ما المقصود بقوله تعالى «ثم قست قلوبهم».. ومن أين تأتي القسوة؟ سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر.

ما المقصود بقوله تعالى «ثم قست قلوبهم»؟

وقال علي جمعة: يبين لنا ربنا سبحانه وتعالى الخطة الرشيدة التي يجب أن يتعامل بها البشر إذا ما نزل بلاءٌ {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فإن الفطرة الإنسانية السليمة تتوجه إلى الله تعالى؛ حيث إنه تحيي في نفسه معنى جليل، وهو معنى "لا حول ولا قوة إلا بالله" فيلتجئ إلى الله، وينسى ما يُشرك، لكن ليس البشر سواء.

وأضاف: فهذا في غالب البشر ممن لم تُعكَّر فطرتهم، وممن لم تُغبَّش عليهم أحوالهم، ومما لم يقطع عليهم الطريق، لكن هناك طائفة من البشر قُطع عليها الطريق، وغُبِّشت أحوالهم وقلوبهم مع الله سبحانه وتعالى، وقطع الطريق يكون أولًا بهوى النفس الأمارة بالسوء، ويكون ثانيًا بالشيطان، ويكون ثالثًا بحب الدنيا الذي ارتكز في القلب وأخذ ينكت فيه نُكَتًا حتى صار قلبًا أسود؛ فمعوقات، مشوشات، مغبِّشات على النفس في طريق الله سبحانه وتعالى {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} ولوافق ذلك {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} ولعفا الله عنهم، وسامحهم فيما كانوا قد أشركوا من قبل، ولكن بعض الناس تعوقهم العوائق؛ فما تلك العوائق؟ أول عائق : {قَسَتْ قُلُوبُهُمْ} فقسوة القلب عائق من العوائق التي تعكر عليك السير إلى الله سبحانه وتعالى.

حقيقة علاج المحسود بماء وضوء الحاسد.. علي جمعة يوضح كيف يكون باب العبد بين الترغيب والرجاء ؟.. علي جمعة يوضح

وبين علي جمعة أن ثاني عائق: من أين تأتي قسوة القلب ؟ تأتي من النفس الأمارة، أو من الهوى، أو من الدنيا التي انطبعت في قلبك حتى صار قلبك أسود من الداخل المقابل من الخارج، فما هو الخارج؟ لخصناها في الشيطان الذي يوسوس للإنسان، والذي لا يريد له الخير، والذي يريد أن يهجم عليه في كل شاردة وواردة {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ} العنصر الخارجي "الشيطان"، والداخلي “قسوة القلب”.

ولفت إلى: {مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} الشيطان أخذ في وضع العقبات في الطريق إلى الله للتغبيش وللتلويش، الإنسان العاقل ينبغي أن يربي نفسه، ينبغي أن يقاوم هذا القلب القاسي.

وشدد علي جمعة أن قسوة القلب بماذا تنتهي؟ والشيطان بماذا يبعد؟ بالذكر، قسوة القلب تذهب بالذكر، يلين قلبه بالذكر، والشيطان وسواس خناس كلما سمع الأذان خنَّس، كلما سمع ذكر الله ذهب{إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا} والتذكر يجعله يذكر ربنا فيذهب الشيطان {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} ، {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} الطمأنينة ضد القسوة {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} يعني تلين وتخشع لذكر الله، ولذلك فذكر الله يقاوم البلاء الداخلي، والبلاء الخارجي،فما الذي علينا فعله ؟ اذكروا الله سبحانه وتعالى.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدكتور علي جمعة لا حول ولا قوة إلا بالله الذكر الله سبحانه وتعالى ق ل وب ه م إلى الله علی جمعة

إقرأ أيضاً:

أقوم بأداء جميع العبادات لكن أشعر أننى مُقصِّر

ورد سؤال إلى الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السابق، يقول: أقوم بأداء جميع العبادات والسُنن وقيام الليل وقراءة القرآن ولكنى مع كل هذا أشعر أننى لا شيء وأنني لا أفعل شيئًا وأننى مُقصِّر.

 

الرجاء والخوف

فأجاب جمعة أنه ينبغي للمؤمن أن يكون وسطاً بين الرجاء والخوف؛ فلا يرجو حتى يتجرع المعصية ثم يقول أن الله غفور وتواب وستار ورحمن ورحيم ومهما فعلت من ذنوب فإن الله سوف يغفرها لى، وفي نفس الوقت لا يجعله الخوف ألا يثق فيما عند الله ولا يثق في عفو الله وكرمه، إذًا لابد من الجمع بين الرجاء والخوف ، وبين الخوف والرجاء سَيْرُ العبد.

وأضاف جمعة أنه على الإنسان أن ينظر إلى نفسه هل وفقه الله للصلاة وللزكاة وللحج ولفعل الخير ... إلخ من الطاعات؟ من الذي وفقه وأقامه في هذا؟ وكيف يقيمه الله في هذا وهو قادر على أن يسلبه منه ثم بعد ذلك يعذبه .

أنا تراب ابن تراب

وأشار جمعة إلى أن الإنسان عندما يشعر أنه لا شيء في قِبَل الله فهو شعور مطلوب، وبدلاً من أن تشكو منه ينبغي عليه أن يحمد الله عليه لأنه ليس فيه تعالٍ أو تفاخر أو أنانية وليس فيه الأنا والذات عالية، بل إنه يقول دائماً: ماذا أفعل؟ أنا لا شيء.

وكان مشايخنا - رحمهم الله - عندما أقول له: يا سيدي، فيقول لى: أنا تراب ابن تراب، أنا لا شيء، وكان بعض أهل الله يكتبون في رسائلهم: مِنْ (لا شيء) أي أنه ليس شيئاً في قِبَل الله سبحانه وتعالى.

واختتم جمعة أن هذا الشعور في الحقيقة شعور طيب، ولكن لابد ألا يتمكن من الإنسان حتى يصل به إلى عدم الثقة في غفران الله وبما أعده للمؤمنين من عفو ومن خير ومن مسامحة، فلابد من الموازنة في هذا، وهذا شعورٌ طيب بشرط أن يكون تحت مظلة الثقة بالله.

مقالات مشابهة

  • أثر الغيبة على القلب.. حل نهائي يحمي قلبك من ظلام النميمة
  • جمعة: بعض العلماء جعلوا الجهاد في سبيل الله ركنًا سادسًا
  • 10 كلمات قرآنية تفهم خطأ.. اعرف على التفسير الصحيح لها
  • خبير: الحرب في المنطقة تأتي في سياق الاتجاه الأمريكي للقضاء على أذرع إيران
  • حسن الظن بالله راحة القلوب ودلالة الإيمان عند المصائب والموت
  • علي جمعة: سيدنا محمد دعا بنفسه إلى عالمية الإسلام
  • أقوم بأداء جميع العبادات لكن أشعر أننى مُقصِّر
  • دعاء قبل الفجر
  • عايز المرتب يكفي و يزيد ؟.. عليك بهذا العمل
  • عاجل.. 4 ولايات إضافية تذهب لترامب وهاريس تفوز بكولورادو