أحدث العالم الإيطالي جاليليو جاليلي طفرة في علم الفلك في القرن السابع عشر، والتي غيَّرت فهمنا للكون ومكاننا فيه، وإلى الآن يحظى جاليليو بتقدير كبير ليس فقط بسبب أبحاثه الرائدة التي أجراها، ولكن بسبب براعته في تطوير أدواته البحثية، حيث أمس هو يوم ذكرى اختراع التلسكوب.

منذ عام 1621 نظر جاليليو إلى اختراع تلسكوب لينظره في إلى سماء ليكتشف أشياء تنسب فضلها إليه حتى الآن، ولكن لم يحظى جاليليو بالتقدير في حياته لاختراعاته، بل تمت محاكمته، بحسب ما ذكرته صحيفة «بريتانيكا» الموسوعة البريطانية.

محاكمة جاليليو بسبب التلسكوب

أدى اختراع جاليليو للتلسكوب إلى محاكمته بسبب معارضة أفكاره للكتاب المقدس وفق كنيسة روما في القرن الـ17، إذ توصلت أبحاث جاليليو إلى أن الأرض في الواقع تدور حول الشمس، لكن اعتبرت المؤسسة الكنسية التي كانت تؤمن بأن الأرض هي مركز الكون وبالتالي الشمس هي التي تدور حولها، بأن جاليليو قام بطعن الاعتقاد الكنسي وقتها، واتهمته بالهرطقة.

ولكن فيما بعد اعترفت الكنيسة بصحة أفكاره، وأهمية إسهاماته في الثروة العلمية ولقب بـ «أب العلوم الحديثة»، ولكن جاء ذلك بعد أن أجبر جاليليو على التراجع عن أقواله العلمية، إذ شهدت هذه الفترة محاكم التفتيش التي كانت تفرض عقوبات صارمة ومميتة لكل من يعارض الكنيسة.

وجاء نص ما قاله جاليليو في المحاكمة: «أنا المدعو جاليليو جاليلى، أقسم إننى آمنت بكل معتقدات الكنيسة الكاثوليكية الرسولية بروما، وسأؤمن مستقبلا بكل تعاليمها وما تبشر به، وأعلن ندمي عن كل الأفكار والهرطقات التي أدليت بها مسبقا، وعن كل ما اقترفته فى حق الكنيسة، وأقسم ألا أعود إلى مثل هذه الأفعال مرة أخرى، وأن أشهد أمام هذه الهيئة المقدسة ضد أي شخص يقترف فعل الهرطقة أو المساس بمعتقدات الكنيسة فور علمي بذلك».

وعلى الرغم من صعوبة ما قاله جاليليو وتراجعه عن كل ما يؤمن به، إلا أنه كان غير كاف لهيئة المحكمة، وتم الحكم عليه بالحبس المنزلي إلى أن فقد بصره وتوفى جاليليو فى 8 ديسمبر 1642.

تلسكوب جاليليو

كان تلسكوب جاليليو أحدث ثورة في مجال الأبحاث الفلكية، فهو يُكبر الأشياء بمقدار 8 أضعاف حجمها الأصلي، ثم تم تحسينه وتطويره ليتمكن من تكبير الأشياء بمقدار 20 ضعف حجمها الأصلي، ويتكون التلسكوب من عدسة موضوعية محدبة و عدسة مقعرة موجودتين في أنبوب طويل، أو أسطوانة طويلة مجوفة.

على الرغم من أن مجال الرؤية ضيق جدا، لا يتجاوز نصف عرض القمر تقريبا استطاع جاليليو تأليف كتابه «رسالة فلكية Sidereus nuncius» وتسجيل العديد من استنتاجاته وأبحاثه بواسطة هذا التلسكوب.

والجدير بالذكر أن تلسكوب جاليليو معروض اليوم في متحف جاليليو بإيطاليا.

أهم اكتشافات جاليليو بالتلسكوب

واستطاع جاليليو تسجيل عدد من الاكتشافات بالتلسكوب، وهي أن سطح القمر غير متساو وخشن ومليء بالتجاويف والنتوءات، وليس أملس ومصقولًا كما يبدو عند رؤيته عن بعد بالعين المجردة فقط.

اكتشف وجود 4 أقمار لكوكب المشتري توجد جميعها في خطٍ مستقيم، وتدور حوله كما يدور قمر الأرض حولها.

لاحظ أطوار كوكب الزهرة، واستطاع رؤيته أثناء تغيره من قرص ممتلئ إلى هلال.

لاحظ وجود مناطق مظلمة تبدو وكأنها تتحرك على سطح الشمس، والتي أصبحت تعرف باسم البقع الشمسية.

واكتشف أن مجرة ​​درب التبانة تتكون من عدد لا حصر له من النجوم.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: التليسكوب

إقرأ أيضاً:

الشاعر السوري فواز قادري: دير الزور حكاية حب لا تنتهي.. والكتابة لا تهادن الواقع

الشاعر السوري فواز قادري، الذي حمل معاناته وهويته بين دير الزور وميونيخ، يكتب قصيدته بلغة لا تعرف القيود، ومن خلال تجربته في المهجر، يسعى إلى كشف الحقيقة التي تخفيها الحروب والمآسي، مُحولا الألم إلى كلمات مقاومة حية، في هذا الحوار، نغوص في رؤيته للشعر كأداة للتحرر، وكيف تصبح القصيدة لديه فعلا يكشف عن التحديات والآمال في آنٍ، وتلمس قلوبنا بعنفوانها الصادق.

- بين دير الزور وميونخ، كيف تنظر إلى تأثير المنفى على هويتك الشعرية؟.. أترى في الاغتراب حافزا للإبداع أم جرحا يتسع مع الزمن؟

للأمكنة تأثير كبير على الشعر والإبداع بشكل عام، وكذلك على المبدع نفسه، وعلى صعيدي الشخصي، تعمق مفهومي وتجربتي في كتابة «قصيدة العيش»، حيث أرى أن العيش هو أن تملأ حيزك الزماني والمكاني بمعناك.

مع «قصيدة العيش»، تكتسب الأشياء ماهية مختلفة، وتتحول الحياة إلى نبع رقراق يصير نهرا صغيرا يرافقك في أغلب الأوقات، يأكل ويشرب معك، ويستثير حساسيتك، حتى تصبح أنت نفسك أقرب إلى قصيدة تسكنك وتدعوك إلى كتابتها.

أما المنفى، أي المكان الآخر «وأنا هنا أعني ميونيخ»، فيدفعك إلى إعادة النظر في جميع مكونات حياتك، ويضيف إليها بعض العناصر الجديدة، تماما كما يجعلك أكثر يقينا بما تعتقد، إنه يبرز كل ما هو إنساني ومشترك مع الآخرين، مما يعمّق فهمك لذاتك وللعالم من حولك.

- في ديوانك «قيامة الدم السوري» رصدتَ مأساة الإنسان السوري بأسلوب شعري مكثف.. كيف تمكنت من الموازنة بين الشعر كفن والواقع القاسي دون الوقوع في فخ التوثيق المباشر؟

الواقع مثلما هو مرجعيتي الأساسية، أنظر إليه كفخ للمبدع والقصيدة، وأحذره، تجلى هذا بشكل خاص في الكتابة عن ثورة الشعب السوري على الطاغية وإرثه، هناك الكثير من الألم في ما حدث، ألمٌ يشبه القيامة، يجعلك لا تتوقف عن الصراخ.

كنتُ أعي تماما أن في كل نص تكتبه، قد تخرج عن أسلوبك المعتاد إلى نوع من المباشرة التي تدعوك إلى كتابة مختلفة عن مفهومك الجمالي، خاصة وأنت تؤثث بالشعر قيامة هذا الشعب الذي وصل إلى حافة الموات، في مثل هذه اللحظات، تصبح القصيدة ملحمية، قادرة على تناول التجربة، بل وأكثر مما تمنحها الصرخات.

- ديوان «أناشيد ميونخ المؤجلة» يحمل بين طياته حنينا ممزوجا بالغربة.. أفقدت القدرة على الانتماء؟ أم أن الشعر ذاته يصبح وطنا بديلا؟

ديوان أناشيد ميونيخ، صحوة شعرية حاولت أن أرد فيه دَين الحب إلى مدينة احتضنتني وشكلت وأعادت التوازن إلى روح الغريب، أثثت بالأصدقاء من أهل البلد، والغرباء الذين شاركوني دفء المدينة.

إلى درجة التماهي بين مدينتين «دير الزور» الذاكرة، مسقط الرأس والقلب، الطفولة التي لم تبارحني، المراهقة وأحلامها الكثيرة، الكدح المبكر الذي جعلني أنحاز إلى عرق الناس ومعاناتهم التي لا تنتهي، القصيدة المبكرة الخارجة من رحم الحارات، بعيدا عن المدرسة.

معاناة التقاط الأحرف من لافتات الشارع، ومن مهنة إصلاح الأجهزة الإلكترونية في محل صاحبه فنان ورسام، المسرح، الألوان، خيالات الصغير وشغفه بالأحلام، كل ذلك قاده لاحقا إلى العمل بالسياسة، واكتشاف الشعر الذي أصبح كل حياته.

«ميونيخ» الكدح اليومي من جديد، قصائد التجربة في مكان جديد، ثورة الأهل في سوريا، الحلم العتيق بالتغيير الذي لم يفارقني رغم البعد الجسدي، أوجاع الناس وأنا بعيد عنهم بجسدي، طوفان شعري لم يتوقف، الكتابة اليومية المشغولة بهدوء الفن، الصرخات المكتومة أعادت النظر في «قصيدة العيش»، بأدواتها، بلغتها المرافقة للوجع اليومي ومعاناة الناس هناك.

«ميونيخ.. النأي بلا عزلة»، طوفان لهاث وكتابة، دموع تتحول إلى كلمات، ورموز، وأساطير حية، قصائد تعيش معي، تتجدد، وتصبح أكثر رهافة وإنسانية، رغم الألم اللحظي الجارح.

- تلعب الذاكرة دورا محوريا في نصوصك.. أترى أن العودة إلى المكان في القصيدة محاولة للشفاء أم استعادة غير مكتملة؟

دير الزور.. المدينة، الذاكرة، النهر الذي لا يبرح يرافقني، دون أن يتدخل في تشكيل حياتي، فيها من العذوبة ما يجعلني أتيقن أنني أعيش زمني الحاضر، ولا أسترجع الماضي كي أعيش فيه، فأنا لست مريضا لأحتاج إلى الشفاء منه. ومن هذا النهر أنا فقط أحاول أن أطيل إقامتي في الأشياء التي أحبها، أطيل النظر فيها، أتدارك نقصانها بالمزيد من الحب.

- في ديوانك «صهيل في غرفة ضيقة» استخدمت رمزية الصهيل والغرفة الضيقة.. ما الدلالات التي أردت إيصالها من خلال هذه الرموز؟

ديوان الصهيل في غرفة ضيقة، باختصار، هو فعل الحرية وممارستها في أصعب الأوقات، «الصهيل» ذلك المدى الممتد في أعتى وأضيق الأمكنة، في الزنازين وكل أشكال الأسر، وكيفية تحول حالات الاختناق إلى غناء طليق.

- في ديوانك «نهر بضفة واحدة» كيف استخدمت النهر كرمز؟ وما الرسائل التي أردت إيصالها من خلال هذا العنوان؟

«نهر بضفة واحدة» لا إجابة محددة أو شارحة عندي، على القارئ أن يتخيل الحالة مع الشاعر والقصيدة، فالشرح التعليمي يخرج القصيدة من ماهيتها وطبيعتها.

- كيف ترى العلاقة بين الشعر والسياسة في أعمالك؟ وهل تعتقد أن الشاعر يجب أن يكون له دور في القضايا السياسية والاجتماعية؟

هناك دائما علاقة ما بين الشعر والسياسة، لكنها علاقة غير بوقية، فالشعر الحقيقي لا يمكن أن يكون إلا صدى نفسه، دور الشعر والشاعر هو الكشف، وليس ترديد ما يُطلب منه، فالمعاني، كما قال المعلم، ملقاة على قارعة الطريق، لكن الشعر والفن يكمنان في كيفية القول، وليس في المعنى الذي يُقال.

- ما دور الموسيقى والإيقاع في قصائدك خاصة بعد انتقالك إلى قصيدة النثر؟.. وكيف تحافظ على الجمالية الصوتية في نصوصك؟

هجرت موسيقى القصيدة الخارجية، تركت الوزن وتخليت عنه، لأنه يعيق الشاعر في الكتابة، ولأن الأوزان هي تعبير عن زمنها، وهي -بمعنى ما- قيد على حرية الشاعر.لقد قيل الكثير عن هذا الموضوع، ولستُ أول من تخلى عن الوزن، ولن أكون الأخير الذي يفعل ذلك، ببساطة، لكل وقت إيقاعه وموسيقاه. ولكل قصيدة رمزيتها ووضوحها، فالشعر برق، أحيانا يضيء في النفس ثم ينسحب، لكنه يترك أثرا لا يمحى بسهولة.

- كيف ترى موقعك في مشهد الشعر العربي المعاصر، خاصة في ظل التحولات السياسية والاجتماعية الكبرى التي تمر بها المنطقة؟

لم أفكر في هذا الأمر ولا أبحث عنه، أنا فقط أكتب قصائد العيش، ولا أهتم بموقعي أو موقع غيري، بالمحصلة سيأتي هذا الوقت، للتذكير صدر لي من أيام كتاب «هذا الوقت ليس وقتي» فيه إجابة على هذا السؤال.

مقالات مشابهة

  • العيد القومي للدقهلية.. دار ابن لقمان تسرد حكاية النصر على لويس التاسع
  • حكاية مدينة أثرية عملاقة تحت الأرض.. كيف عاش 20 ألف شخص في ديرينكويو؟
  • سوناطراك توقع عقد تصنيع براءة اختراع تطوير جهاز جديد
  • "واحد من الناس" يعرض كواليس حكاية عبد الوهاب أم كلثوم مع "أنت عمري"
  • بكثير من الفرح والأمل.. نازحو ود مدني يعودون لبيوتهم التي هجروها بسبب الحرب
  • حكاية خالد على أنقاض الدمار في جنين
  • القادري لـ سانا: تمكّن عدد كبير من المعلمين من العودة إلى أماكن عملهم التي هُجّروا منها بسبب النظام البائد، وهو ما يوفّر الاستقرار للمدارس في تلك المناطق
  • شاهد| جيب شيروكي 2026 الجديدة
  • حارس أنجولا: مباراتنا ضد مصر صعبة ولكن لدينا حظوظ في التأهل
  • الشاعر السوري فواز قادري: دير الزور حكاية حب لا تنتهي.. والكتابة لا تهادن الواقع