هل أربك التصعيد في الضفة الغربية الحسابات الأمريكية؟

تواصل الحرب في قطاع غزة غذّى التوتر والتصعيد في الضفة الغربية، وأطلق دينامية سياسية وأمنية عجزت أمريكا عن التحكم فيها.

حذر الأردن، أحد أهم شركاء الولايات المتحدة في المنطقة العربية، من تصعيد كبير ومواجهة مع "إسرائيل"، في حال تهجير الفلسطينيين باتجاه الحدود الأردنية.

ردود الفعل الأمريكية غير المحسوبة بعد طوفان الأقصى وتشجيعها الاحتلال على عدوانه وجرائمه؛ ولدت أخطاء متتابعة يصعب معالجتها دون تنازلات على الأرض.

القلق الأمريكي من تفجر الأوضاع بالضفة الغربية وتصاعد التوتر وانتقاله إلى دول الجوار والإقليم وأولها الأردن، دفع الإدارة الأمريكية للبحث في سبل تحقيق الهدوء.

معركة غزة ولدت مسارات أمنية وسياسية وإنسانية واقتصادية بالضفة الغربية والأردن، دفعته لاتخاذ إجراءات تصعيد، امتنع فيها عن توقيع اتفاقية "الماء مقابل الكهرباء" مع الاحتلال.

* * *

اكتسبت المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية قوة دفع كبيرة بفعل التصعيد الذي مارسه الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه في الضفة الغربية بعد عملية طوفان الأقصى، خصوصا أن التصعيد اقترن بأجندة يمينية متطرفه للانتقام من الفلسطينيين وإرهابهم وتهجيرهم من أراضيهم إن أمكن ذلك.

المقاومة في الضفة الغربية اكتسبت زخما مضاعفا بفعل ممارسات الاحتلال والنجاح الذي حققته المقاومة في قطاع غزة بصمودها وأدائها العسكري والميداني، الذي دفع الاحتلال ليبدي تراجعا عن أهدافه وغاياته من الهجوم البري والجوي الذي أطلقه على القطاع خلال شهر ونصف من العمليات الجوية والبرية، ليذهب نحو هدنة أطلق بموجبها 150 أسير.

صمود المقاومة في قطاع غزة وفرضها صفقات متتابعة لإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين الذين كان أغلبهم من الضفة الغربية، رفع أسهم المقاومة في الضفة الغربية، وهدد بإعادة رسم المشهد السياسي والأمني والاقتصادي بتوسيع حاضنة المقاومة وتعزيز مشروعها في الضفة الغربية، الذي اكتسب مزيدا من المشروعية لمواجهة جرائم الاحتلال اليومية بمصادرة الأراضي والاعتداء على الفلسطينيين قتلا واعتقالا، دون رادع من السلطة وأجهزتها في رام الله، ودون أفق لحل سياسي حقيقي ينهي معاناتهم.

التصعيد في الضفة الغربية أربك الحسابات الأمريكية، فالوزير بلينكن الذي عُرف بتطرفه الشديد في الدعوة للحرب على غزة والانتقام من المقاومة وحركة حماس، وتبنيه لطروحات بلغت حد الدعوة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، دعا وعلى نحو مغاير لقناعاته إلى خفض التوتر في الضفة الغربية، خلال لقائه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الخميس (30 تشرين الثاني/ نوفمبر المنتهي) قبيل توجهه للقاء رئيس السلطة محمود عباس في رام الله.

القلق الأمريكي من إمكانية تفجر الأوضاع في الضفة الغربية، وتصاعد التوتر وانتقاله إلى دول الجوار والإقليم وعلى رأسها الأردن، دفع الإدارة الأمريكية وأشد المدافعين فيها عن برنامجها المتطرف للبحث في السبل الممكنة لتحقيق الهدوء، بعد أن حذر الأردن، أحد أهم شركاء الولايات المتحدة في المنطقة العربية، من تصعيد كبير ومواجهة مع "إسرائيل"، في حال تهجير الفلسطينيين باتجاه الحدود الأردنية؛ وإمكانية إعلان الحرب وإلغاء العمل باتفاقية وادي عربة، وذلك على لسان عدد كبير من المسؤولين، منهم رئيس مجلس الأعيان (مجلس الملك) فيصل الفايز، ورئيس الوزراء بشر الخصاونة.

معركة قطاع غزة خلقت مسارات أمنية وسياسية وإنسانية واقتصادية في الضفة الغربية وأخرى في الأردن، دفعته لاتخاذ إجراءات تصعيدية، امتنع فيها عن التوقيع على اتفاقية "الماء مقابل الكهرباء" مع الاحتلال الإسرائيلي.

وأعلن فيها بدء البحث عن بدائل للغاز المستورد من الكيان المحتل، مقرونا بمراجعة اللجنة القانونية بمجلس النواب لبنود اتفاقية وادي عربة للسلام مع الاحتلال. وهي مواقف تعكس منسوب التوتر والاضطراب المرتفع في علاقات واشنطن بدول الإقليم، خصوصا الدول العربية.

التوتر في الضفة الغربية سينتقل إلى أرجاء المنطقة والعالم كافة، ليشمل شركاء أمريكا وحلفاءها المقربين، وسيرفع مستوى المخاطر من التصعيد في الجبهة الشمالية (لبنان وسوريا + العراق واليمن)، في ظل فقدان الولايات المتحدة للأدوات العسكرية والسياسية والاقتصادية الفاعلة لتنفيذ سياساتها في الضفة الغربية أسوة بقطاع غزة، فأمريكا لن تتمكن من حشد الإجماع الأوروبي الذي حققته بعد ساعات من عملية طوفان الأقصى، فيما عُرف بالبيان الخماسي (أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا)، وستواجه معارضة عربية أكبر في حال التصعيد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية، وهي حقائق تعطي المقاومة هامشا أوسع للمناورة والعمل مستقبلا لمواجهة التصعيد الإسرائيلي.

فتواصل الحرب في قطاع غزة غذّى التوتر والتصعيد في الضفة الغربية، وأطلق ديناميكية سياسية وأمنية عجزت الولايات المتحدة عن التحكم فيها، وردود الفعل الأمريكية غير المحسوبة والمدروسة بعد طوفان الأقصى وتشجيعها الاحتلال على عدوانه وجرائمه؛ تولدت عنها سلسلة من الأخطاء المتتابعة التي يصعب معالجتها دون تقديم تنازلات حقيقية على الأرض، توقف حالة التدهور والانتكاس للنفوذ الأمريكي في المنطقة والعالم.

ختاما، أمريكا باتت مطالبة بوقف الحرب والعدوان على قطاع غزة، وصولا لوقف التصعيد وكبح الاستيطان في الضفة الغربية والمسجد الأقصى؛ إذ بدونها لا يمكن خفض الكلف والحد من الخسائر الأمريكية المرتقبة والمتوقعة للتصعيد المتواصل في الضفة الغربية خلال الأسابيع والأشهر القليلة المرتقبة.

*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الأردن إسرائيل فلسطين غزة الضفة الغربية أمريكا التصعيد الحسابات الأمريكية التصعید فی الضفة الغربیة الولایات المتحدة طوفان الأقصى المقاومة فی فی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يصعّد الاغتيالات بالضفة ومقاومون يتصدون بمحاور عدة

تصاعدت حملة الاغتيالات التي يشنها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، إذ استشهد 7 فلسطينيين خلال ساعات في جنين وطولكرم، في حين اشتبك مقاومون مع القوات المهاجمة بمحاور عدة.

ونفذت الطائرات الإسرائيلية المسيّرة مساء أمس السبت غارتين على مدينة جنين شمالي الضفة، مما أسفر عن استشهاد 4 فلسطينيين.

واستهدفت الغارة الأولى دراجة نارية، مما أدى إلى استشهاد فلسطيني، واستشهد في الغارة الأخرى مجموعة من الشبان بالحي الشرقي في المدينة، مما أسفر عن استشهاد 3 فلسطينيين -بينهم طفل- وممرض وإصابة آخرين.

وفي مقابلة مع الجزيرة أكد أحد المصابين عدم وجود أي مسلحين حين باغتهم صاروخ إسرائيلي أدى إلى استشهاد اثنين من أقاربه فورا.

⬅️ شاهد..
المركبة التي قصفها طيران جيش الاحتلال في بلدة قباطية جنوب جنين.. pic.twitter.com/KQWKibSFBz

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) February 1, 2025

وفي قباطية جنوبي جنين، قصفت مسيّرة إسرائيلية سيارة وسط البلدة، مما أدى إلى استشهاد شابين كانا داخلها.

وتحدث الجيش الإسرائيلي عن القضاء على 3 خلايا في جنين وقباطية كانت في طريقها لتنفيذ هجمات على أهداف إسرائيلية.

وكان فلسطيني آخر استشهد عصر أمس السبت برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم طولكرم شمالي الضفة أيضا.

إعلان

ونددت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالقصف الإسرائيلي الأخير ووصفته بالهمجي، ودعت إلى توحيد كل الجهود الوطنية والشعبية في الضفة الغربية لصد العدوان الغاشم.

وتأتي الاغتيالات الجديدة فيما تواصل قوات الاحتلال منذ نحو أسبوعين عدوانا على شمالي الضفة الغربية بدأ باجتياح جنين ومخيمها، مما أدى إلى تهجير ما لا يقل عن 15 ألف فلسطيني وتدمير كبير للبنية التحتية.

ومن جنين توسع العدوان ليشمل مناطق أخرى قريبة، بينها طولكرم وطوباس، وأسفر عن استشهاد أكثر من 30 فلسطينيا وإصابة عشرات آخرين.

وصباح اليوم، أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال في منطقة الجابريات بمخيم جنين.

وكانت قوات الاحتلال نسفت أمس السبت ما لا يقل عن 6 منازل بشكل كامل في مخيم جنين، وبذلك يرتفع عدد المنازل التي دمرها الاحتلال منذ بدء عمليته إلى ما يزيد عن 100 منزل.

 

المقاومة تتصدى

وفي غضون ذلك، أفادت مصادر محلية فلسطينية بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعرضت في وقت مبكر اليوم الأحد لإطلاق نار خلال اقتحامها مخيم الفارعة جنوب طوباس شمال شرقي الضفة.

وقبل ذلك، أعلنت كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس أن مقاتليها اشتبكوا مع قوة إسرائيلية شرقي مدينة جنين.

وأضافت الكتيبة أنها أوقعت بالاشتراك مع كتائب القسام وكتائب الأقصى– شباب الثأر والتحرير قوة مشاة إسرائيلية مؤلفة من 10 جنود في كمين من مسافة صفر خلال محاولة الجنود التحصن في أحد المنازل بالحي الشرقي في مدينة جنين.

وأكد الفصيل الفلسطيني المقاوم تحقيق إصابات في صفوف الجنود الإسرائيليين.

كما قالت كتيبة جنين إن مقاتليها في سرية عرّابة اشتبكوا مع قوات الاحتلال المقتحمة بمحاور القتال في البلدة وأمطروهم بزخات كثيفة من الرصاص.

وأضافت أن وحدة الهندسة التابعة لها فجّرت عبوة ناسفة معدة مسبقا في آلية عسكرية في خط سير التعزيزات العسكرية المقتحمة للبلدة وحققت إصابات مؤكدة.

إعلان

ومنذ بدء اجتياح جنين قتل جندي إسرائيلي وأصيب آخرون في عمليات للمقاومة.

مصادر محلية: إصابة شاب برصاص الاحتلال خلال اقتحام منطقة جبل أبو رمان في الخليل pic.twitter.com/qb2s7vkrgP

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) February 1, 2025

اقتحامات واعتداءات

في هذه الأثناء، شهدت الضفة الغربية صباح اليوم والليلة الماضية المزيد من الاقتحامات والاعتقالات، فقد اقتحمت قوات إسرائيلية مخيم الفارعة وبلدة طمون جنوب طوباس.

وتزامن ذلك مع تفكيك الأجهزة الأمنية الفلسطينية عبوات ناسفة زرعها مقاومون لاستهداف القوات الإسرائيلية، بحسب مصادر فلسطينية.

من جهته، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن القوات الإسرائيلية منعت طواقمه من إسعاف مريض في مخيم الفارعة.

وقالت مصادر للجزيرة إن قوات الاحتلال تجبر عائلات فلسطينية على النزوح من منازلهم بمنطقة الجبل في بلدة طمون.

من جهتها، ذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن قوات إسرائيلية احتجزت شابين على مدخل بلدة الفندق شرق قلقيلية، واعتقلت ثالثا بعد اقتحام منزله في بلدة عتيل شمالي طولكرم.

كما اقتحمت قوات الاحتلال بلدة اللبن الشرقية جنوبي نابلس، وأطلقت قنابل الصوت والغاز باتجاه المنازل، بحسب المصادر نفسها.

وشملت الاقتحامات أيضا قرى وبلدات في مدينة رام الله وسط الضفة.

وفي جنوبي الضفة، أصيب شاب فلسطيني برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحامها منطقة جبل أبو رمان في الخليل، وشملت الاقتحامات مدينة حلحول وبلدة صوريف شمالي الخليل.

وبالتوازي مع الاقتحامات، أحرق مستوطنون مساء أمس السبت مسجد قرية عرب المليحات في المعرجات شمال غرب مدينة أريحا، وفق ما أكدته منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو.

كما هاجم مستوطنون منزلا في منطقة خربة الطوبة بمسافر يطا في الخليل، وفقا لمصادر فلسطينية.

وعقب عملية طوفان الأقصى كثفت إسرائيل اعتداءاتها في الضفة الغربية، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 900 فلسطيني وإصابة 6500 واعتقال 14 ألفا، بحسب بيانات رسمية فلسطينية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يفرض حظر تجول في بلدة طمون بالضفة الغربية
  • الاحتلال يصعّد الاغتيالات بالضفة ومقاومون يتصدون بمحاور عدة
  • الاحتلال يقتحم قرية اللبن الشرقية جنوب نابلس بالضفة الغربية
  • حماس: العدوان على الضفة الغربية يظهر استماتة الاحتلال في وقف مد المقاومة
  • رصاص إسرائيلي يُصيب رجلاً فلسطينياً في صدره بالضفة
  • إعلام فلسطيني: قوات الاحتلال الإسرائيلي تشن حملة اعتقالات بالضفة الغربية 
  • إعلام فلسطيني: قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينة نابلس بالضفة الغربية
  • هكذا استقبلت الضفة الغربية إعلان استشهاد الضيف ورفاقه
  • ما الخطورة في قانون تمليك المستوطنين بالضفة؟
  • فتح: الاحتلال الإسرائيلي مستمر في ممارسة القتل والعدوان بالضفة الغربية