لجريدة عمان:
2025-03-12@09:00:43 GMT

ما تفتقده القوى المُعادية لترامب

تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT

تمر الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة بأوقات فريدة ومُثيرة للقلق. يُمثل الرئيس السابق -الذي تم طلب عزله مرتين، والذي يواجه الآن أربع لوائح اتهام منفصلة بارتكاب جرائم خطيرة- الزعيم الفعلي لأحد الحزبين السياسيين الرئيسيين. بعد إعادة تشكيل الحزب الجمهوري على صورته، يكاد يكون دونالد ترامب بلا شك مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، على الرغم من الأدلة المتزايدة على جرائمه المالية ودوره في محاولة الانقلاب.

وفي حين حقق الديمقراطيون نتائج جيدة في مختلف الانتخابات التي جرت هذا الشهر، تُظهر استطلاعات الرأي أن ترامب يتقدم على الرئيس الأمريكي جو بايدن في الولايات الرئيسية. من الواضح أن هناك شيئا خاطئا في الجمهورية الأمريكية.

إن تولي ترامب رئاسة ثانية سيُشكل تهديدًا للديمقراطية أكبر من ولايته الأولى. في الواقع، تشير نظرة ترامب وخطاباته إلى أنه أصبح أكثر تطرفًا، وقد تعلم أنصاره الآن من محاولتهم الفاشلة لقلب نتائج انتخابات عام 2020. تعمل مراكز الأبحاث الصديقة على وضع خطط لتفكيك الضوابط والموازين التي تفرضها الحكومة الأمريكية، مما يسمح لترامب برئاسة دولة بوليسية تستهدف خصومه السياسيين. يهدف مشروع «مؤسسة التراث المُحافظة» لعام 2025 إلى «إنشاء دليل للإجراءات التي يجب اتخاذها في أول 180 يومًا من الإدارة الجديدة لتقديم الإغاثة السريعة للأمريكيين الذين يعانون من سياسات اليسار المُدمرة». يقع تعيين أُطر مؤيدة لسياسات ترامب في المناصب الرئيسية في صميم هذه الجهود.

وفي حين يتحمل ترامب ومساعدوه في المؤسسة السياسية المسؤولية عن هذا الوضع الكارثي والمُزري، فإن اليسار الأمريكي ووسائل الإعلام المستندة إلى الحقائق، والتي فشلت في تطوير استجابة مُحكمة، يتحملون نفس القدر من المسؤولية. وتتراوح ردود الفعل من التطبيع الضمني (من يستطيع أن ينكر اختيار حزب رئيسي للمُرشح؟) إلى عدم التسامح المُطلق حيال أنصار ترامب. ولكن المُخطط العملي لمعالجة هذا الوضع مفقود، على الرغم من أن مستقبل الديمقراطية الأمريكية أصبح على المحك.

سوف تشمل الاستجابة الواعدة موقفين متناقضين على ما يبدو. أولاً، يجب أن يتحد الوسط واليسار في إعلان تشكيل ترامب ودائرته الداخلية تهديدًا مُدمرًا للجمهورية الأمريكية، وينبغي التعامل مع كبار مساعديه على هذا النحو، وليس باعتبارهم من المتحدثين الذين يعززون معدلات التصنيف. ويجب تسليط الضوء باستمرار على خطط ترامب المُعلنة بوضوح لتدمير الديمقراطية الأمريكية. ومع ذلك، يتعين على الوسط واليسار أيضا إدراك أن أغلب أنصار ترامب لديهم مظالم مشروعة. وهذا هو جزء من الاستجابة الناجحة التي كانت مفقودة.

ورغم وجود عناصر قومية بيضاء وعنصرية قوية بلا شك في حركة «ماغا» المُؤيدة للرئيس دونالد ترامب، إلا أنها بعيدة كل البعد عن تمثيل معظم الأشخاص الذين سيُصوتون لصالح الجمهوريين في الانتخابات المقبلة. لقد عانت نسبة كبيرة من سكان الولايات المتحدة اقتصاديًا على مدى العقود الأربعة الماضية. فمنذ عام 1980، انخفضت معدلات الدخل الحقيقية (المعدلة حسب التضخم) بين الرجال الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو شهادات مُتدنية، وظلت الأجور المتوسطة في حالة ركود حتى أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ومن ناحية أخرى، عرفت دخول الأمريكيين الحاصلين على شهادات جامعية وذوي المهارات المُتخصصة (مثل البرمجة) ارتفاعًا سريعًا.

هناك أسباب عديدة وراء هذا التحول في سوق العمل، والعديد منها مُتجذر في الاتجاهات الاقتصادية التي طالما روج لها الساسة التابعون للمؤسسة ووسائل الإعلام باعتبارها فوائد للعُمال. لقد أدت موجة العولمة التي كان من المفترض أن ترفع جميع القوارب إلى غرق العديد منها.

إن الأتمتة التي كان من المفترض أن تجعل التصنيع في الولايات المتحدة أكثر قدرة على المنافسة وتساعد العمال تُشكل العامل الأكبر في انخفاض الدخل بين العُمال الذين لا يحملون شهادات جامعية. ومن ناحية أخرى، فقد تدهورت النقابات العمالية، وقوانين الحد الأدنى للأجور، والمعايير التي تحمي العُمال من ذوي الأجور المُنخفضة.

في خضم هذه العملية، أصبح العديد من الأمريكيين يشعرون بالاستياء بسبب تجاهل وجهات نظرهم ومظالمهم من قبل وسائل الإعلام الرئيسية والنخبة التكنوقراطية المُثقفة.

في دراسة حديثة، قام الاقتصاديون إليانا كوزيمكو، ونيكولاس لونجيت ماركس، وسوريش نايدو بتوثيق الانقسام بين التفضيلات الاقتصادية للعمال الأقل تعليمًا من ناحية، وبين المثقفين والحزب الديمقراطي من ناحية أخرى. وفي حين يُفضل العُمال العاديون بشدة الحد الأدنى للأجور، والضمانات الوظيفية، والحماية من التوترات التجارية، والنقابات الأقوى، فإن النخب تعارض مثل هذه البرامج باعتبارها تدخلا غير مبرر في السوق. وكانت الطريقة المفضلة لدى الحزب الديمقراطي لمساعدة الفئات الأقل حظًا تتمثل في الضغط من أجل إعادة التوزيع عبر نظام الضرائب والتحويلات. لا يقتصر هذا الانفصال بين العُمال وصُناع السياسات المُنتمين إلى يسار الوسط على الولايات المتحدة. وكما أظهر خبراء الاقتصاد أموري جيثين، وكلارا مارتينيز توليدانو، وتوماس بيكيتي، فقد حدثت عملية إعادة ترتيب سياسية مماثلة في 21 دولة ديمقراطية غربية. ففي خمسينيات وستينيات القرن العشرين، صوتت الطبقة العاملة بشكل موثوق لصالح أحزاب يسار الوسط والأحزاب الاشتراكية، في حين صوت المواطنون الأكثر ثراء والحاصلون على تعليم أعلى لصالح أحزاب اليمين. ولكن بحلول عام 2010، كان الأشخاص الأكثر تعليمًا يصوتون بأغلبية ساحقة لصالح أحزاب يسار الوسط، وتحول العُمال نحو اليمين، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ابتعاد أحزاب يسار الوسط عن المواقف السياسية المتوافقة مع المصالح المادية للعُمال وغير ذلك من الأولويات.

يتطلب عكس هذا الاتجاه إدخال تغييرات ليس فقط على السياسات المُحددة التي تؤيدها أحزاب يسار الوسط، بل وأيضا على اللغة التي تستخدمها. وقد يتطلب الأمر أيضًا بذل جهود استباقية لترقية العُمال إلى مناصب قيادية داخل الأحزاب، بدلا من السماح للنخب المُتعلمة تعليما عاليا بشغل معظم المناصب العليا. في الولايات المتحدة، لا يُعد إعادة توجيه العمال نحو الأحزاب الديمقراطية مجرد ضرورة حتمية لهزيمة ترامب وأعوانه، بل تُعد أيضًا خطوة ضرورية للاقتصاد الأمريكي.

سيكون تنظيم صناعة التكنولوجيا ودعم العُمال من القضايا الرئيسية في العقد المقبل وما بعده. ولن تستطيع أحزاب يسار الوسط التي تفتقر إلى أصوات العُمال الارتقاء إلى مستوى الحدث. ويتعين على الأمريكيين الذين ما زالوا يدعمون الديمقراطية كشف حقيقة ترامب والعمل جاهدين لمنعه من العودة إلى السلطة. للقيام بذلك، يتعين عليهم أيضا أن يكونوا أكثر استيعابًا واستجابة للعُمال ــ بما في ذلك أولئك الذين لم يستفيدوا بالقدر الكافي من العولمة والتغيرات التكنولوجية ولا يُشاركون مواقفهم بشأن القضايا الاجتماعية والثقافية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة من ناحیة فی حین

إقرأ أيضاً:

زيلينسكي يعتذر لترامب بعد خلافات البيت الأبيض وتطورات جديدة بين أوكرانيا وأمريكا

 أعلن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اعتذر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد الخلافات التي نشبت بينهما في البيت الأبيض.

وجاء ذلك في تصريح أدلى به ويتكوف لشبكة "فوكس نيوز"، حيث أوضح أن الاعتذار الذي وجهه زيلينسكي يتعلق بمواقف شهدها المكتب البيضاوي بين الطرفين.

 رسالة اعتذار من زيلينسكي

وأكد ستيف ويتكوف أن رسالة الاعتذار التي أرسلها زيلينسكي إلى ترامب جاءت بعد سلسلة من المباحثات المكثفة بين الفرق المعنية من أوكرانيا والولايات المتحدة وأوروبا. 

واعتبر ويتكوف أن هذه الخطوة كانت مهمة للغاية في إطار تهدئة الأجواء بعد التوترات الأخيرة بين البلدين.

مشادة كلامية بين زيلينسكي وترامب

والخلاف بين زيلينسكي وترامب، إلى جانب نائب الرئيس الأمريكي السابق مايك بينس، نشب خلال اجتماع في المكتب البيضاوي، وكان مرتبطا بموقف الولايات المتحدة من النزاع القائم بين روسيا وأوكرانيا. 

وفي هذا السياق، اتهم ترامب زيلينسكي بأنه "ديكتاتور"، بينما رد زيلينسكي باتهام ترامب بالاعتماد على "معلومات مضللة" روسية، وذلك بعد أسابيع من التوترات بين الجانبين.

 صفقة المعادن والمساعدات العسكرية

ومن ناحية أخرى، نقلت شبكة "إن بي سي" عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الرئيس ترامب أخبر مساعديه بأن صفقة المعادن بين الولايات المتحدة وأوكرانيا لن تكون كافية لاستئناف المساعدات العسكرية أو تبادل المعلومات الاستخباراتية مع كييف. 

ويأتي هذا في وقت تستعد فيه المسؤولون الأمريكيون والأوكرانيون لعقد محادثات في السعودية خلال هذا الأسبوع، ويرغب ترامب في توقيع صفقة تمنح الولايات المتحدة حصة في الموارد المعدنية الأوكرانية، ولكنه في ذات الوقت يريد أن يرى تغييرات في موقف زيلينسكي تجاه محادثات السلام، بما في ذلك الاستعداد لتقديم تنازلات، مثل التنازل عن أراض لصالح روسيا.

كما أشار المسؤولون إلى أن ترامب يطالب زيلينسكي بالتحرك نحو إجراء الانتخابات في أوكرانيا وربما التفكير في التنحي عن منصبه كرئيس للبلاد.

 تأثير التوقف في تبادل المعلومات الاستخباراتية

أما عن التقدم العسكري الروسي في أوكرانيا مؤخرا، أفاد المسؤولون الأمريكيون أنه لا توجد دلائل على أن توقف الولايات المتحدة عن تزويد كييف بالمعلومات الاستخباراتية كان له تأثير مباشر على الهجمات الروسية، وأوضحوا أن هذه الهجمات الكبيرة كانت على الأرجح مخططة قبل توقف تدفق المعلومات والمساعدات العسكرية. 

وعلى الرغم من ذلك، أضاف المسؤولون أن الولايات المتحدة ما زالت تتقاسم المعلومات الاستخباراتية الدفاعية مع أوكرانيا، مما يساعدها في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الروسية، إلا أنه لا يتم تقديم معلومات تساعد أوكرانيا في الهجوم على أهداف روسية.

وقد زودت الولايات المتحدة أوكرانيا بمعلومات حول أهداف روسية وصور الأقمار الاصطناعية خلال السنوات الثلاث الماضية، بينما يعمل الحلفاء الأوروبيون حاليا على سد بعض الفجوات. 

ومع ذلك، أشار مسؤول غربي إلى أن نقص المعلومات الاستخباراتية الأمريكية له تأثير واضح على أوكرانيا، مضيفا أن "كل يوم يمر يضر بأوكرانيا ويمنح روسيا موقعا أكثر قوة".

ترامب يجري مباحثات مع 4 مجموعات لبيع تيك توك10 معلومات عن بشار المصري رجل ترامب المرشح لإدارة غزة.. صورالضغوط السياسية لاستئناف المساعدات

والجدير بالذكر، أن يمارس عدد من الجمهوريين في الكونغرس ضغوطا على البيت الأبيض لاستئناف المساعدات العسكرية والمعلومات الاستخباراتية لأوكرانيا. 

وقال المسؤولون الأمريكيون إنهم متفائلون بإمكانية استعادة تدفق الأسلحة والمعدات العسكرية وكذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية بين البلدين.

خبير: ترامب لن ييأس من محاولاته للسيطرة على قناة بنماأحمد الشرع: لم نتواصل مع إدارة ترامب حتى الآن

مقالات مشابهة

  • الرئيس الإيراني لترامب: لن أتفاوض معك وافعل ما تريد
  • الرئيس الإيراني لترامب: لن أتفاوض تحت التهديد وافعل ما تريد
  • الرئيس الإيراني لترامب: لن أتفاوض معك .. إفعل ما تريد
  • كيف يمكن لدعم إيلون ماسك لترامب أن يضر بشركة تسلا أو يساعدها؟
  • ما قصة ساحة فلسطين التي أصبحت أزمة وصراعا سياسيا بالدانمارك؟
  • زيلينسكي يعتذر لترامب بعد خلافات البيت الأبيض وتطورات جديدة بين أوكرانيا وأمريكا
  • ويتكوف : زيلينسكي قدم اعتذارا لترامب عما حدث في البيت الأبيض
  • ويتكوف: زيلينسكي قدم اعتذارا لترامب
  • ما مآلات السياسات الاقتصادية والتجارية لترامب على أميركا والعالم؟
  • لن نسمح لترامب بالانتصار.. أول تعليق لرئيس وزراء كندا المقبل