الأمم المتحدة لا تحمي المغفلين
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
علي بن مسعود المعشني
Ali95312606@gmail.com
هناك مقولة شهيرة يتداولها الناس مفادها "أن القانون لا يحمي المغفلين"، وهذه العبارة عادة ما يتشدق بها من أوقع ضعيفًا في فخ العدالة، أو انتصر عليه، وكأنه يريد القول بأن القانون يحمي الأقوياء والمحتالين!! بينما فلسفة القانون أنه لابد أنْ يحمي الضعفاء، ومنهم المغفلون الذين يجهلون القانون، أو غير مدركين لنتائج أفعاله؛ لهذا أوجد القانون في قواعده المتمثلة في روح القانون الشفاعة لهؤلاء بمنح سلطة تقديرية للقاضي تُخوِّله تقدير العقوبة، وتكييفها مع الجُرم ووضعية الجاني، ومراعاة الظروف المحيطة وقت وقوع الجريمة.
وفي عالمنا اليوم، نجد أنَّ الأمم المتحدة -والتي أنشئت لحماية الأمن والسلام الدوليين، والمساواة بين أعضاء الأسرة الدولية في الحقوق والواجبات- نجدها تسير وفق قاعدة القانون لا يحمي المغفلين، وكأنها وُجِدَت لتكون أداة للأقوياء وسيفًا مُسلطًا على رقاب الضعفاء.
الأمم المتحدة في ميثاقها تُمثل الشرعية الدولية، وتسعى لتحقيقها، ومجلس الأمن أداة تنفيذ لمخرجات الأمم المتحدة الممثلة في الجمعية العامة، والتي تمثل جميع الأمم في العالم، والتي تملك عضوية كاملة بها.
سطوة الكبار من مُخلَّفات العهود الاستعمارية وغطرستهم، جعلت من منظمة الأمم المتحدة أداة لقمع الشعوب وتطويعها خدمة لمصالحهم، وجعلت من مجلس الأمن الأداة الوصية على المنظمة بدلا عن كونها أداة تنفيذية لقراراتها، وبهذا تحولت المنظمة إلى خصم وحكم في آن، وبما يمليه عليها الغرب الاستعماري ويُحقق مآربه ومصالحه، وأبقت للضعفاء "المغفلين" التمسك بقشور المنظمة ومواد ميثاقها والتي أصبحت شعارات فارغة كـ"الشرعية الدولية"، و"الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، و"القانون الدولي الإنساني"...إلخ.
الأمم التي تنبَّهت لسوء حال منظمة الأمم المتحدة واختراق الغرب لها أفقيًّا ورأسيًّا، أيقنت أنَّ العالم لا يعترف بغير منطق القوة؛ فتسلحت بكل أسباب القوة، وما يحمي سيادتها ويضمن استقلاليتها وبُعدها عن التبعية للغرب، بعد أن احتكم الغرب لقانون القوة بدلًا عن قوة القانون.
وبقي النظام الرسمي العربي ضحيَّة للشرعية الدولية رغم جلاء حقوقه، وهذا نتيجة عدم استيعابه للتحولات العالمية من حوله؛ فالمنظومة الغربية لم تختطف منظمة بحجم الأمم المتحدة فحسب، بل اختطفت كل ما يتصل بها من منظمات إنسانية وفنية كذلك، وجعلتها طوع بنانها، وتجلى هذا الاختراق والتطويع في تخندقها الشرس جميعها ضد روسيا الاتحادية في ملف الصراع على أوكرانيا، واصطفافها مع الغرب.
فيما مضى كان بعض العالم يُدرك أن منظمة الأمم المتحدة مخطوفة من قبل الغرب وعلى رأسهم أمريكا؛ وبالتالي يترحَّم عليها ولا يرجو لها مستقبلًا أكثر من حاضرها، لكنه كان في المقابل يرى المنظمات المنبثقة عنها ما زالت تقوم بدور إنساني ودعم فني واستشاري لأعضائها، ولكنه خاب رجاء العالم بها بعد انكشاف ولائها المعيب للغرب في الأزمة الأوكرانية على وجه الدقة والتحديد.
منظمة الأمم المتحدة اليوم في حال مُطابق لحال عُصبة الأمم، والتي أنشئت بعد الحرب الأوروبية الأولى (العالمية)؛ بهدف حماية الأمن والسلم الدوليين، وأُلغِيت بسبب سطوة الكبار ومخالفتهم لميثاقها.
وبالشكر تدوم النعم...،
------------------
قبل اللقاء: "العالم يحتاج منظمة دولية تحمي الضعفاء المغفلين بالفعل، وتردع المحتالين وتساوي بينهم في الحقوق والواجبات؛ خدمةً للأمن والسلم في العالم.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
برنامج الأمم المتحدة العالمي للأغذية يحذر من تفاقم الجوع في جنوب السودان
حذر برنامج الأمم المتحدة العالمي للأغذية من أن 57 % من السكان في جنوب السودان وأغلبهم من الأطفال،سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال موسم الجفاف لعام 2025، خاصة مع فرار العائدين من الحرب في السودان.
الأمم المتحدة: 7.7 مليون شخص معرضون لسوء تغذية في جنوب السودان الجزائر تدعو المجتمع الدولي إلى احترام سيادة السودانوبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة،قال برنامج الأغذية العالمي أن أحدث تصنيف متكامل لمراحل الأمن الغذائي،أظهر أن أكثر من 85 % من العائدين الفارين من السودان سيعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال موسم الجفاف القادم بدءا من أبريل المقبل.
ووفقا للتصنيف الجديد،سيشكل هؤلاء ما يقرب من نصف أولئك الذين يواجهون جوعا كارثيا،حيث يكافحون لإعادة بناء حياتهم وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة وفيضانات شديدة وإعطاء الأولوية للموارد حيث تتجاوز الاحتياجات التمويل.
وقال الممثل القُطري لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة في جنوب السودان "ميشاك مالو" إن ظهور الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الغذائية المرتبطة بها كمحرك رئيسي لانعدام الأمن الغذائي يرسل رسالة قوية مفادها أن "الوقت قد حان لزيادة استثماراتنا بشكل جماعي في دعم مواطني جنوب السودان لإنتاج طعامهم بأنفسهم".
وأضاف أن هذا لن يقلل من ميزانية الغذاء المنزلية فحسب،بل سيخلق أيضا مزيدا من فرص العمل في قطاع الزراعة ويزيد من دخول الأسر حتى تتمكن من البحث عن أنظمة غذائية أكثر صحة.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي إنه في حين أن المتوقع أن يعاني العائدون الفارون من الحرب في السودان من أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي، فإن العديد من المجتمعات في جميع أنحاء جنوب السودان ستستمر في المعاناة مع استمرار الأزمة الاقتصادية والفيضانات الشديدة ونوبات الجفاف المطولة والصراع في تعطيل المكاسب التي تحققت.
من جهتها، شددت المديرة القطرية وممثلة برنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان "ماري إلين ماكغروارتي" أهمية معالجة الأسباب الجذرية للجوع، وقالت إن المجتمعات تحتاج إلى السلام والاستقرار، وتحتاج إلى فرص لبناء أو إعادة بناء سبل العيش ومساعدتها على تحمل الصدمات المستقبلية".
وأظهر أحدث تصنيف متكامل لمراحل الأمن الغذائي كذلك أن ما يقرب من 2.1 مليون طفل معرضون لخطر سوء التغذية، حيث يعود الأطفال إلى مراكز التغذية عدة مرات على مدار العام مع استمرار المعاناة من ضعف الوصول إلى مياه الشرب الآمنة والصرف الصحي، وأوضح أن المرض يعد عاملا رئيسيا يساهم في سوء التغذية لدى الأطفال.
وقالت ممثلة اليونيسف في جنوب السودان "حميدة لاسيكو"، إن المنظمة تشعر بقلق عميق من أن عدد الأطفال والأمهات المعرضين لخطر سوء التغذية سيستمر في الارتفاع ما لم يتم تكثيف الجهود لمنع سوء التغذية من خلال معالجة أسبابه الجذرية، إلى جانب توفير الدعم الغذائي الفوري لعلاج سوء التغذية بين الأطفال الأكثر عرضة للوفاة.