في مؤتمر الأطراف 28، المدن تنير لنا الطريق
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
الدول القومية والرؤساء ورؤساء الوزراء - هؤلاء هم اللاعبون الذين يحظون بأكبر عناوين الأخبار الرئيسية والقدر الأعظم من الاهتمام من قِـبَـل وسائل الإعلام في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ الذي يُـعـقَـد كل عام. ولكن على مدار السنوات العشر الأخيرة، وبقدر أقل كثيرًا من الضجة الإعلامية، كانت المدن والولايات والحكومات الإقليمية (المعروفة بمسمى «الحكومات دون الوطنية») تعمل على تنفيذ توجيهات اتفاق باريس للمناخ، حتى في حين تقاعست حكوماتها الوطنية عن القيام بذلك.
ما يدعو إلى التفاؤل أن مؤتمر الأمم المتحدة في دبي هذا العام (مؤتمر الأطراف كوب28) يحمل سابقة تاريخية تبشر بالخير فيما يتعلق بتحقيق التقدم في مجال تغير المناخ في عموم الأمر. تجمع قمة العمل المناخي المحلية الافتتاحية بين العمد ورؤساء البلديات ومحافظي المدن للانخراط بشكل مباشر مع القادة الوطنيين والدوليين، وهذا يوضح كيف تقود المدن الحلول وتعمل على توليد الأفكار التي يجري اعتمادها في مختلف أنحاء العالم. الواقع أن هذا التقدم الخارق ما كان ليأتي في توقيت أفضل. فقد أصدرت الأمم المتحدة مؤخرا أول تقرير رسمي لها بشأن التقدم الذي أحرزه العالم منذ انعقد مؤتمر الأطراف كوب 15 في باريس. يبين هذا التقرير أن الأمر يتطلب اتخاذ تدابير أكثر جرأة وأسرع حركة للإبقاء على الزيادة في درجات الحرارة العالمية نتيجة للانحباس الحراري الكوكبي دون 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة ــ وهو الحد اللازم لتجنب التأثيرات الأشد سوءا المترتبة على تغير المناخ.
الواقع أن المدن الشديدة التعرض للتأثيرات المترتبة على تغير المناخ (من الحرارة الشديدة التي نادرا ما تنكسر إلى الفيضانات والانهيارات الأرضية التي تأتي دون سابق إنذار)، مثل فريتاون، عازمة على دفع زعماء العالم إلى رفع مستوى طموحاتهم ــ وتمكين المدن من بذل المزيد من الجهد في قيادة الطريق. أظهرت فريتاون كيف تتمكن المدن من العمل كقدوة من خلال العمل الإبداعي. عندما قضى التوسع الحضري على 70% من أشجارها، أنشأت المدينة برنامجا لتجنيد السكان بهدف استعادة الغطاء الأخضر، الذي يقلل من تأثير الحرارة الشديدة. يشكل الشباب في فريتاون جزءًا كبيرًا من حملة زراعة مليون شجرة بحلول عام 2024، ولا تتوقف مشاركتهم عند هذا الحد. ذلك أن الشباب يحظون بتمثيل جيد في لجان إدارة الكوارث المجتمعية في فريتاون، وقد كرسوا طاقاتهم الجماعية لخدمة أجندة تحويل فريتاون التي تتبناها المدينة (وزراعة الأشجار جزء منها). كما أن فريتاون ليست وحدها في هذا الجهد. ففي الفلبين، أنشأت مدينة كويزون شبكة من الحدائق والمزارع الحضرية المستدامة التي تعالج انعدام الأمن الغذائي بين السكان وتعمل على تقليل الانبعاثات المرتبطة بالزراعة التقليدية. وفي مدينة ليما في بيرو، عمل القادة المدنيون على وضع خطة للتصدي لتغير المناخ لا تكتفي باستهداف حماية الأنظمة البيئية في المنطقة، بل تستهدف أيضا التغييرات البسيطة -من متنزه إلى آخر، ومن بستان فواكه إلى الذي يليه- وهذا يضيف إلى التحسينات الواسعة النطاق في المشهد الحضري. كما أطلقت الخطة جهدا ناجحا للغاية لرصد وتحسين جودة الهواء حيث يلعب أطفال المدينة ويتعلمون ويعيشون.
بمثل هذه الطرق وغيرها كثير، تُـظـهِـر المدن لقادة العالم كيف يمكن إحراز التقدم الحقيقي. ولكن لا ينبغي لنا أن ننظر إلى المدن باعتبارها نماذج فحسب؛ بل يجب أيضا التعامل معها على أنها «شركاء أساسيون» في الجهود العالمية الرامية إلى مكافحة تغير المناخ.
لم تكن هذه هي الحال عادة. فحتى عندما يعلن القادة الوطنيون عن إيمانهم بالإدارة المتعددة المستويات، تكون أطر السياسات غالبا غير مبالية بالجهود المناخية المحلية والإقليمية، وهو ما يدفعهم إلى التغافل عن الحلول التي أثبتت جدواها. في مؤتمر الأطراف 28 وفي السنوات المقبلة، ينبغي للقادة المحليين أن يحظوا بصوت متساو في المناقشة والقدرة على الوصول إلى الموارد التي يحتاجون إليها لاتخاذ تدابير حاسمة. قد تكون الشراكة الحقيقية بين الحكومات الوطنية ودون الوطنية المفتاح الذي يطلق العنان لتدفق ثابت من تمويل المناخ. ومن خلال العمل الجماعي، يصبح بوسع القادة المحليين والوطنيين ممارسة قدر أعظم كثيرا من النفوذ والتأثير على المؤسسات العالمية، بما في ذلك الأمم المتحدة، وبنوك التنمية المتعددة الأطراف، والحكومات التي تمتلك الوسائل اللازمة للتعجيل بفرض حلول تمويل العمل المناخي.
يجتمع عمد ورؤساء بلديات العالم على نحو متزايد على إيصال هذه الرسالة بصوت موحد. وعلى هذا، فقد عملت منظمة C40 قبيل انعقاد قمة العمل المناخي المحلية في إطار مؤتمر الأطراف 28 على تحديث نموذج القيادة الذي تنتهجه ليشمل رئيسين وليس رئيسا واحدا فحسب. والآن يشارك في رئاسة الشبكة عمدة مدينة لندن وعمدة مدينة فريتاون، وهو الترتيب الذي يمثل على نحو أفضل رؤى وتجارب شعوب العالم. يوفر مؤتمر الأطراف 28 الفرصة للبناء على قيادة عمدة مدينة لندن صادق خان، الذي ساعد أثناء توليه منصب رئيس مجموعة C40 في السابق على ضمان تخصيص ثلثي ميزانية المنظمة لتعزيز العمل المناخي في الجنوب العالمي، حيث التأثيرات المترتبة على تغير المناخ هي الأشد والأعظم خطورة.
الحق أن القادة المحليين في مختلف أنحاء العالم يثبتون أن الحكومات المحلية والوطنية قادرة على تحقيق تقدم كبير والمساعدة في حماية المستقبل، شريطة أن نعمل على تسخير مواطن قوتنا جماعيا، وتجميع مواردنا، والاتحاد بروح الشراكة الحقيقية.
مايكل آر بلومبرج المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لطموحات المناخ وحلوله.
إيفون آكي سوير الرئيس المشارك لمنظمة C40 Cities، وعمدة مدينة فريتاون، سيراليون.
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مؤتمر الأطراف 28 العمل المناخی الأمم المتحدة تغیر المناخ
إقرأ أيضاً:
الإمارات تختتم مشاركتها في”COP29″ وتهنئ أذربيجان على نجاح استضافة المؤتمر
اختتمت دولة الإمارات العربية المتحدة مشاركتها الناجحة في مؤتمر الأطراف “COP29” الذي احتضنته دولة أذربيجان الصديقة، حيث سلطت الضوء على التزامها المستمر بالعمل المناخي العالمي ومواصلة البناء على إرث مؤتمر الأطراف “COP28”.
وشهد افتتاح القمة العالمية للعمل المناخي، حضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” .
وشارك وفد دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل فاعل في مختلف أعمال المؤتمر، بما في ذلك تسليم رئاسة مؤتمر الأطراف إلى أذربيجان في اليوم الأول، والمشاركة في الجلسات المفتوحة، والحوارات رفيعة المستوى، والعروض والمناقشات في جناح الإمارات تحت عنوان “نسرع العمل معًا.
واستنادًا إلى إنجازات رئاسة مؤتمر الأطراف “COP28”، تؤكد الإمارات التزامها المستمر بدورها الفاعل والطموح في ريادة العمل المناخي عالميًا.
وخلال مؤتمر الأطراف “COP29”، أظهرت دولة الإمارات بفخر تفانيها الراسخ في دعم المبادرات البيئية المستدامة والمؤثرة في جميع أنحاء العالم.
وقال سعادة عبد الله بالعلاء، مساعد وزير الخارجية لشؤون الطاقة والاستدامة: لطالما كان العمل المناخي جزءًا من نهج الإمارات منذ تأسيسها ، مشيرا إلى الإنجازات غير المسبوقة التي شكّلت في مؤتمر الأطراف ”COP28″ واتفاق الإمارات التاريخي خارطة طريق لرؤية الأولويات المناخية وفهمها.
وأضاف : أن التعاون العالمي هو محور العمل المناخي، وسنواصل تعزيز قيمة الاتفاق الذي وقعه 198 طرفًا في دبي مؤكدا أن هذا الإرث سيظل مستدامًا بفضل معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، رئيس مؤتمر الأطراف “COP28”، وفريقه العامل ، الذين كانت رئاستهم لذلك العام مثالًا يُحتذى به لإنجازاتهم العديدة.
وتابع سعادته: نهنئ أذربيجان على استضافة هذا الحدث وجمع العالم في مؤتمر الأطراف لفتح أبواب الحوار والتركيز على القضايا المناخية الحيوية في عصرنا الحالي. حيث شهد المؤتمر تحقيق تقدم ملحوظ في مجالات متعددة، بما في ذلك تفعيل صندوق الاستجابة للخسائر والأضرار الذي بلغ إجمالي تمويله حاليًا 850 مليون دولار.
وأضاف : مع تطلعنا إلى “COP16” في الرياض ومؤتمر الأطراف “COP30” في بيليم، نجدد التزامنا بالسعي لتحقيق مزيد من التوافق العالمي والتعاون لإيجاد الحلول وتنفيذها.
مثّل دولة الإمارات في مؤتمر الأطراف “COP29” وفد رفيع المستوى ضم أكثر من 1000 من الشخصيات البارزة، من بينهم وزراء ومسؤولون من جهات شاركت في مؤتمر الأطراف “COP28، إلى جانب ممثلين عن ديوان الرئاسة، ووزارة التغير المناخي والبيئة، ووزارة الخارجية، ووزارة الطاقة والبنية التحتية ووزارة الصحة ووقاية المجتمع.
وضم الوفد شخصيات بارزة في مجال العمل المناخي الإماراتي، على رأسهم الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ومعالي عبدالرحمن بن محمد العويس وزير الصحة ووقاية المجتمع ، ومعالي الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة، ومعالي مريم بنت محمد المهيري، رئيسة مكتب الشؤون الدولية في ديوان الرئاسة، والشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، الرئيس التنفيذي للمُسرعات المستقلة لدولة الإمارات العربية المتحدة للتغير المناخي، وسعادة عبد الله بالعلاء، مساعد وزير الخارجية لشؤون الطاقة والاستدامة وسعادة رزان المبارك، رائدة الأمم المتحدة لتغير المناخ لمؤتمر الأطراف “COP28”، والعديد من المسؤولين من جهات وهيئات مختلفة.
واستقبل جناح الإمارات من سفراء الجناح والفريق، على مدار أسبوعين، آلاف الزوار في المنطقة الزرقاء، حيث شاركوا في نقاشات متنوعة.
وعكس هذا التنوع التفاعل الكبير العالمي والتعاون الوثيق في مناقشة القضايا المناخية الحيوية عن الإعلان التزامات استثمارية إضافية بقيمة 29.2 مليار دولار، إلى جانب 129 مشروعاً ابتكارياً سريعاً وأكثر من 800 شريك عالمي.
وتم تعيين الشيخة شما بنت سلطان آل نهيان رئيسة لمبادرة “صفر نفايات”، فيما وقعت “مصدر” أيضًا اتفاقية شراء الطاقة مع مركز التسوية المالية لدعم مصادر الطاقة المتجددة “LLP” لمزرعة رياح في كازاخستان.
وشكّل الجناح الإماراتي منصة متميزة لتوقيع العديد من مذكرات التفاهم. وتفتخر دولة الإمارات بتوقيع إعلانات تتعلق بالأولويات المناخية الرئيسية، بما في ذلك نداء الهدنة لمؤتمر الأطراف “COP29” والتعهد العالمي لتخزين الطاقة والشبكات، وتعهد الطاقة الخضراء، ومناطق وممرات الطاقة الخضراء، وإعلان الهيدروجين، وإعلان العمل الرقمي الأخضر،
كما استضاف جناح الإمارات مناقشات محورية عبر 62 برنامجًا خلال المؤتمر، مما يعكس التزامًا مشتركًا بإيجاد حلول مشتركة لبناء المرونة المناخية في جميع أنحاء العالم ، فيما ضم البرنامج أكثر من 255 متحدثًا من خلفيات متعددة، بما في ذلك دبلوماسيون إماراتيون وخبراء في مجال المناخ ومسؤولون حكوميون وقادة القطاع الخاص وأكاديميون وشباب ، فيما حضر قادة الفكر الدوليون والمشاركون في مؤتمر الأطراف “COP29” لتبادل الأفكار والمشاركة في حوارات مدروسة وتبادل وجهات النظر العالمية حول القضايا المناخية الملحة الحالية.
واستضافت حملة الإمارات/المناخ التابعة للمكتب الوطني للإعلام برنامجين إضافيين في بيت الأهداف: مائدة مستديرة لتمويل المناخ بقيادة سعادة ماجد السويدي، الرئيس التنفيذي لصندوق ألتيرا، وحضرها ممثلون عن “EY” ومؤسسة روكفلر ومؤسسة غيتس، بالإضافة إلى مندوبي الشباب في مؤتمر الأطراف “COP28”، وقادة تمويل المناخ.
كما استضافت دولة الإمارات حلقة نقاش حول “تأمين الغد: تسريع العمل من أجل المرونة المائية للجميع”، مع التأكيد على الدور الحاسم للمياه كأساس للتنمية والحياة، وقادت شيماء قرقاش، مديرة إدارة الطاقة والاستدامة بوزارة الخارجية الإماراتية، المحادثة، بمشاركة غاري وايت، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة “Water.Org”.
وتستمر أعمال العمل المناخي الحيوية لدولة الإمارات مع أسبوع الغذاء العالمي في أبوظبي هذا الأسبوع “26-28 نوفمبر الجاري ”، لمناقشة الشركاء الوطنيون والدوليون الأمن الغذائي من أجل التحول العالمي لتسليط الضوء على بناء أنظمة غذائية آمنة ومستدامة.
وسيكون فريق الإمارات/المناخ ، في هذا الأسبوع ، في الميدان مرة أخرى، وهذه المرة في مؤتمر “COP16 ”بالرياض، المملكة العربية السعودية.وام