هل بوسع الصين وأمريكا حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
بول دزياتكويك ـ يونس زنجيبادي
تمثل الجولة الدولية للجنة الوزارية العربية الإسلامية -وهي المبادرة التي أطلقتها الدول الإسلامية في القمة العربية الإسلامية التي استضافتها المملكة العربية السعودية الشهر الماضي- تحولا محوريا في مشاركة الشرق الأوسط الدبلوماسية العالمية وفي استراتيجياته مع القوى الخارجية الرئيسية.
تخطط اللجنة بعد ذلك لزيارة فرنسا، وهي عضو آخر في مجلس الأمن الدولي، لكن الهدف النهائي الحقيقي لهذه المشاورات سوف يتمثل في تقريب الولايات المتحدة ـ وهي صانع القرار الأكثر نفوذا في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ـ من موقف اللجنة الخاص المتمثل في الإيقاف السريع للحرب.
يشير هذا التسلسل في الزيارات، ابتداء ببكين ومرورا بأعضاء آخرين في مجلس الأمن، إلى تحول أوسع في الجغرافيا السياسية والدبلوماسية الإقليمية في الشرق الأوسط. ويبرز النظام الناشئ متعدد الأقطاب الذي تقوم فيه دول الشرق الأوسط بتنويع ارتباطاتها الدبلوماسية لمواجهة التحديات الإقليمية.
ويعكس النهج الذي تتبناه اللجنة، وبخاصة في تركيزها الأوليِّ على بكين، اعترافا جماعيا في المنطقة بالدور المتنامي الذي تلعبه الصين بوصفها وسيطا في الشرق الأوسط، وهو وضع عززه نجاحها أخيرا بالتوسط في الاتفاق الإيراني السعودي. وفي هذا السياق المتطور، تستفيد الصين أيضا من نفوذها المتزايد وتضع نفسها في موضع الوسيط المحايد في المنطقة، وهو ما يرى بعض الخبراء أنه قد يعد تحديا محتملا لدور الولايات المتحدة ونفوذها التقليديين. والحق أن النخب الإقليمية اليوم ـ وخلافا لحالها مع الصين ـ باتت تثق بدرجة أقل إلى حد ما في قدرة واشنطن على لعب دور صانع الملوك والعمل كضامن أمني موثوق به في المنطقة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى دعمها المطلق لإسرائيل في الصراع الحالي.
ومع ذلك، لا ينبغي النظر إلى هذا بوصفه محض منافسة ثنائية لا تسمح إلا بفائز واحد من الولايات المتحدة والصين بالنفوذ في الشرق الأوسط. بل إنه يمثل فرصة لدبلوماسية تعاونية في منطقة مضطربة تحظى فيها كل من القوتين العظميين بنفوذ كبير على أطراف مختلفة تفتقر إليه القوة الأخرى في حين أنهما تشتركان في المصالح الاستراتيجية المتمثلة في الحفاظ على الأمن والسلام.
ويعد الاتفاق الإيراني السعودي بمثابة دراسة حالة ناجحة للتنسيق الدبلوماسي بين الصين والولايات المتحدة، حيث لعبت التأثيرات المنفصلة والمتكاملة لكلا البلدين دورا حاسما على فاعلين مختلفين في تحقيق صفقة لم تستفد منها القوتان فحسب، بل أيضا المنطقة الأوسع والمجتمع الدولي. وعلى الرغم من عدم وجود إطار رسمي لتنسيق الاستراتيجية الدبلوماسية الأمريكية والصينية تجاه الصفقة، إلا أن التنسيق بينهما من خلال أطراف ثالثة ـ هي على وجه التحديد المملكة العربية السعودية التي تحظى بعلاقات ودية مع كلا البلدين ـ ساعد في التوصل إلى انفراجة دبلوماسية فشلت عدة جولات من المحادثات التي يسرها العراق عن تحقيقها.
وفي ضوء تمايز أدوارهما ـ أي الولايات المتحدة بقدم حضورها وعلاقاتها الأمنية في المنطقة، والصين بنفوذها الاقتصادي فيها ـ فإن كلا البلدين في وضع فريد للعمل ضمن إطار تعاوني، مستوحى من قصة نجاحهما في الاتفاق الإيراني السعودي، لإنهاء الحرب في غزة.
من خلال تبني نهج تعاوني، يمكن للولايات المتحدة والصين، بالتنسيق ولكن من خلال قنوات منفصلة، الانخراط وتعزيز نفوذهما مع اللاعبين الإقليميين الرئيسيين، بما فيهم إسرائيل وتركيا وقطر والمملكة العربية السعودية وإيران، إلى جانب وكلائهم في المنطقة. وهذا الجهد المتضافر ضروري لتهدئة التوترات وتهيئة بيئة مواتية للتوصل إلى حل سياسي مستدام في غزة.
ومن المهم التأكيد على أن كلا من الولايات المتحدة والصين، اللتين تواجهان تحديات ملحة في الداخل والخارج، تميلان إلى تجنب المزيد من الصراع في الشرق الأوسط. وبالنسبة لكلا البلدين، فإن الأولوية إنما هي تحسين الظروف الاقتصادية المحلية وتناول ملفات في السياسة الخارجية الأخرى من قبيل الحرب المستمرة في أوكرانيا، وتغير المناخ، وإدارة العلاقات الثنائية المعقدة بينهما. والاتفاق الأخير بين الرئيس جو بايدن والرئيس شي جين بينج على إعادة إنشاء قنوات الاتصال العسكرية، والذي تم الإعلان عنه في قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ الأخيرة، يشير إلى أن البلدين كليهما يفضلان التعاون على التصعيد حتى في علاقاتهما الثنائية، ناهيكم عنه في مناطق أخرى.
وفي ضوء هذا التطور الإيجابي في علاقاتهما الثنائية، فإن إطار تعاون بين الولايات المتحدة والصين لإنهاء الحرب في غزة بالتعاون الوثيق مع دول المنطقة وأعضاء مجلس الأمن الآخرين يمكن أن يقدم لكل من واشنطن وبكين سيناريو «مربحا للجانبين»، وللمنطقة والمجتمع العالمي على النطاق الأوسع. ومثل هذا التعاون لن يحل الصراع القائم فحسب، بل سيسهم أيضا في جعل الشرق الأوسط أكثر سلاما. وربما على القدر نفسه من الأهمية، يمكن أن يساعد في إعادة بناء الثقة بين هاتين القوتين الرئيسيتين بينما تديران منافستهما الاستراتيجية في مشهد عالمي يزداد نزوعا إلى تعدد الأقطاب.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی الشرق الأوسط المتحدة والصین فی المنطقة فی غزة
إقرأ أيضاً:
مشاركة مصرية في بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا
تشارك مجموعة متميزة من الشركات المصرية بدعم من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في معرض بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2023 بالمملكة العربية السعودية، والذي يعد الحدث الأكبر في مجال الأمن السيبراني وتكنولوجيا تأمين البيانات.
تم إطلاق بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا في عام 2022 من خلال شراكة بين الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز (SAFCSP) وتحالف"Informa Markets" بهدف تسريع تطوير واعتماد تقنيات وممارسات الأمن السيبراني الرائدة عالميًا في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
وخلقت هذه الشراكة منصة أعمال فريدة للشركات المصرية لتصدير منتجاتها وحلولها إلى المملكة العربية السعودية وصناعة أمن المعلومات العالمية.
وشهدت النسخة الافتتاحية من معرض بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا إقبالاً غير مسبوق، حيث بلغ عدد الزوار 32 ألف زائر، مما جعله معرض الأمن السيبراني الأكثر زيارة في العالم.
تعد مصر شريكًا حيويًا في النظام البيئي الإقليمي للأمن السيبراني، حيث شارك في العام الماضي عدد 812 زائر من مصر هذا و ستوفر مشاركه الشركات المصرية في معرض بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا فرصًا لا مثيل لها للتصدير والشراكة و التدريب لقطاع الأمن السيبراني المصري.
ويتم تنظيم الجناح المصري بدعم ومشاركة من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات هذا الدعم ساهم في تيسير مشاركة الشركات المصرية في بلاك هات 2024من خلال تأمين مساحة مخصصة للجناح المصري في موقع مميز بالمعرض إلى جانب سداد تكاليف المشاركة محليا بالجنيه المصري بالإضافة الي حمله الترويج للجناح المصري بالمعرض والعديد من الانشطه التسويقيه لمساعده الشركات المصرية في تصدير خدمات تكنولوجيا المعلومات والامن السيبراني الي السوق السعودي الواعد.
يضم الوفد المصري مجموعة من قيادات الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بالإضافة إلى عدد من الشركات المصرية المتخصصة في مجال الأمن السيبراني.
ويشارك الوفد المصري في عدد من اللقاءات مع قيادات من الجانب السعودي الحكومي والخاص بهدف فتح أسواق جديده للشركات المصرية لتصدير خدمات تكنولوجيا الامن السيبراني.
تقوم شركة ديسباتش إيجيبت المتخصصة في إدارة المعارض والمؤتمرات الدولية بتنظيم وإدارة الجناح المصري للعام الثاني علي التوالي وذلك في إطار الشراكة الإستراتيجية مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في تيسير المعاملات المالية والإجراءات اللوجستية الخاصة بجميع الأنشطة التي يقوم بدعمها الجهاز داخل وخارج مصر بهدف دعم الصادرات المصرية في مجال تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني.