العمليات البحرية ومشاريع التطبيع
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
يمانيون/ بقلم/ محمد الصالحي|
منذ عقود مضت احتدم التنافُسُ الدولي والإقليمي للتواجد في البحر الأحمر الذي يمتلكُ أهميّةً استراتيجيةً كبيرة؛ نظراً للموقع الجغرافي الذي يتمتع به؛ فهو يربط بين بحر العرب والبحر الأحمر عبر مضيق باب المندب؛ وهو ما جعله محلَّ أطماع القوى الدولية الطامعة في السيطرة على حركة الملاحة البحرية في العالم.
وقد ارتبط البحر الأحمر بالأمن القومي الإسرائيلي منذ نشأة الكيان، حَيثُ يقول بن غيريون أول رئيس وزراء للكيان: (إنني أحلُمُ بأساطيل داوود تمخَرُ عباب البحر الأحمر).
ولهذا الأهميّة كانت الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية تسعى إلى أن يكون لها منفذ على البحر الأحمر فاحتلّ كيان العدوّ الصهيوني منطقة أم الرشْراش الفلسطينية (ميناء إيلات) عام 1949م.
وتهدف إسرائيل من تواجدها في البحر الأحمر إلى كسر الحصار عليها والخروج من عزلتها ولتدعيم أهميّة ميناء أم الرشراش (إيلات) المنفذ الوحيد لها على البحر الأحمر.
وقد اتخذ التواجد الإسرائيلي في منطقة البحر الأحمر أشكالاً مختلفة منها التواجد المباشر والتواجد غير المباشر من خلال تطبيع العلاقات مع دول القرن الأفريقي، فقد نجح في استثمار علاقته مع إثيوبيا قبل انفصال إريتريا عنها، بالحصول على جزيرة دهلك في البحر الأحمر عام 1975م ليقيم أول قاعدة عسكرية، وتلا ذلك استئجار جزيرتي «حالب وفاطمة»، ثم سنشيان ودميرا.
كما أن التواجد الإسرائيلي في البحر الأحمر يؤثر تأثيراً مباشراً على الأمن القومي للجمهورية اليمنية، في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلاقاتها بجيرانها من دول القرن الأفريقي خَاصَّةً، ففي عام 1995م وبإملاء ودعم من الكيان الصهيوني قامت إريتريا باحتلال جزيرة حنيش اليمنية، لتشهد بعدها منطقة جنوب البحر الأحمر نشاطاً عسكريًّا للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية؛ بهَدفِ إنشاء محطة مراقبة لاسلكية فيها لمراقبة السفن في الممرّ لما تملكه من موقع استراتيجي يضمن اتصالات بحرية وجوية بإفريقيا والشرق الأقصى.
وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، عززت الولايات المتحدة الأمريكية ثقلها في منطقة البحر الأحمر بحجّـة حماية طرق الملاحة الدولية في إطار حملتها على ما سمّي (الحرب ضدّ الإرهاب)، فأصبح هناك تمركز صهيوني إلى جانب التمركز الأمريكي في أرض الصومال وجيبوتي.
ومع اللحظات الأولى لانتصار ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر استشعر الكيان الإسرائيلي خطورةَ إحكام السيادة الوطنية على السواحل اليمنية وخَاصَّةً مضيق باب المندب.
لذَلك كان من الأهداف الرئيسية للعدوان على اليمن السيطرة على مضيق باب المندب والسواحل والجزر اليمنية، لإقامة القواعد العسكرية في الجزر اليمنية وأبرزها أرخبيل حنيش وميون، وجزيرة سقطرى للسيطرة عسكريًّا ونارياً على الممر الدولي للملاحة البحرية بين شرق آسيا وإفريقيا.
ومع انطلاق عملية “طُـوفان الأقصى” وإمعان العدوّ الإسرائيلي في ارتكاب المجازر ضد أبناء قطاع غزة دخلت القوات المسلحة اليمنية على خط المواجهة لتغيير مجريات المعركة، فقد طالت الصواريخ اليمنية ميناء أم الرشراش وقامت القوات البحرية اليمنية بعمليات ملاحقة ومطاردة للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر حتى تمكّنت من احتجاز سفينة نقل إسرائيلية.
وبذلك فَــإنَّ دخول اليمن لخط المواجهة المباشرة مع الكيان الإسرائيلي يزيد من المخاطر المتوقعة على تواجده في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي ويصعب حركته البحرية بين المحيط الهندي والبحر المتوسط؛ مما يزيد من تكاليف نقل البضائع التجارية أضعافاً مضاعفه، ويصبح ميناء أم الرشراش (إيلات) مهدّداً بالإغلاق وسيضطر إلى استخدام الموانئ المطلة على البحر المتوسط والتي هي الأُخرى ليست في مأمن من أن تصلها صواريخ فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية وبالذي سيفرض حصاراً بحرياً على الكيان الإسرائيلي وذلك بخروج موانئه عن الخدمة؛ بسَببِ الاستهداف لها، مما سيؤدي إلى قبوله بشروط فصائل المقاومة الفلسطينية بفك الحصار عن قطاع غزة مقابل عدم استهداف موانئه.
كما أن تواجده العسكري في البحر الأحمر لن يكون ذا فائدة فلا هو استطاع حماية سفنه من الاستهداف ولا استطاع تأمين شريانه الحيوي ميناء أُمِّ الرشْراش (إيلات) المُطِلِّ على البحر الأحمر.
مما يؤدي إلى إصابة الاقتصاد الإسرائيلي بالشلل؛ مما يجعل الكيان يبحث عن البدائل، والتي سيكون منها إن لم يكن أولها الممر الهندي الذي يتطلب تطبيع العلاقات بين إسرائيل وآل سعود.
*وكيل محافظة شبوة وباحث في العلاقات الدولية والإقليمية
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر على البحر
إقرأ أيضاً:
قائد لواء الدفاع الساحلي: أمريكا بجبروتها العسكري لن تستطيع أن تواجه البحرية اليمنية
وأضاف اللواء محمد القادري لقد اعلناها للعالم كله اننا لن نسمح للعربدة الأمريكية والصهيونية وازلامهم من العملاء والمرتزقة بالعربدة في المياه اليمنية وان الشعب اليمني الذي واجه تحالفاً دولياً حاول كسره بكل الوسائل، لم ولن يكون سهل المنال لتحقيق أوهام الغزاة فمنذ الوهلة الأولى لاندلاع معركة البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب جن جنون الولايات المتحدة الأمريكية كونها ستفقد السيطرة على أهم مضيقين هما باب المندب ومضيق هرمز، وشكّلت لذلك قوة بحرية ضاربة من دول حلف الأطلسي ودفعت هي بحاملات طائرات وبوارج حربية ضاربة إلى المنطقة ولكنها فشلت وأصبحت اليوم في مرمى صواريخنا بل وتحولت من الهجوم الى الدفاع والانسحاب التدريجي الى ابعد مسافة في البحر الأحمر.
وأشار قائد لواء الدفاع الساحلي الى ان اليمن اصبح اليوم قوة مهابة في المنطقة والشيء الذي أذهل العالم أن أمريكا بجبروتها العسكري وبقية الدول في منظمة حلف شمال الأطلسي لم تستطع أن تواجه البحرية اليمنية، وبذلك تكون قد لحقت بها هزيمة منكرة وقاسية من قبل البحرية اليمنية ومن منظور الحرب الحديثة لا تستطيع الآلة العسكرية مهما كانت متطورة أن تحسم المعركة بل إن العامل الحاسم في أي معركة هو الإنسان وليس السلاح.
ونوه اللواء محمد القادري انه منذ انتهاء المهلة التي حددتها القيادة للضغط على العدو الإسرائيلي للسماح بدخول المساعدات إلى سكان قطاع غزة الذين يواجهون كارثة إنسانية غير مسبوقة منذ أكثر من 15 شهرًا، جراء العدوان الصهيوني تم استئناف حظر عبور كافة السفن الإسرائيلية وخلال أسبوع كاملا لم تعبر أي سفينة مرتبطة بالعدو الصهيوني لمعرفتهم باننا لن نتردد في استهدافها وبالتالي فان عودة العمليات العسكرية اليمنية البحرية، قد سينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد الصهيوني المنهك مع الحرب المفتوحة لا سيما بعد حالة الشلل والخسائر التي لحقت بالموانئ المحتلة من قبل العدو، وهو ما قد يؤدي إلى خسائر اقتصادية مضاعفة تفوق ما تكبده الكيان منذ بدء العدوان على غزة.
وتابع اللواء محمد القادري نعد القيادة الثورية والسياسية وكل احرار الأمة بأننا لن نكل أو نمل وسنعمل عن إسناد غزة والحصار لسفن الكيان الصهيوني ولا تراجع عن المواقف المبدئية والثابتة وسيظل اليمن بقيادته الحكيمة وإرادته الصلبة سداً يمانياً قوياً منيعاً حتى يتم إنصاف الشعب الفلسطيني وإنهاء معاناته التي تفاقمت بسبب حصاره المتوحش والصمت العربي والدولي المخزي.