اليوم الوطني العماني
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
بقلم/ فوزى مخيمر
كاتب صحفى مصرى
عز علي أن لا ألبي دعوة صديقي الصحفى السابق والدبلوماسي الحالي السفير عبد الله الرحبي سفير سلطنة عمان لدى القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية للمشاركة فى الاحتفال السنوى للسلطنة بالذكرى الوطنية العزيزة على قلوب العمانيين، وهى ذكرى 18 نوفمبر 1975م يوم انتهى فيه الصراع بين المتمردين والحاكم الجديد للسلطنة خريج ساند هيرست الكلية العسكرية بلندن الشاب حينها وهوالسلطان قابوس بن سعيد وتولى مقاليد الحكم فى عمان وانتهاء الانقسام الداخلى والقضاء على حركات التمرد ( جبهة تحرير عمان)،( جبهة تحرير ظفار) وغيرهما.
أعود الى قصتى وصديقى السفير عبد الله الرحبي، فهو خريج قسم الإعلام كلية الأداب جامعة الإسكندرية منتصف الثمانينيات، عاد إلي بلاده فور تخرجه مزهوا بنفسه وكان له الحق فهو من الرعيل العمانى الأول الذى درس الإعلام فى واحدة من أعرق الجامعات، دخل علي فى مكتبي بجريدة الوطن العمانية بتوجيه من صاحب الصحيفة للانضمام إلى فريق العمل، واستمر معنا قرابة شهر، ابدع فيها، وظهرت موهبته الصحفية، وفجأة اختفى عن الأنظار، ولم التقيه إلا عندما عين سفير لبلاده بالقاهرة منذ نحو ثلاثة سنوات.
وبعد عودتى من مهمتى فى عمان 1987م يوليو بعد خمس سنوات هناك، تواصلت علاقاتى بالسلطنة حتى اليوم وسفراءها بالقاهرة على التوالى عبد الله بن حمد البوسعيدى، عبد العزيز الهنائي، خليفه الحارثي وكيل الخارجية العمانية حاليا، ود. على العيسائى الذى لم تكتمل مدته وعين نائبا فى مجلس عمان، وعبد الله الرحبي السفير الحالي، والذى بادر فور اعتمادة بدعوتنا للقاءه.
المواقف العمانية والحق الفلسطينى
قد يستغرب البعض من المواقف العمانية القوية الداعمة للحق الفلسطينى وحقه فى المقاومة لنيل حقوقه المشروعة فى وطن مستقل ودولة ذات سيادة، فقد بدا ذلك واضحا فى الهبات الكبري للشعب العمانى فى ولايات السلطنة وفى الصحف العمانية وفى مقدمتها "الرؤية" تأييدا للمقاومة الفلسطينية بعد العدوان الإجرامى ضد غزة والإبادة الجماعية التى تتعرض لها من قبل الجيش الإسرائيلى.
وتقدم الصفوف بحمية وبعلم وبوطنية وبغيرة على الدين الإسلامى مفتى عام السلطنة الشيخ أحمد الخليلي والذى يحظى بحب واعتزاز واسع من الشعب العمانى والقيادة العمانية، وادلى بشهادات بحق الفلسطينيين فى مقاومة المحتل، وتجاوب مع القنوات الفضائية ليعلن على الدنيا أن المقاومة حق مشروع، وأن حل الدولتين تخدير للشعوب العربية.
ولأن الشيخ أحمد الخليلي ممن عانوا من الابعاد عنوة عن مسقط رأسه فى جزيرة زنزبار نهاية 1962م على يد الثائر جوليوس نيري، وشعوره بالاضطهاد والتشدد رغم عودته إلى وطنه الأم فى سلطنة عمان، إلا أنه عانى من مرارة البعاد .
كما أن الغالبية العظمى من الشعب العمانى قد كابدو مرارة البعاد عن الوطن قبل ثورة النهضة التى قادها الراحل العظيم السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه والذى اعاد لم شمل العمانيين المنتشرين فى دول الجوار ولكنهم يشعرون بالاغراب وأكثر، فشعب ذاق مرارة الابعاد والفراق عن الاهل والوطن لايقبل ذلك على غيرة وخاصة من ابناء امته ودينه.
وما الدبلوماسية العمانية الا انعكاس أمين لنبض الشعب العمانى ، والتناسق والتناغم واضح بين كل الاطياف فى السلطنة، فالمواقف والرؤى واحدة .
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: عبد الله
إقرأ أيضاً:
فتاوى: يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
- السائل يقول: لماذا استخدم الفعل الماضي في قوله تعالى: "أتى أمر الله فلا تستعجلوه"، مع أن الأمر لم يتحقق بعد؟
في قول الله تبارك وتعالى في مطلع سورة النحل: "أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون"، أنزل المتوقع حصوله منزلة الواقع الحاصل يقينًا، وهذا يصلح له الفعل الماضي، وهذا أسلوب في العربية معروف، وهو إنزال ما يُتوقَّع حصوله مستقبلاً منزلة الواقع فعلاً، للدلالة على أن المتوقع حصوله واقعٌ قطعًا لا محالة، ولا ريب ولا شك في وقوعه وحصوله، وكأنه قد حصل، فهذا من بلاغة كلام الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم، وهو إنزال أو استعمال الفعل الماضي للدلالة على الوقوع والحصول لأمر مستقبلي، بدليل أن الآية نفسها قالت: "فلا تستعجلوه".
وهذا التركيب، وهو النهي عن الاستعجال، دليل على أن أمر الله تبارك وتعالى لم يقع بعد، ولكن استعمال صيغة الماضي لتأكيد أنه حاصل لا محالة، واقع، وإن كان سيقع ذلك في المستقبل، لكن لا ريب في حصوله، ولا شك في أنه واقع.
والآية الكريمة فيها جملة من الصور البلاغية التي قد لا ينتبه لها الناس، منها: إسناد الأمر إلى الله تبارك وتعالى، ففي ذلك تعظيم وتخويف للمخاطبين، وفي صدارة أغراض سورة النحل، هو التوعُّد للمشركين، وبيان عاقبة أمرهم إن استمروا على الشرك والطغيان، ولذلك ناسبت هذه المقدمة؛ لأنه في سياق الوعيد، لا بد أن يكون ما يُتوعدون به مقطوعًا بحصوله، وأن الأمر كله بيد الله تبارك وتعالى، الذي لا ريب في حصول ما يتوعَّد به عباده، كما لا شك فيما يعد به عباده الصالحين.
ولذلك قال: "أتى أمر الله"، ثم نهى عن الاستعجال فقال: "فلا تستعجلوه"، وهذا ملحظ لطيف ذكره بعض المفسرين، أن هذا النهي يمكن أن يُحمل على معنى التسوية، أي أن استعجالكم لأن السياق سياق وعيد لا يغيِّر في هذه الحقيقة شيئًا، وهذا يُسمَّى التسوية، كما أن الأمر يأتي للتسوية في قوله تعالى: "استغفر لهم أو لا تستغفر لهم، إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم"، فالنهي كذلك هنا يحمل معنى التسوية.
هذا هو المعنى اللطيف، لأنهم لم يذكروا معنى التسوية في سياق النهي، لكن كما قلت، بعض المفسرين يقول بأن من معاني النهي أيضًا التسوية،، فإن استعجالكم أو عدم استعجالكم سواء، لا تغيِّرون من هذه الحقيقة اليقينية الثابتة، وهي وقوع أمر الله تبارك وتعالى، وإتيان أمره جل وعلا، لا تغيِّرون شيئًا.
هذه بعض اللطائف المحتفة بهذا الموضع فقط من الآية الكريمة، حتى لا نطيل كثيرًا، هناك من المفسرين من يقول بأن إتيان أمر الله عز وجل بإتيانه، أي بمجيء مبادئه ومقدماته، وعلى هذا فإن معنى قوله: أتى أمر الله، أي أن هذه العلامات والمقدمات قد حصلت فعلاً، فهؤلاء ليسوا في حاجة إلى أن يقولوا بأن هذا الأمر أمر مستقبل، أي أنه قد نُزل منزلة الواقع، باعتبار حصول مبادئه ومقدماته.
ومنهم من يقول بأن معنى الإتيان هنا في قوله: أتى أمر الله فلا تستعجلوه، أي أن الفارق بين القول الأول والقول الثاني، حتى نقترب إلى القول الثالث، أن القول الأول يرى أن أمر الله تبارك وتعالى يقع مستقبلاً، لكن استعمال الفعل الماضي يفيد أنه حاصل فعلاً وواقع دون شك؛ لأنه من عند الله تبارك وتعالى، فلا مجال للارتياب فيه أو التشكيك، فنُزِّل الحدث المستقبلي منزلة الحدث الماضي الذي وقع فعلاً.
أما القول الثاني، فإنه يرى أن مقدماته قد حصلت، ولذلك قيل: أتى أمر الله، والقول الثالث هو باعتبار الأسباب، أي أن أسبابه قد قامت، وذلك بإنزال الكتاب، وبإرسال نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبما جاء به من النذر، وبإرساله نذيرًا وبشيرًا، فإن هذه الأسباب كلها قد قامت، فإذا قامت الأسباب قامت المسببات، وكلها أقوال حسنة، لكن الذي يرجح القول الأول هو أن التفريع في قوله: فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون، يدل على أنه نهي عن الاستعجال، وهو نهي دخل على الفعل المضارع، مما يدل على أن أمر الله تبارك وتعالى لم يقع بعد.
أما المخاطبون هنا، فمنهم من قال إنهم المشركون، وذلك بدليل قوله: فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون، وهذا أيضًا على قراءة الفعل المضارع بالياء لا بالتاء، فإن قيل إن المخاطبين هم المشركون، ففي الآية التفات، لأنه قال: فلا تستعجلوه، وهذا خطاب للحاضرين، ثم قال: سبحانه وتعالى عما يشركون، فجاء الكلام بصيغة الغائب، وهذا تأكيد لمقدم الآية عند هؤلاء، لأنهم لما أعرضوا ولم يلتفتوا إلى هذا الوعيد، مع أن النذر قائمة، وأنزل هذا الأمر المتوعد به منزلة الحاصل الواقع، قامت الحجة عليهم، ولخسة منزلتهم، لم يعودوا في منزلة من يصلح للخطاب، فخوطبوا مخاطبة الغائب، وكأنه يخاطب غيرهم، وكأنه يقول: انظروا إلى صنيع هؤلاء الذين يشركون! وقيل بأن الخطاب إنما هو للمؤمنين، وهذا أيضًا تعريف بأحوال المشركين، وعلى هذا فليس هناك التفات، والله تعالى أعلم.
- السائل يقول: ما حكم الدعاء ببسط بطون الأيدي إلى السماء؟
الصحيح جواز ذلك، لما ورد في مواضع عديدة من سنة رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم - مما يشهد لهذا الفعل بالصحة، فقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يرفع يديه في الدعاء، وكان أشد ما يرفعهما في الاستسقاء، حتى يظهر بياض إبطيه صلى الله عليه وآله وسلم، وقد تقدم في جواب سابق أنه في حالة الاستسقاء، كانت بطون كفيه إلى الأرض، وظاهر يديه إلى السماء، وأن ذلك يكون بصورتين: الأولى: الصورة المتصورة عند الناس، وهي أن تكون البطون إلى الأرض، والظاهر إلى السماء، والثانية: أنه من شدة رفعه ليديه، يبلغ رفعهما إلى أن تكون البطون مواجهة للأرض، نعم، وهذا أقرب في الصورة.
لكن لا يقتصر الأمر في رفع اليدين على حالة الاستسقاء فقط، فقد ورد ما يدل على أنه كان يرفعهما في حالات أخرى، لكن جماهير أهل الحديث وشراح هذا الحديث قالوا: أي أنه لا يبالغ في رفعهما كما يحصل في حالة الاستسقاء، ولا يعني ذلك نفي رفعه صلى الله عليه وآله وسلم يديه في الدعاء، وأن يكون باطن كفيه إلى السماء.
وقد ورد في الحديث ذكر الرجل الذي يطيل السفر، أشعث أغبر، قال: "يرفع يديه يقول: يا رب، يا رب"، فهذا سياق يذكر فيه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - حالة هذا الداعي، ويصف اجتهاده في دعائه بأنه يرفع يديه.
ورفع اليدين لم يرد فيه مقدار معين، فيمكن أن يكون ببسط اليدين مع جعل بطونهما إلى السماء، أو مع ضمهما، وقد قيل بالبسط أيضًا، وهذه كلها أحوال وردت، كما قلت، في أحاديث كثيرة عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وكان عليه عمل أصحابه - رضي الله عنهم - ومن جاء بعدهم من التابعين وسلف هذه الأمة.
وقد ذكر الشيخ ناصر بن أبي نبهان، عن أبيه، عن الشيخ أبي نبهان رحمه الله تبارك وتعالى، أنه كان يفعل ذلك في خلواته وفي صلواته، حيث كان يضم يديه ويرفعهما إلى موضع وجهه، ويدعو، وهذا فقط من باب التمثيل، وإلا فإن أئمة الإسلام لم يُنكِروا على من يبسط يديه في حالة الدعاء،، وإنما هي أحوال.
فهناك حالة الشدة، كحالة الجدب، التي يكون معها طلب السقيا من الله تبارك وتعالى، فإن رفع اليدين والاجتهاد في الدعاء يكون أظهر وأوضح، وهناك عموم الأحوال التي يحتاج إليها الناس فيما يطلبونه ويتوجهون به إلى بارئهم جل وعلا، فيتفاوتون في مقدار رفع أيديهم، وفي جعل بطون أيديهم إلى السماء، وطلب الدعاء والضراعة من الله تبارك وتعالى، فالحاصل أن الفعل من حيث ثبوته صحيح ثابت، ولا تثريب على من فعل ذلك، والله تعالى أعلم.