رأي اليوم:
2024-07-08@21:50:29 GMT

مجزرة جنين المروعة وغياب الضمير الدولي

تاريخ النشر: 12th, July 2023 GMT

مجزرة جنين المروعة وغياب الضمير الدولي

عميرة أيسر لاتزال قوات القمع الصهيونية تنكل بسكان مدينة جنين في الضفة الغربية بين الفينة والأخرى، فيسقط العشرات بين قتيل وجريح، وتدمر الجرافات العسكرية الإسرائيلية كل ما يصادفها في طريقها من منشأت حكومية وبنى تحتية و تجمعات سكنية، ولا تفرق قذائف مسيراتها ودباباتها وجنودها بين الرضع والشيوخ والعجائز والنساء، أو بين أفراد المقاومة البواسل وبين المدنيين والأطقم الطبية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، فالإجرام الصهيوني مستمر والتوغلات الإسرائيلية لا تزال تتكرر في غياب تام للمجتمع الدولي، الذي تحول لمجرد صنم لا يسمع ولا يبصر ولا يعقل شيئاً، ما دام أن المعتدي هو إسرائيل المدعومة من الاتحاد الأوروبي وأمريكا والدول العربية المطبعة التي لولا تواطؤها وصمتها ما تجرأ الصهاينة على جنين و مخيمها ولا غيرها من المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، التي اعتقد الجيش الاسرائيلي بأن المقاومة فيها قد ماتت وبأنها لن تندلع مرة أخرى، بعد عقد اتفاقيات التنسيق الأمني بين السلطة في رام الله وبين تل أبيب.

 فإسرائيل التي ركزت لسنوات على اخماد والقضاء على المقاومة في قطاع غزة المحاصر، تناست بشكل كامل الضفة الغربية التي عجزت كل التقارير الأمنية والاستخباراتية الصهيونية عن توقع عودة المقاومة لمختلف مدنها وبلداتها بقوة، فنشأت حركات مقاومة شابة وذات روح قتالية عالية، كعرين الأسود التي أصبح لها شعبية واسعة في نابلس وجنين وغيرها من المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، وهي من نفذت عمليات نوعية أدت لسقوط عشرات الجنود الصهاينة صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية في الضفة، واستطاعت بالتالي تجاوز كل الاجراءات الأمنية المعقدة التي تحمي بها إسرائيل مستوطناتها ومراكزها الأمنية، بل استطاع مقاتلوها التسلل للعمق الصهيوني وتنفيذ عمليات دهس وطعن في حق الإسرائيليين، وهذا ما جعل نتنياهو وحكومته في حرج شديد أمام الرأي العام الاسرائيلي، وهي الحكومة اليمينية المتطرفة التي تلاحقها العديد من تهم الفساد، لذلك لجأ  رئيس الوزراء الصهيوني  لسياسته  الكلاسيكية المعهودة، وهي صرف الأنظار عن المشاكل التي يتخبط فيها وعجزه عن إيجاد حلول ناجعة لها، فأعطى أوامره للجيش الصهيوني بتنفيذ عملية عسكرية في جنين بدعوى التخلص من المقاومة المتحصنة بها، فهاجمت قوات إسرائيلية كبيرة المدينة لأول مرة منذ سنة 2006م، إذ شارك في تلك العملية العسكرية أكثر من 2000 جندي صهيوني، بالإضافة لعشرات الدبابات والأليات والمجنزرات العسكرية، و6 طائرات مسيرة نجحت المقاومة في إسقاط نصفها، وأعلن الجيش الاسرائيلي بأن العملية تستهدف القضاء على غرفة العمليات المشتركة  للمقاومة، مشيراً لإصابة جندي خلاها. كما ذكر موقع الأناضول، بتاريخ 5 جويلية/ يوليو 2023م، في مقال بعنوان (الجيش الاسرائيلي يعود ويقتحم مدينة جنين). فالعملية التي تقوم إسرائيل بتنفيذها بشكل منظم وفجائي في الضفة الغربية، تدخل ضمن الاستراتيجية الصهيونية لعزل مدن ومخيمات الضفة، ومحاولة تصفية جيوب المقاومة فيها، ومنع تكرار سيناريو قطاع عزة في قلب بلدات ومخيمات و مدن الضفة الغربية، فإسرائيل بدأت تستشعر بأن المقاومة الفلسطينية لم تعد محصورة في قطاع عزة كما كانت قبل عقدين من الزمن، بل بدأت تتوسع وتصبح  أكثر تنظيماً وكفاءة، ولم تستطع كل الاجراءات المتبعة من طرفها في إنهاء حالة اللاستقرار الموجودة في مدن كنابلس وجنين والخليل وطولكرم وغيرها، فالجيش الاسرائيلي الذي كان يعتمد بشكل كامل على السلطة الفلسطينية وفق اتفاقيات أوسلو في حفظ الأمن، ومنع إطلاق الصواريخ من الضفة الغربية باتجاه المدن والمغتصبات الصهيونية قد عجز فيما يبدو عن الاستمرار في نفس النهج بعدما أدركت سلطة رام الله بأن هذا الكيان الغاصب لن يلتزم بكل الاتفاقيات الأمنية الموقعة بين الجانبين، وهذا ما دفع الرئيس محمود عباس للمطالبة بالتصدي للعملية الأمنية الإسرائيلية من طرف كل الهيئات والمؤسسات الأمنية التابعة للسلطة في جنين، وقام بوقف كافة أشكال التعاون مع تل أبيب، بما فيها عمليات التنسيق الأمني، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح أمام عدو لا يفقه ولا يفهم إلاّ لغة القوة التي أخبرته على الانسحاب من قطاع عزة سنة 2005م، فيما أطلق عليه الهالك شارون بخطة ” فك الارتباط”، وهو الذي كان محتلاً منذ سنة 1967م، وتم إسناد إدارته للسلطة الفلسطينية في 1994م، فيما أبقت إسرائيل على قواتها في تجمعات ومستوطنات مركزية داخل القطاع كان يقيم بها أكثر من 6 آلاف مستوطن. كما ذكر موقع دنيا الوطن، بتاريخ 12 سبتمبر/أيلول 2022م، في مقال بعنوان (17عاماً على الانسحاب الاسرائيلي من قطاع عزة). والشيء الغير مفهوم هو موقف بعض الدول العربية قبل الغربية التي بدل أن تدين إسرائيل وجرائمها المستمرة بحق الشعب الفلسطيني العزل قامت بإدانة ما اسمته العمليات الاستفزازية والانتحارية من طرف المخربين الفلسطينيين، وخاصة دول التطبيع التي امتنعت ككل مرة عن إدانة الجانب الصهيوني، فيما بقيت دول كالجزائر والعراق وسوريا ثابتة على مواقفها من الكيان الصهيوني وأبدت دعمها المطلق لحق الشعب الفلسطيني في إنهاء كافة أنواع الاحتلال، واسترجاع كافة أراضيه المسلوبة، والملفت للنظر هذه المرة هو موقف الإمارات العربية المتحدة التي أعلنت دعمها لأهالي جنين وقدمت 15 مليون دولار لإعادة إعمار المدينة تزامناً مع تعهد الجزائر بتقديم 30 مليون دولار لذات الغرض، فيما عدّه المراقبون محاولة من طرف الامارات للعب دور محوري مستقبلي في ملف القضية الفلسطينية، وتلميع صورتها التي تضررت كثيراً بعد تطبيعها للعلاقات مع تل أبيب، وهو ما اعتبره حسن إبراهيم النعيمي المحلل السّياسي الاماراتي، شيئاً عادياً يأتي في ظل الدور التاريخي المنوط ببعض الدول تجاه القضايا العربية. كما ذكر موقع sputnik،  بتاريخ 6 جوان/يونيو 2023م، في مقال بعنوان (15مليون دولار دعم من الامارات لجنين…….هل يتحمل الخليج فاتورة إعادة اعمار فلسطين؟). أما على الصعيد الدولي فإن الموقف الأمريكي لم يتغير منذ النكبة، في دعم الاحتلال الصهيوني وتبرير جرائمه المروعة في حق الشعب الفلسطيني الأعزل، إذ أعرب وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن عن دعمه للعملية العسكرية  الصهيونية في جنين، وهو ما يتماهى مع موقف وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الذي يعتبر بشكل واضح عن موقف الإدارة الأمريكية برئاسة بايدن الداعم الأكبر لإسرائيل في الحزب الديمقراطي الذي رفض إدانة مقتل الصحفية الأمريكية من أصول فلسطينية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، المتوفية نتيجة إطلاق النار عليها من قناص في جيش الاحتلال الصهيوني، فإسرائيل اقتحمت مدينة جنين ومخيمها بضوء أخضر أمريكي ككل مرة، مادام أن واشنطن تستعمل حق النقض في مجلس الأمن الدولي، لمنع صدور قرارات دولية تدينها، وهو ما حدا بوزير الدفاع الاسرائيلي يواف غلات لتوجيه عبارات الشكر والامتنان للإدارة الأمريكية عبر حسابه في تويتر. كما ذكر موقع sputnik،بتاريخ 7جويلية/يوليو 2023م، في مقال بعنوان ( غالات يشكر أمريكا على تأييدها اجراءات الجيش الاسرائيلي في جنين). فإسرائيل بالرغم من كل الدعم الغربي لعملياتها الاجرامية في فلسطين المحتلة، ولكن لا تزال تعاني من عقدة النقص بعد فشلها الاستخباراتي المتكرر في معرفة أدق تفاصيل عمليات المقاومة ومنعها قبل وقوعها، والكمائن التي تعرض لها الجيش الاسرائيلي في جنين أكبر دليل على ذلك، ضف إلى ذلك الضربة الموجعة التي وجهها جهاز Miteالتركي للموساد في تركيا، حيث استطاعت الاستخبارات التركية تفكيك ما يربو عن 9 شبكات تجسس تضم 56 شخصاً كان أعضاءها مكلفين بالقيام بعمليات تجسس على عدد من المعارضين المصريين والعرب، ومواطنين فلسطينيين ومن جنسيات أخرى مقيمين في تركيا، فعملية جنين هي محاولة إسرائيلية مفتوحة لتّغطية على ما وقع للموساد في تركيا، وكذا تريد تل أبيب من وراءها فرض خطة ضمّ مدن الضفة الغربية بالقوة لإسرائيل في إطار خطة نتنياهو للقضاء على السلطة الفلسطينية تدريجياً، والعودة بالوضع لما قبل سنة 1994م. كاتب جزائري

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: الجیش الاسرائیلی فی الضفة الغربیة المقاومة فی تل أبیب فی جنین

إقرأ أيضاً:

السجن أصبح مقبرة..؟

اغتال الكيان الصهيونى الغاصب قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى عندما استهدف البشر والحجر، واعتمد الإبادة الجماعية كوسيلة يحقق من خلالها مراميه ومآربه فى السيطرة كليا على الأراضى الفلسطينية. ولهذا عمد إلى زيادة وتيرة جرائم الحرب التى شرعها كهدف له لبسط سطوته وجبروته، وهو ما حدا بالمفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إلى أن يقول: (القطاع الذى وصف على مدى أعوام بأنه سجن كبير مفتوح فى ظل الحصار الجوى والبرى والبحرى أصبح مقبرة للسكان المحاصرين بين الحرب والحصار والحرمان والتجويع)، وهو ما دفعه إلى أن يدعو الكيان الصهيونى إلى احترام القانون الانسانى الدولى والحفاظ على المدنيين وحمايتهم، وتفعيل وقف فورى لإطلاق النار للسماح بالوصول الآمن والمستمر، وغير المقيد إلى الوقود والأدوية والمياه والغذاء فى القطاع.

وقال المسئول الأممى: (إن التاريخ سوف يتساءل: لماذا لم يكن لدى العالم الشجاعة للتصرف بشكل حاسم ووقف هذا الجحيم على الأرض؟). وفى الوقت نفسه تخوض اسرائيل اليوم حربا شرسة على ست جبهات أولها جبهة حماس التى ما زالت تتمتع بقدر كبير من القدرة التى مكنتها من شن هجوم بحرى على إسرائيل، فى الرابع والعشرين من أكتوبر، ومن إطلاق صواريخ بعيدة المدى باتجاه مدينة ايلات جنوب اسرائيل، ومدينة حيفا الساحلية الشمالية. أما الجبهة الثانية فتمثلها إيران ووكلاؤها أى حزب الله فى سوريا ولبنان، وحزب الله فى سوريا فى سوريا ولبنان والميليشيات الإسلامية والحوثيين فى اليمن.

وتتمحور الجبهة الثالثة حول شبكات التواصل الاجتماعى التى أصبحت اليوم ذات قيمة استراتيجية حقيقية قى ظل تبادل الآراء بشكل مفتوح حول العالم، ومنها ما يخص إدانة إسرائيل إزاء استهدافها للمستشفيات. وبخلاف هذا يشكل الصراع الفكرى الفلسطينى بين إسرائيل والحركة التقدمية العالمية الجبهة الرابعة. وهنا تجدر الإشارة إلى المظاهرات فى حرم الجامعات الأمريكية التى تلقى باللوم على إسرائيل فى مواجهتها لحركة حماس التى يرونها على حق لكونها منخرطة فى النضال المشروع ضد الاستعمار. ويمثل الداخل الإسرائيلى والأراضى المحتلة فى الضفة الغربية الجبهة الخامسة، حيث يهاجم المستوطنون الفلسطينيين الذين يحاولون الدفاع عن أراضيهم، ومن ثم يعمدون إلى عرقلة جهود المؤسسة العسكرية الاسرائيلية للسيطرة عليها بالتعاون مع قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية. وتأتى الجبهة السادسة لتسلط الضوء على الداخل الإسرائيلى حيث المواطنين اليهود. وهنا يوجه الانتقاد إلى استراتيجية «نتنياهو» التى بنيت على تأليب فصائل المجتمع الاسرائيلى ضد بعضها البعض مما أدى إلى تآكل الوحدة المجتمعية الضرورية لكسب الحرب التى يخوضها الاحتلال الغاصب.

وتستمر أمريكا كعنصر رئيسى داعم للاحتلال الغاصب فى كل الجرائم التى يرتكبها، وكعنصر يؤكد بأن إسرائيل لا يمكنها أن تفوز بمفردها فى هذه الحرب إلا إذا تمكنت هى وأمريكا معًا من تشكيل تحالف عالمى. بينما يرى بعض المحللين أن الحل يكمن فى الإعلان عن نهاية توسيع المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية، وإصلاح علاقات إسرائيل مع السلطة الفلسطينية بحيث تصبح شريكًا شرعيًا ذا مصداقية، وبالتالى تحكم قطاع غزة وتشارك فى صياغة حل الدولتين الذى يشمل الضفة الغربية بعد التخلص من حركة حماس.

 

مقالات مشابهة

  • 120شهيداً وجريحاً في ثلاث مجازر صهيونية على غزة واعتقالات واسعة في الضفة الغربية
  • الشيخ الخزعليّ يستقبل وفدًا من المقاومة الفلسطينية: العراق يتطلع لإعادة إعمار غزة
  • العدو الصهيوني يعتقل 19 فلسطينيا من الضفة الغربية والقدس المحتلتين
  • باستخدام "سلم".. فلسطينيون يتسللون إلى داخل إسرائيل
  • حركة المجاهدين الفلسطينية تدين استهداف مراكز الإيواء
  • مسؤولة سابقة في الشاباك تتحدث عن اليوم التالي لمحمود عباس
  • مُنظمة التحرير الفلسطينية تدين مجزرة مدرسة بنات النصيرات الإعدادية
  • العدو الصهيوني يشن حملة دهمٍ واعتقالاتٍ في الضفة الغربية المحتلة
  • أبناء ذمار يؤكدون ثبات الموقف اليمني المساند للشعب الفلسطيني وينددون بالصمت الدولي
  • السجن أصبح مقبرة..؟