التعاون العلمي بين الولايات المتحدة والصين مهم ويجب أن يستمر
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
بالرغم من الحرب التكنولوجيَّة المستمرَّة بَيْنَ الولايات المُتَّحدة والصين، لَمْ ينقطع التعاون العلمي طويل الأمد بَيْنَ القوَّتَيْنِ العظميَيْنِ، والَّذي ظلَّ منتجًا ومفيدًا لعدَّة سنوات. وعلى الرغم من ذلك، يواجه هذا التعاون عقبات وشكوكًا متزايدة حاليًّا، إذ يُشكِّك بعض السِّياسيِّين الأميركيِّين في قِيمة ومخاطر اتفاقيَّة العلوم والتكنولوجيا (STA)، والَّتي تُعدُّ أوَّل اتفاقيَّة ثنائيَّة تمَّ التوقيع عَلَيْها بَيْنَ البلدَيْنِ بعد استعادة العلاقات في العام 1979، من قِبل دنج شياوبينج والرئيس الأميركي جيمي كارتر.
بعض السِّياسيِّين الأميركيِّين أبدوا قلقهم بشأن الأساليب الَّتي تستخدمها الصين في إجراء الأبحاث الأخلاقيَّة. إذا كانت هذه هي نقطة الخلاف الرئيسة، يُمكِن لأميركا أن تؤثِّرَ بشكلٍ أكبر على نهج الصين في هذه المسائل. بالفعل، قامت الصين تحت تأثير الولايات المُتَّحدة، بتبنِّي لجان المراجعة المؤسَّسيَّة الَّتي تُشرف على الأبحاث الَّتي تشمل الموضوعات البَشَريَّة. ونظرًا لأنَّ الابتكار في مجال الذَّكاء الاصطناعي وغيره من المجالات الجديدة يطرح تحدِّيات أخلاقيَّة جديدة، يُمكِن لأميركا أن تستخدمَ تعاونها مع الصين لِتَوجيهِ نهجها نَحْوَ ممارسات أكثر مسؤوليَّة إذا شعرت بضرورة ذلك. يوضِّح تاريخ التعاون العلمي بَيْنَ القوى العظمى المتنافسة خلال الحرب الباردة أنَّ هذا النَّهج يُمكِن أن يًحققَ فوائد متبادلة ويُسهمَ في تقدُّم الإنسانيَّة. فعلى سبيل المثال، أدَّى البحث المشترك بَيْنَ العلماء الأميركيِّين والسوفيتيِّين فيما مضى إلى اكتشاف موجات الجاذبيَّة، والقضاء على الجدري، وعِلم فيزياء كثافة الطَّاقة العالية الَّذي أسفر عن أكثر من 400 منشور وعروض علميَّة مشتركة. وقَدْ كانت البحوث بَيْنَ العلماء الأميركيِّين والصينيِّين أكثر فعاليَّة حتَّى في مجالات مِثل التجارب السريريَّة لعلاج السرطان، ورسم خريطة درب التبَّانة، وتقنيَّة الكم، وعِلم الأحياء، والطِّب، والفيزياء. وتجلب شراكة الولايات المُتَّحدة والصين قوَّة لأعداد من المشاريع العلميَّة العالَميَّة، ممَّا يُعدُّ أمرًا ضروريًّا إذا ما أردنا أن نواجهَ تحدِّيات مشتركة مِثل تغيُّر المناخ. بدلًا من تبنِّي نموذج جديد للعزلة العلميَّة، يجِبُ على أميركا أن تتذكرَ أنَّ التعاون في المختبر يَعودُ بالنفع على الجميع، بما في ذلك عَلَيْها هي أيضًا. ومن الواضح أنَّ التعاون بَيْنَ هاتَيْنِ الدولتَيْنِ ضروري، حيث يُسهم في تعزيز الثِّقة والتفاهم المتبادل بَيْنَهما، وهما عنصران حاسمان للحفاظ على السَّلام العالَمي. المطلوب من أميركا أن تواصلَ تعاونها العلمي مع الصين، وأن تجدِّدَ اتفاقيَّة العلوم والتكنولوجيا بدُونِ إحداث تغييرات رئيسة. إنَّ الانسحاب من الاتفاقيَّة أو التخفيف مِنْها لَنْ يؤدِّيَ إلَّا إلى إلحاق الضرر بمصالح العِلم الأميركيَّة، كما سيؤثِّر أيضًا على علاقاتها مع الصين وسمعتها كقائد في مجال العلوم العالَمي.
طلال أبو غزالة
كاتب عربي
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الولایات الم ت ع الصین
إقرأ أيضاً:
وزير الطاقة الأميركي: الإمارات شريك استراتيجي ونتطلع إلى تعميق التعاون في مجالات الطاقة والذكاء الاصطناعي
أكد معالي كريس رايت، وزير الطاقة الأميركي أن دولة الإمارات تُعد شريكًا استراتيجيا رئيسيا للولايات المتحدة في مجالات الطاقة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، مشيرا إلى أن العلاقات الثنائية تشهد نموا متسارعا في حجم الاستثمارات والتعاون المشترك.
وقال معاليه، خلال لقاء صحفي عقد اليوم في مقر شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك"، إنه سعيد بزيارة "أدنوك"، مشيدًا بالتقدم التقني الكبير والثقافة المؤسسية القوية التي يتمتع بها قطاع الطاقة في الدولة، مؤكداً أن التعاون بين الإمارات والولايات المتحدة في مجالي الطاقة والذكاء الاصطناعي سيشهد زخماً متزايداً خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف "جئت في هذه الجولة لزيارة ثلاث دول تُعد من الحلفاء الجيوسياسيين الرئيسيين للولايات المتحدة في قطاع الطاقة، ومن بينها دولة الإمارات التي تمثل علاقتها مع الولايات المتحدة أهمية متزايدة".
وأشار إلى أن الإمارات والولايات المتحدة تُعدان من كبار منتجي الطاقة على مستوى العالم، كما تربطهما علاقة استراتيجية قوية أثبتت متانتها خلال الأزمات وفي أوقات الاستقرار على حد سواء، مؤكداً أن الشراكة طويلة الأمد بين البلدين في مجال الطاقة مرشحة لمزيد من النمو والازدهار.
وأوضح أن العالم يواجه حاجة متزايدة للطاقة في ظل تطلّع نحو سبعة مليارات شخص إلى مستويات معيشة تضاهي الدول المتقدمة، مضيفاً أن الإمارات تمتلك إمكانات هائلة لتوسيع إنتاجها من الطاقة، وكذلك الولايات المتحدة.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي يمثل قطاعًا ناشئًا وصل إلى نقطة تحوّل، ويتطلب استهلاكًا عاليًا للطاقة لتحويلها إلى معرفة، مشيرًا إلى أن الطلب المتزايد على المعرفة سيقود بدوره إلى ارتفاع كبير في الطلب على الطاقة.
وأشاد رايت بدور الإمارات الريادي في مجال الذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أنها من أوائل الدول التي طبّقت هذه التقنيات ضمن أنظمتها الطاقوية، وقال: "رأيت اليوم تقدماً مذهلاً في استخدام الذكاء الاصطناعي داخل قطاع الطاقة الإماراتي، إلى جانب رؤية طموحة للمستقبل".
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تعاوناً وثيقاً بين الإمارات والولايات المتحدة في مجالي الطاقة والذكاء الاصطناعي، يتضمن استثمارات ضخمة في الاتجاهين، إلى جانب استمرار التعاون الجيوسياسي بين البلدين، معرباً عن تفاؤله بمستقبل هذه الشراكة.
وفي ردّه على سؤال حول الاستثمارات المتبادلة، خاصة مع إطلاق شركة XRG الإماراتية، أوضح كريس رايت أن هناك فرصاً كبيرة لاستثمارات إماراتية في الولايات المتحدة، وكذلك استثمارات أميركية في الإمارات، تشمل تدفقات رأس المال والتكنولوجيا.
وأضاف أن الذكاء الاصطناعي سيقود المرحلة القادمة من الطلب على الطاقة، خصوصًا على الغاز الطبيعي والكهرباء، مشيراً إلى أن الإمارات قطعت شوطًا كبيرًا في هذا المجال، ما يعزز من فرص الشراكة المستقبلية.
وأكد أن بلاده منفتحة أمام الاستثمارات الأجنبية، وتعمل على تمكين القطاع الخاص، وخفض التكاليف، ما يجعلها وجهة جاذبة للاستثمارات في مجالات النفط والغاز والطاقة المتقدمة.
وأوضح أن أسعار النفط والغاز تتأثر بقوى السوق الحرة، ولا يحددها طرف بعينه، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تنتج النفط بمعدلات جيدة، فيما يشهد إنتاج الغاز الطبيعي نموًا متسارعًا، مدفوعًا بارتفاع الطلب المحلي وزيادة القدرة التصديرية.
ولفت إلى أن تقلبات الأسعار على المدى القصير تعود في الغالب إلى التصورات المرتبطة بعرض وطلب السوق، قائلاً: "على المدى الطويل، أعتقد أننا سنشهد انخفاضاً تدريجياً في أسعار النفط والغاز في الولايات المتحدة، ونأمل أن يحدث ذلك عالمياً".
وأوضح أن هذا التراجع في الأسعار لا يعني انخفاضاً في ربحية الشركات، مؤكداً أن شركات الطاقة ستواصل خفض تكاليف الإنتاج، وستواجه أعباء حكومية أقل، ما سينعكس إيجاباً على القطاع.
وأكد أن أجندة الرئيس دونالد ترامب ترتكز على خفض تكاليف الطاقة كوسيلة لتحسين مستوى معيشة المواطنين وتعزيز تنافسية الشركات وزيادة الاستثمارات، مشيراً إلى أن الإدارة الحالية تسعى إلى دعم نمو الطلب على الطاقة من خلال التوسع في الذكاء الاصطناعي، وإعادة توطين الصناعات، ورفع مستوى المعيشة.
كما سلط الضوء على مبادرات استثمارية جديدة في قطاع الطاقة، من بينها شركة XRG، التي تركز على الاستثمار في مجالي الطاقة منخفضة الكربون والكيماويات وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وتوفير الطاقة والمنتجات الضرورية لتحسين جودة حياة الأفراد والمجتمعات في مختلف أنحاء العالم.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي يتطلب استثمارات كبيرة وخبرات متقدمة، وهو ما يشكّل أرضية خصبة لشراكات استراتيجية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة.
وأوضح كريس رايت أن تدفقات رؤوس الأموال والتقنيات تسير في الاتجاهين، مشيداً بمستوى التكنولوجيا المستخدم في إنتاج النفط والغاز، وكذلك بالاستثمارات المبكرة في تقنيات الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات، قائلاً: "الإمارات تبهرنا بتطورها. والولايات المتحدة، بصفتها رائدة تقنياً منذ زمن طويل، تواصل العمل بجد في هذا المجال".
وقال إن الولايات المتحدة تستعد لمرحلة جديدة من النمو القوي في الطلب على النفط والغاز خلال السنوات المقبلة، بالتوازي مع الزيادة المتوقعة في الإنتاج، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي سيكون عاملاً رئيسياً في هذا النمو، لا سيما من خلال زيادة الطلب على الغاز الطبيعي والكهرباء.
وأشار إلى أن الرئيس دونالد ترامب يقود أجندة تجارية تقوم على مبدأي تحقيق التوازن في التجارة الدولية، وإعادة إحياء قطاع التصنيع في الولايات المتحدة، بما يسهم في خلق فرص عمل محلية، ورفع مستويات الأجور.
وأوضح أن الولايات المتحدة لطالما كانت منفتحة على الواردات، إلا أن شركاءها التجاريين لم يظهروا انفتاحًا مماثلاً تجاه صادراتها، مضيفاً أن الإدارة الأميركية تسعى إلى تحقيق مبدأ المعاملة بالمثل، إلى جانب تحفيز الصناعات المحلية من خلال أدوات مثل الرسوم الجمركية.
وأشار إلى أن هذه السياسات ستسهم في تعزيز النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والعالم، رغم ما قد يصاحب المرحلة الانتقالية من تحديات.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع الصين وإيران، قال إن مفاوضات أولية جارية مع الصين، معرباً عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى تفاهم يخدم مصالح البلدين.
وقال إن الهدف الأساسي فيما يتعلق بإيران هو إنهاء برنامجها النووي، مشددًا على أهمية إجراء مفاوضات جدية، وإدراك مدى التزام الولايات المتحدة بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي لما يمثله من تهديد لأمن الشرق الأوسط والعالم.