بروفايل| أشرف عبد الغفور «ملح الفن».. أن تولد هاويا وتموت نجما
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
ينطلق الاسم عاليا في فضاء القاعة الواسعة يرتفع دوي التصفيق والهتافات المباركة، يخطو النجم الثمانيني بحركات رشيقة على خشبة المسرح التي ألفها منذ كان شابا يتلمس خطواته الأولى، فتلك الخشبة المباركة تعرفه جيدا، عليها ولد فنيا، وعليها وقف أمام عمالقة الفن يستسقي تعليمه ويشكل موهبته الخام، وعليها أيضا أثبت نفسه كممثل من طراز فريد يختص لنفسه بفنون الأداء التي لم يسبقه إليها أحد، وعليها يكرم عن مسيرة طويلة من الإبداع والعطاء الفني والإنساني، وكما كان المسرح هو نقطة البداية في مسيرة أشرف عبد الغفور، كان المحطة الأخيرة، فحصل الفنان الراحل على تكريمه الأخير في ختام المهرجان القومي للمسرح المصري.
هبة ربانية فاض بها الله على الطفل المولود عام 1942، فوجد حب الفن يتسلل إليه قبل أن يجد فرصة لتفسير هذا الحب، تعاون مع أصدقائه في حي الجيزة وبنوا خشبة مسرح وكونوا فريق تمثيل، قدموا من خلاله مسرحيات نجيب الريحاني، ودعوا أهالي الحي لمشاهدة تلك العروض، وكان لدعم الأسرة دورا كبيرا في تعزيز ثقة الفنان المستقبلي في نفسه، حيث عرف «عبد الغفور» النجومية منذ الصغر بعد ما أصبح رئيسا لفريق التمثيل في مدرسة «الجيزة» الثانوية، ويشارك في بطولات تمثيل على مستوى الجمهورية.
مع بداية المرحلة الجامعية، لم يستطيع أشرف عبد الغفور التخلص من حب الفن الذي أصبح يجرى داخله مجرى الدم، بالرغم من التحاقه بكلية تجارة جامعة عين شمس، إلا أن خبر افتتاح المعهد العالى للسينما بعد شهرين فقط من التحاقه بالدراسة الجامعية، سلب لبه فقرر التقدم بأوراقه في المعهد، وبالفعل نجح في الاختيارات والتحق بقسم التمثيل، لكنه لم يستطيع التوفيق ما بين دراسة التجارة والتمثيل في نفس الوقت، ليقرر ترك الدراسة في كلية التجارة بعد عامين والتفرغ للمعهد.
الطريق إلى المجدبدأ الفنان الشاب يخطو خطوات أكثر جدية في مشواره الفني، إذ قاده القدر لتقديم أول أعماله مع فرق التليفزيون المسرحي في مسرحية بعنوان «جلفدان هانم» من إخراج عبد المنعم مدبولي وبطولة مجموعة من أبرز نجوم المسرح، ليبدأ «عبد الغفور» اكتساب خبرة كبيرة في المجال العملي، ومن المسرح إلى السينما، قدم عددا من الأدوار الصغيرة في أعمال سينمائية مهمة منها «قصر الشوق» للمخرج حسن الإمام و«القاهرة 30» للمخرج صلاح أبو سيف.
شكلت القرأة وإجادة اللغة العربية وقواعدها جزء كبير من شخصية أشرف عبد الغفور، وتأثر الفنان الشاب منذ نعومة أظافره بأعمال أديب نوبل نجيب محفوظ، ما ساهم في تشكيل ذائقته الأدبية، حتى أنه كان يتمنى تقديم شخصية «حسنين» من رواية «بداية ونهاية»، وهي الشخصية التي قدمها الفنان عمر الشريف، في الفيلم المأخوذ عن الرواية، الذي حمل توقيع المخرج صلاح أبو سيف.
شخصية «سامي» في مسلسل «القاهرة والناس» لعبت دورا مهما في تقديم الفنان الشاب للجمهور عام 1967، ومن بعدها بدأ في تقديم أدوارا بمساحات أكبر كوجه جديد صاحب إطلالة هادئة رومانسية، لكن «عبد الغفور» تمرد على تلك النوعية الأدوار خوفا من التنميط، فقرر خوض تجارب شكلت تحدى أمامه بتقديم أدوار الشر التى تستفز قدراته كممثل، حتى أصبح أحد أبرز نجوم التليفزيون المصري لفترة طويلة، ونجح في الوصول إلى النجومية دون أن يسعى إليها.
300 وجه في 60 سنةبلغة عربية صحيحة ونبرات عميقة، ممزوجة بأداء قادر على اختراق المشاهد، نجح أشرف عبد الغفور أن يفسح لنفسه مكانة خاصة في الدراما التاريخية والدينية، فقدم مجموعة من الأعمال المهمة التي ما تزال علامات بارزة في تاريخ الدراما المصرية، منها «محمد رسول الله»، «الإمام مالك»، «نور الإسلام»، «رسول الإنسانية»، «ابن تيمية»، «القضاء في الإسلام» وغيرها من الأعمال، كان ميل «عبد الغفور» لتقديم تلك النوعية من الأعمال الدرامية واضحا للغاية، فكان موقن أنها ستُقدم معلومة وقيمة ورسالة للجمهور.
ما بين «الريس طوبجي» الفدائي الثأئر في «زيزينيا»، و«حكم» الأخ الحاقد في «جبل الحلال»، وغيرها من مئات الشخصيات التي تنقل بينها الفنان أشرف عبد الغفور، بمنتهى السلاسة في الدراما المصرية، وكانت بوابة مرور إلى قلوب الجماهير التي رافقته في مشوار حياته عرفته شابا هاويا وأبصرته نجما بازغا قاربت أعماله من تجاوز 300 عمل على مدار 60 عاما.
والمسرح له رصيد كبير من النجاح في مسيرة أشرف عبد الغفور الفنية، فلم تنقطع صلته بالمسرح، رغم نجاحه التليفزيوني، فقدم مجموعة متنوعة من الأعمال التي كانت بمثابة بصمات لا تنسى في تاريخ المسرح المصري والعربي منها: «سليمان الحلبي»، «ليلة مصرع جيفارا»، «وطني عكا» و«النار والزيتون»، بالإضافة إلى «الملك لير».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: أشرف عبد الغفور الفنان أشرف عبد الغفور وفاة أشرف عبد الغفور أشرف عبد الغفور من الأعمال
إقرأ أيضاً:
في ظل الحكم الجديد في سوريا.. هل تولد نسخةٌ مطورة من “داعش”..!
الجديد برس|
تشهد الساحة السورية مؤخراً تحركات مقلقة تشير إلى عودة تنظيم «داعش» إلى واجهة المشهد الأمني، بعد سنوات من التراجع.
وفي ظل الحكم الجديد في سوريا والذي كان جزءاً من هذه الدائرة المتطرفة فإن المخاوف تتحول الى استقراء لما يمكن ان تمثله الوضع القائم في سوريا من بيئة مناسبة ليس لعودة التنظيم فحسب بل لولادة نسخة ارهابية مطورة منه .
فبحسب تقييمات أممية وأميركية، بدأ التنظيم المتطرف بإظهار نشاط متجدد، شمل تصعيداً في عدد الهجمات وتجنيد مقاتلين جدد، ما أعاد إشعال المخاوف من زعزعة استقرار بلد لم يتعافَ بعدُ من أزمات عقد كامل من الحرب والاضطرابات السياسية، وفق تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز».
وتستغل واشنطن هذا التطورات لمضاعفة وجودها العسكري في سوريا، ليصل إلى نحو 2000 جندي، بعد ان كانت تدعي ان ستتقلص وجودها العسكري في المنطقة .
ونفذت واشنطن عدة ضربات جوية استهدفت أوكار التنظيم في مناطق صحراوية. إلا أن المحللين يرون أن هذه التحركات لن تكون كافية إذا لم يتم التعامل مع التهديد من جذوره، لا سيما أن التنظيم لا يزال يحتفظ بكنز استراتيجي، يتمثل في آلاف المقاتلين المتشددين المحتجزين في سجون شمال شرقي سوريا.
وتحذر التقارير من أن التنظيم يسعى لتحرير ما بين 9 آلاف و10 آلاف سجين من مقاتليه، بالإضافة إلى نحو 40 ألفاً من أفراد عائلاتهم المحتجزين في مخيمات، ما قد يمنحه دفعة معنوية ودعائية كبرى، ويعزز صفوفه بشدة.
ويصف كولين كلارك، رئيس قسم الأبحاث في مجموعة «سوفان»، هذه السجون بأنها خزان بشري قادر على إعادة تشكيل التنظيم بوجه أكثر صلابة.
وجاء في تقرير للاستخبارات الأميركية، عُرض أمام الكونغرس مؤخراً، أن التنظيم قد يستغل أي فراغ أمني يخلّفه تفكك النظام السوري أو انشغال خصومه، ليشن عمليات تهدف إلى إطلاق سراح عناصره واستعادة قدراته السابقة في التخطيط وتنفيذ الهجمات.
ووسط هذا المشهد المعقد، تظهر المؤشرات أن التنظيم المتطرف، المنبثق عن تنظيم «القاعدة» في العراق، لم يعد مجرد خطر من الماضي. ففي عام 2024 وحده، أعلن مسؤوليته عن نحو 294 هجوماً في سوريا، مقارنة بـ121 هجوماً في العام السابق، فيما قدرت لجنة المراقبة الأممية العدد بنحو 400، ما يعكس تصاعداً خطيراً في أنشطته.
ويعزز هذا التصعيد القلق من تكرار سيناريوهات دامية، خصوصاً أن التنظيم استعاد زخمه سابقاً مستغلاً فوضى الحرب الأهلية السورية، ليعلن دولته التي امتدت على مساحات واسعة من سوريا والعراق، وارتكب فيها فظائع وثقتها منظمات دولية.
وفي الشمال الشرقي من سوريا، حيث تُشرف قوات سوريا الديمقراطية على تأمين سجون ومخيمات مقاتلي التنظيم، ويتعرض الوضع الأمني لضغوط كبيرة بسبب هجمات ميليشيات مدعومة من تركيا.
وتُعد هذه السجون هدفاً محتملاً لهجمات جديدة، كما حدث في سجن الحسكة عام 2022، حين فرّ مئات السجناء قبل أن تتمكن القوات الخاصة الأميركية من دعم «قسد» في استعادة السيطرة.
وفي مخيم الهول، الذي يأوي نساء وأطفال مقاتلي التنظيم، تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن التنظيم بدأ يختبر حدود السيطرة مجدداً، في ظل حالة من الفوضى أعقبت تراجع النظام السوري وداعميه.
ويحذر كاوا حسن، الباحث في مركز «ستيمسون»، من أن أي ضعف في القوات الكردية سيخلق فراغاً، وتنظيم «داعش» هو الطرف الأكثر جاهزية للاستفادة من هذه الفوضى.
تتجلى اليوم الحاجة إلى استراتيجية شاملة لمعالجة الأسباب الجذرية لعودة التطرف، الذي تمثل خلفية النظام الجديد الحاكم في دمشق وارتباطاته احد أسبابها ، ولابد من التأكد من أن لا تتحول السجون والمخيمات إلى محطات انطلاق لنسخة أكثر عنفاً من تنظيمٍ لطالما كان العنوان الأبرز للفوضى والدمار والقتل في المناطق التي سيطر عليها في كل من العراق وسوريا .