يعد الخفض الطوعي لإنتاج النفط إحدى الأدوات الفاعلة لاستقرار أسواق الطاقة عبر إيجاد توازن بين العرض والطلب والاستجابة في حال حدوث متغيرات طارئة على أسواق الطاقة، إضافة إلى ضمان سوق نفط مستقرة ومتوازنة، ولتحقيق ذلك لا بد من التزام الدول المشاركة بكميات الخفض الطوعي لإنتاج النفط المقررة والمتفق عليها من قبل الدول الأعضاء في منظمة أوبك بلس لتحقيق المصالح المشتركة بين الأعضاء ودعم أسواق الطاقة وامتصاص أية صدمات ربما يتعرّض لها السوق.
كثير من المتابعين والمراقبين لأسواق الطاقة يتساءلون عن أسباب عدم ارتفاع أسعار النفط عالميا رغم تخفيض منظمة أوبك بلس في يونيو 2023م إنتاج النفط بنحو مليون ونصف المليون برميل يوميا؟ وفي رأيي إن التوقعات السابقة ببرد قارس هذا العام سيزيد من الطلب العالمي على الطاقة لم يتحقق، مما أدى إلى انخفاض الطلب على الطاقة عموما وكذلك طلب الصين -التي هي أحد كبار مستهلكي النفط عالميا- لم يكن أكثر من التوقعات، وهناك مخاوف من المنتجين باستمرار انخفاض الأسعار إلى أقل من 80 دولارا أمريكيا خلال الأشهر القادمة، ما لم تتدخل دول المنظمة في اتخاذ إجراءات احترازية عاجلة لمنع هبوط الأسعار إلى مستويات قياسية كما حدث في عام 2014م، وبالتالي يمكن القول إن الخفض الطوعي الإضافي الأخير كان خطوة استباقية لدعم أسعار النفط في ظل المتغيرات والتوقعات التي يشهدها سوق الطاقة حاليا، وبما أن الدول التي اتخذت قرار التخفيض الطوعي ستواجه انخفاضا بنسب متفاوتة في الصادرات النفطية، مما سيؤثر على الميزان التجاري؛ فإن التقليل من الاعتماد على سلعة النفط هو إحدى الأدوات الفاعلة والممكنة لتعويض تأثر الميزان التجاري وذلك عبر تعزيز الجهود الوطنية للتنويع الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل الأخرى، وسلطنة عُمان تعد إحدى الدول التي تعمل جاهدة لتحقيق ذلك مما أثمر ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية إلى 12% في الميزانية العامة للدولة وانخفاض الاعتماد على النفط في الإيرادات العامة للدولة إلى 67%، فأصبح الاقتصاد العماني يستطيع مواجهة المتغيرات في أسواق الطاقة وتحدياتها بفضل السياسات الاقتصادية الفاعلة المتخذة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الخفض الطوعی لإنتاج النفط ألف برمیل یومیا أسواق الطاقة أسعار النفط منظمة أوبک حتى نهایة
إقرأ أيضاً:
ترامب … أسعار النفط … تحليل ..؟؟
بقلم الخبير المهندس :- حيدر عبدالجبار البطاط ..
بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تتجه الأنظار نحو سياساته التي قد تؤثر بشكل كبير على أسواق النفط العالمية.
تُعتبر الولايات المتحدة لاعبًا رئيسيًا في سوق الطاقة
سواء من خلال إنتاجها المحلي أو تأثيرها على التحالفات الدولية مثل ( أوبك+ )أو عبر سياساتها الخارجية تجاه الدول المنتجة للنفط مثل إيران وفنزويلا.
في هذا المقال سنستعرض كيف يمكن لسياسات ترامب الثانية أن تشكل مستقبل أسعار النفط.
تعزيز الإنتاج الأمريكي
خلال فترة رئاسته الأولى، دعم ترامب صناعة النفط والغاز الأمريكية بشكل كبير، مما أدى إلى زيادة الإنتاج المحلي وجعل الولايات المتحدة واحدة من أكبر المنتجين للنفط في العالم.
في إدارته الثانية، من المتوقع أن يستمر ترامب في تعزيز الإنتاج المحلي عبر تخفيف القيود البيئية والتنظيمية، مثل السماح بالحفر في مناطق كانت محظورة سابقًا، وتسهيل عمليات الاستكشاف.
هذه السياسات قد تؤدي إلى زيادة المعروض العالمي من النفط، خاصة مع استمرار نمو إنتاج النفط الصخري الأمريكي.
إذا ارتفع الإنتاج الأمريكي بشكل كبير، فقد يضع ضغوطاً هبوطية على الأسعار، خاصة إذا لم يرتفع الطلب العالمي بنفس الوتيرة.
ومع ذلك، فإن هذا السيناريو يعتمد أيضاً على قدرة الأسواق على استيعاب الإنتاج الإضافي دون حدوث فائض كبير.
العلاقة مع ( أوبك+ )
خلال فترة رئاسته الأولى، لم يتردد ترامب في الضغط على تحالف أوبك+ لضبط أسعار النفط.
في إدارته الثانية، من المرجح أن يستمر هذا النهج، خاصة إذا شعر أن التحالف يتحكم في الأسعار.
قد يحاول ترامب استخدام الدبلوماسية أو حتى التهديد بفرض عقوبات على الدول الأعضاء في ( أوبك+ ) إذا ارتفعت الأسعار بشكل كبير.
من ناحية أخرى، إذا انخفضت الأسعار بشكل حاد بسبب زيادة الإنتاج الأمريكي، فقد تضطر أوبك+ إلى خفض إنتاجها للحفاظ على استقرار الأسواق.
هذا التفاعل بين السياسات الأمريكية وقرارات ( أوبك+ ) قد يؤدي إلى تقلبات في أسعار النفط، حيث تحاول كل جهة تحقيق مصالحها.
السياسة تجاه إيران وفنزويلا
تعد إيران وفنزويلا لاعبين مهمين في سوق النفط العالمي، رغم العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة عليهما.
في إدارته الثانية، قد يعيد ترامب فرض عقوبات صارمة على كلا البلدين، خاصة إذا شعر أن سياسات بايدن السابقة كانت متساهلة للغاية.
إذا تم تقييد صادرات إيران وفنزويلا بشكل كبير، فقد ينخفض المعروض العالمي من النفط، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
ومع ذلك، إذا نجحت الولايات المتحدة في زيادة إنتاجها المحلي بشكل كافٍ، فقد يتم تعويض جزء من هذا النقص، مما يحد من تأثير العقوبات على الأسعار.
السياسات الاقتصادية والنقدية
سياسات ترامب الاقتصادية قد تؤثر أيضًا على أسعار النفط بشكل غير مباشر.
إذا اتبع ترامب سياسات تحفيزية لزيادة النمو الاقتصادي الأمريكي، مثل خفض الضرائب أو زيادة الإنفاق الحكومي، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الطلب على النفط محليًا وعالميًا.
هذا الارتفاع في الطلب قد يدعم أسعار النفط ويبقيها مرتفعة.
ومع ذلك، إذا أدت سياسات ترامب إلى اضطرابات اقتصادية أو حروب تجارية مع دول أخرى، فقد ينخفض الطلب العالمي على النفط.
على سبيل المثال، إذا فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية جديدة على الواردات من الصين أو الاتحاد الأوروبي، فقد يؤدي ذلك إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، مما يقلل من الطلب على الطاقة ويضع ضغوطًا هبوطية على أسعار النفط.
النتيجة المحتملة مزيج من التأثيرات المتضاربة
في النهاية، فإن تأثير سياسات ترامب الثانية على أسعار النفط سيعتمد على المزيج الذي ستتبناه إدارته من السياسات.
إذا ركز ترامب على زيادة الإنتاج الأمريكي، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض الأسعار.
وفي المقابل، إذا أعاد فرض العقوبات على إيران وفنزويلا، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار.
بالإضافة إلى ما جاء اعلاه هناك التوترات الجيوسياسية، مثل العقوبات على روسيا أو الصراعات في الشرق الأوسط و الاحتباس الحراري و التلوث يفرضان محددات كبيرة قد تجبر العالم الى التحول للطاقة النظيفة (مثل اتفاقية باريس) و كل هذه المتغيرات السياسية و الاقتصادية و البيئية و الصحية قد تسبب تقلبات حادة في اسواق الطاقة في العالم.
بالتالي، فإن أسواق النفط ستكون في حالة تأهب لأي تغييرات في السياسات الأمريكية، حيث أن قرارات ترامب قد تكون عاملاً رئيسياً في تحديد اتجاهات الأسعار في السنوات القادمة.