كرمت كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية - الفرع الاول خريجتها مراسلة قناة "الميادين" فرح عمر، باحتفال تخلله افتتاح قاعة باسمها في الكلية، حضره وزيرا الاعلام والتربية في حكومة تصريف الاعمال زياد المكاري وعباس الحلبي، رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور بسام بدران، عميد كلية الاعلام الدكتور ابراهيم شاكر، مدير الكلية رامي نجم، زملاء الشهيدة في "الميادين" وخريجو دورتها وعائلتها وحشد من الاساتذة والطلاب والاعلاميين.



وألقى وزير الاعلام كلمة، قال فيها: "انا هنا اليوم كأب ومواطن ووزير للاعلام. شاء القدر ان نكون في حرب ضد عدو همجي لا يفهم بالمواثيق والقوانين الدولية ولا بأي شيء له علاقة بالاخلاقيات. فرح كانت رمزا للنقاء والمواطنة والمقاومة والاحتراف وللقوة وللايمان ببلدها وبرسالتها، كمواطنة وكإعلامية في قناة مقاومة".

اضاف: "منذ اليوم الاول على بداية الحرب كنت اقول دائما بأن لهذه الحرب أساسين: الحرب العسكرية والحرب الاعلامية. ويجب ألا يعتقد احد بأن قوة الكلمة والصورة اضعف من قوة القتل والصاروخ والهمجية".

وتابع: "لطالما سيطر العدو الاسرائيلي على الاعلام العالمي، لكننا وللمرة الاولى رأينا قوة الاعلام المساند لهذه المقاومة، لان لا شيء يستطيع كسر هذا العدو الا انتم ايها الاعلاميون من خلال صورتكم والكلمة التي تقولونها والحقيقة التي تنقلونها. للمرة الاولى نرى شعوبا غربية تنتفض على حكوماتها ورؤسائها، وذلك بسبب مشاهدتهم بشكل دائم ويومي ولحظوي اعلاما انتم تصنعونه".

وقال: "اليوم قررت ان اقول شيئا من قلبي، فبعد شهرين من الحرب يدفع الاعلام الثمن. في فلسطين استشهد حوالى 70 اعلاميا تقوم اسرائيل برصدهم وقتلهم. اما في لبنان فاستشهد عصام وجرح عدد من الصحافيين ممن كانوا برفقته. واستشهد فرح وربيع وحسين لانهم اغتيلوا قصدا، بهدف إسكات الاعلام الحر واسكات الحقيقة التي لا نستطيع ان ننتصر من دونها".

اضاف: "لقد شاء القدر انتم طلاب الاعلام بأن تكونوا في هذه المرحلة وان تكونوا الجنود الأول الى جانب القوة العسكرية سواء في فلسطين او في لبنان. لا شك ان كثرا منكم استوعب قوة هذا الموضوع، وقد يكون البعض منكم قد شعر بالخوف. لكن اقول لكم، اذا كان لديكم هذا الشعور الصغير بالخوف فلدى عدوكم شعورا كبيرا جدا بالخوف من كلمتكم وقوتكم وجرأتكم."

وختم: "رحم الله فرح وربيع وعصام وحسين وسأختم كما قال شقيق فرح: كلنا فرح".

بدوره، قال وزير التربية: "نلتقي هنا في كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية التي تخرجت منها فرح عمر، شهيدة الصحافة التي خطت خطواتها الأولى في المهنة من هذا الحرم الأكاديمي لتنطلق إلى رحاب العمل الصحافي بثبات. في الميدان استشهدت فرح فاختلط دمها بتراب الجنوب الصامد في وجه الاحتلال الإسرائيلي، ودفعت كصحافية مع زميلها المصور ربيع معماري وقبلهما عصام عبدالله ضريبة الدم ثمنا للحقيقة والكلمة الحرة، وهي التي كانت تدرك مخاطر هذه المهنة كشابة في عمر الورود طموحة متألقة ومثابرة".

اضاف: "هذا اللقاء هو غير كل اللقاءات والمناسبات، يحمل في طياته الكثير من الحزن والألم على فقدان صحافية لم تنس يوما أنها كانت طالبة في هذه الكلية، وهي كانت تستعد لإستكمال دراستها في الماستر. نستذكر فرح عمر ونكرم اسمها كصحافية وطالبة في الجامعة اللبنانية التي خرّجت للوطن الآلاف من الكفاءات في كل الاختصاصات وقدمت التضحيات على مذبح الوطن".

وتابع: "لقد استشهدت فرح في ميدان الجنوب وبين أهله، استهدفها القصف الإسرائيلي مع رفاقها مباشرة. هكذا وضع الاحتلال الإسرائيلي الصحافة في مرمى نيرانه، غير آبه بالقانون الدولي لحماية الصحافيين الذين يغطون الأحداث ولا المدنيين، ولا قرارات مجلس الأمن لحمايتهم. وهذا ليس غريبا على إسرائيل التي ارتكبت جرائم في حربها على غزة وفي قصفها على جنوب لبنان. وها هي قنابله المدمرة تقصف غزة مجددا وتستهدف القرى الآمنة في الجنوب، ولا ننسى بالأمس عندما قصفت المستشفيات والأحياء المكتظة بالسكان والقتل المتعمد للأطفال والنساء والمجازر الوحشية بحق الشعب الفلسطيني وضد الإنسانية".

وقال: "استشهدت فرح في الجنوب وهي ترابط على تخوم القرى لتنقل الحقيقة. وباستهدافها كما المدنيين خير دليل على أن إسرائيل لا تكترث لحرمة الصحافة ولا المدارس ولا المستشفيات، وهي تسفك كل يوم الدم الفلسطيني واللبناني إلى حد الإبادة وعلى مرأى من العالم".

اضاف: "في هذا اللقاء نستذكر فرح عمر ونكرم اسمها وتضحياتها، ولا ننسى أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف المدارس وهجّر التلاميذ والطلاب وارتكب جريمة قتل التلميذات الثلاث في سيارة والدتهم في استباحة فاضحة ضد الآمنين. وإذ ندين ممارسات الاحتلال وندعو العالم ليقف وقفة ضمير ضد الإبادة ونصرة للأطفال، فإننا في وزارة التربية والتعليم العالي نعمل بما أوتينا من إمكانات على تعزيز الصمود ومواجهة حالات النزوح عبر استيعاب التلامذة النازحين وإلحاقهم في مدارس طارئة مع أساتذتهم في مناطق عدة من الجنوب، وكذلك العناية بالتلامذة الصامدين في مناطق التوتر بحيث لا يبقى أحد من التلامذة دون علم ودون اللحاق بالسنة الدراسية الحالية".

وتابع: "إلى رفاق فرح وزملائها وزميلاتها في الكلية وفي الصحافة وفي قناة الميادين واساتذتها، وإلى أهل فرح. أقول من هذا المنبر، إنني حزين على فقدان شابة في مقتبل العمر، لكن فرح شهيدتنا عمّدت عمرها المهني القصير بالدم، وهو سيزهر حتما في كل مكان. نكرم فرح ونحن على ثقة بأن رفاقها سيحملون اسمها ويرفعون شعلتها وستبقى الجامعة اللبنانية أمينة لذكراها. ولا بد من تحية للصحافة ولهذه الكلية التي ستخرج اسماء يكملون رسالة الشهيدة".

واردف: "يا فرح في عمر الورود رحلت أسَفي عليك وعلى كل الشهداء الذين يسقطون يوميا نتيجة العدوان الغادر والآثم الذي ترتكبه آلة الحرب الإسرائيلية مدعومة بالأساطيل والأباطيل. وكأن دم اللبناني والفلسطيني المهدور لا يستحق من العالم الذي يدَّعي التحضر وقفة ضمير لوقف العدوان وإقرار الحقوق".

وختم: "رحم الله فرح وتعازينا مجددا لأهلها واسرتها الكريمة ولعائلتها الكبيرة وأهالي سائر الشهداء والضحايا".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الجامعة اللبنانیة فرح عمر

إقرأ أيضاً:

سامح قاسم يكتب | فتحي عبد السميع.. الكتابة من الجهة التي لا يلتفت إليها الضوء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ثمة أصوات في الشعر لا تُشبه أحدًا، تمضي بصمت، تتفادى الأضواء، لكنها تُقيم في جوهر الشعر نفسه، في طينته الأولى، قبل أن تمسه الأيدي وتُزَينه الصناعة. من بين تلك الأصوات، يقف الشاعر  فتحي عبد السميع، لا يطلب الحفاوة ولا يمدّ يده لجمهور عابر، بل ينقّب، يحفر، يُفتّش في الظلال، ويترك القصيدة تمشي كما لو كانت نبتة برّية نَمَت من شق في الجدار.

ليست تجربته الشعرية محض انفعال جمالي، ولا تنتمي إلى تيار بعينه، ولا تتوسل الموجة، ولا تلتصق بصيغة واحدة. بل هي ضربٌ من الحفر البطيء في الذاكرة، وفي الجغرافيا، وفي اللغة، وفي خريطة الوجود البشري ذاته. إنّها قصيدة العزلة المختارة، حيث تتحول المفردة إلى أثر، والصورة إلى قلق، والمعنى إلى سؤال.

حين نقرأ فتحي عبد السميع، لا نُفكر في الجنوب كجهة، بل كوعي. الجنوب في قصيدته ليس موقعًا على الخريطة، بل شجرة أنساب، حيث ينبت الشعر من رماد الأسطورة، ومن صدأ الأيام، ومن الذكرى التي لا تموت. نشأته في محافظة قنا، بين أطياف القرى وجراح المدن الصغيرة، صاغتْ فيه هذا التوازن العجيب بين الحنين والحذر، بين التعلق بالجذور، والارتياب من ظلالها الطويلة.

هو لا يمارس الفولكلور، ولا يستعيد الجنوب بصفته مادة خامًا، بل يُعيد كتابته من الداخل، كما لو كان الجنوب نفسه من يكتب، عبر صوته، مرثيته للزمن. ولهذا نجد في قصائده تواترًا للمكان لا بوصفه حقلًا للحنين، بل كمجالٍ للكشف، وإعادة النظر. لا نجد الجنوب في النخيل فقط، بل في صمت النسوة، في عرق الفلاح، في مكر الأمثال، في غبار الطرقات، في ضحكات العجائز الملتبسة.

إنّ الجنوب عند عبد السميع ليس ديكورًا، بل ذاكرة كونية تُختزل في لقطة: باب مغلق، ظل على الجدار، عكاز في الزاوية، مشهد يُغني عن ألف رواية.

القصيدة عند فتحي عبد السميع لا تبدأ من اللغة، بل من الصمت. ولعلّ هذا ما يمنحها تلك الهالة الخفيّة، ذلك التردد الحزين الذي يسكن خلف الصور، ويمرّ في الخلفية كما يمرّ شبح في مرآة. كأنّ الكتابة عنده ليست فعل كلام، بل طقس إصغاء. الإصغاء إلى ما لم يُقل، إلى ما اختبأ في العادي واليومي والمُهمل.

هو شاعر التفاصيل الصامتة، لا يرفع صوته، لكنه يرفع وعينا. لا يُكثر من الزينة البلاغية، ولا يستعرض عضلاته اللغوية، بل يقدّم بيت الشعر كمن يُقدّم ماءً نقيًّا خرج توا من بئر مهجورة. الشعر لديه لا يحتفل بالعاطفة، بل يراقبها، ولا ينفعل، بل يُدبّر، ولا يبني أمجاده على الخراب، بل يُنصت إليه ليعرف كيف يُشفى.

هذه النزعة إلى الإنصات تمنح شعره خصوصية ما، وتُبعده عن خطابات الشعر الجاهزة: لا رثاء أجوف، لا بطولة، لا صراخ، بل إعادة اكتشاف للبساطة كقيمة، وللعادي كمأساة.

فتحي عبد السميع ليس شاعرًا فقط، بل هو عارف، بالمعنى الصوفي للكلمة. تتجلى هذه المعرفة في اشتغاله الطويل على الأمثال الشعبية، وقدرته النادرة على تفكيكها، لا باعتبارها أقوالًا ساذجة، بل كنصوص مكثفة اختزلت أعمارًا وتجارب.

الحكمة عنده ليست خاتمةً جاهزة، بل مسارٌ للانتباه. وهو حين يقترب من الموروث، لا يحنطّه ولا يتباهى به، بل يُزيل عنه الغبار، ويُعيد إليه دفء الاستعمال، ويُخضعه لأسئلته الخاصة. ولهذا فإنّ قصيدته في جوهرها، تكتب الذات وهي تتأمل الجماعة، وتستدعي الجماعة وهي تُنصت للذات.

قلما نجد شاعرًا معاصرًا يمنح اللغة كل هذا الاحترام الهادئ. عبد السميع لا يتعامل مع اللغة كوسيلة، بل كقيمة. لا يستعجل الصورة، بل يُنضجها على نار النظر الطويل، ولا يُراكم المجاز، بل ينتقيه كمن يقطف عنقودًا واحدًا من عنبٍ كثير. في الوقت الذي يُحتفى بالجرأة الفارغة والانزياح المستهلك، تبدو لغته نظيفة، كأنّها خرجت لتوّها من الغسيل، محمّلة برائحة قديمة.

في قصائده، الأشياء تُسمّى كأنها تُنادى باسمها الأول: الباب، القمر، الغيم، الحجر، النخلة، الظل. لكنه لا يكتفي بالاسم، بل يكشف عن الروح التي تسكنه. يُعيد للأشياء براءتها المفقودة، كما لو أنّه يربّت عليها، ويُطمئنها: ما زال هناك من يراها.

ليس كثيرًا أن يكون الشاعر ناقدًا، لكن القليل منهم من يستطيع الفصل بين الصوتين. فتحي عبد السميع يفعل ذلك بتوازن لافت. نقده لا يُخضع الشعر للمنطق، بل يحاور الشعر من داخله، يستنطقه، ويضيء زواياه الخفية. وهو حين يكتب عن شعراء آخرين، لا يمارس سلطة، بل يُشبه من يُنصت، ثم يُعلّق بصدق، ولو على حساب التواطؤ النقدي السائد.

هذه المزاوجة بين التجربة الشعرية والرؤية النقدية، منحت نصّه اتزانًا فريدًا، وصيرته شاعرًا لا يمشي خلف موضة، ولا يُعاد إنتاجه. بل ظل وفيًّا لصوته، لهذا النبع السريّ الذي لا يجري في نهرٍ واحد.

في شعره، نلمح الحكاية التي لم تُروَ، النخلة التي لم تُرَ، القمر الذي لم يُكتَب، والأم التي تمشي في الحقل من دون أن تنتبه أنها قصيدة تمشي. في شعره، ينسى القارئ أنه يقرأ، ويشعر فقط أنه يصغي، وأنّ هناك شيئًا حقيقيًا يحدث، شيء نادر، لا اسم له، لكنه يُشبه الحياة حين تصير أكثر جمالًا مما ينبغي.

مقالات مشابهة

  • الإعلام السوداني والتحديات التي تواجهه في ظل النزاع .. خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية
  • سامح قاسم يكتب | فتحي عبد السميع.. الكتابة من الجهة التي لا يلتفت إليها الضوء
  • كلية الإعلام في جامعة دمشق تخرج طلاب الدورات التدريبية المتخصصة، والتي أُقيمت ‏بالتعاون مع معهد الجزيرة للإعلام
  • كلية الإعلام بجامعة دمشق تخرج طلاب الدورات التدريبية المتخصصة ‏بالتعاون مع معهد الجزيرة للإعلام
  • طالبة من اللبنانية.. ديا جرجورة أفضل محام مُقنع
  • جامعة الشارقة تطلق أسبوع كلية الحوسبة والمعلوماتية لتعزيز الابتكار الرقمي
  • بحضور النائب مصطفى بكري.. محافظ الأقصر يضع حجر أساس مجمع مصر العليا التعليمي
  • "مجلة دراسات الطفولة والتربية بأسيوط تنضم للقاعدة الرقمية
  • كلية طب الأسنان بجامعة الريادة تنظم المؤتمر العلمي الثامن بمشاركة نخبة من الخبراء
  • كلية طب الأسنان بجامعة بني سويف الأهلية تنظم يومًا توعويًا لأطفال أكاديمية رياض الأطفال