قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إنه من العجيب أن نتحدث عن الإنسان في زمن غيبت فيه الإنسانية، وأن نتحدث عن البناء في وقت أشاعت فيه عصابات طائشة الهدم والتخريب، مضيفا «لقد ماتت الإنسانية التي تدعيها الحضارة الغربية»، أو تأكد أنها إنسانية زائفة، ونحن نشاهد كل يوم مشاهد القتل والترويع للعزل والضعفاء والأبرياء من العجزة والأطفال والنساء من أهل غزة دون أن يتحرك ضمير الحضارة المعاصرة".

مؤتمر كلية التربية بنين القاهرة بجامعة الأزهر

وأوضح وكيل الأزهر، خلال كلمته بافتتاح مؤتمر كلية التربية بنين القاهرة، بجامعة الأزهر، أن الإنسانية في عالمنا المعاصر، اتضح أنها إنسانية عرجاء، ليس في خطتها، ولا من عنايتها أن تقف في وجوه الظالمين، أو حتى تعلن البراءة من أفعالهم المنكرة، كما غاب عنها أحكام العقل وأدوات المنطق، وهي تستمع لتلك الأكاذيب الطائرة في الآفاق عبر الإعلام العالمي المتواصي بالكذب على الإسلام وأهله حول أرض الميعاد، وتحريمها على أهلها الفلسطينيين وإباحتها فقط للصهاينة الغاصبين.

مؤسسات التعليم في أي مجتمع هي معيار قوته

وأكد الدكتور الضويني، أن بناء الأمم إنما يكون ببناء الفرد الذي هو نواة المجتمع، موضحا أنه لا سبيل إلى بناء هذا الفرد إلا من خلال التعليم، ولهذا فإن مؤسسات التعليم في أي مجتمع هي معيار قوته، ومقياس نهضته، وأن التعليم للإنسان يمثل صيانة العقل من الانجراف وراء الخرافة والوهم، والسد المنيع دون وقوع الجريمة، والدرع القوي من التخلف والفساد، والقلعة الحصينة من التطرف والغلو.

وأشاد وكيل الأزهر بموضوع مؤتمر كلية التربية بجامعة الأزهر، «التربية وبناء الإنسان لعالم متغير.. رؤية أزهرية استشرافية»، مؤكدا أن هذا المؤتمر يشكل فرصة حقيقية لتشجيع التفكير الاستشرافي لدعم تطوير علوم التربية والممارسات التعليمية في ضوء الرؤية الإسلامية الشاملة، بهدف بناء إنسان مواكب للعالم المتغير، كما أن اختيار موضوع هذا المؤتمر، يترجم عناية كلية التربية بجامعة الأزهر بالقضايا الوطنية الاستراتيجية في التعليم، ويعكس التزامها برسالتها، ويؤكد دورها كمحفز وقائد للتغيير، مبينا أنه يأتي انطلاقا من رؤية الأزهر، التي تنطلق من أن التربية هي المفتاح الرئيس لتشكيل مستقبل أفضل للإنسانية وبناء إنسان يتمتع بالكفايات والجدارات اللازمة التي تضمن قدرته على التعامل مع عالم متعدد الثقافات يتغير بشكل متسارع.

وكيل الأزهر: مشاهد القتل والترويع لأهلنا في غزةبناء الإنسان وإعداده قضية شغلت العديد من المفكرين والباحثين

وأضاف وكيل الأزهر أن «بناء الإنسان وإعداده»، قضية شغلت العديد من المفكرين والباحثين قديما وحديثا، ومحليا وعالميا، موضحا أن هذه القضية قد ازدادت أهمية في ضوء ما تلقاه المجتمعات من تغيرات طبعية، أو تغييرات مقصودة، في ظل حرص بعض الدول والمؤسسات على تسويق فكرتها وأسلوب حياتها ونمط معيشتها، في مقابل إضعاف خصوصيات مجتمعات أخرى وهوياتها، والعمل على ذوبان ملامحها.

ونبه وكيل الأزهر على أن بناء الإنسان ليس كلمات تلقى، أو شعارات تعلن فحسب، وإنما هو صناعة ثقيلة في ظل ما يموج به العالم المعاصر من تغيرات وتقلبات في مجالات العلوم النظرية والتطبيقية على السواء، محذرا من أن التغيرات من حولنا تحاول أن تقتحم أفكارنا وعقائدنا واتجاهاتنا، وأنه في ظل هذا الاستهداف الطائش، فإنه من الواجب على مؤسسات التربية ومعاهد التعليم أن تتوخى الحذر، وأن تحتاط بالثوابت والأصول والأسس حتى لا تتأثر الأمة بكل طرح جديد تغري جدته الشباب، وبريقه الأحداث، فالواجب إذا أن يبنى الإنسان لعالم متغير لكن على أرض صلبة من العقيدة والتاريخ واللغة والقيم ومكونات الهوية جمعاء.

وكيل الأزهر: مشاهد القتل والترويع لأهلنا في غزةالتربية هي المفتاح الرئيس لتشكيل مستقبل أفضل للإنسانية وبناء إنسان يتمتع بالكفايات والجدارات

وبين وكيل الأزهر أن الحضارة الحديثة قد استخدمت كل أدواتها وتقنياتها للوصول إلى ما تريد، واستحلت في سبيل ذلك كل شيء، حتى زيفت المفاهيم الشريفة الراقية، وأن بعض المنظمات والدول تحاول دائما أن تعبث بأفكارنا باسم الحريات والحقوق، وأن يجعلوا القبيح حسنا، والحسن قبيحا، وقد بالغوا في ذلك جدا، حتى أرادوا أن يجعلوا الأرض لغير أهلها، وأن يستهدفوا عقول شبابنا بأفكار تأباها أحكام العقل وقواعد المنطق، موضحا أنه لم ينج من هذه المقولات الزائفة أطفالنا الأبرياء الأطهار، الذين أرادوا أن يفسدوا فيهم النقاء والطهر بأفكارهم الفاسدة، وكان من الطوام هذا الشذوذ الذي هونوا من ثقل اسمه فقالوا: «مثلية»، هروبا من بشاعة الوصف الذي يجب أن يكون.

وأكد الدكتور الضويني، أن الأزهر نبه وحذر وعمل جاهدا، على إظهار فساد هذا التمييع، تارة من خلال كتابات علمية وفكرية، وتارة من خلال مؤتمرات دولية، وغير ذلك، كاشفا عن أن السبيل لمواجهة هذه السيولة المفاهيمية، لا بد من تفكيك المقولات التأسيسية التي بنيت عليها هذه المفاهيم، موضحا أن ذلك يكون بالتوازي مع حملات دولية توقظ في الناس فطرتهم السليمة، وتعزز مكانة الدين في المجتمع، وتعلي من قيمة الأسرة والتكوين الطبعي لها.

وكيل الأزهر: مشاهد القتل والترويع لأهلنا في غزةالإعداد لعالم متغير يضع على المربين مسؤولية كبيرة في تنشئة الأجيال وبناء العقول

وشدد وكيل الأزهر على أن الإعداد لعالم متغير، يضع على المربين مسؤولية كبيرة في إعداد الأجيال، وبناء العقول، وتهذيب الأخلاق، وتنمية القدرات، والتعرف إلى مهارات الطلاب، واكتشاف المواهب الكامنة فيهم، للاستفادة منها وحسن توظيفها، مع صيانة بعقيدة راسخة وفهم سديد وإيمان ثابت، وإتاحة لما يدور في العالم من خبرات وتجارب، إلى آخر الوظائف المهمة الضرورية لتربية الإنسان وإعداده، والواجبة على الجميع أفرادا ومؤسسات.

الرسائل الهامة والمؤثرة في سبيل إعداد الإنسان لعالم متغير

وفي ختام كلمته، بعث وكيل الأزهر بعدد من الرسائل الهامة والمؤثرة في سبيل إعداد الإنسان لعالم متغير، والتي جاءت كالتالي:

- أولا: إن النظر الواسع الذي يتجاوز البقعة الجغرافية الضيقة مطلب شرعي، وضرورة عصرية وحضارية.

- ثانيا: إن إعداد الإنسان لعالم متغير ليست فكرة مثالية تحلم بها بعض العقول، وليست أمنية شاعرية تهفو إليها بعض الأفئدة، وليست كذلك حبرا على ورق تسطره بعض الأقلام، ولكنه ركن ديني، وواقع تطبيقي، وثمرات نافعة.

- ثالثا: إذا كان المؤتمر معنيا باستشراف رؤية أزهرية في قضية بناء الإنسان لعالم متغير، فإن هذه الرؤية لا بد أن تضمن التوازن بين متطلبات الروح والعقل والجسد، وأن تعلي من قيمة الاحترام والتسامح والتعايش السلمي مع المحافظة على الهوية ومكوناتها، وأن تقرأ العالم مع قراءة الذات، وأن تنتفع بعطاء العصر من غير تهديد لخصوصية أو عبث بمكونات هوية، وأن تتبنى التعلم المستمر والذاتي ومهارات التفكير النقدي وحل المشكلات واتخاذ القرارات والتفاعل الإيجابي مع الآخرين.

- رابعا: إننا نحتاج إلى تربية النشء على العالمية منذ نعومة أظفارهم حتى لا تؤثر فيهم عزلة، ولا وهم.

اقرأ أيضاًبعد تكريم وكيل الأزهر لهم.. ننشر أسماء الفائزين في مسابقة بنك فيصل الإسلامي لحفظ القرآن الكريم

وكيل الأزهر يستقبل المفتي العام للشيشان لبحث تعزيز التعاون

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر وكيل الأزهر بجامعة الأزهر بناء الإنسان کلیة التربیة وکیل الأزهر

إقرأ أيضاً:

جامعة قناة السويس تنظم برنامجا تدريبيا لتعزيز بناء الإنسان والشخصية القوية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

نظمت جامعة قناة السويس برنامجا تدريبيا بعنوان "بناء الإنسان من خلال شخصية الإنسان ليكون قويا شغوفا بالعلم والعمران، واسع الأفق، وطنيا منتميا، مقدما الخير للإنسانية"، وعقد البرنامج بكلية الطب البيطري.

شهد البرنامج حضور الدكتورة داليا منصور، عميد كلية الطب البيطري، والدكتور محمد الشبراوي، وكيل الكلية لشؤون البيئة، والدكتورة أمينة علي دسوقي، وكيل الكلية لشؤون التعليم والطلاب.

شارك به 55 مستفيدا من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين، حيث حاضر خلاله الشيخ أيمن محمد عبد العال، إمام وخطيب بمسجد إعداد الدعاة، متناولا أهمية بناء الإنسان واستثماره كقاعدة أساسية لتطور المجتمعات.

وأكد أن الأسرة والمدرسة هما اللبنة الأولى في غرس القيم والأخلاق، وترسيخ مبادئ احترام القانون، وحب الوطن، وتقديس العمل.

كما أشار إلى أن الإنسان هو أساس كل حضارة بشرية، وعنصر الاستقرار هو العامل الأساسي لإطلاق طاقاته الإبداعية.

تطرق البرنامج إلى مفهوم قوة الشخصية وأهميتها في تحقيق التوازن النفسي والاجتماعي، حيث أكد على ضرورة التحكم بالعواطف والغرائز، والنظر إلى الأمور بموضوعية، إلى جانب منح الآخرين الحب والدعم والاحترام، وانتقاء العلاقات الصحيحة.

كما تناول العوامل المؤثرة في بناء الشخصية، والتي تنقسم إلى عوامل ذاتية تشمل العقيدة والدين، والثقافة والمعلومات، والأخلاق والسلوك، والمهارات والخبرات، والصحة البدنية والنفسية، إضافة إلى عوامل مادية خارجية كالموارد المالية والمسكن والوظيفة، وأخرى إنسانية تتعلق بالعلاقات الاجتماعية كالأسرة والأصدقاء والزملاء والمنزلة الاجتماعية.

وجاء تنظيم البرنامج تحت إشراف المهندسة وفاء إمام، مدير عام الإدارة العامة للمشروعات البيئية، والأستاذ أحمد رمضان، مدير إدارة تدريب أفراد المجتمع.

مقالات مشابهة

  • إلى المعلمين والمعلمات.. رسالة من وزيرة التربية
  • وكيل وزارة التربية والتعليم بالمنيا يتابع سير العملية التعليمية بمدارس أبوقرقاص
  • محافظ الغربية: الأزهر الشريف منارة العلم وحصن الوسطية عبر العصور
  • جامعة قناة السويس تنظم برنامجا تدريبيا لتعزيز بناء الإنسان والشخصية القوية
  • عدن.. حلقة نقاشية تبحث سبل فهم الأزمة الإنسانية في اليمن
  • الأزهر يحرّم مشاهدة مسلسل سعودي احداث تاريخية في عصر الرسول
  • وزيرة العدل تستقبل «تيته».. بناء القدرات في مجال «حقوق الإنسان»
  • الجن زمن الإنسانية المتحولة
  • بطول 425 كم.. إسرائيل تنوي بناء جدار يفصلها عن الأردن والضفة الغربية
  • الأمم المتحدة تعرب عن قلقها من ممارسات الاحتلال في الضفة الغربية