«العنف يبدأ بفكرة.. بالوعي نقدر نغلبها»| تجربة نجاح لسيدة مصرية «بدأت بفكرة»
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي حملة الـ 16 يومًا لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، تحت شعار « العنف يبدأ بفكرة..بالوعي نقدر نغلبها»، حيث تستمر الحملة حتي العاشر من ديسمبر الجاري، وذلك بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يوافق 10 ديسمبر من كل عام، وينفذ الحملة برنامج «وعي للتنمية المجتمعية»، بالمشاركة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والاتحاد الأوروبي، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي «جي آى زد».
تصحح الحملة الأفكار والمعتقدات السلبية المؤدية لاستمرار أشكال العنف ضد المرأة.. وتقدم المعرفة الصحيحة العلمية والاجتماعية والدينية للرد على مثل هذه الأفكار والمعتقدات، وتركز على على قضايا النساء اللاتي تتعرضن للاستغلال الاقتصادي في بيئة العمل أو العنف المنزلي، والنساء ذوات الإعاقة وما تتعرض لهن من الاستغلال أو التنمر أو التهميش.. والنساء اللاتي تتعرض للاضطهاد والحرمان من الحقوق نتيجة الأفكار الدينية والاجتماعية المتطرفة.
كما تركز على الرائدات الاجتماعيات سفيرات وجنود الوزارة في الميدان وفي جميع أنحاء الجمهورية بما يشمل القرى والنجوع والمناطق الحضرية والنائية وشريكات في مكافحة جميع أشكال العنف ونقص الوعي.
ومن قصص النجاح المميزة التي تظهرها الحملة وفاء عبد الغني البكري، إحدى فناني معرض ديارنا للحرف اليدوية والتراثية الذى تتبناه وزارة التضامن الاجتماعي، وهو المعرض الذى لا يشترط سنا معينا للمشاركين، الأمر الذى أتاح لها المشاركة فيه.
وفاء كانت موظفة بأحد البنوك الكبيرة، ثم أرادت أن تتعلم وتصنع لنفسها مشروعا خاصة من هواية فنية يدوية تراثية مميزة، لكنها فوجئت بأن الكثير من فرص التدريب والحصول على القروض وغيرها، تشترط ألا يزيد سن المستفيد عن 60 سنة.
اخترت المعاش المبكر لأعمل فيما أحب
لايمكن أن تجد في جناح وفاء عقدا يشبه الآخر، لا في التصميم ولا في توليفة الألوان، ولا في تناغم الحليات والمعادن والأحجار الكريمة التى تربط بينها بغرز الكروشيه، التى تعلمتها بعد أن تركت عملها واختارت"المعاش".
وفاء عبد الغني البكري، صاحبة الـ66 سنة، كانت محاسبة في بنك الإسكندرية، وتدرجت في العمل المصرفي، حتى سن الخمسين، وقتها قررت أن تقدم طلبا لانهاء مشوارها الوظيفى والحصول على "المعاش المبكر".
وقالت: وظيفتي في البنك كانت تقتضي أن أعمل لساعات عمل طويلة طوال أيام الأسبوع، وأحيانا كنت أصل لبيتي لأنام وأستيقظ لأذهب للعمل وهكذا، فكنت كثيرا ما أشعر أن عمرى يسرق مني، ولا أشعر أني عايشة، وتصادف أن كان في هذه الفترة إمكانية أن يطلب الموظف الحصول على المعاش المبكر قبل سن الستين، مقابل الحصول على نسبة أقل من قيمة المعاش، فتقدمت للحصول عليه، وبعدها شعرت أن بامكانى أن أعيش حياتى من جديد".
شرط الـ 60 سنة حرمنى من تدريبات مهمة
بعد المعاش المبكر، وكأبطال الروايات التى يبحث أصحابها عن بداية جديدة، في أماكن لم تطأها أقدامهم من قبل، سافرت وفاء إلى أكثر من مكان كسياحة، تركيا والهند ولبنان وسوريا وأمريكا، وعندما عادت وجدت أختها الأكبر منها قد عادت لهوايتها القديمة في شغل الكروشيه، كانت الأخت أيضا مصرفية ووصلت لسن المعاش القانونية "الستين"، فطلبت وفاء منها أن تصنع لها بعض الإكسسوارات، فهي تحب أن تتأنق لتشعر بالجديد دوما.
وأشارت: "كنت غاوية اكسسوار، يعني غاوية ألبس مش أعمل، مكنتش بعرف أمسك الابرة، كان عندي عقد لؤلؤ طبيعي وطلبت من أختي تحطلي عليه وردات بطريقة معينة بالكروشيه، وبعدها قلت لها علميني، عشان أقدر أنفذ الأفكار اللي في مخي، وعملت هي عقد كروشية كامل، وبعدها بدأت أدخل أحجار كريمة، وخرز وغيرها من الخامات مع الكروشيه، ولقيت أصحابي بيطلبوا منى وبيشتروا منى، ونزلت معرض مع صديقة تعمل في الأخشاب فوجدت استحسان من الناس، لكن لما بدأت أبحث عن تدريبات للشغل اليدوى وللتسويق، وفرص للحصول على قروض، لقيت كلها بتشترط أن يكون السن أقل من 60 سنة، وده حرمنى من تدريبات مهمة، كانت ممكن توفر علي وقت وجهد كبير، ياريت الفكر ده يتغير، لأن فيه سيدات كتير ورجال طبعا عدوا الستين وهم اللي لسه بيعولوا أسرهم، وأولادهم بيكونوا لسه في التعليم، وبيكون عندهم طاقة وصحتهم كويسة وقادرين على العمل، اللي في سن الستين دلوقت يقدروا يشتغلواوينتجوا، مع زيادة الأعمار وتوافر الرعاية الصحية".
«ديارنا» أشعرنى أن الدولة تفتح أبوابها لكبار السن
بابتسامة رضا وحماس، تحكي وفاء تجربتها مع معرض ديارنا للحرف اليدوية والتراثية، "أحلى حاجة في ديارنا إن الدولة بتفتح أبواب لأصحاب السن الكبير وبتهتم تستفيد بخبراتهم، وده اللي حسيته لما رحت أطلب أشترك في معرض ديارنا، وعرفت إن مافيش أى شرط للسن".
رغم أن وفاء بدأت مشروعها قبل 10 سنوات، لكن مازالت تعمل بمفردها، قائلة: "بشتغل لوحدي، لسه باعتبر شغلي هواية، مش بكسب كتير لكن كمان مش بخسر، والأهم هو القيمة المعنوية، إني باستمتع بشغلى وفني، وبياخد وقتي وتفكيري، وبيعطيني طاقة إيجابية مهولة، خاصة لما الناس بتيجي معرض ديارنا وتنبهر بشغلي، وقتها باقدر أشتغل تاني وأعمل تصميمات جديدة، عشان الناس بتحب دايما الجديد، ولما أقابل من كانوا زملائي زمان في البنك وفي نفس سني، ألاقي إني أنشط منهم وعندي طاقة وقادرة أنتج، وشكلي وأدائي بشكل عام أفضل من اللي قعدوا في البيت بعد المعاش".
الشغل خلاني مقبلة على الحياة
تشعر وفاء أنه لا فارق بينها وبين أى فنان أوفنانة من عارضي ديارنا من الشباب، وأوضحت: " إحنا الاثنين بنفيد بعض وبنستفيد من خبرت بعض، الصغار والكبار يتبادلون الخبرة والمعرفة، والأهم إني وجودي بين العارضين والزائرين بيخليني مقبلة على الحياة، وإن فيه قيمة للحياة، وبكون مبسوطة لما بشوف زملائي في المعرض اللي باعرفهم من 10 سنوات تقريبا، وكمان اتعرف على فنانين جدد في كل معرض ومن مختلف محافظات مصر، وفي مختلف الفنون، واستمتع بتأمل ما أنتجته أناملهم".
تحاول وفاء أن تعلم بعض من زميلات العمر، بعد أن رأين أن تجربتها تستحق أن تعاش، "صاحبتي من أيام المدرسة أولادها كبروا، جت وقالتلي علميني، أنا مضايقة من قعدة البيت، وزهقت من اني بروح النادي وبرجع ومش بعمل حاجة، وبحاول أعلمها، لو كل واحد عنده طاقة يعمل حاجة الدنيا هتتغير، بالنسبة لنا وبالنسبة للناس اللي بنفيدهم بشغلنا".
تتمنى وفاء أن تتبنى وزارة التضامن الاجتماعي اقتراحها بتخصيص أحد معارض ديارنا للعارضين من كبار السن فقط، ليرى الناس ما تنتجه أيديهم، وأيضا يرى الجميع أن كبير السن أيضا قادر على العمل والانتاج والإبداع، "ياريت يكون شعار المعرض ده، "الحياة حلوة تستحق نعيشها"، وتستحق نفهمها.
لازم الدولة تطبق غرامة كرسي كبار السن
تستخدم وفاء مترو الأنفاق كوسيلة مواصلات آمنة وسريعة، خاصة لمن يريد أن يشترى خامات من وسط البلد مثلها، وهي تستحسن استحداث طابور لكبار السن عند شراء التذاكر، "زى بعض البنوك بكون فرحانة لأنهم بيخصصوا طابور لكبار السن في أى معاملة من معاملات البنك، وكمان فرحت لما لقيت في عربات المترو مقاعد مخصصة لكبار السن، لكن للأسف يجلس عليها الشباب، والمفروض اللي يقعد على المقاعد دي يدفع غرامة، لأنه بيمنع كبار السن ياخدوا حقهم اللي الدولة خصصته لهم، ولما الدولة تطبق الغرامة، هيبقى فيه احترام لمقاعد كبار السن، زمان كان في احترام لكبير السن والشاب اللي قاعد يقوم ويقعده، دلوقت مفتقدين الثقافة دي، ولازم ترجع وتكون البداية من المدرسة".
مصاريف الكشف والعلاج أكثر حاجة تقلقنا
أكثر ما يقلق وفاء وزملائها من أصحاب المعاشات، هو أن تتأثر خدمات التأمين الصحي التى تحصل عليها من جهة عملها السابقة، "أحيانا نسمع أن جهات عملنا يمكن تغير طريقة تعاملها في التأمين الصحي معنا، وأتمنى أن يكون التأمين الصحي بما فيه الكشف والعلاج مجانا لمن يتجاوز الستين بصرف النظر عن جهة عمله، أو حتى لمن لم يكن موظفا أو عاملا، خصوصا لما يكون المعاش قليل، الاكل يتقضي والعيشة كلها عادي، إلا المرض أصعب حاجة".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: وزارة التضامن الاجتماعي حملة الـ 16 يوم ا لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات معرض ديارنا برنامج وعي برنامج الأمم المتحدة الإنمائى الاتحاد الأوروبي المعاش المبکر معرض دیارنا لکبار السن کبار السن
إقرأ أيضاً:
دمشق تفتح ذراعيها لاستقبال حياة جديدة رغم الدمار
شرق العاصمة دمشق، يتشبث السوريون بالحياة على أطلال منازلهم، مدفوعين بآمال في مستقبل واعد دفعوا ثمنه باهظا خلال سنوات من الحرب التي شنها نظام الأسد المخلوع وحلفاؤه.
وفور سقوط النظام، بدأت عجلة الحياة تعود إلى الغوطة الشرقية رويدا رويدا، وبدأ السوريون بالعودة مع ما يمتلكونه لتفقد منازلهم والعيش فيها، بعد سنوات من النزوح.
وقال سكان بالمنطقة إن جنود نظام الأسد نهبوا كل شيء في المنازل، بما في ذلك الرخام، وبلاط الأرضيات والأسلاك الكهربائية وحتى القضبان الحديدية داخل الكتل الأسمنتية للأبنية.
وتنتشر في أحياء شرق دمشق بقايا البراميل المتفجرة وقذائف الهاون والمدفعية، وتُظهر آلة الحرب حجم الدمار والثمن الباهظ الذي دفعه السوريون في نضالهم لإنهاء حكم نظام البعث الذي استمر 61 عاما.
مدن أشباح
وفي حي جوبر البالغ عدد سكانه سابقا 300 ألف نسمة، تحولت الأزقة والشوارع إلى مدن أشباح بعد مغادرة معظم السكان بسبب الدمار الكبير.
وفي حي حرستا، يلفت الأنظار وجود الزهور ونباتات الزينة على شرفات ونوافذ القليل من المنازل وسط كومة من الركام تروي قصة تشبث السوريين بالحياة والأمل في غد أفضل.
وكان حي حرستا يضم نحو 250 ألف نسمة، حسبما أكده سكان محليون، بقي منهم الآن قرابة 10 آلاف فقط.
إعلان
مرحلة البناء
بين أنقاض المنازل المهدمة، تحاول أم وفاء (60 عاما)، وهي أم لخمسة أبناء، التشبث بالحياة بعد أن غادرت حرستا عام 2012 وعادت إليها عام 2019.
وقالت أم وفاء إن جنود نظام الأسد اعتقلوا ابنها (30 عاما) في نقطة تفتيش عام 2012، وبحثت عنه في السجون كافة، ولم تعثر عليه.
وتذكرت في حديثها كيف كان جنود نظام الأسد يعاملونها ويفتشون حقائبها قائلة: "كانوا يعاملوننا كالغرباء والأعداء في وطننا، والخوف يلازمنا دائما".
وأكدت أم وفاء استعدادها للعيش في منزلها وسط الركام لـ100 عام أخرى، قائلة: "الظلم انتهى؛ الشباب سيعودون، وأبناء هذا الوطن سيعيدون بناء كل شيء من جديد".
وأشارت إلى أن الأوضاع تتغير بسرعة نحو الأفضل رغم مرور أيام قليلة فقط على تحرير دمشق، فقد كان المواطنون ينتظرون 5 ساعات للحصول على خبز، والآن لا يستغرق الأمر 10 دقائق.
ودعت أم وفاء العالم لتهنئة السوريين بزوال الظلم عنهم، ووصفت العيش بسوريا في ظل نظام الأسد بأنه "عيش في منفى داخل سجن كبير، إلا أننا الآن نلنا الحرية".
حرب سلبت الحياة
أما حميد حسين (19 عاما) فعاد مع والديه إلى حي حرستا عام 2019، مشيرا إلى أنّ الكهرباء تأتي مرة واحدة في الأسبوع.
ووصف حسين سنوات الحرب بأنها سلبت طفولته، معربا عن عزمه استكمال تعليمه لتحقيق هدفه في أن يصبح مهندسا معماريا، من أجل إعادة بناء حيه ووطنه ومستقبله.
وفي الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.