نشرت وزارة الأوقاف، نص خطبة الجمعة القادمة بعنوان «الإيجابية»، إذ اعتمدها الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وجاء في مقدمتها: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأََشهدُ أنَّ سيدَنا ونبيَّنا مُحَمَّدًا عَبدُه ورسوله، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ، وبعد: فإن الإيجابية عطاء وجهد وعمل، وشعور بالمسئولية تجاه الدين والوطن والمجتمع، ولقد تميزت حياة نبينا (صلى الله عليه وسلم) بالإيجابية في كل مراحلها.

وأضافت وزارة الأوقاف في نص خطبة الجمعة المقبلة: «فقد شهد (صلى الله عليه وسلم) حلف الفضول الذي تداعت إليه قبائل قريش قبل الإسلام، وتعاهدوا بموجبه ألا يجدوا بمكة مظلومًا من أهلها أو من غير أهلها إلا نصروه، إذ يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ، وَلَوْ أُدْعَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ). كما شارك نبينا (صلى الله عليه وسلم) في تجديد بناء الكعبة بحمل الحجارة على كتفيه، وقضى على بوادر خلاف عظيم كاد يحدث بين بطون قريش آنذاك حينما تنازعوا فيما بينهم؛ رغبة في أن ينال كل منهم شرف وضع الحجر الأسود مكانه، فنزلوا على رأي رسول الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، إذ شاركت القبائل كلها في وضع الحجر في مكانه».

خطبة الجمعة المقبلة

وتابعت: «من مظاهر الإيجابية مشاركته (صلى الله عليه وسلم) في حفر الخندق، ويوم أن سمع أهل المدينة جلبة صوت شديدة وخرجوا لاستطلاع ومعرفة الأمر وانطلقوا قِبَلَ الصوت استقبلهم النبيُّ (صلى الله عليه وسلم)، وهو يقول: (لَنْ تُرَاعُوا، لَنْ تُرَاعُوا)، وكان (صلى الله عليه وسلم) يشاركهم في سائر الأعمال والتكاليف، وهو الذي علمنا المشاركة حتى لمن يخدمنا، حيث يقول (صلى اللّه عليه وسلم): (إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فمَن كانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممَّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ)».

واستكملت وزارة الأوقاف «لقد حث النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أمته على الإيجابية وحذّرها من السلبية، إذ يقول (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (لا يكُنْ أحَدُكُمْ إِمّعَة، يقول: أنا مع الناس، إِن أحْسَنَ الناسُ أحسنتُ، وإن أساءوا أسأتُ، ولكن وَطِّنُوا أنفسكم، إن أحسن الناسُ أن تُحْسِنُوا، وإن أساءوا أن لا تظلِمُوا)، بل كان (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يدعو الإنسان إلى أن يكون إيجابيًّا، ولو في آخر لحظات الدنيا، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): (إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لاَ تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا).

المشاركة الإيجابية 

وأكّدت الأوقاف في خطبة الجمعة أنَّه مما لا شك فيه أن من مظاهر الإيجابية المشاركة الجادة في كل ما يخدم المجتمع ويؤدي إلى بناء الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره وتقدمه، سواء أكان ذلك بالدفاع عنه، أم بالعمل والإجادة والإتقان، أم بالتكافل والتراحم بين أبناء الوطن الواحد، أم بالمشاركة الإيجابية الجادة في كل قضايا الوطن، مع التحلي بأقصى درجات الأمانة في تقديم كل ما من شأنه رفعة الوطن، وفق ما يمليه الضمير الوطني الحر على كل وطني شريف ، ولله در القائل: وَلِلأَوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ * يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِـقُّ.

المشاركة الإيجابية

واختتمت: لا شك أنَّ المشاركة الإيجابية في الاستحقاقات الدستورية وفي العمق منها الانتخابات الرئاسية من صميم الواجب الوطني، وأن الإدلاء بالصوت أمانة ينبغي أن يؤديها كل وطني، وأن يدلي بصوته لمن يستحق ممن يراه قادرًا على تحقيق مصالح البلاد والعباد، وعلينا أن نُري العالم كله مدى وعينا الوطني وقدرتنا على الممارسة الديمقراطية في أعلى درجاتها، وبما يكشف عن عمق تاريخ وحضارة هذا الشعب العظيم، وحرصه على مواصلة مسيرة البناء والتعمير لوطننا العزيز، فعلى كل منَّا أن يدرك أن صوته مؤثر في مصير وطنه من جهة وصورته الحضارية من جهة أخرى، وأن صوته أمانة، وأن واجبه أن يعطيه لمن يراه أهلًا لتحمل الأمانة بكفاءة واقتدار.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المشاركة الإيجابية خطبة الجمعة وزارة الأوقاف نص خطبة الجمعة المشارکة الإیجابیة صلى الله علیه وسلم خطبة الجمعة ه علیه وسلم ى الله ع صلى الل

إقرأ أيضاً:

الانعكاسات الإيجابية للمشهد السوري على واقع الأمة

عبد الإله عبد القادر الجنيد

لا شك أن مسؤولية أصحاب العقول الراجحة والفهم السديد تتضاعف أمام المحن والمآسي التي تُحيط بأمتنا الإسلامية والعربية. لذا، ينبغي على كل مسلم أن يقف بجدية ومسؤولية، وينظر بعين الحكمة إلى العواقب الوخيمة التي تواجه الشقيقة سوريا، والتي يسعى الكيان المحتل لاستغلالها بعد سقوط نظام وسيطرة نظام جديد على الحكم فيها.

لقد تمكّن العدو من استهداف مقدرات الشعب السوري بشكل ممنهج، من خلال تدمير البنية الدفاعية والعسكرية والأسطول البحري للجيش العربي السوري، إضافة إلى مراكز البحوث العلمية واغتيال العلماء. كما أنه احتل أجزاء واسعة من الأراضي السورية في الجولان، وصولًا إلى تخوم دمشق، جهارًا نهارًا، بكل جرأة ووقاحة، دون أن يُقابل هذا العدوان الصهيوني الغادر بإدانة واستنكار من المجتمع الدولي أو المؤسسات الأممية.

والأدهى من ذلك، هو الصمت المطبق للنظام الجديد في سوريا على الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب السوري. هذا الصمت يطرح تساؤلات عدة عن المسؤولية الدينية والأخلاقية والإنسانية الملقاة على عاتق كل مسلم عاقل تجاه قضايا الأمة عامة، وسوريا على وجه الخصوص.

في هذا السياق، برز اليمن قيادةً وشعبًا بموقف مشرف ومستشعر للمسؤولية، حيث أعلن قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي، حفظه الله، بوضوح وقوف اليمن إلى جانب الشعب السوري، واستعداده للمشاركة في الجهاد إذا اقتضى الأمر.

ومع ذلك، فإن القيادة السورية الجديدة تتحمل المسؤولية الشرعية عما يجري، وعليها أن تعلن الجهاد في سبيل الله لردع العدو المجرم، ومنع تماديه في استهداف مقدرات سوريا وأطماعه التوسعية داخل أراضيها. هذا بالإضافة إلى ضرورة التصدي للأطماع الأمريكية التي تسيطر على منابع النفط، والأطماع التركية في الشمال السوري.

أما الموقف العربي والإسلامي تجاه ما يجري في سوريا، فيبقى باهتًا وضعيفًا، حيث لا تُرفع عناوين العروبة والجهاد إلا في سياق الصراعات الداخلية والفتن التي يُغذّيها الأعداء. وعندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، تُغيب هذه العناوين، وتُشطب من قائمة الأولويات، كما حدث مع العدوان الإجرامي على غزة والضفة وسوريا ولبنان.

وهنا تُطرح أسئلة مصيرية:

هل تحرير سوريا من نظام مستبد يبرر الصمت على جرائم الكيان الغاصب؟
هل يسمح هذا الصمت بتدمير مقدرات الشعب السوري واحتلال أراضيه؟
هل تحقق هذه الممارسات الإسرائيلية حلم الشعب السوري في الحرية والاستقلال؟
إن ما يحدث في سوريا اليوم هو نموذج للمخطط الأكبر المسمى “الشرق الأوسط الجديد”، الذي يسعى لجعل إسرائيل القوة العظمى في المنطقة، من خلال تمزيق الدول العربية إلى دويلات متناحرة وضعيفة.

ولطالما حاول “الشيطان الأكبر” تطبيق هذا النموذج في اليمن خلال أحداث “الربيع العربي”، لولا ثورة 21 سبتمبر التي أفشلت هذا المخطط بفضل حكمة القيادة اليمنية وصمود الشعب اليمني.

وفي هذا السياق، حذر السيد عبد الملك الحوثي، حفظه الله، في خطابه الأخير قوى الطاغوت من مغبة الاستمرار في استهداف اليمن. كما دعا أبناء الأمة، وخاصة المخدوعين، إلى قراءة المشهد السوري بتمعن، حتى لا يكونوا أدوات لتنفيذ مشاريع الهيمنة الأمريكية والصهيونية، التي لا تخدم إلا أعداء الأمة.

دعوة للحوار والوحدة الوطنية:
إن اليمن وطن الجميع، ويجب أن نتكاتف لبنائه وحمايته، وأن نتشارك في صنع مستقبله بما يحقق الكرامة والعزة لكل أبنائه. يجب أن تكون فلسطين هي القضية المركزية للأمة، وأن نواصل دعمها بكل الإمكانيات.

وفي الختام، لننتصر لعزتنا وكرامتنا بالاعتصام بحبل الله المتين والتمسك بوحدتنا في مواجهة الأعداء.

“ولا عدوان إلا على الظالمين، والحمد لله رب العالمين.”

مقالات مشابهة

  • الانعكاسات الإيجابية للمشهد السوري على واقع الأمة
  • هذا هو موقف قطر من انتخابات الرئاسة في لبنان
  • الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة القادمة.. تعرف عليها
  • الطفولة بناء وأمل.. موضوع خطبة الجمعة القادمة من الأوقاف
  • «الطفولة بناء وأمل».. نص خطبة الجمعة 20 ديسمبر 2024
  • انتخابات مُبكرة قبل الرئاسة
  • «اللهم رب الناس أذهب البأس».. دعاء المريض كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم
  • المراد بالنصيحة في حديث النبي عليه السلام "الدِّينُ النَّصِيحَةُ"
  • أنا صاحب مشروع وطني.. بيان منسوب لبشار الأسد يروي ملابسات فراره من سوريا
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم