي ومكتب الاتصال الخليجي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وتهدف إلى تدريب النساء الريفيات في بعض الدول الأفريقية على الزراعة وآلياتها الملائمة لمواجهة تحديات تغيير المناخ، وتوفير عائد اقتصادي لهن؛ حيث يستهدف المشروع تدريب 10 آلاف امرأة.

 

المرأة صديقة للبيئة

وسجلت المرأة الإماراتية حضوراً بارزاً في مسيرة الإنجازات الاستثنائية التي حققتها دولة الإمارات في القطاعات الصديقة للبيئة كالطاقة النووية والطاقة المتجددة، فمنذ إطلاق البرنامج النووي السلمي الإماراتي حرصت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية على إتاحة الفرصة كاملة للمرأة الإماراتية للمساهمة في تطوير محطات براكة للطاقة النووية، وأولت المؤسسة والشركات التابعة لها؛ شركة نواة للطاقة، وشركة براكة الأولى، أهمية استثنائية لتطوير الكادر النسائي الإماراتي في هذا القطاع العلمي والتقني المتقدم، وهو ما نتج عنه تولي الكفاءات النسائية الإماراتية أدواراً مهمة وفي مختلف التخصصات في قطاع الطاقة النووية، بينما تجاوزت نسبة النساء في مؤسسة الإمارات للطاقة النووية وشركاتها حاجز الـ20% وهي من أعلى النسب على الصعيد العالمي، كما تضم هيئة كهرباء ومياه دبي ما يقرب من 700 مهندسة إماراتية في مجالات متنوعة مثل الطاقة المتجددة والطاقة المستدامة وغيرها من المجالات.

 

محركات للحلول

وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن النساء والفتيات هنّ الأكثر تضرراً من آثار تغيير المناخ، وبناء على ذلك يجب أن يكون التوازن بين الجنسين مكوناً رئيسياً لمعالجة هذه الأزمة العالمية ولضمان مستقبل مستدام للجميع، وتركز الأمم المتحدة على النساء في جميع أنحاء العالم بوصفهن عوامل تغيير، ووصفتهن بأنهم “محركات للحلول”، ودعت إلى تعليمهن كيفية دمج الحلول الذكية مناخياً في العمل الذي يقمن به، حيث لا تقتصر فائدة هذه الأساليب التي يقودها المجتمع البيئة فحسب، بل تمكّن النساء أيضاً من المساعدة في تحسين نوعية الحياة لأسرهن ومجتمعاتهن، مع تعزيز التنمية المستدامة، فيما تدعم دولة الإمارات مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار باعتبارها أولوية قصوى تعزز التوازن بين الجنسين.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

جناح الأديان بـCOP29 يناقش دور المرأة في العمل المناخي

نظم جناح الأديان في "COP29"، عددًا من الجلسات الحواريَّة التي تناولت قضايا جوهرية شملت دور المرأة في العمل المناخي العالمي والعلاقة الوثيقة بين القيم الدينية والعمل المناخي.

وأوضحت مورين غودمان، مديرة منظمة براهما كوماريس في المملكة المتحدة، في كلمتها خلال الجلسة الافتتاحية اليومية للجناح، أنَّ العالم يقف عند نقطة حاسمة في مفاوضات تغير المناخ، وأن دور المجتمعات الدينية أصبح ضروريًّا ومؤثرًا ويجب الاستماع إليه بشكلٍ أكبر، مؤكدة ضرورة توحيد جهود مؤتمرات المناخ المختلفة لمعالجة الأزمة البيئية بما في ذلك تقديم استجابة فعالة للمجتمعات الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ.

وجاءت الجلسة الأولى تحت عنوان: "حماية النظام المناخي المشترك.. حوكمة الأرض من أجل مستقبل مستدام" لتتناول قضايا جوهريَّة تتعلق بالأزمة المناخية وكيفية معالجتها من خلال تحسين الحوكمة العالمية.

وركزت الجلسة الثانية التي جاءت بعنوان: "التحول العادل نحو منظومة غذائية مستدامة في المجتمعات"، على تأثيرات تغير المناخ على المزارعين الصغار، والخسائر الكبيرة التي يواجهونها بسبب الأزمة المناخية، كما تطرَّق المشاركون فيها إلى الدور الحيوي الذي تؤديه النساء لتحقيق الأمن الغذائي، خاصَّة في المناطق الريفيَّة، وأهمية تمكينهن عبر توفير الموارد والإمكانات اللازمة.

أخبار ذات صلة ولي عهد أبوظبي يبحث علاقات التعاون مع رئيسة وزراء إيطاليا على هامش قمة العشرين الإمارات تتصدّر الدول العربية في مؤشر المعرفة... وتتفوق عالمياً في 16 مؤشراً فرعياً

ودعا المشاركون في الجلسة الثالثة بعنوان: "صندوق التكيف القائم على النظام البيئي العالمي.. منح صغيرة محفزة» إلى تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية، موضحين أهمية الدور الذي يؤديه صندوق التكيف القائم على النظام البيئي كآلية تمويلية تركز على المشاريع المبتكرة والشاملة التي تسعى لخلق بيئة مواتية لتطبيق الحلول المناخية.

وناقشت الجلسة الرابعة تحت عنوان "تجسيد العمل المناخي من منظور ديني"، العلاقة الوثيقة بين الأديان والعمل المناخي، وكيف يمكن أن تسهم المبادئ والقيم الدينية في معالجة الأزمة المناخية، في حين عقدت الجلسة الحوارية الخامسة تحت عنوان "الإيمان في العمل: التعاون متعدد الأديان، ومتعدد القطاعات، وعبر الأجيال من أجل بناء مستقبل أفضل"، وتناولت أهمية التعاون بين الأديان والأجيال لتحقيق مستقبل مستدام في مواجهة تغير المناخ.

واستعرضت الجلسة السادسة تجربة القرية البيئيَّة التابعة لمشروع المساعدة الإسلامية في تنزانيا، التي أُنشئت على مساحة 38 فدانًا لتوفير الرعاية الشاملة للأطفال الأيتام في بيئة عائلية تتيح لهم تعلم المهارات الحياتية الضرورية.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • النساء في الفن.. هل يصنعن ثورة أم يقعن في فخ التمثيل الزائف؟
  • بنات الإمارات في «COP29».. نماذج ملهمة في صناعة القرار المناخي
  • بنات الإمارات في "COP29".. نماذج ملهمة في صناعة القرار المناخي العالمي
  • بنات الإمارات في “COP29”.. نماذج ملهمة في صناعة القرار المناخي العالمي
  • جناح الإمارات في COP29 يبحث تمكين المرأة بالعمل المناخي ودمج الثقافة في سياساته
  • جناح الإمارات في COP29 يبحث تمكين المرأة بالعمل المناخي
  • قومي المرأة: الاستراتيجية الوطنية 2030 تعزز قدرات النساء للتعامل مع المخاطر البيئية
  • جناح الأديان بـ «COP29» يناقش دور المرأة في العمل المناخي
  • جناح الأديان بـ«COP29» يناقش دور المرأة في العمل المناخي
  • جناح الأديان بـCOP29 يناقش دور المرأة في العمل المناخي