قطر وتركيا.. شراكة استراتيجية ودعم متبادل ورؤى سياسية متطابقة
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
تأكيدا للعلاقات الأخوية الوطيدة بين دولة قطر والجمهورية التركية والشراكة الاستراتيجية الوثيقة والسعي للدفع بها خطوات للأمام نحو آفاق جديدة، تأتي الزيارة الرسمية التي يقوم بها حاليا فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية الشقيقة للبلاد.
ويستقبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بالديوان الأميري، أخاه فخامة الرئيس التركي، حيث من المتوقع بحث العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين البلدين، وسبل دعمها وتطويرها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول التطورات الإقليمية والدولية الراهنة ذات الاهتمام المشترك بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن واستقرار المنطقة والعالم.
كما سيترأس سمو أمير البلاد المفدى مع فخامة الرئيس التركي، الاجتماع التاسع للجنة الاستراتيجية العليا القطرية التركية.
وتتزامن الزيارة مع احتفال البلدين هذا العام بمرور 50 عاما على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما، كما يصادف العام الحالي (2023 )، الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية تركيا، حيث ينتظر أن تساهم هذه الزيارة والمباحثات التي ستجرى خلالها في دفع عجلة العلاقات الثنائية إلى أعلى المستويات، ورفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين إلى أرقام ومعدلات متقدمة.
ومنذ توقيع الإعلان المشترك بشأن إنشاء اللجنة الاستراتيجية العليا بين الدولتين في 19 ديسمبر 2014، والتي يجتمع أعضاؤها كل عام منذ 2015م، تم توقيع نحو 100 وثيقة تهدف إلى تحسين مستوى التعاون الثنائي في مختلف القطاعات والمجالات من خلال هذه اللجنة الاستراتيجية. وفي يوليو الماضي عقد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وأخوه فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية الشقيقة، جلسة مباحثات رسمية في الدوحة، تم خلالها التأكيد على الرغبة القوية لدى البلدين بتعميق التعاون الثنائي بينهما من خلال تعزيز التبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية، كما أكد البلدان التزامهما بالعمل معا لتعزيز وضعهما على الخريطة الاقتصادية العالمية. وانطلاقا من هذا المبدأ، اتفق الجانبان على تكثيف عمل الفرق الفنية المشتركة بينهما لتحديد الفرص الاستثمارية ذات المنفعة المتبادلة، خاصة في مجالات تمويل الصادرات والسياحة والطاقة النظيفة، والمجالات الأخرى ذات الاهتمام المشترك.
ولاشك أن نتائج الزيارات الرسمية المتبادلة بين القيادتين وكبار المسؤولين في البلدين وانتظام اجتماعات اللجنة الاستراتيجية العليا منذ تأسيسها، تعكس الحرص المشترك على تعميق العلاقات الثنائية، والتنسيق التام والدائم بين الطرفين تجاه القضايا والملفات الساخنة في مختلف أنحاء العالم.
وقد شهدت العلاقات القطرية التركية تحولا نوعيا منذ تأسيسها عام 1973، حـتى وصلت إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية، ولا زال التعاون القائم بين البلدين الشقيقين يتعزز يوما بعد يوم في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وأخيه فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية.
وتواصل الدولتان الدعم المتبادل في عدة مجالات، تجلى آخرها في الدعم المستمر في كارثة الزلزال التي تعرضت لها الجمهورية التركية في فبراير الماضي، فقد سخرت قطر كافة الإمكانيات لإغاثة المتضررين من هذه الكارثة، وقام سمو أمير البلاد المفدى بزيارة إلى الجمهورية التركية التقى خلالها بفخامة الرئيس التركي، وهدفت الزيارة لإظهار دعم دولة قطر للشعبين الشقيقين التركي والسوري، وتأكيد مؤازرتها لهما على أعلى مستوى. وقد تجاوز حجم المساعدات الإنسانية القطرية الألف طن، عبر توجيه أكثر من 50 طائرة منذ اليوم الأول للكارثة، ضمن نطاق إنشاء جسر جوي بين البلدين، كما أصبحت مدينة الحاويات القطرية التركية التي تم إنشاؤها في مدينة /هاتاي/ علامة عظيمة على الأخوة والتضامن في عيون الشعبين القطري والتركي الشقيقين.
وتعد الشراكة الاستراتيجية بين قطر وتركيا من أبرز الشراكات وأنجحها على مستوى العلاقات بين الدول، نتيجة العديد من العوامل والقواسم المشتركة، وفي مقدمتها، التوجهات والمبادئ التي تحكم هذه العلاقات وتسير بها نحو تحقيق المصالح المشتركة وتعزيز السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة والعالم، فضلا عن الرؤى المشتركة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وأخيه فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان إزاء مختلف القضايا والمواقف المتضامنة على مختلف الصعد.
وفي الإطار الاقتصادي، ترتبط قطر وتركيا بعلاقات قوية شهدت خلال السنوات الأخيرة ازدهارا كبيرا شمل مختلف المجالات والنشاطات، كما توجت هذه العلاقات باتفاقيات في مجال الطاقة، والبنية التحتية، والتصنيع، والمعدات العسكرية والسياحة.
وتعتبر تركيا أحد أهم الشركاء التجاريين لقطر، وقد شهد حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال العام 2022، نموا بنسبة 18 بالمئة، ليبلغ 8 مليارات ريال قطري، مقابل 6.8 مليار ريال خلال العام 2021، ويوجد في تركيا ما يقرب من مائتي شركة برأسمال قطري بقيمة تصل إلى 33.2 مليار دولار، بينما تعمل في قطر أكثر من 720 شركة تركية، سواء برأس مال قطري تركي مشترك، أو برأس مال تركي بنسبة مائة بالمائة، فضلا عن 15 شركة تركية تعمل بالمنطقة الحرة في قطر، كما أن لجهاز قطر للاستثمار حاليا ثلاثة مشاريع ضخمة في تركيا.
ويبرهن نمو حجم التجارة بين البلدين على تطور العلاقات الثنائية بينهما، لا سيما في ظل وجود خطوط ملاحية مباشرة، وعدد من الاتفاقيات الموقعة بينهما، مع وفرة في الاستثمارات المتبادلة، وتعتبر قطر أحد أكبر المستثمرين الأجانب في تركيا، وقد سجل القطاع الخاص القطري في السنوات الأخيرة حضورا مشهودا في عدد من المجالات الاستثمارية التركية كالعقارات والمقاولات والسياحة والتصنيع والإعلام والتمويل والصحة، كما شهدت الفترة الأخيرة اتجاه الاستثمارات القطرية إلى مجال الموانئ، والقطاع التكنولوجي، وبلغ إجمالي قيمة هذه الاستثمارات ما يقرب من 33 مليار دولار بنهاية عام 2020.
وتستضيف غرفة قطر بصورة متواصلة العديد من الوفود التركية، كما شاركت في عدد من الفعاليات الاقتصادية التركية المهمة، وقامت خلالها ببحث سبل تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين، وتوصف العلاقات بين رجال الأعمال القطريين ونظرائهم الأتراك بأنها متميزة، حيث يشارك كل جانب في جميع الفعاليات والمعارض التي ينظمها الجانب الآخر، كما أن هناك استثمارات مشتركة لرجال الأعمال القطريين والأتراك في عدد من دول العالم.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: دولة قطر
إقرأ أيضاً:
سفيرة قبرص: نؤمن بأهمية استقرار مصر للمنطقة .. والعلاقات بين البلدين استراتيجية
قالت سفيرة قبرص بالقاهرة بولي إيوانو إن قبرص تؤمن بأهمية استقرار مصر للمنطقة مشيرة إلى أن العلاقات استراتيجية بين البلدين، وتتعلق بتعزيز علاقات مصر بالاتحاد الأوروبي ككل.
واوضحت خلال الحوار المفتوح الذي نظمته لجنة الشئون الخارجية بنقابة الصحفيين برئاسة وكيل النقابة حسين الزناتي مع سفيرة قبرص بالقاهرة بولي إيو أنو مساء اليوم الخميس إنه خلال القمة الثلاثية التي جمعت قادة مصر وقبرص واليونان، في القاهرة في ٨ يناير الجاري بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره القبرصي نيكوس خريستودوليديس ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس؛ أكدت قبرص رغبتها في استمرار التعاون مع مصر وأنه لا يمكن قبول التدخلات الخارجية.
وتابعت "يسعدنا أن نجد تطورا في العلاقة بين مصر والاتحاد الأوروبي ويصب ذلك في مصلحة المنطقة، وبشأن التعاون في مجال الأمن؛ فهناك بين قبرص ومصر اتفاق تام على أهمية الأمن لمستقبل البلدين، وأبدي سعادتي بإتمام رئيس أركان الجيش القبرصي زيارته إلى مصر اليوم، وهي زيارة ناجحة تم خلالها مناقشة التعاون في مجال الأمن والتعاون القائم بين البلدين وكيفية توسيع نطاق هذا التعاون، ونتطلع إلى المزيد من تبادل الزيارات في هذا الإطار."
وبخصوص التعاون في قطاع الطاقة؛ قالت السفيرة إن هذا القطاع بين أهم مجالات التعاون بين البلدين، حيث كانت مصر وقبرص أول دولتين توقعان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في منطقة شرق البحر المتوسط ثم تم توقيع اتفاقية ثانية لتحديد ما يتم الاشتراك في الاستفادة منه من حقول الغاز، لافتة إلى أن التأخير في تنفيذ ذلك الاتفاق لم يكن برغبة قبرص؛ لكنه يرجع إلى الشركات الدولية التي تعمل في هذا المجال إلى جانب أمور أخرى، قائلة "في حالة قبرص ومصر نجري حوارا مستمرا مع هذه الشركات للتوصل لنتيجة لصالح جميع الأطراف.. ولكننا نمضي في الطريق الصحيح، وهذا الموضوع كان على رأس القمة الأخيرة وتمت مناقشته بين الزعيمين المصري والقبرصي حيث تناولا جهود الوزراء المختصين، وتم الاتفاق على تكثيف الجهود وتحديد حقول الغاز التي يمكن أن يتم بشأنها التعاون بين البلدين".
وتابعت "هناك قريبا زيارة لوزير الطاقة والبترول المصري إلى قبرص وتليها زيارة وزير الطاقة القبرصي لمصر لتناول المباحثات في هذا الموضوع. وكان زعيما البلدين أكدا خلال القمة الأخيرة رغبتهما في تسريع هذه العملية والتوصل سريعا إلى نتائج، والاتصال المباشر بين الوزيرين مستمر أيضا، وأيضا الشركاء الآخرين لإحداث تقدم في هذا المجال."
واشارت إلى أن هذا التعاون يشمل أيضا إرسال الغاز القبرصي إلى مصر من أجل تسييله ومن ثم إعادة تصديره، وأيضا التعاون في مجال الهيدروكربونات حيث تسعى قبرص إلى أن تستفيد من الخبرة المصرية في هذا المجال.
واوضحت أن قبرص انضمت إلى المبادرة المصرية للتعاون الإقليمي لتأسيس منتدى شرق المتوسط، حيث أصبحت دولة عضو ومؤسس له ودعمت الفكرة منذ البداية، والقاسم المشترك بين الدول المؤسسة لهذا المنتدى هو احترام القانون الدولي.
وأضافت "نرى أن هذا المنتدى مثل يحتذى بين الدول الأخرى، وأيضا وجود تعاون ثنائي وثلاثي كان من شأنه إذا اتسع إطاره أن يحول دول وجود النزاعات بين العديد من دول المنطقة".
وبشأن التوتر الإقليمي الذي أحدثته الحرب الإسرائيلية على غزة؛ قالت السفيرة إن هناك مشاكل كثيرة في المنطقة وتأتي القضية الفلسطينية في المقدمة لكونها القضية الأقدم. وقالت السفيرة إن قبرص اعترفت بالدولة الفلسطينية منذ عام 1988 ، وهو نفس التوقيت الذي قامت فيه مصر بذلك.
وأوضحت أن دولة قبرص "تعاني أيضا من الاحتلال"، لذا تتفهم ما يمر به الشعب الفلسطيني، ولذا لا بد من الاعتراف بقرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية وحقوق الإنسان، وحق تقرير المصير للفلسطينيين ووجود دولة فلسطينية مستقلة، ودون ذلك لن يتحقق أي استقرار في المنطقة.
وذكرت أنه إلى جانب فلسطين، هناك سوريا فهناك حرب منذ سنين لكن هناك تطورا خلق وضعا جديدا، ووجود قلاقل بشأن مستقبل هذه الدولة يؤثر على المنطقة ككل، مضيفة "نرى أنه لابد من عدم إقصاء أحد وأن تشارك جميع الطوائف في الحكم وألا نرى لاجئين سوريين مجددا وقد اضطروا إلى الهجرة لدول أخرى، كما نرى وجوب عدم التدخل في شئون أي دولة وأن تقرر الشعوب وحدها مصير بلادها."