لجريدة عمان:
2024-11-08@01:45:27 GMT

فلسطين.. من التقسيم إلى حل الدولتين

تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT

من المفارقات التي ترتبت على طوفان الأقصى.. العودة إلى حل الدولتين، والذي يعني حال إقراره الاعتراف الرسمي والنهائي بتقسيم فلسطين إلى دولتين: إسرائيلية وفلسطينية. وفكرة التقسيم قديمة تعود إلى اقتراح «لجنة بيل» عام 1937م، ثم أعقبه قرار الأمم المتحدة عام 1947م بـ«رقم181». أما حل الدولتين على أساس «حدود67» والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية؛ فقد اقترح أعقاب «نكسة67»، وكان مرجعية السلطة الفلسطينية في مباحثات «اتفاقية أوسلو» عام 1993م.

العالم أمام واقع هو أن فلسطين تحت الاحتلال منذ الانتداب البريطاني عام 1920م، وقد اعترفت الأمم المتحدة بـ«دولة إسرائيل» عام 1948م. وما بين مقترح التقسيم والعودة إلى حل الدولتين 86 عاما؛ تحركت الأحداث خلالها ما بين نيران الحروب وأوهام السلام.

رفض العرب بدايةً الاعتراف بدولة إسرائيل، وخاضوا ضدها حروبا أشهرها:

- حرب 1948م.. وقعت مباشرة بعد الاعتراف بإسرائيل، حيث شنت مصر وسوريا والأردن والعراق الحرب عليها لمنع قيامها على الأرض الفلسطينية، غير أن العرب خسروا المعركة، فعرفت بـ«النكبة»، واعتبرها الإسرائيليون «حرب الاستقلال».

- حرب 1956م.. «حرب العدوان الثلاثي»؛ إذ شنتها إسرائيل وبريطانيا وفرنسا ضد مصر، إثر تأميم الرئيس جمال عبدالناصر(ت:1970م) قناة السويس، وأدت إلى احتلال إسرائيل سيناء، وانسحبت منها عام 1957م.

- حرب 1967م.. نشبت بين إسرائيل وأربع دول عربية: مصر والعراق وسوريا والأردن، انتصرت فيها إسرائيل، وحلت كارثة على العرب، فبالرغم أن مدتها ستة أيام؛ لكن إسرائيل احتلت فيها: سيناء المصرية، والجولان السورية، وقطاع غزة، والضفة الغربية والقدس الشرقية التي كانت تحت السيادة الأردنية، بالإضافة إلى خسائر بشرية ومادية فادحة لدى العرب، ولذلك سميت بـ«النكسة».

- حرب 1973م.. شنتها مصر وسوريا على إسرائيل لتحرير سيناء والجولان. خسرت إسرائيل المعركة، وتمكن المصريون من استرداد سيناء، واسترد السوريون جزءا من الجولان. عرفت هذه الحرب بـ«العاشر من رمضان» و«6 أكتوبر».

أما بالنسبة للفلسطينيين.. فمنذ البداية؛ لم يرضخوا للهجرات الصهيونية إلى بلادهم، فشرعوا في مواجهة العصابات اليهودية المسلحة، والتي بلغت ذروتها في «حرب التطهير» ما بين عامي 1947-1948م، التي شنتها على الفلسطينيين بغية تهجيرهم. لم تتوقف مقاومة الفلسطينيين للاحتلال، وإنما كانت تختلف مرجعياتهم الأيديولوجية، فقد كانت حتى نهاية السبعينات أغلبها مرجعية يسارية وقومية. ومنذ بداية الثمانينات أصبحت غالبا مرجعية إسلامية، وأفرزت أبرز مقاومتين: حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وحركة الجهاد الإسلامي.

يقال إن إسرائيل إذا خسرت معركة فلن تنتصر بعدها، والمقولة.. سواءً أكانت استقراءً لتركيبة الاجتماع والجيش الإسرائيلي، أم تحذيرا للإسرائيليين، أم حربا نفسية ضدهم، فيبدو أنها تحكي الواقع. فمنذ خسارة إسرائيل حرب 1973م هي في خسائر مستمرة. وحتى حرب 1982م التي غزت بها لبنان؛ استراتيجيا لا تعد نصرا، بل على العكس، نهض في الساحة «حزب الله» الذي أخرجها من معظم الجنوب اللبناني عام 2000م. لقد فرضت المقاومة الفلسطينية وجودها على الواقع الإسرائيلي، فإسرائيل عسكريا تخسر باستمرار، وإنما تعوّض ذلك باضطهاد الشعب الفلسطيني والتوسع في المستوطنات. وقد تتوج الانتصار الفلسطيني بطوفان الأقصى، وهو أكبر هزيمة عرفتها إسرائيل، ولكن أيضا كلف الفلسطينيين ثمنا باهظا، حيث راح ضحية القصف حتى الآن حوالي 15 ألف مدني؛ معظمهم من الأطفال والنساء، ودمّر نصف قطاع غزة.

حرب 1973م.. شكلت منعطفا نوعيا لعلاقة العرب بإسرائيل، حيث بدأ مسار السلام يشق طريقه بين العرب وإسرائيل بزيارة الرئيس المصري محمد أنور السادات (ت:1981م) تل أبيب، تلاها توقيع «اتفاقية كامب ديفيد» عام 1979م، بموجبها سحبت إسرائيل قواتها المسلحة ومدنييها من سيناء، وضمنت عبور سفنها في قناة السويس. وقد خاصم معظم العرب مصر على هذه الخطوة. بيد أنه مع بداية التسعينات بدأت مرحلة جديدة من عملية السلام، وهذه المرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين أنفسهم برعاية أمريكية، حيث أبرمت في واشنطن عام 1993م «اتفاقية أوسلو»، وأهم بنودها: اعتراف الفلسطينيين بدولة إسرائيل، وامتناع منظمة التحرير الفلسطينية عن المقاومة المسلحة. واعتراف إسرائيل بالمنظمة ممثلة للشعب الفلسطيني، وانسحابها من أراضٍ في الضفة الغربية وقطاع غزة.

«اتفاقية أوسلو».. إحدى ثمرات النظام العالمي الجديد الذي استفردت به النيوليبرالية الأمريكية، التي عمقت وصايتها على المنطقة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي. ومنها.. بدأ الترويج للتطبيع، وأخذت أمريكا تضغط على الدول العربية لكي تغيّر في مناهجها التعليمية وخطابها الإعلامي، فتحذف كل ما يتعلق بالصراع مع إسرائيل، إلا أن هذا الترويج كان يتعثر مع موجات العنف التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين. حتى حدثت هجمات 11 سبتمبر 2001م على واشنطن ونيويورك، فأخذ المسار طريقا آخر؛ وهو السعي إلى تغيير أنظمة الحكم نفسها في المنطقة، وبدأت أمريكا عمليا تسوّق للديمقراطية، وتأخذ الشباب العربي في ورش وبرامج للديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد أثمر ذلك عن انفجار الربيع العربي نهاية عام 2010م. وللمفارقة؛ فإن الربيع لم ينضبط وفق البوصلة الأمريكية، فقد بقيت الأنظمة كما هي، وما تغيّر منها لم يكن إلا شكلا، أو اتجها نحو الإسلام السياسي، مما دفع بأمريكا إلى أن تعود مرة أخرى إلى تحريك التطبيع، وفعلا.. قطعت فيه شوطا خلال العقد الأخير، وإذا بطوفان الأقصى يفور على حين غرة، مفاجئا العالم وصادما إسرائيل.

طوفان الأقصى.. فار بعد فشل مسار السلام، وارتفاع وتيرة انتهاكات إسرائيل لحقوق الفلسطينيين، وبعدما أثبتت الأيام خسارتها أمام عمليات المقاومة، كما أن الطوفان جاء ليقطع الطريق على التطبيع، مما يفسر الغضب الأمريكي والإسرائيلي، وتدميرهم الوحشي لغزة، واجتثاث أهلها. لكن الطوفان أعاد إلى الواجهة السياسية حل الدولتين الذي كاد أن يُنسى في خضم مفوضات التطبيع الذي بُني على تبادل المصالح بين إسرائيل والدولة المطبعة، وليس على أساس إحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين كما هو مقرر في حل الدولتين.

والسؤال: ماذا لو لم ترضَ إسرائيل بحل الدولتين؟

أولاً؛ عليّ أن أبين أن رضا حماس بحل الدولتين قد يجرها إلى أن تتحول إلى حزب سياسي، والحزب السياسي لن يكون مقاوما بالأساس، وإن كان له ذراع عسكري، وقد تجد حماس نفسها يوما مثل حركة فتح، وإذا أصرت أن تبقى حراكا مقاوما -وهذا هو تركيبتها وهدفها الذي ليس سهلا أن تغيّره- فلن تتمكن من العمل السياسي في إدارة الدولة الفلسطينية. ومع ذلك؛ فإن حل الدولتين لن يلغي المقاومة الفلسطينية، سواءً بمواصلة الحركات الموجودة نضالها، أو بولادة حركات جديدة، فقد قرر التأريخ أن الشعب لا يستكين حتى يحرر أرضه، طال الزمن أم قصر.

أما إن لم تقبل إسرائيل بحل الدولتين؛ فسيلزم المجتمع الدولي أن يفرضه عليها، وهذا يقتضي سياسات حاسمة تجاهها، كقرار دولي من الأمم المتحدة يلزمها بالانسحاب من كل الأراضي المتفق عليها بـ«حدود67»، وقطع العلاقات كاملة معها، وتخلي الغرب وأمريكا عنها، وفرض حصار دولي عليها. يبدو أن قَبول إسرائيل بحل الدولتين بعيد، لأنها تعرف أن قيام دولة مجاورة لخصمها الفلسطيني هو عين زوالها، وإن حصل القَبول فسيكون شكليا، وستظل تمارس عدوانها على الفلسطينيين.

إن حل الدولتين ليس مثاليا كما قد يُتَصَور، ولكنه يمكن أن يكون حلا مرحليا؛ لا تعرف مدة بقائه. أما على المدى البعيد مع تعاظم المقاومة وصلابتها، وتحولات المصالح الدولية، قد يفضي الوضع إلى تفكيك النظام الإسرائيلي القائم برمته ليحل محله نظام ديمقراطي بدولة واحدة، يجمع الفلسطينيين واليهود، على غرار ما حدث في جنوب إفريقيا، وهذا الحل مطروح ومحتمل؛ خاصة مع صعود روسيا والصين وإسهامهما في إعادة رسم الخارطة الدولية، وبقاء علاقتهما مع إيران، وإيجابية سياستهما تجاه القضية الفلسطينية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بحل الدولتین حل الدولتین

إقرأ أيضاً:

مجلة ذا نيشن: إسرائيل لا تزال تستهدف الصحفيين الفلسطينيين والصمت ليس خيارا

اتهم جيش الاحتلال الإسرائيلي اتهم في 23 تشرين الأول/ أكتوبر ستة صحفيين وهم: أنس الشريف وطلال عروكي وعلاء سلامة وحسام شبات وإسماعيل فريد وأشرف السراج، بأنهم "إرهابيون من حماس والجهاد الإسلامي". 

وأكدت مجلة "ذي نيشين" في تقرير لها أن القصد من وراء هذا الاتهام واضحا بـ"تحويل هؤلاء الصحفيين ــ الذين يقدمون تقاريرهم حاليا في شمال غزة، حيث تنفذ إسرائيل حاليا مذابح شبه يومية ــ إلى أهداف مشروعة للاغتيال، ولم تقدم إسرائيل أي دليل جوهري على هذه الادعاءات.".

وأضافت المجلة "لم تكن هذه المرة الأولى التي يختلق فيها النظام الإسرائيلي خلال الإبادة الجماعية اتهامات شنيعة لتبرير جرائم الحرب.. ولكن التهديد العلني باغتيال الصحفيين الستة كان مرعبا بشكل خاص ــ وخاصة لأن إسرائيل تشن حربا قاتلة ضد الصحفيين في غزة لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث".

وأوضحت "قد يظن المرء أن مثل هذا التهديد الوقح ضد حرية الصحافة من شأنه أن يثير غضب المنظمات الإعلامية الأميركية الكبرى. ولكن الاستجابة كانت خافتة في أفضل الأحوال. بل إن صحيفة نيويورك تايمز ضخّمت بعض "الأدلة" السخيفة التي قدمتها إسرائيل".


وذكرت "وكثير من نظرائنا في الولايات المتحدة لم يعترفوا بالكاد بتأثير مثل هذه الادعاءات، فغضوا طرفهم وأصواتهم، مع ارتفاع حصيلة القتلى. فمنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، قتلت إسرائيل أكثر من أربعين ألف فلسطيني نعرفهم، على الرغم من أن مجلة لانسيت قدرت في تموز/ يوليو أن الرقم الفعلي يتجاوز 186 ألفا. ومن بين هؤلاء، أفاد مكتب الحكومة الإعلامية في غزة أن إسرائيل قتلت 183 صحفيا على مدى العام الماضي، أو ما يعادل ثلاثة صحفيين أو أكثر في الأسبوع".

وشدد أن "الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في مختلف أنحاء العالم ملزمون أخلاقيا برفع أصواتهم ضد استخدام الصحافة  لتبرير الحرب، والمعارضة لحماية أقرانهم الفلسطينيين في غزة، وهذه الاغتيالات ليست مصادفة: لقد حولت إسرائيل سترة الصحافة إلى هدف".

وأشار إلى أن "الهجمات لا هوادة فيها، ففي 9 تشرين الأول/ أكتوبر، استهدف قناصة إسرائيليون ومسيرات كوادكوبتر أربعة صحفيين كانوا يقدمون تقارير من مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة. وقد أدى الهجوم، الذي التقطته كاميرات الجزيرة، إلى إصابة المصور فادي الوحيدي بجروح خطيرة ومقتل مصور قناة الأقصى محمد الطناني، الذي أصيب برصاصة في رقبته. وقد أدت الإصابة المهملة إلى شلل الوحيدي، الذي دخل الآن في غيبوبة. وقبل يومين، أصيب مصور آخر من قناة الجزيرة، علي العطار، بشظايا من غارة جوية إسرائيلية على دير البلح، مما تسبب في نزيف في المخ. ولقد توسل زملاء الصحافيين المصابين لإجلاء العطار والوحيدي طبيا على وجه السرعة، حيث لا تزال حالتهما الصحية تتدهور".

وفي لبنان، قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية ستة صحفيين، بما في ذلك ثلاثة في غارة مستهدفة على دار ضيافة إعلامية في حاصبيا. كما أدت الهجمات الإسرائيلية إلى إصابة عدد لا يحصى من الصحفيين، وفي كثير من الحالات قتلت أفراد أسرهم.

وفي الوقت نفسه، فجّر الصحفي الإسرائيلي داني كوشمارو مبنى في جنوب لبنان، وضغط على صاعق التفجير على الهواء مباشرة. وقد تم التقاط مشاركته النشطة في جرائم الحرب في لبنان ــ بينما كان مدمجا مع قوة إسرائيلية غازية ــ بالكاميرا. وبسبب الإفلات من العقاب الذي منحه المجتمع الدولي لإسرائيل، لن يواجه كوشمارو أي عواقب، وهو لا يخشى أي عواقب.

ومن ناحية أخرى، يظل المراسلون الستة من قناة الجزيرة ــ وهي الشبكة التي استهدفت "إسرائيل" صحفييها واغتالتهم دون عقاب لسنوات ــ معرضين للخطر. الشريف، والعروقي، وسلامة، وشبات، وفريد، والسراج هم بعض المصادر الموثوقة الوحيدة التي تنقل لنا أخبار الفظائع التي تحدث في شمال غزة. ولولا أصواتهم لما كنا لنعرف شيئا عن المقابر الجماعية، والغارات الجوية المستهدفة، ومَسيرات الموت القسرية، وقناصة الاحتلال الإسرائيلي الذين يصطادون الأطفال.

وقالت الصحيفة إن "هذا ليس الوقت المناسب للتعبير عن القلق بشكل معتدل وجبان. فالصحفيون الفلسطينيون واللبنانيون لا يريدون من زملائهم أن ينخرطوا في مجرد إشارات: إنهم يريدون أن يعيشوا. وبينما يواجهون الموت الوشيك، فإن أصواتنا، كصحفيين مقيمين في الغرب، يمكن أن تنقذهم. إن الاختيارات التي نتخذها تشكل الإدراك العام والسياسة، وبالتالي فإن الحقائق التي نرويها أو نتجاهلها أكثر أهمية من أي وقت مضى. يتعين علينا أن ندرك المسؤولية التي نتحملها في هذه الصناعة وأن نحمل أنفسنا وغرف الأخبار لدينا المسؤولية".

من خلال الفشل في معارضة السياسات التحريرية التي تفرض الرقابة في غرف الأخبار، وتستخدم لغة مضللة أو مخففة، يلعب الصحفيون الغربيون في العديد من المنافذ الإعلامية الرئيسية دورا مباشرا في إنتاج المعلومات المضللة التي تُشرعن هذه الاغتيالات المستهدفة. إن خطر فقدان الوظائف بسبب الفشل في الالتزام بمحو فلسطين هو بالتأكيد حقيقة واقعة، لكن التهديد الإسرائيلي لمستقبل الصحافة - من خلال تجريد الصحفيين من أي حماية - لا رجعة فيه.

وأكدت أن تصنيع الموافقة على التطهير العرقي للشعب الفلسطيني يتم من خلال تجاهل نية الإبادة الجماعية التي عبرت الشخصيات السياسية والعسكرية الإسرائيلية عنها منذ زمن طويل. ويشمل ذلك قبول وسائل الإعلام السائدة للمتحدثين العسكريين الإسرائيليين كمصادر شرعية وغير متحيزة، إلى حد أن يصبحوا غطاء للتقارير المصطنعة التي تستخدم لتبرير مذبحة الفلسطينيين. وفي الوقت نفسه، يتم رفض التقارير الفلسطينية. إن التحيز العنصري العميق ليس مجرد تحيز - فقد مهد الطريق للإبادة الجماعية.

وقالت إن "صحيفة نيويورك تايمز مثال صارخ على هذه الممارسة، وخاصة مع قصتها سيئة السمعة التي تم فضحها والتي تزعم عمليات اغتصاب جماعي في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. انهار التحقيق عندما أعلنت المصادر الذين تمت مقابلتهم أن الصحيفة كذبت. لقد قامت الصحيفة بسحب حلقة بودكاست حول هذه القصة. ولكن الأكاذيب كانت قد ترسخت بالفعل في أذهان الجمهور الأمريكي. ولم يتم التراجع عنها أبدا".

وتابعت "كما فشل السياسيون في معالجة الحرب المتواصلة على الصحفيين الفلسطينيين في غزة. في 11 تشرين الأول/ أكتوبر، وقع 65 ديمقراطيا في مجلس النواب على رسالة موجهة إلى الرئيس بايدن يطلبون منه الضغط على إسرائيل لتوفير وصول "غير مقيد" للصحفيين الأمريكيين والدوليين لدخول غزة "في وقت أصبحت فيه المعلومات الموثوقة أكثر أهمية من أي وقت مضى". كما حثت أكثر من 70 منظمة إعلامية ومنظمات المجتمع المدني على منح حق الوصول إلى غزة، ووقعت على رسالة مفتوحة في تموز/ يوليو".

وأضافت أنه "من المؤسف أن هذه الصرخة جاءت بعد عام. ولا يوجد سجل لرسالة أو مناقشة في مجلس النواب حول حماية الصحفيين الموجودين بالفعل في غزة. إن هذا يوضح المعايير المزدوجة التي تستخدمها الأجهزة السياسية والإعلامية الأميركية، والتي تحشد جهودها للسماح للصحفيين بالوصول في أماكن أخرى، في حين تظل صامتة بشأن اغتيال الصحفيين داخل غزة".


وفي حين أن التحيز الموجود داخل المنافذ الإعلامية الأميركية الكبرى لا يزال بغيضا كما كان دائما، فهناك محاولات من الداخل لقول الحقيقة. ورفض بعض الصحفيين الذين يعملون في هذه التكتلات أن يغضوا الطرف، وحاولوا - وراء الكواليس - جمع القصص التي تركز على الفلسطينيين وتحدي الدعاية الإسرائيلية.

وقالت المجلة "لقد رأينا مؤخرا كريس هايز ينتقد تواطؤ الولايات المتحدة في توريد الأسلحة إلى إسرائيل عندما أبلغ عن الموت العنيف لشعبان الدلو، وهو مراهق أحرق حيا أمام أعين العالم بعد أن أصابت غارة جوية إسرائيلية مخيما للنازحين بالقرب من مستشفى شهداء الأقصى. ولعل المراسلين في NPR كانوا أول من أبلغوا عن التحديات والقيود التي تواجه البعثات الطبية التي تدخل غزة، بما في ذلك الأطباء الذين تم رفضهم بسبب جذورهم الفلسطينية. وقد حاول المراسلون والمنتجون في شبكة CNN أيضا نشر قصص مماثلة، تركز على التحديات التي تواجهها النساء الفلسطينيات في غزة اللاتي يسعين إلى الحصول على رعاية إنجابية ويربين أطفالا يعانون من سوء التغذية، لأن إسرائيل تواصل قصف المستشفيات ومنع المساعدات من دخول القطاع".

وأضافت "إننا نعلم أن هذه القصص موجودة لأننا ذهبنا للبحث عنها. ولكن هذه التغطية لا تعفي مثل هذه المنافذ من إخفاقاتها ــ على سبيل المثال، نشرت شبكة سي إن إن تقارير كاذبة تردد ادعاء الجيش الإسرائيلي بأن الجدول العربي المعلق في مستشفى الرنتيسي للأطفال كان جدول مناوبة لحراس حماس. ثم حذفت القناة التقرير دون تنبيه من المحرر. وبينما أصدرت سارة سيدنر من شبكة سي إن إن اعتذارا علنيا عن نشر مزاعم غير مؤكدة عن "قطع رؤوس الأطفال"، استمرت القناة في تكرار نفس الكلام في اليوم التالي. إن التغطية التي تكشف عن مذبحة إسرائيل للفلسطينيين، مهما كانت ضئيلة أو خفية، تظهر أن بعض الصحفيين يحاولون اختراق الدعاية. وإذا كان بوسعهم أن يفعلوا ذلك، فبوسع غيرهم أن يفعلوا ذلك أيضا".

وأشار إلى أن "هناك أيضا علامات متزايدة على التعبئة داخل وسائل الإعلام. ففي الأسبوع الماضي، على سبيل المثال، وقع أكثر من 830 صحفيا على رسالة تطالب بالإجلاء الطبي الفوري لعلي العطار وفادي الوحيدي وجميع الصحفيين المصابين، وحماية الصحفيين الذين بقوا، والتغطية الإعلامية العادلة لغزة وظروف الصحفيين الفلسطينيين هناك".

وغالبا ما يتم التعامل مع الفلسطينيين باعتبارهم "غير جديرين بالثقة" من قبل وسائل الإعلام الغربية العنصرية. ومع ذلك، فإن المنافذ الإعلامية الرئيسية ــ سي إن إن، ونيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وغيرها ــ تعاقدت مع مرافقين على الأرض في غزة، ورخصت لعمل المصورين الصحفيين في غزة، واعتمدت على المراسلين المستقلين في جميع أنحاء القطاع. إن التغطية الإعلامية هي ببساطة إخبار الحقيقة كما هي، ونقل القصة كما هي. والحقيقة لا تأتي مع شرط أساسي للحصول على اعتماد صحفي من منفذ إعلامي بمليار دولار.

وأكدت أن الصحفيين الفلسطينيين الذين يغطون الأحداث في غزة يفعلون ذلك وسط الدمار، ويكشفون عن الأهوال التي كانت لتظل غير مرئية للعالم الخارجي لولا ذلك. لقد فقد الصحفيون هناك منازلهم وأفراد أسرهم في القصف. وهم يواجهون ظروفا معيشية مزرية، مع محدودية الغذاء والمياه والكهرباء بسبب الحصار الكامل. وفي الوقت نفسه، أدى تقييد الوصول إلى غزة وانقطاع الاتصالات إلى قمع تدفق المعلومات.


وشددت أن "الصحفيين ليسوا مجرد مصادر للمعلومات. إنهم حراس ذاكرة شعب. إن الصحفيين الفلسطينيين في غزة هم أولئك الذين يدفعهم الفضول والرغبة العميقة في معرفة الحقيقة. إنهم يبحثون عن تلك الحقيقة ويحاولون مشاركتها مع العالم. إن الصحفيين الفلسطينيين في غزة يوثقون واحدة من أكثر حالات الإبادة الجماعية وضوحا التي شهدها العالم، على الرغم من الهدف الذي رسمته إسرائيل على جباههم. عندما يتم اغتيال صحفي، فإن القصص التي لم تتح له الفرصة لنشرها - الأصوات التي لم يتم تسجيلها - تُسرق أيضا. إن حرب إسرائيل على غزة ليست مجرد استيلاء على الأراضي، كما صرح قادتها صراحة: إنها أيضا سرقة للذاكرة والتاريخ الفلسطيني الثمين".

وختمت أنه "يتعين على الصحفيين في جميع أنحاء العالم أن يتذكروا أن الصحافة ليست سلما: إنها حقل من القصص عن الناس وأفراحهم ومآسيهم والمضطهدين ومضطهديهم. إن الصحفيين الفلسطينيين في غزة يحترمون هذا الواجب. إنهم صوت الشعب، الذي يتردد صداه بما يكفي لتحطيم الدعاية الإسرائيلية. ولكن من سيكون صوت هؤلاء الصحفيين، إن لم نكن نحن؟".

مقالات مشابهة

  • فلسطين.. مدفعية الاحتلال تستهدف المناطق الشرقية من مدينة رفح الفلسطينية
  • مصطفى بكري يعلق على موافقة الكنيست على قانون يجيز طرد العائلات الفلسطينية
  • مصطفى بكري يكشف تفاصيل قانون الاحتلال الإسرائيلي لطرد الفلسطينيين من أراضيهم
  • داليا أبو عميرة: الكنيست أصدر سلسلة قوانين لتصفية القضية الفلسطينية
  • «الكنيست» يقرّ قوانين تستهدف الفلسطينيين في إسرائيل
  • هل لا تزال فلسطين قضية العرب الأولى؟
  • مجلة ذا نيشن: إسرائيل لا تزال تستهدف الصحفيين الفلسطينيين والصمت ليس خيارا
  • فلسطين ولبنان في قواميس الإنسانية والمادية
  • وزير الخارجية يكتب مقالا بعنوان "حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل"
  • وزير الخارجية في مقال بـ"واشنطن تايمز": حل الدولتين ممكن بين الفلسطينيين وإسرائيل