لماذا وكيف صنّف الأردن كيسنجر شخصا غير مرغوب به عام 1980؟
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
كيسنجر عمد إلى "خلق وقائع جديدة على الأرض دعما لادّعاء "إسرائيل" بأن الضفة الغربية كانت محتلة من الأردن
المنظّر السياسي والدبلوماسي الجمهوري الأمريكي هنري كيسنجر، الذي رحل عن عمر قرن قبل أربعة أيام، اصطدم بمواقف أردنية صلبة قبل نصف قرن وصلت إلى حدّ إدراجه على "لائحة سوداء" تحظر دخوله إلى المملكة.
اقرأ أيضاً : وفاة "عراب" الدبلوماسية الأمريكية هنري كيسنجر
ففي عام 1980، أصدرت حكومة الملك الراحل الحسين بن طلال برئاسة الراحل عبد الحميد شرف وعضوية وزير الدولة للشؤون الخارجية مروان القاسم قراراً "جريئاً"، بحظر دخول كيسنجر إلى عمّان.
وقع ذلك حين أقصى الجمهوري رونالد ريغان الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر من البيت الأبيض، بعد سنة على نجاح الأخير في إبرام معاهدة كامب ديفيد بين الرئيس المصري أنور السادات ورئيس وزراء تل أبيب مناحيم بيغن.
في ذلك الوقت، طلب كيسنجر من الحكومة القدوم إلى عمّان للانطلاق منها في جولات مكوكية (Shuttle Diplomacy) عبر المنطقة، لاستكمال مفاوضات السلام بين القاهرة وتل أبيب، وصولاً إلى معاهدات سلام مماثلة مع سائر العواصم؛ خصوصا عمّان، حسبما يستذكر سياسي عتيق عاصر تلك الحقبة.
"وعلى الفور، استدعى القاسم السفير الأمريكي في عمّان واستفسر منه حول ادعاءات كيسنجر بارتباطه بالإدارة الجمهورية الجديدة. لكن السفير أجاب بالنفي"، حسبما يؤكد السياسي الأردني.
وبذلك سارعت الحكومة لاتخاذ قرارٍ بحظر دخول كيسنجر، وفي البال باطنية مواقفه وسلبيتها حيال المملكة حين كان وزيرا للخارجية في العقد السابق عشية حرب أكتوبر 1973. فرغم تأكيده للملك الراحل على محورية الأردن وحقّه في القانون الدولي لاستعادة الضفة الغربية، سعى كسينجر للمراوغة، حين طلب الحسين إشراك عمّان في معادلة "فك الاشتباك" مع تل أبيب عقب الحرب على غرار، مساري فك الاشتباك مع دمشق والقاهرة. "الأردن لم يدخل الحرب"، جاء رد كيسنجر المستفز.
هذا الرد عمّق شكوك القيادة الأردنية وثبّت "حقيقة موقف" كيسنجر المراوغ منها؛ رغم تأكيدها على أنها "جوهر النزاع فيما يتصل بالقضية الفلسطينية" وجهود استعادة الضفة الغربية، التي كانت جزءا من المملكة بين 1950 و 1967.
وهكذا قطع الملك الراحل على كيسنجر محاولات العودة إلى الأضواء وتسويق نفسه على أنه سياسي-دبلوماسي عابر للإدارات الأمريكية. وفي السياق، كان مهندس دبلوماسية الجمهوريين يسعى لاحتواء الأردن، الذي رفض مواكبة مشروع إقامة حكمٍ ذاتي منزوع الدسم في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وحين كان على رأس الدبلوماسية الأمريكية، عمد كيسنجر إلى "خلق وقائع جديدة على الأرض دعما لادّعاء "إسرائيل" بأن الضفة الغربية كانت محتلة من الأردن قبل حرب 1967، ضمن محاولات قطع الطريق على استعادتها بالقانون الدولي. ومذْذاك أدخلت واشنطن وتل أبيب "مفهوم أراضٍ متنازع عليها" بدلا من الأراضي المحتلة.
وحين طلبت واشنطن وتل أبيب من الحسين "التفاوض" على الضفة الغربية قبل حرب 73، كان ردّه: "طبّقوا قرار 242 وابدأوا بالانسحاب قبل أي تفاوض".
وكان الأردن مطلعاً بغضب على موقفي السادات وبيغن الرافضين لإشراك عمّان- حليف واشنطن الاستراتيجي- في الترتيبات التي أفضت إلى إبرام معاهدة كامب ديفيد، حسبما يستذكر السياسي العتيق. "حين أراد كارتر إبلاغ الملك حسين عن سير المفاوضات الثنائية آنذاك و"تحديد أسس السلام المستندة إلى الضفة الغربية بما فيها القدس"، منعه السادات قائلا: ليس عليك إبلاغه لأن ذلك سيفاقم الأمور. وعندما تقود مصر يتبع الآخرون".
وظل الملك الراحل يرفض مقابلة كيسنجر حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي، حين وافق أخيرا على لقائه في واشنطن بحضور رئيس الديوان الملكي مروان القاسم.
ويترك كيسنجر مستشار الأمن القومي الأمريكي ووزير الخارجية الأسبق إرثاً مثيراً للجدل بين الإعجاب بفلسفته السياسية وبين اتهامه بتمكين تل أبيب من جيرانها العرب وارتكاب مجازر في دول آسيوية.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: أمريكا تل أبيب الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
غانتس يدعو للتعامل مع جنوب لبنان كمناطق "أ" في الضفة الغربية.. ماذا يعني ذلك؟
يبدو أن الإسرائيليين يريدون وضعاً جديداً في لبنان بعد الحرب، يتيح لهم حرية الحركة، مما يعني إمكانية شن هجمات في أي وقت يشاءونه، وجاء التعبير عن هذا الأمر على لسان وزير سابق وليس عضواً في حكومة بنيامين نتنياهو.
اعلانخلال عدة ساعات، عبر وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، بيني غانتس، عن مواقف يبدو أن تمثل حقيقة موقف حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيال شروط وقف الحرب على لبنان.
وكتب غانتس على منصة "إكس"، الاثنين، أن "أي وقف لإطلاق النار مع لبنان يجب أن يتضمن حرية إسرائيلية كاملة ضد أي انتهاك".
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية في وقت لاحق تصريحات عن غانتس أكثر تفصيلاً بشأن هذا الشرط، إذ قال إنه يجب التعامل مع "مناطق جنوب لبنان بالطريقة ذاتها التي يتم التعامل بها مع مناطق "أ" في الضفة الغربية المحتلة.
وتحدث تقارير إعلامية إسرائيلية في الأيام الأخيرة عن أن تل أبيب تريد تضمين أي اتفاق من لبنان مسألة حرية الحركة لقواتها هناك حتى توقف الحرب.
لكن رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، أكد في تصريحات صحفية أنه تسلم مقترحاً أمريكياً لوقف إطلاق النار، لا يتضمن أي بند من هذا النوع.
وقال غانتس، وهو زعيم حزب معسكر الدولة المعارض: "هذا يعني أن الجيش الإسرائيلي يجب أن يكون له حرية التصرف التام في حال حدوث أي خرق للاتفاق مع لبنان".
وأضاف: "عندما لا تعمل الحكومة اللبنانية في جنوب لبنان، سيكون من واجب الجيش الإسرائيلي العمل هناك بكل قوة".
Relatedورقة بحثية: واشنطن موّلت 70% من تكلفة الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان صور بالأقمار الصناعية.. هل تسعى إسرائيل إلى إنشاء منطقة عازلة عبر مسار التدمير الممنهج في جنوب لبنانانتهاك صارخ لسيادة لبنان: كوماندوز إسرائيلي ينفذ إنزالا بحريا في البترون ويختطف قبطاناقصة المناطق "أ" في الضفة الغربيةقسّم اتفاق أوسلو الموقع عام 1993، بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية المناطق في الضفة الغربية إلى 3 مناطق، سميت "أ"، و"ب"، و"ج".
المناطق "أ": تخضع أمنياً وإدارياً للسلطة الفلسطينية التي أنشئت بفعل الاتفاق، ويحظر دخول قوات إسرائيلية إليها.المناطق "ب": تخضع إدارياً للسلطة الفلسطينية وأمنياً لإسرائيل.المناطق "ج": تخضع بالكامل للسيطرة الإسرائيلية.لكن بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، شنت إسرائيل عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية أطلقت عليها اسم "السور الواقي" عام 2002، وأعادت فيها اجتياح كافة مناطق "أ" التي كانت خاضعة للسيطرة الفلسطينية بحجة "مكافحة الإرهاب".
ومنذ ذلك الوقت، احتفظت إسرائيل بحرية الحركة داخل هذه المناطق، بمعنى أن قواتها لا توجد بشكل دائم داخلها، لكن تقتحمها بين الحين والآخر، في عمليات قد تطول أو تقصر، كما يحدث حالياً في شمالي الضفة الغربية.
ورفضت إسرائيل مراراً التوقف عن اجتياح المناطق الفلسطينية، كلما اقتربت من توقيع اتفاق مع السلطة الفلسطينية، وأصرت على بند "حرية الحركة".
ويبدو أن بيني غانتس يريد الصيغة الثانية التي فرضتها إسرائيل بقوة السلاح بعد عام 2002.
الفكرة مبنية على "استراتيجية جز العشب"ينطلق غانتس من استراتيجية اتبعتها الحكومات الإسرائيلية على مر عقود الصراع العربي مع الدولة العبرية وتحمل اسم "جز العشب".
والمقصود بهذه الاستراتيجية إضعاف قدراته الخصوم العرب ومنعهم من مراكمة عناصر القوة، بما يؤدي في النهاية إلى تقليص قدرتهم على إلحاق الضرر بإسرائيل.
وتتجسد هذه الاستراتيجية في شن ضربات محدودة، تؤدي إلى قضم إمكانيات الخصم دون الذهاب إلى خيار الحرب الشاملة.
اعلانوتخشى إسرائيل من أن يعيد حزب الله بناء قواته العسكرية في لبنان بعد انتهاء الحرب، وكأن شيئاً لم يكن، خاصة إن حظر عليها التحرك ضده.
المصادر الإضافية • وسائل إعلام إسرائيلية، شبكات تواصل اجتماعية
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ما هي الشروط الإسرائيلية لوقف الحرب على لبنان؟ اغتيال السادات.. من هم القادة العرب الذين دفعوا حياتهم ثمنا للتقرب من إسرائيل ومن يخشى ذات المصير؟ حرب غزة: حماس تريد ضمانات مكتوبة من الوسطاء بعدم استئناف الحرب ونتنياهو يتعنت في شروطه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني جنوب لبنانالسياسة الإسرائيليةلبناناعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. سموتريتش: "لا أخشى من تولي إسرائيل حكم غزة مؤقتا" وغانتس يشترط ضمان حرية التحرك بأي اتفاق مع لبنان يعرض الآن Next بعد الضوء الأخضر الأمريكي بضرب العمق الروسي.. الصين تدعو للتهدئة وفرنسا تتحفظ والكرملين يتوعد يعرض الآن Next محكمة بنغلاديش تمهل المحققين شهراً في قضية الشيخة حسينة يعرض الآن Next مجلس الأمن الدولي يصوّت على مشروع وقف إطلاق نار فوري في السودان يعرض الآن Next بعد مكالمة شولتس.. رئيس الوزراء البريطاني يستبعد إجراء محادثات مع بوتين اعلانالاكثر قراءة اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما فندق إيطالي يرفض حجز سائحيْن إسرائيلييْن بسبب "الإبادة الجماعية" في غزة حب وجنس في فيلم" لوف" 1000 يوم من الحرب: روسيا توسّع هجماتها باستهداف مطار عسكري وأوكرانيا تصدّ هجمات متعددة فضيحة في جهاز الخدمة السرية.. فصل عميل بعد اقتراح إقامة علاقة في حمام ميشيل أوباما اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29قطاع غزةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني دونالد ترامبضحاياقصفإسرائيلروسياالحرب في أوكرانيا أطفالاعتداء إسرائيلفلاديمير بوتينالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024