بوابة الوفد:
2024-09-19@02:10:57 GMT

مجرد رقم

تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT

عندما تنتهي سنة في عُمر الإنسان، يكون قد نضج عُمرًا كاملًا في عام، خصوصًا عندما يشعر بأن الدنيا لا تساوي شيئًا، أو يكتشفها على حقيقتها التي كان يتجاهلها، فيزداد يقينًا بأنها لا تستحق كل ما يفعله من أجلها!

لذلك يحتاج الإنسان دائمًا ـ مع كل عام ينقضي ـ إلى هُدنة مع العقل، ومراجعات دقيقة وشاملة، ووقفة متأنية مع النفس، أو بالأحرى لحظة تأمل صادقة وفارقة، بعد أن يكون قد اجتاز مرحلتي «ليس بالإمكان»، أو «لو كنتُ أستطيع».

في كل عام يمر برحلة أعمارنا القصيرة ـ بلحظاته السعيدة وأيامه المؤلمة الحزينة ـ يبقى العطاء مُتاحًا، خصوصًا أنه ليس مرتبطًا بعُمْر معين، ولذلك يظل الإنسان نابضًا بالحيوية المتجددة، طالما لديه القدرة على أن يحلُم، لكنه يتداعى بالشيخوخة عندما يبدأ مرحلة استحضار الذكريات.

عندما نتوقف أمام عام رحل، وآخر نبدؤه، فنحن بالتأكيد أمام حقيقة مفادها أننا يقينًا مازلنا على قيد الحياة، رغم الآلام والمرارات والأوجاع، المحملة بكثير من التفاصيل المزعجة، التي فَرَضَت نفسها بإملاءاتها المفروضة على حياتنا.

إذن، مَرَّ عام بمآلاته القاسية، لنستقبل آخر بدوافع متجددة، بعد أن تملَّكَنا شعور بتوقف كل شيء حولنا، أو انتهائه تمامًا، لكن ذلك الإحساس ربما يكون بداية حقيقية لمرحلة جديدة من حياتنا، خصوصًا أن مرارة الأيام لن تستمر إلى الأبد.

وهنا يجب أن تستوقفنا لحظات تأملٍ في كل ما يحيط بنا، حتى نتجنب الوقوع في تكرار المآسي، خصوصًا أنه «لا شيء في معترك الحياة يتحول إلى حقيقة ثابتة إلا بعد التجربة، وعندما تقع التجربة فإن ثمنها يكون قد دُفع بالكامل».

لعل رحيل عام بذكرياته الأليمة وتفاصيله البائسة ومشاهده العبثية، يكون بداية لسنة جديدة، لكنها تظل مُعَلَّقة على تصحيح المسار وعدم تكرار أخطاء الماضي.. ولذلك سوف تستمر الحياة، سواء أكنَّا نتمناها، أم لا نرغب في تحمل أعبائها، على أملِ تحقيق ما عجزنا عنه في عامنا السابق.

في بداية كل عام جديد، علينا الابتعاد عن الإحباط والمُحْبِطِين، وألا نُضَيِّع الحاضر بالتفكير بقلق بالغ للمستقبل، وأن نجتهد للوصول إلى «السعادة» كمعنى وحالة، علَّها تكون آخر محطات الحياة، خصوصًا إذا تَيَقَّنَّا أن اللحظات السعيدة التي نعيشها، تمر بسرعة فائقة، فيما تمر الأوقات الصعبة بطيئة جدًا، بكل ما تحمله من مرارات وأوجاع. 

أخيرًا.. نتصور أنه يجب النظر إلى ما مرَّ من العمر، كمجرد رقم، أو بدايات فقط لما هو آتٍ، حتى لا نشعر ببلادة الوقت، ونعيش مرحلة الشيخوخة المبكرة، التي نشعر معها فقط بأننا على قيد الحياة. 

فصل الخطاب: 

العمر لا يُقاس بعدِّ السنين، ولكن بعدَّاد المشاعر، وعلى الإنسان أن يعيش دائمًا بدوافع متجددة، والابتعاد عن الانزواء مع الأفكار المُحْبِطة أو مخالطة المُحْبِطين.

 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مراجعات مرحلة الشيخوخة السعادة محمود زاهر سنة جديدة خصوص ا

إقرأ أيضاً:

ناصر الجديع: يجب أن يكون هناك تحرك للحد من السوق السوداء

ناصر الجديع: يجب أن يكون هناك تحرك للحد من السوق السوداء

مقالات مشابهة

  • ناصر الجديع: يجب أن يكون هناك تحرك للحد من السوق السوداء
  • تفاصيل من الحياة الزوجية لملكة جمال سويسرا التي قطعها زوجها بمنشار
  • أحمد صبور: مبادرة "بداية" خطوة مهمة لتعزيز جودة الحياة
  • ترامب: لا يجب أن يكون لدينا عداوة مع الدول التي تمتلك أسلحة نووية
  • متحدث وزارة الصحة: مبادرة «بداية جديدة» تشمل كل جوانب الحياة
  • خطايا..القتل الخطأ
  • زيلينسكي: "وعود ترامب" لحل الحرب في أوكرانيا مجرد شعارات انتخابية
  • هذا ما يحدث في الدماغ عندما يقع الإنسان في الحب!
  • انطلاق مؤتمر سيتي سكيب.. فتح الله فوزي: التمويل العقاري ضرورة لضمان التنمية العقارية
  • القضاء: حديث رئيس هيئة النزاهة في مؤتمر أربيل مجرد ادعاءات وسنتخذ الإجراءات القانونية بحقه- عاجل