وكيل الأزهر: مشاهد القتل لأهلنا في غزة تبرهن أن الإنسانية بالحضارة الغربية ماتت
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إنه من العجيب أن نتحدث عن الإنسان في زمن غيبت فيه الإنسانية، وأن نتحدث عن البناء في وقت أشاعت فيه عصابات طائشة الهدم والتخريب، مضيفا "لقد ماتت الإنسانية التي تدعيها الحضارة الغربية، أو تأكد أنها إنسانية زائفة، ونحن نشاهد كل يوم مشاهد القتل والترويع للعزل والضعفاء والأبرياء من العجزة والأطفال والنساء من أهل غزة دون أن يتحرك ضمير الحضارة المعاصرة".
وأوضح وكيل الأزهر، خلال كلمته بافتتاح مؤتمر كلية التربية بنين القاهرة، بجامعة الأزهر، أن الإنسانية في عالمنا المعاصر، اتضح أنها إنسانية عرجاء؛ ليس في خطتها، ولا من عنايتها أن تقف في وجوه الظالمين، أو حتى تعلن البراءة من أفعالهم المنكرة، كما غاب عنها أحكام العقل وأدوات المنطق، وهي تستمع لتلك الأكاذيب الطائرة في الآفاق عبر الإعلام العالمي المتواصي بالكذب على الإسلام وأهله حول أرض الميعاد، وتحريمها على أهلها الفلسطينيين وإباحتها فقط للصهاينة الغاصبين.
وأكد الدكتور الضويني، أن بناء الأمم إنما يكون ببناء الفرد الذي هو نواة المجتمع، موضحا أنه لا سبيل إلى بناء هذا الفرد إلا من خلال التعليم؛ ولهذا فإن مؤسسات التعليم في أي مجتمع هي معيار قوته، ومقياس نهضته، وأن التعليم للإنسان يمثل صيانة العقل من الانجراف وراء الخرافة والوهم، والسد المنيع دون وقوع الجريمة، والدرع القوي من التخلف والفساد، والقلعة الحصينة من التطرف والغلو.
بِتوجيهات شيخ الأزهر.. «بيت الزكاة والصدقات» يصرف دعما نقديا شهريا للطلاب الفلسطينيين طلَّاب الأزهر يحصدون المراكز الأولى في مسابقة «الأسبوع العربي للبرمجة»وأشاد وكيل الأزهر بموضوع مؤتمر كلية التربية بجامعة الأزهر، «التربية وبناء الإنسان لعالم متغير.. رؤية أزهرية استشرافية»، مؤكدا أن هذا المؤتمر يشكل فرصة حقيقية لتشجيع التفكير الاستشرافي لدعم تطوير علوم التربية والممارسات التعليمية في ضوء الرؤية الإسلامية الشاملة، بهدف بناء إنسان مواكب للعالم المتغير، كما أن اختيار موضوع هذا المؤتمر، يترجم عناية كلية التربية بجامعة الأزهر بالقضايا الوطنية الاستراتيجية في التعليم، ويعكس التزامها برسالتها، ويؤكد دورها كمحفز وقائد للتغيير، مبينا أنه يأتي انطلاقا من رؤية الأزهر، التي تنطلق من أن التربية هي المفتاح الرئيس لتشكيل مستقبل أفضل للإنسانية وبناء إنسان يتمتع بالكفايات والجدارات اللازمة التي تضمن قدرته على التعامل مع عالم متعدد الثقافات يتغير بشكل متسارع.
وأضاف وكيل الأزهر أن «بناء الإنسان وإعداده»، قضية شغلت العديد من المفكرين والباحثين قديما وحديثا، ومحليا وعالميا، موضحا أن هذه القضية قد ازدادت أهمية في ضوء ما تلقاه المجتمعات من تغيرات طبعية، أو تغييرات مقصودة، في ظل حرص بعض الدول والمؤسسات على تسويق فكرتها وأسلوب حياتها ونمط معيشتها، في مقابل إضعاف خصوصيات مجتمعات أخرى وهوياتها، والعمل على ذوبان ملامحها.
ونبه وكيل الأزهر على أن بناء الإنسان ليس كلمات تلقى، أو شعارات تعلن فحسب، وإنما هو صناعة ثقيلة في ظل ما يموج به العالم المعاصر من تغيرات وتقلبات في مجالات العلوم النظرية والتطبيقية على السواء، محذرا من أن التغيرات من حولنا تحاول أن تقتحم أفكارنا وعقائدنا واتجاهاتنا، وأنه في ظل هذا الاستهداف الطائش، فإنه من الواجب على مؤسسات التربية ومعاهد التعليم أن تتوخى الحذر، وأن تحتاط بالثوابت والأصول والأسس حتى لا تتأثر الأمة بكل طرح جديد تغري جدته الشباب، وبريقه الأحداث، فالواجب إذا أن يبنى الإنسان لعالم متغير لكن على أرض صلبة من العقيدة والتاريخ واللغة والقيم ومكونات الهوية جمعاء.
وبين وكيل الأزهر أن الحضارة الحديثة قد استخدمت كل أدواتها وتقنياتها للوصول إلى ما تريد، واستحلت في سبيل ذلك كل شيء، حتى زيفت المفاهيم الشريفة الراقية، وأن بعض المنظمات والدول تحاول دائما أن تعبث بأفكارنا باسم الحريات والحقوق، وأن يجعلوا القبيح حسنا، والحسن قبيحا، وقد بالغوا في ذلك جدا، حتى أرادوا أن يجعلوا الأرض لغير أهلها، وأن يستهدفوا عقول شبابنا بأفكار تأباها أحكام العقل وقواعد المنطق، موضحا أنه لم ينج من هذه المقولات الزائفة أطفالنا الأبرياء الأطهار، الذين أرادوا أن يفسدوا فيهم النقاء والطهر بأفكارهم الفاسدة، وكان من الطوام هذا الشذوذ الذي هونوا من ثقل اسمه فقالوا: «مثلية»؛ هروبا من بشاعة الوصف الذي يجب أن يكون.
وأكد الدكتور الضويني، أن الأزهر نبه وحذر وعمل جاهدا، على إظهار فساد هذا التمييع، تارة من خلال كتابات علمية وفكرية، وتارة من خلال مؤتمرات دولية، وغير ذلك، كاشفا عن أن السبيل لمواجهة هذه السيولة المفاهيمية، لا بد من تفكيك المقولات التأسيسية التي بنيت عليها هذه المفاهيم، موضحا أن ذلك يكون بالتوازي مع حملات دولية توقظ في الناس فطرتهم السليمة، وتعزز مكانة الدين في المجتمع، وتعلي من قيمة الأسرة والتكوين الطبعي لها.
وشدد وكيل الأزهر على أن الإعداد لعالم متغير، يضع على المربين مسؤولية كبيرة في إعداد الأجيال، وبناء العقول، وتهذيب الأخلاق، وتنمية القدرات، والتعرف إلى مهارات الطلاب، واكتشاف المواهب الكامنة فيهم؛ للاستفادة منها وحسن توظيفها، مع صيانة بعقيدة راسخة وفهم سديد وإيمان ثابت، وإتاحة لما يدور في العالم من خبرات وتجارب، إلى آخر الوظائف المهمة الضرورية لتربية الإنسان وإعداده، والواجبة على الجميع أفرادا ومؤسسات.
وفي ختام كلمته، بعث وكيل الأزهر بعدد من الرسائل الهامة والمؤثرة في سبيل إعداد الإنسان لعالم متغير، والتي جاءت كالتالي:
أولا: إن النظر الواسع الذي يتجاوز البقعة الجغرافية الضيقة مطلب شرعي، وضرورة عصرية وحضارية.
ثانيا: إن إعداد الإنسان لعالم متغير ليست فكرة مثالية تحلم بها بعض العقول، وليست أمنية شاعرية تهفو إليها بعض الأفئدة، وليست كذلك حبرا على ورق تسطره بعض الأقلام، ولكنه ركن ديني، وواقع تطبيقي، وثمرات نافعة.
ثالثا: إذا كان المؤتمر معنيا باستشراف رؤية أزهرية في قضية بناء الإنسان لعالم متغير؛ فإن هذه الرؤية لا بد أن تضمن التوازن بين متطلبات الروح والعقل والجسد، وأن تعلي من قيمة الاحترام والتسامح والتعايش السلمي مع المحافظة على الهوية ومكوناتها، وأن تقرأ العالم مع قراءة الذات، وأن تنتفع بعطاء العصر من غير تهديد لخصوصية أو عبث بمكونات هوية، وأن تتبنى التعلم المستمر والذاتي ومهارات التفكير النقدي وحل المشكلات واتخاذ القرارات والتفاعل الإيجابي مع الآخرين.
رابعا: إننا نحتاج إلى تربية النشء على العالمية منذ نعومة أظفارهم حتى لا تؤثر فيهم عزلة، ولا وهم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر وكيل الأزهر الدكتور محمد الضويني جامعة الأزهر كلية التربية الإنسان لعالم متغیر بناء الإنسان وکیل الأزهر
إقرأ أيضاً:
حصاد وكيل الأزهر لعام 2024.. جهود شاملة في قضايا وطنية ودولية
كان عام 2024 شاهداً على جهود وكيل الأزهر الشريف، فضيلة أ.د. محمد الضويني، في الدفاع عن القضية الفلسطينية، التي احتلت أولوية الأزهر على المستوى المحلي والدولي.
خلال مشاركته في فعاليات متعددة، أبرز الضويني أهمية المسجد الأقصى كرمز عقائدي للمسلمين، مندداً بالمجـ ازر التي يرتكبها الكيان الصهـ يوني.
في مؤتمرات عديدة، أكد أن استهداف المدنيين في فلسطين ولبنان هو جريمة حرب، ودعا المجتمع الدولي للقيام بواجبه الإنساني.
كما شدد على أهمية الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني الصامد الذي يواجه آلة الاحتلال المتغطرسة.
جهود علمية ودعوية لمواجهة التحديات
شارك وكيل الأزهر في مؤتمرات وندوات علمية ودعوية تناولت قضايا مجتمعية ودينية ملحة.
في مؤتمر بجامعة الأزهر، شدد على أهمية التمييز بين علم الفلك والتنجيم، بينما دعا في مؤتمر عن التنمية المستدامة إلى إحياء القيم الروحية لمواجهة التفكك الاجتماعي.
كما ركز على أهمية تصحيح المفاهيم المغلوطة من خلال خطاب ديني وسطي، موجهاً انتقادات واضحة للفتاوى غير المؤهلة التي تروج لها بعض وسائل الإعلام.
دعم قضايا المرأة والشباب
أولى وكيل الأزهر أهمية خاصة لدور المرأة والشباب في بناء المجتمع.
في فعاليات متعددة، دعا إلى تعزيز مكانة المرأة، بعيداً عن العادات والتقاليد الجامدة، مشدداً على أهمية تمكين الشباب لمواجهة التغيرات المجتمعية وتثبيت الهوية الدينية والقيم الأخلاقية.
التكنولوجيا والعلوم الخضراء: أولويات مستقبلية
أكد الدكتور الضويني أهمية التعامل الإيجابي مع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى ضرورة استثمارهما في تصحيح صورة الإسلام ومواجهة الإسلاموفوبيا.
وأشار في مؤتمر حول "العلوم الخضراء" إلى تكامل العلوم الطبيعية مع القيم الإسلامية في الحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
تحقيق معايير جودة التعليم وتعزيز المنافسة بين الطلاب
سعى الأزهر بقيادة وكيله إلى تحسين جودة التعليم واعتماد العديد من المعاهد الأزهرية ضمن برامج ضمان الجودة.
كما شجّع الطلاب على المشاركة في مسابقات كبرى مثل تحدي القراءة العربي ومسابقة حفظ القرآن الكريم، بهدف غرس القيم التعليمية وتنمية القدرات الفكرية لديهم.
توقيع بروتوكولات لتعزيز الصحة النفسية ودعم المجتمع
للمرة الأولى، شهد الأزهر توقيع اتفاقيات جديدة لدعم الصحة النفسية وإنشاء أروقة لتحفيظ القرآن في فروع نادي قضاة مصر، ما يعكس اهتمام المؤسسة بالتكامل بين دورها التعليمي والديني وخدمة المجتمع.
كان عام 2024 محطة بارزة في مسيرة وكيل الأزهر الشريف، حيث امتزجت الجهود العلمية والدعوية بقضايا العدالة المجتمعية والدولية، ما يعكس رؤية الأزهر كمنارة للإصلاح والتجديد.