لجريدة عمان:
2024-12-25@07:48:00 GMT

فلسطين.. من التقسيم إلى حل الدولتين

تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT

من المفارقات التي ترتبت على طوفان الأقصى.. العودة إلى حل الدولتين، والذي يعني حال إقراره الاعتراف الرسمي والنهائي بتقسيم فلسطين إلى دولتين: إسرائيلية وفلسطينية. وفكرة التقسيم قديمة تعود إلى اقتراح «لجنة بيل» عام 1937م، ثم أعقبه قرار الأمم المتحدة عام 1947م بـ«رقم181». أما حل الدولتين على أساس «حدود67» والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية؛ فقد اقترح أعقاب «نكسة67»، وكان مرجعية السلطة الفلسطينية في مباحثات «اتفاقية أوسلو» عام 1993م.

العالم أمام واقع هو أن فلسطين تحت الاحتلال منذ الانتداب البريطاني عام 1920م، وقد اعترفت الأمم المتحدة بـ«دولة إسرائيل» عام 1948م. وما بين مقترح التقسيم والعودة إلى حل الدولتين 86 عاما؛ تحركت الأحداث خلالها ما بين نيران الحروب وأوهام السلام.

رفض العرب بدايةً الاعتراف بدولة إسرائيل، وخاضوا ضدها حروبا أشهرها:

- حرب 1948م.. وقعت مباشرة بعد الاعتراف بإسرائيل، حيث شنت مصر وسوريا والأردن والعراق الحرب عليها لمنع قيامها على الأرض الفلسطينية، غير أن العرب خسروا المعركة، فعرفت بـ«النكبة»، واعتبرها الإسرائيليون «حرب الاستقلال».

- حرب 1956م.. «حرب العدوان الثلاثي»؛ إذ شنتها إسرائيل وبريطانيا وفرنسا ضد مصر، إثر تأميم الرئيس جمال عبدالناصر(ت:1970م) قناة السويس، وأدت إلى احتلال إسرائيل سيناء، وانسحبت منها عام 1957م.

- حرب 1967م.. نشبت بين إسرائيل وأربع دول عربية: مصر والعراق وسوريا والأردن، انتصرت فيها إسرائيل، وحلت كارثة على العرب، فبالرغم أن مدتها ستة أيام؛ لكن إسرائيل احتلت فيها: سيناء المصرية، والجولان السورية، وقطاع غزة، والضفة الغربية والقدس الشرقية التي كانت تحت السيادة الأردنية، بالإضافة إلى خسائر بشرية ومادية فادحة لدى العرب، ولذلك سميت بـ«النكسة».

- حرب 1973م.. شنتها مصر وسوريا على إسرائيل لتحرير سيناء والجولان. خسرت إسرائيل المعركة، وتمكن المصريون من استرداد سيناء، واسترد السوريون جزءا من الجولان. عرفت هذه الحرب بـ«العاشر من رمضان» و«6 أكتوبر».

أما بالنسبة للفلسطينيين.. فمنذ البداية؛ لم يرضخوا للهجرات الصهيونية إلى بلادهم، فشرعوا في مواجهة العصابات اليهودية المسلحة، والتي بلغت ذروتها في «حرب التطهير» ما بين عامي 1947-1948م، التي شنتها على الفلسطينيين بغية تهجيرهم. لم تتوقف مقاومة الفلسطينيين للاحتلال، وإنما كانت تختلف مرجعياتهم الأيديولوجية، فقد كانت حتى نهاية السبعينات أغلبها مرجعية يسارية وقومية. ومنذ بداية الثمانينات أصبحت غالبا مرجعية إسلامية، وأفرزت أبرز مقاومتين: حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وحركة الجهاد الإسلامي.

يقال إن إسرائيل إذا خسرت معركة فلن تنتصر بعدها، والمقولة.. سواءً أكانت استقراءً لتركيبة الاجتماع والجيش الإسرائيلي، أم تحذيرا للإسرائيليين، أم حربا نفسية ضدهم، فيبدو أنها تحكي الواقع. فمنذ خسارة إسرائيل حرب 1973م هي في خسائر مستمرة. وحتى حرب 1982م التي غزت بها لبنان؛ استراتيجيا لا تعد نصرا، بل على العكس، نهض في الساحة «حزب الله» الذي أخرجها من معظم الجنوب اللبناني عام 2000م. لقد فرضت المقاومة الفلسطينية وجودها على الواقع الإسرائيلي، فإسرائيل عسكريا تخسر باستمرار، وإنما تعوّض ذلك باضطهاد الشعب الفلسطيني والتوسع في المستوطنات. وقد تتوج الانتصار الفلسطيني بطوفان الأقصى، وهو أكبر هزيمة عرفتها إسرائيل، ولكن أيضا كلف الفلسطينيين ثمنا باهظا، حيث راح ضحية القصف حتى الآن حوالي 15 ألف مدني؛ معظمهم من الأطفال والنساء، ودمّر نصف قطاع غزة.

حرب 1973م.. شكلت منعطفا نوعيا لعلاقة العرب بإسرائيل، حيث بدأ مسار السلام يشق طريقه بين العرب وإسرائيل بزيارة الرئيس المصري محمد أنور السادات (ت:1981م) تل أبيب، تلاها توقيع «اتفاقية كامب ديفيد» عام 1979م، بموجبها سحبت إسرائيل قواتها المسلحة ومدنييها من سيناء، وضمنت عبور سفنها في قناة السويس. وقد خاصم معظم العرب مصر على هذه الخطوة. بيد أنه مع بداية التسعينات بدأت مرحلة جديدة من عملية السلام، وهذه المرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين أنفسهم برعاية أمريكية، حيث أبرمت في واشنطن عام 1993م «اتفاقية أوسلو»، وأهم بنودها: اعتراف الفلسطينيين بدولة إسرائيل، وامتناع منظمة التحرير الفلسطينية عن المقاومة المسلحة. واعتراف إسرائيل بالمنظمة ممثلة للشعب الفلسطيني، وانسحابها من أراضٍ في الضفة الغربية وقطاع غزة.

«اتفاقية أوسلو».. إحدى ثمرات النظام العالمي الجديد الذي استفردت به النيوليبرالية الأمريكية، التي عمقت وصايتها على المنطقة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي. ومنها.. بدأ الترويج للتطبيع، وأخذت أمريكا تضغط على الدول العربية لكي تغيّر في مناهجها التعليمية وخطابها الإعلامي، فتحذف كل ما يتعلق بالصراع مع إسرائيل، إلا أن هذا الترويج كان يتعثر مع موجات العنف التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين. حتى حدثت هجمات 11 سبتمبر 2001م على واشنطن ونيويورك، فأخذ المسار طريقا آخر؛ وهو السعي إلى تغيير أنظمة الحكم نفسها في المنطقة، وبدأت أمريكا عمليا تسوّق للديمقراطية، وتأخذ الشباب العربي في ورش وبرامج للديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد أثمر ذلك عن انفجار الربيع العربي نهاية عام 2010م. وللمفارقة؛ فإن الربيع لم ينضبط وفق البوصلة الأمريكية، فقد بقيت الأنظمة كما هي، وما تغيّر منها لم يكن إلا شكلا، أو اتجها نحو الإسلام السياسي، مما دفع بأمريكا إلى أن تعود مرة أخرى إلى تحريك التطبيع، وفعلا.. قطعت فيه شوطا خلال العقد الأخير، وإذا بطوفان الأقصى يفور على حين غرة، مفاجئا العالم وصادما إسرائيل.

طوفان الأقصى.. فار بعد فشل مسار السلام، وارتفاع وتيرة انتهاكات إسرائيل لحقوق الفلسطينيين، وبعدما أثبتت الأيام خسارتها أمام عمليات المقاومة، كما أن الطوفان جاء ليقطع الطريق على التطبيع، مما يفسر الغضب الأمريكي والإسرائيلي، وتدميرهم الوحشي لغزة، واجتثاث أهلها. لكن الطوفان أعاد إلى الواجهة السياسية حل الدولتين الذي كاد أن يُنسى في خضم مفوضات التطبيع الذي بُني على تبادل المصالح بين إسرائيل والدولة المطبعة، وليس على أساس إحلال السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين كما هو مقرر في حل الدولتين.

والسؤال: ماذا لو لم ترضَ إسرائيل بحل الدولتين؟

أولاً؛ عليّ أن أبين أن رضا حماس بحل الدولتين قد يجرها إلى أن تتحول إلى حزب سياسي، والحزب السياسي لن يكون مقاوما بالأساس، وإن كان له ذراع عسكري، وقد تجد حماس نفسها يوما مثل حركة فتح، وإذا أصرت أن تبقى حراكا مقاوما -وهذا هو تركيبتها وهدفها الذي ليس سهلا أن تغيّره- فلن تتمكن من العمل السياسي في إدارة الدولة الفلسطينية. ومع ذلك؛ فإن حل الدولتين لن يلغي المقاومة الفلسطينية، سواءً بمواصلة الحركات الموجودة نضالها، أو بولادة حركات جديدة، فقد قرر التأريخ أن الشعب لا يستكين حتى يحرر أرضه، طال الزمن أم قصر.

أما إن لم تقبل إسرائيل بحل الدولتين؛ فسيلزم المجتمع الدولي أن يفرضه عليها، وهذا يقتضي سياسات حاسمة تجاهها، كقرار دولي من الأمم المتحدة يلزمها بالانسحاب من كل الأراضي المتفق عليها بـ«حدود67»، وقطع العلاقات كاملة معها، وتخلي الغرب وأمريكا عنها، وفرض حصار دولي عليها. يبدو أن قَبول إسرائيل بحل الدولتين بعيد، لأنها تعرف أن قيام دولة مجاورة لخصمها الفلسطيني هو عين زوالها، وإن حصل القَبول فسيكون شكليا، وستظل تمارس عدوانها على الفلسطينيين.

إن حل الدولتين ليس مثاليا كما قد يُتَصَور، ولكنه يمكن أن يكون حلا مرحليا؛ لا تعرف مدة بقائه. أما على المدى البعيد مع تعاظم المقاومة وصلابتها، وتحولات المصالح الدولية، قد يفضي الوضع إلى تفكيك النظام الإسرائيلي القائم برمته ليحل محله نظام ديمقراطي بدولة واحدة، يجمع الفلسطينيين واليهود، على غرار ما حدث في جنوب إفريقيا، وهذا الحل مطروح ومحتمل؛ خاصة مع صعود روسيا والصين وإسهامهما في إعادة رسم الخارطة الدولية، وبقاء علاقتهما مع إيران، وإيجابية سياستهما تجاه القضية الفلسطينية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بحل الدولتین حل الدولتین

إقرأ أيضاً:

الانتهاء من إعداد حصر شامل ودقيق لبيانات التقسيم الإداري لمراكز كفر الشيخ

ترأس اللواء دكتور علاء عبد المعطي، محافظ كفر الشيخ، اليوم الاثنين، اجتماع لجنة التقسيم الإداري لمراكز محافظة كفر الشيخ، في إطار التحديث الشامل الذي تشهده منظومة العمران بالمحافظة، وذلك بحضور اللواء محمد شوقي بدر، السكرتير العام للمحافظة، واللواء عبدالحليم فايد، نائب مدير أمن كفر الشيخ، والمهندسة فاطمة الشوادفي، مدير عام الإدارة العامة للتخطيط والتنمية العمرانية بكفر الشيخ، ورؤساء المراكز والمدن وممثلين الزراعة، والمالية، والمساحة، والإسكان، وأعضاء الإدارة العامة للتخطيط والتنمية العمرانية، ومركز الجيومكانية بالمحافظة.

تقسيم حدود المراكز

واستعرض المحافظ، الحدود الإدارية، والهيكل الإداري، والحد الخارجي لمحافظة كفر الشيخ، بالإضافة إلى المشكلات التي كانت تواجه التقسيم، مقدمًا الشكر للقائمين على هذا المشروع، مؤكدًا أهمية تقسيم حدود المراكز وأيضًا مع محافظات الجوار لتسهيل التنسيق وتحسين تقديم الخدمات، مُشيرًا إلى أنّ أسباب التعديل ترجع لتداخل بعض المناطق في المراكز، وإنشاء كيانات إدارية جديدة، فضلًا عن إنشاء أحياء جديدة.

الانتهاء من إعداد حصر شامل ودقيق لبيانات التقسيم الإداري

وأوضح محافظ كفر الشيخ، أنّه لأول مرة الانتهاء من إعداد حصر شامل ودقيق لبيانات التقسيم الإداري لكافة المستويات الإدارية، التي تشمل 10 مراكز، و14 مدينة، و98 وحدة محلية قروية، و228 قرية أم وتابع، كما تم توقيع هذه البيانات على خرائط ولوحات من خلال أعمال الرصد الميداني التي نفذها المختصون بالإدارة العامة للتخطيط والتنمية العمرانية، ومركز الجيومكانية بالمحافظة، بالتعاون مع الوحدات المحلية للمراكز والمدن والقرى.

تحقيق التنمية في المناطق المحرومة

ونوه المحافظ، إلى أنّ التقسيم الإداري الجديد سيسهم في تسريع إعداد واعتماد الأحوزة العمرانية لكل التقسيمات الإدارية حتى مستوى العزب، وهو ما يسهم في تحقيق التنمية في المناطق المحرومة من خلال خطة الدولة، وبالتالي ستكون ضمن المناطق المستهدفة للمشروعات الجارية والمستقبلية في ظل ما تشهده المحافظة من نقلة نوعية حقيقية وملموسة في كافة المجالات.

وأضاف محافظ كفر الشيخ، أنّ التقسيم الإداري الجديد يواجه العشوائية، ويعزّز سلامة قواعد البيانات، من خلال الرصد الميداني، وتصحيح البيانات السابقة غير الصحيحة للمواقع والمسميات لبعض المستويات الإدارية داخل المحافظة، خاصةً بالقرى التوابع والنجوع والعزب التابعة لها.

ضبط منظومة العمران

وقال المحافظ، إنّ الانتهاء من التقسيم الإداري للمحافظة سيسهم في ضبط منظومة العمران، وتسهيل الإجراءات، بالتزامن مع مشروعات المبادرة الرئاسية «حياة كريمة»، التي تهدف إلى تحسين مستوى معيشة المواطنين، ورفع جودة الخدمات المقدمة لهم، لافتًا إلى أنّه سيتم إرسال البيان المدقق النهائي للتقسيم الإداري بعد عرضه على المجلس التنفيذي للمحافظة إلى وزارة التنمية المحلية والجهات المعنية، لتوحيد قاعدة البيانات، واستكمال الإجراءات للعمل به في ضوء الاستراتيجية العامة للدولة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في كافة المجالات تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.

مقالات مشابهة

  • فلسطين من المتن إلى الهامش.. ماذا فعلوا لتقزيم القضية الفلسطينية؟!
  • واشنطن بوست: إسرائيل تهدم شمال غزة وتجبر آلاف الفلسطينيين على الفرار
  • الانتهاء من إعداد حصر شامل ودقيق لبيانات التقسيم الإداري لمراكز كفر الشيخ
  • باحثة سياسية: إسرائيل تركز على المناطق تحت السيطرة المدنية الفلسطينية
  • خبير: إسرائيل اتخذت ذريعة 7 أكتوبر لتغيير وتقليل أعداد السكان الفلسطينيين
  • خبير علاقات دولية: إسرائيل اتخذت ذريعة 7 أكتوبر لتهجير السكان الفلسطينيين
  • من «الزاوية العمياء».. الفصائل الفلسطينية تنفذ عمليات موجعة ضد إسرائيل (فيديو)
  • مخططات التقسيم ومخاطر استنساخ أحداث سوريا في دول المنطقة
  • حركة فتح: إسرائيل تواصل عدوانها على الفلسطينيين وسط صمت دولي من العالم
  • الاحتلال الإسرائيلى يدمر تراث فلسطين.. "أبو عطيوي": الاحتلال يسعى لطمس كافة معالم القضية الفلسطينية