الرباط – احتفى دعاة المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل في المغرب بعزم علامتين تجاريتين عالميتين، وهما "إتش آند إم" و"ستاربكس"، الانسحاب من السوق المغربية منتصف الشهر الجاري. ورأى العديد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي أن هذا الانسحاب نتيجة لحملة المقاطعة، التي انطلقت منذ أسابيع وشملت عددا من العلامات التجارية العالمية المساندة لإسرائيل في حربها المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي التي خلفت أزيد من 15 ألف شهيد، معظمهم من الأطفال والنساء.

وتناقلت وسائل إعلام مغربية خلال الأيام الأخيرة الخبر، وربطت ذلك بحملة المقاطعة الشعبية التي أطلقها نشطاء مناهضون للحرب على غزة.

صعوبات مالية وإخلاء

وعاينت الجزيرة نت إخلاء أحد طوابق متجر العلامة التجارية المتخصصة في الملابس الجاهزة "إتش آند إم" بالرباط، وعرض البضائع في طابق واحد.

وحسب ما أوضحت للجزيرة نت مصادر عمالية من محل لهذه العلامة، فإن سبب الإغلاق يعود إلى صعوبات مالية ترتبط بتدبير علامتي "ستارباكس" و"إتش آند إم" بالمغرب، اللتين تمتلكهما المجموعة الاقتصادية الكويتية الشايع.

وأضافت المصادر أن هذا القرار مرتبط بإكراهات تتعلق بضعف جاذبية السوق المغربية بالنسبة لنشاطهما التجاري.

وقال أحد العمال للجزيرة نت إنه تم إبلاغهم قبل أسابيع بنية الشركة إغلاق فروعها في المغرب، وإنهاء التعاقد معهم قبل نهاية العام الجاري.

ودخلت شركة الشايع الاقتصادية المتخصصة في إدارة وتشغيل العلامات التجارية العالمية، إلى السوق المغربي عام 2011 باستثمار يقدر بنحو 40 مليون دولار، حسب بيان أصدرته حينها، حيث أطلقت 7 علامات تجارية عالمية متخصصة في الملابس والأحذية والترفيه وهي "أميركان إيجل" و"نكست" و"إتش آند إم" و"مذركير"، و"پنكبري" و"ستارباكس" ثم "بايليس".

وفي عام 2017 رفعت المجموعة رأسمالها إلى 566 مليون درهم (56 مليون دولار) تزامنا مع عملية توسع وانتشار فروعها، غير أنه تم سحب معظم هذه العلامات تدريجيا وبقيت فقط متاجر "إتش آند إم" ومقاهي "ستارباكس"، وفق مصادر مغربية.

وتضيف المصادر نفسها أن المجموعة اضطرت عام 2021 إلى تخفيض رأسمالها بسبب الأزمة الاقتصادية التي تلت جائحة كورونا.

وتمتلك المجموعة حاليا بالمغرب 18 فرعا لعلامة "ستارباكس" موزعة على مدن الرباط 3 فروع، والدار البيضاء فروع 10، والقنيطرة فرع واحد، ومراكش 3، وطنجة فرع واحد، و4 متاجر لعلامة "أتش آند إم" في 3 مدن، وهي الرباط فرع واحد، ومراكش فرع واحد، والدار البيضاء فرعان.

وقفة احتجاجية أمام متجر كارفور في المغرب (مواقع التواصل) توضيح

واتصلت الجزيرة نت بمسؤولين بفروع هذه العلامات التجارية بالمغرب لتوضيح الأسباب الحقيقية وراء إغلاق بعض الفروع دون رد، كما راسلت المجموعة الاقتصادية الشايع عبر البريد الإلكتروني لطلب توضيحات.

وأوضح المتحدث باسم المجموعة في رد على أسئلة الجزيرة نت أنها ملتزمة تجاه أعمالها بالمغرب.

وقال المتحدث "سنواصل تشغيل محلات إتش آند إم في البلاد، فضلا عن مراجعة محفظتنا من العلامات التجارية باستمرار لضمان افتتاحنا المحلات المناسبة في المواقع التي تناسب زبناءنا".

وأضاف المصدر نفسه "في الوقت الذي نواصل فيه البحث عن فرص لتحقيق أقصى استفادة من إمكانيات إتش آند إم، يندرج إجراء بعض التغييرات على مستوى محلاتنا في إطار جهودنا لتحقيق ذلك"، وتابع "كما أننا نواصل تشغيل جميع مقاهي ستاربكس في المغرب".

من جهته، اعتبر منسق جبهة دعم فلسطين ومناهضة التطبيع جمال العسري أن المقاطعة الاقتصادية عجلت باتخاذ قرار إغلاق محلات هذه العلامات التجارية، وأن الشركة ستحاول التغطية على الأسباب الحقيقية للانسحاب.

ومع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، انطلقت حملة شعبية مغربية لمقاطعة العلامات التجارية التي أعلنت دعمها لإسرائيل.

وتناقل النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي قائمة تضم المتاجر والمحلات والمطاعم المعنية بالمقاطعة، داعين إلى الاستعاضة عنها بخدمات المتاجر المحلية والمنتجات الوطنية.

وكانت متاجر كارفور ومطاعم ماكدونالدز الأكثر استهدافا بالمقاطعة بعد إعلان شركاتها الأم تقديم طرود غذائية ووجبات مجانية لجنود الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب شركة ستاربكس التي هاجمت نقابة عمالها على خلفية نشرها بيانا تضامنيا مع فلسطين، وحاولت فروع هذه الشركات في المغرب مواجهة حملة المقاطعة بتقديم عروض مغرية وتخفيضات لجذب الزبائن.

وقالت "و.ر" عاملة بأحد فروع ماكدونالدز بالرباط للجزيرة نت إن المتجر الذي تعمل به ويوجد في أحد الأماكن الراقية بالعاصمة، كان يشهد إقبالا كبيرا من الشباب خاصة، غير أن هذا الإقبال تراجع بشكل كبير في الأسابيع الماضية منذ اندلاع الحرب وإطلاق حملة المقاطعة في مواقع التواصل.

ما سبب الخسائر؟

وتواصلت الجزيرة نت مع الخبير الاقتصادي محمد الجدري، الذي استبعد أن يكون قرار إغلاق فروع لـ"إتش آند إم" وستاربكس سببه حملة المقاطعة التي استهدفتهما مؤخرا، مشيرا إلى أنه لم يمر على العدوان على غزة سوى عدة أسابيع ومن الصعب تقييم الآثار والأضرار المترتبة عن هذه الحملة خلال هذه المدة القصيرة.

ورجح أن يكون قرار إغلاق الفروع راجعا إلى ارتفاع الرسوم الجمركية وصعوبات اقتصادية بسبب تكبد المجموعة المالكة لهذه العلامات خسائر كبيرة لمدة طويلة.


تصعيد المقاطعة

ونظمت عدد من الهيئات المساندة لفلسطين وقفات احتجاجية أمام متاجر كارفور ومطاعم ماكدونالدز في عدد من المدن المغربية.

ويقول جمال العسري إن برنامجهم الاحتجاجي يقوم على عدد من المرتكزات، فإلى جانب إدانة العدوان والدعوة لوقف التطبيع من خلال الوقفات الاحتجاجية والمسيرات التضامنية في كل المدن المغربية، أطلقت الجبهة وعدد من الهيئات المدنية حملة للمقاطعة الاقتصادية للشركات العالمية التي أعلنت دعمها "للكيان الصهيوني".

وأوضح العسري للجزيرة نت أن المغاربة نظموا وقفات أمام هذه المطاعم والمتاجر في كل من مدن سلا والمحمدية والدار البيضاء وأكادير وبني ملال ومكناس ومراكش وطنجة.

وأضاف أن جبهة دعم فلسطين ومناهضة التطبيع قررت في اجتماعها الأخير تصعيد حملة المقاطعة الاقتصادية في الفترة ما بين 10 و20 ديسمبر/كانون الأول الحالي، لافتا إلى إطلاق حملة لإلغاء العقد الذي يربط شركة الملابس الرياضية "بوما" بالمنتخب الوطني لكرة القدم.

وقال "لا يعقل أن يعلن لاعبو المنتخب الوطني تضامنهم مع الشعب الفلسطيني عقب المباريات التي يخوضونها، في حين يرتدون ملابس وأحذية شركة تعلن دعمها ومساندتها للكيان الصهيوني".

ويرى المتحدث أن المقاطعة الاقتصادية هي من الطرق المهمة لدعم الشعب الفلسطيني، وأكد أن تأثير هذه الحملة يظهر واضحا من خلال مقارنة حجم الإقبال على المحلات والمتاجر المعنية بالمقاطعة ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وما بعدها.

ولفت المتحدث إلى أن المقاطعة ليس سلاحا جديدا بالنسبة للمغاربة، إذ إنهم يقاطعون عددا من العلامات التجارية الأميركية منذ سنوات بسبب الدعم المعلن لإسرائيل، وقد أثبت هذا السلاح فعاليته، وفق تعبيره.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المقاطعة الاقتصادیة العلامات التجاریة مواقع التواصل حملة المقاطعة هذه العلامات الجزیرة نت للجزیرة نت فی المغرب

إقرأ أيضاً:

عودة ترامب تدفع عملاق الغاز الأمريكي "فينتشر جلوبال" لطرح حصة جديدة للاكتتاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت شركة "فينتشر جلوبال" الأمريكية العملاقة، المتخصصة في إنشاء محطات الغاز المسال وسفن تصديره، أنها تقدمت بطلب لطرح أسهم جديدة للاكتتاب العام في البورصة الأمريكية، لتلاحق الشغف المتزايد لدى المستثمرين بشأن الانتعاش المحتمل لصادرات الغاز الطبيعي المسال في ظل إدراة الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
ويأتي طرح الاكتتاب العام لأسهم "فينتشر جلوبال"، في وقت يتوقع فيه أن يصبح مطورو الغاز الطبيعي المسال من بين أكثر المستفيدين من عودة ترامب إلى البيت الأبيض. 
وذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إن الشركة، التي تخطط لبناء وتشغيل خمس محطات للغاز المسال على خليج الساحل الأمريكي، تقدمت بطلبات طرح اسهم جديدة للاكتتاب العام (آي بي أو) لـ"هيئة الأوراق المالية والبورصات" الأمريكية. ولم تكشف عن حجم الأسهم التي تعتزم الشركة طرحها في بورصة نيويورك للأوراق المالية.
كانت "فاينانشيال تايمز" كشفت في تقارير سابقة أن الشركة تخطط لطرح ما بين 3 و4 مليارات دولار، والتي ستكون أكبر عملية طرح بين شركات الطاقة المدرجة في السوق منذ أكثر من عام، وواحدة من أكبر عمليات الطرح في التاريخ الأمريكي.
وتوقع محللون في "جي بي مورجان" أن تصل قيمة مشروع شركة "فينتشر جلوبال" إلى 100 مليار دولار، متضمنة المبالغ الضخمة للديون التي ستجمعها لبناء تلك المحطات.
وكان الرئيس المنتخب تعهد بإلغاء سقف إنتاج وتصدير النفط والغاز الطبيعي في استعادة لسياسة "هيمنة الطاقة الأمريكية".
وأظهرت وثائق طرح الاكتتاب العام أن "فينتشر جلوبال" جمعت حوالي 54 مليار دولار لبناء محطاتها لتسييل الغاز ولسداد نفقاتها التشغيلية منذ تأسيسها قبل 11 عامًا. وربحت الشركة ما يقرب من 20 مليار دولار كإجمالي أرباح جنتها خلال تلك الفترة، بينما من المتوقع أن تولد عقودها طويلة الأجل إيرادات تصل إلى 107 مليارات دولار في السنوات المقبلة.
أُنشئت "فينتشر جلوبال" على يد المصرفي السابق مايك سابيل، والمحاكي روبرت بيندر، اللذين يمتلكان 84 في المائة من أسهم الشركة. وقد حصل كل منهم على مكافآت 33.5 مليون و28.5 مليون دولار على التوالي في عام 2023.
غير أن الشركة أثارت حولها المزيد من الجدل. ودخلت في نزاعات مع شركات "شل" و"بريتش بتروليوم" (بي بي) وغيرها من العملاء الرئيسيين، الذين زعموا أنها نكثت عهودها بشأن عقود طويلة الأجل بمليارات الدولارات، عندما ارتفعت أسعار الغاز المسال إلى عنان السماء بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.
أقام هؤلاء العملاء دعاوى تحكيم بلغت قيمتها 5 مليارات دولار على الأقل ضد الشركة، التي حذرت وثائق طرح الاكتتاب العام أنها قد تتسبب في تسديدات "جوهرية" وإلغاء عقود طويلة الأجل معينة، وربم تؤدي إلى ارتفاع مستويات الدين لديها.
وتعهد ترامب بإنهاء حالة الجمود ووعد بإطلاق العنان لإنتاج الغاز الأمريكي، الذي بلغ 11.4 مليار قدم مكعب يوميًا، وهي بالفعل أكبر مزود للغاز الطبيعي في العالم. وتشير بيانات "هيئة معلومات الطاقة" في الولايات المتحدة، إلى أن وجود 6 مشروعات قيد الإنشاء، سترفع هذا الرقم إلى 24.4 مليار قدم مكعب بحلول نهاية عام 2028.

مقالات مشابهة

  • «المشروعات القومية تدفع عجلة التنمية».. سياسيون: الدولة تحملت أعباء كثيرة للوصول للجمهورية الجديدة
  • عمال أمازون وستاربكس يضربون عن العمل.. فهل هم في سباق مع الزمن قبل دخول ترامب البيت الأبيض؟
  • الإصلاح والنهضة: جهود الدولة في المشروعات القومية تدفع عجلة التنمية
  • عودة ترامب تدفع عملاق الغاز الأمريكي "فينتشر جلوبال" لطرح حصة جديدة للاكتتاب
  • مهنيون: الحرارة غير المعتادة التي شهدها المغرب بعد الأمطار الأخيرة، تثير شكوك حول مصير الموسم الفلاحي
  • المخاوف بشأن مقدار الطلب وتحسن الدولار تدفع إلى خفض أسعار النفط
  • صاحبة الجلالة.. تدفع ثمن الحرب قتلاً وإعتقالاً
  • الهجرة تدفع النمو السكاني في أمريكا لأعلى معدل منذ 23 عامًا
  • ابو الغيط يؤكد تحولات الاقتصاد العالمي في ضوء عدم اليقين الجيو سياسي تدفع العالم الي الحروب التجارية
  • تكرار الانتقادات والإهانات أبرزها.. ظهور هذه العلامات مؤشر على فشل العلاقة العاطفية