ذا أتلانتيك: بحر الصين الجنوبي أخطر مناطق الصراع التي يغفل عنها العالم
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
نشرت مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية مقال رأي للكاتب تيموثي ماكلولين تحدّث فيه عن النزاع القائم بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث أضافت الصين أكثر من 3200 فدان من الأراضي إلى مواقعها السبعة في جزر سبراتلي خلال العقد الماضي.
وقال الكاتب، في مقاله الذي ترجمته عربي21"، إنه على الجزر الصخرية القاحلة، ثبّتت بكين معدات لجمع المعلومات الاستخبارية وأنظمة صواريخ أرض-جو بعيدة المدى وطائرات مقاتلة خفية.
ربما يكون بحر الصين الجنوبي الممر المائي الأكثر إثارةً للجدل في العالم، حيث تتنافس كل من الصين وفيتنام وماليزيا وبروناي والفلبين وتايوان على موطئ قدم لها هناك. لكن لم تسع أي جهة فاعلة إلى تحقيق ذلك بمثل عدوانيّة الصين. وقد أعربت الفلبين عن استيائها من أن القوات الصينية تهدد بحّارتها وصيّاديها بشكل يوميّ تقريبًا، وقد لجأت حكومة الرئيس فرديناند "بونجبونغ" ماركوس إلى بثّ مقاطع فيديو وصور وروايات شهود عيان عن هذه المواجهات. وفي أواخر تشرين الأول/ أكتوبر، نشر المسؤولون لقطات لسفن صينية تصطدم مرتين بسفن فلبينية.
وأكّد الكاتب أنه من بين كل صراعات العالم التي تشمل اليوم حربي أوكرانيا وغزة، ربما تكون التوترات الصينية الفلبينية في بحر الصين الجنوبي هي الأقل إثارة للاهتمام ولكنها من بين الصراعات الأكثر احتمالا للانفجار. وفي وقت سابق من هذه السنة، قال مسؤول عسكري صيني سابق رفيع المستوى إن الصراع بين الولايات المتحدة والصين من المرجّح أن يندلع حول بحر الصين الجنوبي أكثر منه حول تايوان.
يتميّز هذا الحوض العميق المليء بالمياه الضحلة المرجانية بحياة بحريّة غنيّة وموارد طاقيّة وفيرة. ويُعتقد أن أكثر من نصف سفن الصيد في العالم تنشط في هذه المنطقة، إلى جانب كونه من أكثر ممرات الشحن ازدحامًا في العالم بحصة تناهز 3 تريليون دولار من التجارة السنوية.
وأشار الكاتب إلى أن 200 ميل بحري تقع داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة تعود للفلبين. ويشرف ألبرتو كارلوس، نائب أميرال، قاد القيادة الغربية للفلبين منذ كانون الثاني/ يناير 2022، على تلك المنطقة. يضم أسطوله سفينة "سييرا مادري" بُنيت في الأصل لصالح البحرية الأمريكية في سنة 1944 وكان لها تاريخ مهني طويل في اليابان وفيتنام قبل أن تهديها واشنطن إلى مانيلا في سنة 1976. ومنذ أيار/مايو 1999، أصبحت سييرا مادري مصدرا خاصا للتوتر بين الفلبين والصين.
في ذلك الشهر، جنحت السفينة "سييرا مادري" في منطقة سكند توماس شول المرجانية الصغيرة ضمن المنطقة المتنازع عليها آنذاك، على بعد حوالي 120 ميلاً من ساحل جزيرة بالاوان. وتكرر الأمر مع سفينة ثانية في وقت لاحق من تلك السنة، إذ اشتبهت بكين في أن مانيلا كانت تستخدم السفن الشاطئية لإنشاء مواقع استيطانية. في البداية، تظاهر المسؤولون الفلبينيون بالخجل، قائلين إنهم كانوا يعتزمون إصلاح سييرا مادري ولكنهم واجهوا صعوبة في العثور على المواد، بينما تم سحب السفينة الأخرى في النهاية.
بعد مرور أكثر من عقدين من الزمن، لا تزال سييرا مادري رابضة في مكانها وأضحت عبارة كتلة من الصدأ . يقع موقع سييرا مادري ضمن "خط النقاط التسع" الصيني - وهو رسم خرائطي خيالي استخدمته بكين للمطالبة ببحر الصين الجنوبي بأكمله تقريبًا. وفي سنة 2016، ألغت محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي خط النقاط التسع وحكمت بأن سكند توماس شول جزء من المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري للفلبين.
وذكر الكاتب أن بكين تتجاهل هذا الحكم بشكل صارخ. عندما تقوم الفلبين بتسليم الإمدادات للبحارة على متن سييرا مادري عبر قوارب صغيرة ترافقها سفن خفر السواحل، تحاول السفن الصينية منعها. وفي أوائل آب/ أغسطس، استخدم خفر السواحل الصيني خراطيم المياه لمنع القوارب الفلبينية من الوصول إلى الموقع. كانت المحاولة الثانية في وقت لاحق من ذلك الشهر ناجحة، كما كانت في أيلول/سبتمبر، عندما حلقت طائرة استطلاع أمريكية في سماء المنطقة.
وأضاف الكاتب أن الخلاف استمر لفترة طويلة حتى أنه أصبح شبه روتيني. مع اقترابها من العقد الثامن من الخدمة، تحتاج سييرا مادري إلى ترميم واسع النطاق قبل أن تخسر حرب الاستنزاف بالمياه المالحة والعواصف في ظل حالتها متدهورة. ومع ذلك، تخضع البحرية الفلبينية لأوامر صارمة بعدم التخلي عنها.
في كانون الثاني/ يناير 2023، التقى الرئيس ماركوس بالزعيم الصيني شي جين بينغ. وفي الشهر التالي، سلط خفر السواحل الصيني ما وصفته الفلبين بأنه "ليزر من النوع العسكري" على إحدى سفن خفر السواحل التابعة لها بالقرب من سكند توماس شول، مما أدى إلى إصابة أفراد الطاقم بالعمى مؤقتًا. وفقًا لوثيقة سرية للغاية للبنتاغون تم تسريبها على موقع ديسكورد، رأى ماركوس أن الحادث "يبطل حسن النية الذي نشأ خلال رحلته إلى بكين".
وتنبأت الوثيقة بأن الزعيم الفلبيني سيبدأ "تعزيز وضعيّة الفلبين في مجال الأمن السيبراني". وفي أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، أطلقت الفلبين والولايات المتحدة دوريّات بحريّة وجويّة مشتركة لمدة ثلاثة أيام في بحر الصين الجنوبي.
أورد الكاتب أن الصين على خلفية ذلك اتهمت الفلبين بأنها بيدق أمريكي، وهي تهمة لطالما استخدمتها بكين ضد الدول الصغيرة التي تتصرف بطريقة تجدها غير مقبولة. وواصلت الضغط في بحر الصين الجنوبي. وحسب كارلوس، تدخل قرابة 400 سفينة صينية و100 قارب فيتنامي إلى المنطقة الاقتصادية أو المياه الإقليمية للفلبين بينما بقي العدد الكبير للسفن الصينية ثابتًا، رغم كل الجهود والاحتجاجات الدبلوماسية. بعض السفن الصينية تكون تابعة لخفر السواحل أو البحرية، لكن الأغلبية تنتمي إلى الميليشيات البحرية في بكين - وهي سفن تقدم نفسها على أنها قوارب صيد ولكنها تعمل في الواقع جنبًا إلى جنب مع الجيش وسلطات إنفاذ القانون لفرض مواقعها.
وقد لاحظ كارلوس مؤخرًا زحف السفن الصينية شرقًا باتجاه بالاوان. وعلى خريطة بحرية كبيرة مثبتة على جداره، كشف كيف كانت السفن تزحف على مسافة 100 ميل من الساحل. من المعتقد أن منطقة إيروكوا ريف، الواقعة في الشمال الشرقي لجزر سبراتلي، غنية بالنفط والغاز، وقد احتشدت عشرات القوارب الصينية في المنطقة منذ آب/ أغسطس. وطردت القوات البحرية الفلبينية حوالي 50 منهم خلال عملية واحدة في ذلك الشهر. ويعتقد كارلوس أن بكين تحاول "السيطرة على المنطقة".
ذكر الكاتب أنه قبل وقت طويل من تحول سفينة "توماس شول" الثانية إلى نقطة اشتعال، في سنة 2012، دخلت السفن الصينية والفلبينية في مواجهة متوترة في جزيرة "سكاربورو شول" المرجانية غرب لوزون. اجتمع المسؤولون الأمريكيون مع نائب وزير الخارجية الصيني في حزيران/ يونيو من السنة الجارية للتوسّط من أجل التوصّل إلى حل. وما حدث بالضبط لا يزال موضع خلاف بين المشاركين بيد أن النتيجة كانت أن السفن الفلبينية غادرت المنطقة ولم يغادر الصينيون. وسيطرت بكين بشكل فعّال على المياه الضحلة وتمسكت بها منذ ذلك الحين.
في نفس السنة، كان علماء الآثار الفلبينيون والفرنسيون يحققون في حطام سفينة بالقرب من المياه الضحلة وتصدى لهم الجيش الصيني. وحسب أوزيبيو ديزون، الذي كان يشرف على المشروع، فإن "الأمر خطير للغاية، إذ يرسل الصينيون طائرات تحلّق على ارتفاع منخفض للقيام ببعض أنواع المراقبة". وما لم يكن يعرفه حتى الآن هو أن الصين كانت تقوم بمهمة أثرية خاصة بها، حيث تضخ الأموال في استكشاف حطام السفن التي يمكن أن تساعد في تبرير مطالبات بكين بالمنطقة.
ونقل الكاتب عن ديزون أنهم "يستخدمون هذه القطع الأثرية الصينية ليقولوا إنهم يحتلون المكان، وأنه ملكهم". ويرى هو وغيره من الخبراء أن بحر الصين الجنوبي كان منذ آلاف السنين مكانًا للتجارة والهجرة الصاخبة. وهذا يعني أن حطام السفن والبضائع المفقودة أمر لا مفرّ منه ولا يمنح ملكيته لأحد.
يشكو كثيرون في مؤسسة الدفاع الفلبينية من أن الولايات المتحدة لم تفعل ما يكفي لدعم مانيلا خلال حادثة "سكاربورو شول" أو في وقت لاحق عندما بدأت الصين عسكرة مواقعها في الممر المائي رغم وعودها بعدم القيام بذلك. ولو كان ردّ فعل واشنطن أكثر قوة، كما يعتقد البعض، لربما أبطأت بكين جهودها. لكن كان لدى الولايات المتحدة "أولويات أخرى في ذلك الوقت"، على حد تعبير كارلوس في سنة 2012.
حسب الكاتب، شهدت السنوات القليلة الماضية تحولًا. ففي سنة 2019، أوضحت الولايات المتحدة أن معاهدة الدفاع مع مانيلا تغطي بحر الصين الجنوبي، وفي هذه السنة منحت مانيلا الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى المزيد من القواعد في البلاد. وقد أخبرني الأدميرال البحري الأمريكي، كريس ستون، الذي يقود فرقة عمل تعمل في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، عن العلاقة مع الفلبين: "في بعض الأحيان، مثل الأصدقاء، نفترق ثم نعود معًا مرة أخرى".
لكن صداقات الولايات المتحدة في آسيا كثيرًا ما تتعرض للاختبار بل ويتم تهميشها بفِعل أولويات أخرى. في حزمة المساعدات الخارجية التي اقترحها الرئيس جو بايدن بقيمة 106 مليار دولار، تعتبر النسبة المخصّصة لكل من إسرائيل وأوكرانيا والحدود الجنوبية للولايات المتحدة كبيرة مقارنة بملياري دولار المقترحة للمساعدة الأمنية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بينما لم تتحقق المبادرة التجارية المميزة للإدارة للمنطقة.
إن البحرية الفلبينية صغيرة للغاية مقارنة بالبحرية الصينية، التي كانت في مرحلة بناء السفن في السنوات الأخيرة. وفي تقرير صدر في تشرين الأول/ أكتوبر، قدرت وزارة الدفاع الأمريكية أن البحرية الصينية لديها 370 سفينة وغواصة مما يجعلها الأكبر من الناحية العددية في العالم. وفي سنة 2021، توقّع قائد البحرية الألمانية أن الصين تعمل على توسيع قواتها البحرية بما يعادل البحرية الفرنسية بأكملها كل أربع سنوات.
وأضاف الكاتب أن بكين جمعت أكبر أسطول لخفر السواحل في العالم خلال عقد من الزمن. ومجموعتها من السفن الكبيرة المدججة بالسلاح لا تشبه سفن خفر السواحل التقليدية. ونظرًا لعدم التماثل الواضح في القوة البحريّة، يدعو كارلوس إلى اتباع "نهج يشمل الأمة بأكملها" لمواجهة بكين ذلك أن "الجيش وحده لا يستطيع حلّ المشكلة".
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الصين بحر الصين الفلبين اليابان اليابان الصين الفلبين بحر الصين صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی بحر الصین الجنوبی الولایات المتحدة السفن الصینیة خفر السواحل الکاتب أن فی العالم ة الفلبین أکثر من ة الصین فی سنة فی وقت
إقرأ أيضاً:
لا تبشر بالخير.. تفاصيل مجزرة جامو وكشمير التي دفعت مودي لقطع زيارة السعودية وأوصلت التوتر لأوجه بين دولتين نوويتين
(CNN)-- تشهد العلاقات بين الهند وباكستان تدهورًا ملحوظًا عقب هجومٍ مميت في باهالغام بمنطقة جامو وكشمير المتنازع عليها في جبال الهيمالايا، والذي أسفر عن مقتل أكثر من عشرين سائحًا.
وفي أعقاب الهجوم، قطع رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي زيارته التي كانت من المفترض أن تستمر ليومين إلى المملكة العربية السعودية، وذلك بعد لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وكان جميع الضحايا الـ 26 الذين قُتلوا في الهجوم الذي وقع، الثلاثاء، باستثناء شخص واحد، مواطنين هنود، مما أثار موجةً جديدة من الاضطرابات في منطقةٍ تُعدّ بؤرة صراعٍ إقليميٍّ طويل الأمد، وغالبًا ما كان عنيفًا، بين باكستان والهند.
واتهمت الهند باكستان، الأربعاء، بدعم الجماعات الإرهابية في المنطقة، بعد أن أعلنت جماعةٌ مسلحةٌ غير معروفة تُدعى "جبهة المقاومة" مسؤوليتها عن الهجوم. ونفت باكستان أي تورط لها في الهجوم.
ومنذ ذلك الحين، خفّضت نيودلهي مستوى علاقاتها مع إسلام آباد، وأغلقت معبرًا حدوديًا رئيسيًا، وعلقت لأول مرة مشاركتها في معاهدة حاسمة لتقاسم المياه، من بين إجراءات عقابية أخرى، مما دفع باكستان إلى إعلان سلسلة من الإجراءات الانتقامية، بما في ذلك تعليق التجارة. وألغى كل جانب تأشيرات دخول لمواطني الطرف الآخر.
ولعقود، خاضت عدة جماعات مسلحة محلية، تطالب إما باستقلال كشمير أو بانضمام المنطقة إلى باكستان، معارك ضد قوات الأمن الهندية، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف في أعمال العنف، وتعهد رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، الخميس، بملاحقة المهاجمين "حتى أقاصي الأرض"، وذلك خلال خطاب ألقاه في ولاية بيهار الشمالية الشرقية، وقال مستخدمًا اللغة الإنجليزية بدلًا من الهندية المعتادة: "من أرض بيهار، أقول للعالم أجمع، إن الهند ستحدد هوية كل إرهابي وداعميه، وستتعقبهم، وستعاقبهم".
وأضاف: "لن يكسر الإرهاب روح الهند أبدًا. ولن يفلت الإرهاب من العقاب. وسنبذل كل جهد ممكن لضمان تحقيق العدالة. والأمة بأكملها ثابتة على هذا العزم".
ماذا حدث في باهالغام؟أطلق مسلحون النار، الثلاثاء، على زوار في وجهة سياحية شهيرة بمنطقة باهالغام الجبلية في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، وقُتل ما لا يقل عن 25 مواطنًا هنديًا ومواطن نيبالي واحد في المذبحة التي وقعت في وادٍ لا يمكن الوصول إليه إلا سيرًا على الأقدام أو على ظهور الخيل.
ووصف شهود عيان مشاهد رعب مع اقتراب المسلحين، وهم يطلقون النار على السياح من مسافة قريبة. واستذكر البعض كيف تم استهداف الرجال وإطلاق النار عليهم. وقال ناجون آخرون تحدثوا لوسائل الإعلام المحلية إن المسلحين اتهموا العائلات بدعم رئيس الوزراء مودي قبل إطلاق النار.
وانتشرت صور ومقاطع فيديو للحادثة - تُظهر جثثًا هامدة متناثرة على الأرض واشخاص ينتحبون خوفًا - عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في صورة حية للألم والمعاناة التي تحملتها العائلات التي انتهت عطلتها بمأساة مروعة، فيما عززت السلطات الهندية انتشارها الشرطي والعسكري في المنطقة، ويواصل أفرادها البحث عن الجناة.
من هي جبهة المقاومة؟
أعلنت جبهة المقاومة الكشميرية، المعروفة أيضًا باسم جبهة المقاومة (TRF)، مسؤوليتها عن هجوم باهالغام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، معربةً عن استيائها من "الغرباء" الذين استقروا في المنطقة وتسببوا في "تغيير ديموغرافي"، ولم تقدم أدلة، ولا تستطيع CNN التحقق من ادعائها بشكل مستقل.
وتُعدّ جبهة المقاومة جماعة مسلحة جديدة نسبيًا، ولا يُعرف عنها الكثير، إذ أعلنت الجماعة عن وجودها عام 2019 عبر تطبيق الرسائل المشفرة تيليغرام، بعد أن أعلنت مسؤوليتها عن هجوم بقنبلة يدوية في سريناغار، أكبر مدن جامو وكشمير، وفقًا لبحث أجرته مؤسسة أوبزرفر للأبحاث (ORF) ومقرها نيودلهي.
وصنفت الهند جبهة المقاومة الكشميرية "منظمة إرهابية" وربطتها بجماعة لشكر طيبة الإسلامية المحظورة، التي كانت وراء هجمات مومباي الدامية عام 2008، والتي تتمتع بشهرة أكبر بكثير.
وتُصنّف الجبهة الثورية الكشميرية نفسها كقوة مقاومة سياسية، نشأت في كشمير، وتخدم كشمير، ضد قوات الاحتلال غير الشرعية، دون أي شخصية أو قيادة جهادية مركزية، وفقًا لشبكة ORF.
وأصدرت شرطة كشمير، الخميس، إشعاراتٍ تُسمّي ثلاثة مشتبه بهم يُزعم تورطهم في الهجوم. اثنان منهم باكستانيان، وفقًا للإشعارات. ولم تُفصح الشرطة عن كيفية تحديد هوية الرجال.
لماذا تُعدّ كشمير مهمة للهند وباكستان؟
تُعدّ منطقة كشمير الجبلية، التي تطالب بها كلٌّ من الهند وباكستان بالكامل، من أخطر بؤر التوتر في العالم، وتصاعدت التوترات بين الهند ذات الأغلبية الهندوسية وباكستان ذات الأغلبية المسلمة بشأن المنطقة المتنازع عليها في السنوات الأخيرة، بعد أن ألغت حكومة مودي الحكم الذاتي الدستوري للمنطقة عام 2019، مما جعلها تحت السيطرة المباشرة لنيودلهي.
في حين صرّحت الحكومة الهندية بتراجع التشدد منذ ذلك الحين وسط حضور عسكري مكثف، استمرت الهجمات في المنطقة، مما أثار اضطرابات واحتجاجات. في غضون ذلك، فُرضت رقابة إعلامية مشددة وقطع للاتصالات.
ويقول المحللون إن مذبحة، الثلاثاء، حطمت وهم الهدوء الذي صوّره مودي للمنطقة، وتثير تساؤلات حول كيفية حدوث مثل هذا الخلل الأمني في واحدة من أكثر المناطق عسكرة في العالم.
كيف ردّت الهند وباكستان؟
لم تُلقِ الهند باللوم علنًا على أي جماعة في الهجوم، لكنها برّرت خطواتها الانتقامية بأنها رد على ما يُزعم أنه "دعم باكستان للإرهاب عبر الحدود".
وأعلنت نيودلهي عن عدة إجراءات عقابية ضد إسلام آباد بعد يوم من الهجوم، بما في ذلك إغلاق معبر حدودي رئيسي، وفرض مزيد من القيود على تأشيرات الدخول المحدودة أصلًا للمواطنين الباكستانيين. كما طردت مستشارين عسكريين وبحريين وجويين من المفوضية العليا الباكستانية في نيودلهي.
وفي خطوة أدانتها باكستان، علقت الهند أيضا دورها في معاهدة مياه نهر السند، وهي اتفاقية مهمة لتقاسم المياه بين الهند وباكستان دخلت حيز التنفيذ منذ عام 1960 وتعتبر قصة نجاح دبلوماسية نادرة بين الجارتين المتناحرتين.
وينبع نظام نهر السند الضخم، الذي يدعم سبل العيش في باكستان وشمال الهند، من التبت، ويتدفق عبر الصين وكشمير الخاضعة للسيطرة الهندية قبل أن يصل إلى باكستان. وتُعد هذه الكمية الهائلة من المياه موردًا حيويًا لكلا البلدين، وتنظم المعاهدة كيفية تقاسمها.
وصرح الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة تافتس، فهد همايون، قائلاً إن "تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية وتعليق معاهدة مياه نهر السند لا يبشر بالخير لاستقرار المنطقة"، مضيفا: "لا يُعد تعليق المعاهدة انتهاكًا لالتزامات المعاهدات الدولية فحسب، بل إن الحق في المياه، كدولة تقع على ضفاف نهر السند، يُنظر إليه على أنه قضية أمن قومي بالنسبة لباكستان، وسيُعتبر تعليقه عملاً عدائيًا".
وعقب الخطوة الهندية، أعلنت باكستان، الخميس، تعليق التجارة مع الهند، وإغلاق مجالها الجوي، وطرد الدبلوماسيين الهنود، واصفةً إجراءات الهند بأنها "أحادية الجانب، وغير عادلة، وذات دوافع سياسية، وغير مسؤولة للغاية، وتفتقر إلى أي أساس قانوني".
وجاء في بيان حكومي أن أي محاولة لإيقاف أو تحويل مسار المياه التابعة لباكستان ستُعتبر عملاً حربياً.
وقال وزير الخارجية إسحاق دار: "لقد مارست الهند لعبة إلقاء اللوم مراراً وتكراراً، وإذا كان هناك دليل على تورط باكستان [في باهالغام]، فيُرجى إطلاعنا عليه وعلى العالم".
كيف هو الوضع في كشمير؟
توافد الآلاف إلى الشوارع للتنديد بالهجمات الدامية، بينما أعرب أصحاب الأعمال عن قلقهم إزاء تأثيرها على هذه الوجهة السياحية الشهيرة خلال موسم الذروة.
وقال محسن، الذي يُعرّف نفسه باسم واحد فقط، ويدير شركة سياحية في المنطقة: "شهدنا إلغاءً حجوزات بنسبة 80-90% من جميع رحلاتنا ورحلاتنا في الأيام والأسابيع المقبلة. نحن نتكبد خسائر مالية فادحة. قد أضطر إلى الانتقال إلى عمل آخر إذا استمر هذا الوضع".
واستأنفت المدارس والشركات أعمالها بعد إغلاقها، الأربعاء، في أجزاء عديدة من كشمير، بينما اندلعت مظاهرات تضامنية في ساحة لال تشوك، ساحة مدينة سريناغار.
ماذا سيحدث الآن؟
تتجه الأنظار الآن نحو رد فعل نيودلهي وإسلام آباد، حيث يخشى المحللون من احتمالية التصعيد العسكري، إذ قال الباحث في مركز الأمن والتعاون الدولي بجامعة ستانفورد، أرزان تارابور: "سيكون لدى مودي دافع سياسي قوي، إن لم يكن لا يُقاوم، للرد بالقوة".
وأضاف تارابور : "السؤال الرئيسي هو: هل سيسعى الجانبان إلى فرض تكاليف ملموسة وذات معنى أكبر على الجماعات الإرهابية، بما في ذلك استهداف قياداتها أو مقراتها؟ أم ستذهب الهند إلى أبعد من ذلك، متجاوزةً بذلك عتبة مهاجمة الجيش الباكستاني؟".
وبينما ازدادت القوة العسكرية الهندية في السنوات القليلة الماضية، عانت باكستان من عدم الاستقرار السياسي والاضطراب الاقتصادي، ومع ذلك، قال همايون، الأستاذ في جامعة تافتس، إنه إذا اختارت الحكومة الهندية اللجوء إلى العمل العسكري، فهناك "كل الأسباب للاعتقاد بأن باكستان سترد بالمثل"، مضيفا: "في غياب ضبط النفس الاستراتيجي أو تدخل طرف ثالث، فإن احتمالات التصعيد غير المنضبط في الأيام المقبلة ليست ضئيلة".