هل تدفع المقاطعة شركتي إتش آند إم وستاربكس للانسحاب من المغرب؟
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
الرباط – احتفى دعاة المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل في المغرب بعزم علامتين تجاريتين عالميتين، وهما "إتش آند إم" و"ستاربكس"، الانسحاب من السوق المغربية منتصف الشهر الجاري. ورأى العديد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي أن هذا الانسحاب نتيجة لحملة المقاطعة، التي انطلقت منذ أسابيع وشملت عددا من العلامات التجارية العالمية المساندة لإسرائيل في حربها المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي التي خلفت أزيد من 15 ألف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء.
وتناقلت وسائل إعلام مغربية خلال الأيام الأخيرة الخبر، وربطت ذلك بحملة المقاطعة الشعبية التي أطلقها نشطاء مناهضون للحرب على غزة.
صعوبات مالية وإخلاءوعاينت الجزيرة نت إخلاء أحد طوابق متجر العلامة التجارية المتخصصة في الملابس الجاهزة "إتش آند إم" بالرباط، وعرض البضائع في طابق واحد.
وحسب ما أوضحت للجزيرة نت مصادر عمالية من محل لهذه العلامة، فإن سبب الإغلاق يعود إلى صعوبات مالية ترتبط بتدبير علامتي "ستارباكس" و"إتش آند إم" بالمغرب، اللتين تمتلكهما المجموعة الاقتصادية الكويتية الشايع.
وأضافت المصادر أن هذا القرار مرتبط بإكراهات تتعلق بضعف جاذبية السوق المغربية بالنسبة لنشاطهما التجاري.
وقال أحد العمال للجزيرة نت إنه تم إبلاغهم قبل أسابيع بنية الشركة إغلاق فروعها في المغرب، وإنهاء التعاقد معهم قبل نهاية العام الجاري.
ودخلت شركة الشايع الاقتصادية المتخصصة في إدارة وتشغيل العلامات التجارية العالمية، إلى السوق المغربي عام 2011 باستثمار يقدر بنحو 40 مليون دولار، حسب بيان أصدرته حينها، حيث أطلقت 7 علامات تجارية عالمية متخصصة في الملابس والأحذية والترفيه وهي "أميركان إيجل" و"نكست" و"إتش آند إم" و"مذركير"، و"پنكبري" و"ستارباكس" ثم "بايليس".
وفي عام 2017 رفعت المجموعة رأسمالها إلى 566 مليون درهم (56 مليون دولار) تزامنا مع عملية توسع وانتشار فروعها، غير أنه تم سحب معظم هذه العلامات تدريجيا وبقيت فقط متاجر "إتش آند إم" ومقاهي "ستارباكس"، وفق مصادر مغربية.
وتضيف المصادر نفسها أن المجموعة اضطرت عام 2021 إلى تخفيض رأسمالها بسبب الأزمة الاقتصادية التي تلت جائحة كورونا.
وتمتلك المجموعة حاليا بالمغرب 18 فرعا لعلامة "ستارباكس" موزعة على مدن الرباط 3 فروع، والدار البيضاء فروع 10، والقنيطرة فرع واحد، ومراكش 3، وطنجة فرع واحد، و4 متاجر لعلامة "أتش آند إم" في 3 مدن، وهي الرباط فرع واحد، ومراكش فرع واحد، والدار البيضاء فرعان.
واتصلت الجزيرة نت بمسؤولين بفروع هذه العلامات التجارية بالمغرب لتوضيح الأسباب الحقيقية وراء إغلاق بعض الفروع دون رد، كما راسلت المجموعة الاقتصادية الشايع عبر البريد الإلكتروني لطلب توضيحات.
وأوضح المتحدث باسم المجموعة في رد على أسئلة الجزيرة نت أنها ملتزمة تجاه أعمالها بالمغرب.
وقال المتحدث "سنواصل تشغيل محلات إتش آند إم في البلاد، فضلا عن مراجعة محفظتنا من العلامات التجارية باستمرار لضمان افتتاحنا المحلات المناسبة في المواقع التي تناسب زبناءنا".
وأضاف المصدر نفسه "في الوقت الذي نواصل فيه البحث عن فرص لتحقيق أقصى استفادة من إمكانيات إتش آند إم، يندرج إجراء بعض التغييرات على مستوى محلاتنا في إطار جهودنا لتحقيق ذلك"، وتابع "كما أننا نواصل تشغيل جميع مقاهي ستاربكس في المغرب".
من جهته، اعتبر منسق جبهة دعم فلسطين ومناهضة التطبيع جمال العسري أن المقاطعة الاقتصادية عجلت باتخاذ قرار إغلاق محلات هذه العلامات التجارية، وأن الشركة ستحاول التغطية على الأسباب الحقيقية للانسحاب.
ومع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انطلقت حملة شعبية مغربية لمقاطعة العلامات التجارية التي أعلنت دعمها لإسرائيل.
وتناقل النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي قائمة تضم المتاجر والمحلات والمطاعم المعنية بالمقاطعة، داعين إلى الاستعاضة عنها بخدمات المتاجر المحلية والمنتجات الوطنية.
وكانت متاجر كارفور ومطاعم ماكدونالدز الأكثر استهدافا بالمقاطعة بعد إعلان شركاتها الأم تقديم طرود غذائية ووجبات مجانية لجنود الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب شركة ستاربكس التي هاجمت نقابة عمالها على خلفية نشرها بيانا تضامنيا مع فلسطين، وحاولت فروع هذه الشركات في المغرب مواجهة حملة المقاطعة بتقديم عروض مغرية وتخفيضات لجذب الزبائن.
وقالت "و.ر" عاملة بأحد فروع ماكدونالدز بالرباط للجزيرة نت إن المتجر الذي تعمل به ويوجد في أحد الأماكن الراقية بالعاصمة، كان يشهد إقبالا كبيرا من الشباب خاصة، غير أن هذا الإقبال تراجع بشكل كبير في الأسابيع الماضية منذ اندلاع الحرب وإطلاق حملة المقاطعة في مواقع التواصل.
ما سبب الخسائر؟وتواصلت الجزيرة نت مع الخبير الاقتصادي محمد الجدري، الذي استبعد أن يكون قرار إغلاق فروع لـ"إتش آند إم" وستاربكس سببه حملة المقاطعة التي استهدفتهما مؤخرا، مشيرا إلى أنه لم يمر على العدوان على غزة سوى عدة أسابيع ومن الصعب تقييم الآثار والأضرار المترتبة عن هذه الحملة خلال هذه المدة القصيرة.
ورجح أن يكون قرار إغلاق الفروع راجعا إلى ارتفاع الرسوم الجمركية وصعوبات اقتصادية بسبب تكبد المجموعة المالكة لهذه العلامات خسائر كبيرة لمدة طويلة.
تصعيد المقاطعة
ونظمت عدد من الهيئات المساندة لفلسطين وقفات احتجاجية أمام متاجر كارفور ومطاعم ماكدونالدز في عدد من المدن المغربية.
ويقول جمال العسري إن برنامجهم الاحتجاجي يقوم على عدد من المرتكزات، فإلى جانب إدانة العدوان والدعوة لوقف التطبيع من خلال الوقفات الاحتجاجية والمسيرات التضامنية في كل المدن المغربية، أطلقت الجبهة وعدد من الهيئات المدنية حملة للمقاطعة الاقتصادية للشركات العالمية التي أعلنت دعمها "للكيان الصهيوني".
وأوضح العسري للجزيرة نت أن المغاربة نظموا وقفات أمام هذه المطاعم والمتاجر في كل من مدن سلا والمحمدية والدار البيضاء وأكادير وبني ملال ومكناس ومراكش وطنجة.
وأضاف أن جبهة دعم فلسطين ومناهضة التطبيع قررت في اجتماعها الأخير تصعيد حملة المقاطعة الاقتصادية في الفترة ما بين 10 و20 ديسمبر/كانون الأول الحالي، لافتا إلى إطلاق حملة لإلغاء العقد الذي يربط شركة الملابس الرياضية "بوما" بالمنتخب الوطني لكرة القدم.
وقال "لا يعقل أن يعلن لاعبو المنتخب الوطني تضامنهم مع الشعب الفلسطيني عقب المباريات التي يخوضونها، في حين يرتدون ملابس وأحذية شركة تعلن دعمها ومساندتها للكيان الصهيوني".
ويرى المتحدث أن المقاطعة الاقتصادية هي من الطرق المهمة لدعم الشعب الفلسطيني، وأكد أن تأثير هذه الحملة يظهر واضحا من خلال مقارنة حجم الإقبال على المحلات والمتاجر المعنية بالمقاطعة ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وما بعدها.
ولفت المتحدث إلى أن المقاطعة ليس سلاحا جديدا بالنسبة للمغاربة، إذ إنهم يقاطعون عددا من العلامات التجارية الأميركية منذ سنوات بسبب الدعم المعلن لإسرائيل، وقد أثبت هذا السلاح فعاليته، وفق تعبيره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المقاطعة الاقتصادیة العلامات التجاریة مواقع التواصل حملة المقاطعة هذه العلامات الجزیرة نت للجزیرة نت فی المغرب
إقرأ أيضاً:
دراما رمضان 2025.. موسم باهت وانتقادات حادة تدفع للتغيير
يُعد شهر رمضان موسمًا رئيسيًا للدراما المصرية، حيث تتنافس الأعمال التلفزيونية على جذب انتباه المشاهدين.
ومع اقتراب انتهاء الشهر، لم تنجح معظم المسلسلات هذا العام في تحقيق التوقعات، وسط انتقادات واسعة من الجمهور والنقاد على حد سواء.
وعلى الرغم من زيادة عدد الأعمال المعروضة مقارنة بالعام الماضي، فإن التكرار والتطويل والمبالغة في التيمات الشعبية ألقت بظلالها على مستوى الإنتاج الدرامي لهذا الموسم.
تعرض القنوات المصرية هذا العام 39 مسلسلًا، مقارنة بـ34 عملًا في الموسم السابق، تتنوع بين الكوميديا، والدراما الشعبية، والأكشن، والفانتازيا، والتشويق. ومع ذلك، ورغم التنوع الظاهري، وتعاني معظم هذه الأعمال من ضعف الحبكة والتكرار المفرط، وهو ما جعل الجمهور ينصرف عن متابعتها باستثناء بعض الأعمال التي لاقت قبولًا نسبيًا، مثل "أولاد الشمس"، "النص"، "80 باكو"، و"أشغال شقة جدًا" و "لام شمسية".
ويُعد الاتجاه نحو المسلسلات ذات الـ15 حلقة خطوة إيجابية نالت استحسان النقاد، حيث تسهم في الحد من الإطالة غير المبررة التي طالما أضعفت جودة الدراما الرمضانية في السنوات الماضية.
ولكن على الرغم من هذا التغيير، فإن الموسم الحالي لم ينجح في تقديم محتوى قوي وجاذب للجمهور.
انتقادات واتهامات بالتكرار وضعف المنافسة
واجهت الأعمال الرمضانية لهذا العام موجة من الانتقادات، حيث أشار النقاد إلى غياب التنوع الحقيقي، والاعتماد المفرط على النمط الشعبي كبطل أساسي في معظم الأعمال، إلى جانب احتكار صناعة الدراما من قِبل جهة إنتاجية واحدة تسيطر على أغلب الإنتاجات، مما أدى إلى ضعف المنافسة وغياب الابتكار.
ويؤكد المتابعون أن هذا الاحتكار أدى إلى تقديم أعمال متشابهة في الطرح والأسلوب، حيث تعتمد معظمها على نماذج متكررة من البطل الشعبي الذي يتحدى الجميع وينتصر في النهاية، دون تقديم قصص درامية حقيقية تعكس تطور المجتمع المصري أو تناقش قضاياه الراهنة بعمق.
انعكاس الأعمال الرمضانية على القيم المجتمعية
لم تقتصر الانتقادات على الجوانب الفنية فقط، بل امتدت إلى المحتوى المقدم وتأثيره على القيم المجتمعية. فقد أشارت الدكتورة هالة يسري، أستاذ علم الاجتماع، إلى أن الدراما الحالية لا تعكس الصورة الحقيقية للمرأة المصرية، بل تقدمها في أدوار سطحية لا تليق بمكانتها وإنجازاتها.
كما عبّر العديد من المشاهدين عن استيائهم من ازدياد مشاهد العنف، والألفاظ غير اللائقة، والرسائل السلبية التي تروج لها بعض المسلسلات، والتي يرى البعض أنها تساهم في نشر سلوكيات غير محمودة بين الشباب، بدلًا من تعزيز القيم الإيجابية والمبادئ الأخلاقية.
الحاجة إلى تغيير شامل في الدراما المصرية
يرى المتخصصون أن الحل يكمن في إعادة هيكلة الصناعة الدرامية، وفتح المجال أمام المزيد من شركات الإنتاج المستقلة لتعزيز المنافسة، بالإضافة إلى ضرورة إشراك علماء النفس والاجتماع في عملية صناعة المحتوى، لضمان تقديم أعمال تحترم عقل المشاهد وتعكس التنوع الحقيقي في المجتمع المصري.
ومن جانبه، أعلن رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، أمس الأربعاء، عن تشكيل مجموعة عمل تعنى بوضع رؤية مستقبلية للإعلام والدراما، وضبط الأعمال الدرامية، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وقال مدبولي خلال مؤتمر صحفي إن هناك تعليقات رصدت على الأعمال الدرامية المعروضة خلال شهر رمضان المبارك بأنها لا تعبر عن المعدن الحقيقي للمجتمع المصري ولا الواقع المصري.
وأفاد بأن مجموعة العمل ستضم خبراء ومتخصصين وأساتذة إعلام وشركات الإعلام بما فيهم الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بهدف الوصول لرؤية شاملة من شأنها أن تعزز الهوية المصرية وتضمن عدم التقييد لحرية الفكر والإبداع.
وأكد رئيس الوزراء أن هذه الخطوة تأتي استجابة لما أثاره الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن ضرورة أن تعكس الأعمال الدرامية والإعلامية الواقع المصري الحقيقي، وتعزز القيم الإيجابية في المجتمع، خاصة بعد ردود الأفعال التي أظهرت وجود فجوة بين بعض الأعمال المقدمة في شهر رمضان والمعدن الأصيل للمجتمع المصري.
وشدد الدكتور مصطفى مدبولي على أن هذا التوجه لا يهدف بأي حال من الأحوال إلى تقييد حرية الإبداع والفكر، وإنما يسعى إلى تقديم دراما تعبر بصدق عن الواقع المصري، وتتناول قضايا المجتمع بأسلوب احترافي يعزز الهوية الوطنية والانتماء، مع الالتزام بالثوابت الأخلاقية والحضارية.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة المصرية تمتلك إرثًا فنيًا وإعلاميًا كبيرًا، ومن الضروري العمل على استعادته وتطويره بما يواكب المتغيرات الحديثة، مؤكدًا أن الهدف الأساسي هو إنتاج أعمال درامية على أعلى مستوى من الجودة، تظل خالدة في ذاكرة الأجيال وتعكس الصورة الحقيقية للمجتمع المصري.
وفي ظل هذه التحديات، يبقى الأمل معقودًا على أن تحمل المواسم القادمة تغييرًا إيجابيًا يعيد للدراما المصرية بريقها، من خلال تقديم محتوى أكثر جودة وعمقًا، يحترم القيم المجتمعية ويعكس الصورة الحقيقية للمجتمع.
ومن جانبها، انتقدت الدكتورة هالة يسري، أستاذ علم الاجتماع، غياب الصورة الحقيقية للمرأة المصرية في الدراما الرمضانية، مؤكدة أن الأعمال المعروضة لا تعكس دورها الفعلي في تحقيق الإنجازات الأسرية والمجتمعية، بل تروج لصورة مشوهة يتم تسويقها على نطاق واسع في العالم العربي.
وأضافت في تصريحات لـ "صدى البلد"، أنه يوجد حالة من الاستياء، تصل إلى حد الغضب، من المصريين المستنيرين تجاه المحتوى الدرامي، الذي بدلاً من ترسيخ القيم والأخلاق، يروج لسلوكيات منحرفة وأخلاقيات متدنية.
وأكدت ضرورة التصدي لهذه الظاهرة للحفاظ على القيم المجتمعية، مشيرة إلى أن الحل يكمن في الاستعانة بالمتخصصين في علم النفس والاجتماع، كما أوصى الرئيس السيسي، لضمان تقديم محتوى هادف يسهم في بناء المجتمع بدلاً من هدمه.