منظمات المجتمع المدني تدعو قادة العالم في COP28 إلى دعم اليمن للتصدي للأزمة المُناخية
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
(عدن الغد)خاص.
دعت منظمات المجتمع المدني في اليمن قادة العالم والمشاركين في الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخCOP28 المنعقدة في دولة الإمارات العربية المتحدة للفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023، إلى دعم البلد العربي الأفقر في شبه الجزيرة العربية والذي يعد من أكثر البلدان تضررًا، عالميًا، في مواجهة آثار ومخاطر تغيرات المُناخ وتداعياتها والتكيُّف معها.
جاء ذلك في بيان تبنته أكثر من عشرون مؤسسة مدنية من أبرز منظمات المجتمع المدني الفاعلة في عدن وحضرموت وتعز وعديد محافظات، ضمن الحملة التي كانت أطلقتها مؤسسة الصحافة الإنسانية(hjf) تحت هاشتاج ليمن_خطر_المناخ، أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ونعيد هنا نشر نَصّ البيان:
منظمات المجتمع المدني تدعو قادة العالم في COP28 إلى دعم اليمن للتصدي للأزمة المُناخية
04 ديسمبر/كانون الأول 2023 - دبي(hjf)
تدعو منظمات المجتمع المدني الموقعة على هذا النداء قادة العالم والمشاركين في الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ #COP28 المنعقدة في دولة الإمارات العربية المتحدة للفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023، إلى دعم #اليمن الذي يعد من أكثر البلدان تضررًا، عالميًا، في مواجهة آثار ومخاطر تغيرات المُناخ وتداعياتها والتكيُّف معها، وتمكين الجهات الحكومية ذات الصلة والاختصاص ومنظمات المجتمع المدني المحلية من التصدي للأزمة المُناخية في البلد الأفقر جنوبي غرب شبه الجزيرة العربية.
اليمن الذي يواجه أكبر تحديين في تاريخه الحديث، طوال أمد الصراع القائم للعام التاسع على التوالي وتغيرات المناخ، يبدو اليوم غير قادر على مواجهة آثار ومخاطر التغيرات المناخية منفردًا والتي تهدده أكثر من استمرار الحرب ذاتها، ما يجعل مشكلة كهذه أكثر تعقيدًا؛ لبقائه ضمن الدول الأقل استعدادًا للصدمات المناخية، حيث يحتل المرتبة 174 (من 185 دولة) وفقًا لمؤشر نوتردام العالمي، 2021، الذي يُصنِّف الدول حسب استعدادها وقدرتها على مواجهة التغيرات المناخية، كما أنه من أقل البلدان استعدادًا للتخفيف من آثاره والتكيف معها، محتلًا المرتبة الـ22 بين الدول الأكثر ضعفًا، والمرتبة الـ12 للدول الأقل استعدادًا لمواجهة التغيرات المناخية، على الرغم من كونه أحد أقل البلدان المساهمة في انبعاثات “الغازات الدفيئة” المسئولة عن تغير المناخ.
ووفقًا لتقديرات البلاغ الوطني الأول، يُتوقَّع أن يتغير المناخ بصورة ملحوظة خلال الفترة الممتدة إلى عام 2050، ويُقدَّر أن تزيد درجات الحرارة خلال هذه الفترة بين 1.4 إلى 2.8 درجة مئوية، وأن ينخفض معدل هطول الأمطار بنسبة 24% كحد أدنى أو زيادتها بنسبة 50% كحد أعلى.
وتبقى سواحل البلاد مهددة بارتفاع منسوب مياه البحر الذي يقدر بنحو 9 - 88 سم بحلول عام 2100، ففي الوقت الذي يعد فيه اليمن أيضًا من بين أكثر 5 دول منخفضة الدخل عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر، تحتل مدينة عدن الجنوبية المركز السادس من بين خمس وعشرين مدينة مهددة بارتفاع مستوى سطح البحر، وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC).
إن اليمن الذي يعيش أزمة إنسانية هي الأسوأ عالميًا وفقًا للأمم المتحدة، يعد أيضًا أحد أفقر البلدان في المنطقة، وأكثرها انكشافًا من الناحية الاقتصادية، إذ شهد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي انكماشًا تراكميًا بنحو 50% بين عامي 2014 و2020، وارتفع التضخم من 8% عام 2014 إلى 30.6% عام 2021، وتراجع معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي من 7.7% عام 2010 إلى 0.5% في أبريل 2021. واحتل اليمن المرتبة 140 (من بين 141 دولة) في تقرير التنافسية العالمي لعام 2019، والمرتبة 187 (من بين 190 دولة) في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2020. ففي ظل اقتصاد هش هكذا يخلق ظروفًا أقل ملائمةً وقدرةً على مواجهة آثار التغير المناخي، وأيضًا قدرًا أقل من التكيُّف.
ويواجه اليمن تحديات بيئية مختلفة من أهمها التغير المناخي الذي سيكون له تأثير قاسٍ جدًا على المنطقة؛ كونها تعاني من المناخ الجاف، وندرة مصادر المياه. ووفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو"، يؤثر تغيُّر المناخ بشكلٍ مباشر وغير مباشر على الإنتاج الزراعي، بسبب تغيُّر أنماط تساقط الأمطار، والجفاف، والسيول، وإعادة التوزع الجغرافي للآفات والأمراض.. وبالتالي يتعذر القضاء على الجوع، بصفته جزءًا من التنمية المستدامة، من دون التصدِّي لتغيُّر المناخ، وتعاني اليمن من انعدام الأمن الغذائي وفق مؤشر الجوع العالمي لعام 2021، إذ تأتي في المرتبة الثانية من أصل 116 دولة.
إن منظمات المجتمع المدني اليمنية الموقعة على هذا البيان تؤكد بأن اليمن يواجه أكبر أزمة مناخية في تاريخه؛ إذ يعاني من آثار التغير المناخي من خلال الجفاف الشديد والفيضانات الكارثية، وأن العام 2022 هو من بين أكثر الأعوام تأثيرًا في التغيرات المناخية على البلد، كما أن أكثر القطاعات عرضة للتغيرات المناخية هي قطاع المياه والري، وقطاع الإنتاج الزراعي والحيواني وارتفاع مستوى سطح البحر.
ومع اعتماد ثلاثة من كل أربعة يمنيين على الزراعة والثروة الحيوانية من أجل بقائهم على قيد الحياة، تدفع أزمة المناخ المجتمعات التي تعاني بالفعل من طول أمد الصراع إلى نقطة الانهيار، حيث يواجه ما يقدّر بنحو (17) مليون شخص، أي حوالي 60% من السكان، الجوع وانعدام الأمن الغذائي المزمن وسوء التغذية، وفقًا لتقرير حديث للبنك الدولي إذ تُعدّ من بين التحديات الأكثر إلحاحًا في اليمن، التي تفاقمت جراء التعرض الكبير لتأثيرات التغيرات المناخية المدمرة، واستمرار الصراع الذي طال أمده في البلاد. وإلى ذلك، فإن تأثير تغيّر المناخ على المستوى العالمي يشكل تهديدًا آخر للأمن الغذائي في اليمن الذي يستورد 90% من احتياجاته، مما سيزيد من تفاقم انعدام الأمن الغذائي ونقص التغذية والاعتماد على المساعدات الخارجية.
لقد تزامنت ظروف الجفاف مع ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة خلال الأعوام الأخيرة، ما أثر على جميع المناطق الزراعية في البلاد، وارتفاع نسبة التصحر من 90% عام 2014 إلى 97% عام 2022، الأمر الذي أدى إلى خسارة سنوية تتراوح بين 3 – 5% من الأراضي الصالحة للزراعة، في حين أن ندرة المياه تظل أكبر عائق أمام تحسين الإنتاجية الزراعية، ففي الوقت الذي أدت فيه الفيضانات إلى تآكل التربة وفقدان الأراضي الزراعية، ما تسبب بانخفاض الأراضي الزراعية من 1.6 مليون هكتار عام 2010 إلى 1.2 مليون هكتار عام 2020، فإن استنزاف الموارد المائية سيؤدي إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية بنسبة 40 %، إذا تعتبر اليمن من بين أكثر البلدان التي تعاني من ندرة المياه على مستوى العالم، وتحتل بذلك المركز السابع، فيما يعاني 18 مليونًا من السكان عدم القدرة على الحصول على المياه المأمونة، كما تعاني البلد من الإجهاد المائي إذ تحتل المرتبة 20 بين دول العالم الأكثر عرضة للإجهاد المائي بحسب معهد الموارد العالمية.
تطالب المنظمات قادة العالم والمشاركين في قمة المناخ cop28 أيضًا بالضغط على الحكومة الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي لإعلان حالة الطوارئ المناخية والبيئية في اليمن، والاهتمام بقضايا المناخ كقضية رئيسية ومحورية وإنشاء محطات رصد جوية وتحديث البيانات لتتبع ومراقبة الظواهر الجوية.
كما تجدد المنظمات دعوتها للحكومة الشرعية إلى الإسراع في إعداد استراتيجية وطنية للتصدي لتغير المناخ وآثاره ودعم وتطوير المراكز البحثية وتعزيز البحث العلمي لمجابهة آثار التغير المناخي في اليمن وإعداد الخطة الوطنية لإدارة الكوارث الناجمة عن التغيرات المناخية، وتبني خطة واستراتيجية طارئة وسريعة للتحول نحو الطاقة البديلة لتوليد الكهرباء وحشد الدعم اللازم لذلك.
تؤكد المنظمات إن الاستجابة للمتغيرات المناخية والتكيف معها وتجنب المخاطر في اليمن يمكن من خلال اتباع بعض 8 إجراءات، تتمثل في "التوعية والتثقيف، تحسين البنية التحتية، التحكم في استخدام الموارد الطبيعية، التنوع الزراعي، تطوير الرقابة والتخطيط، تعزيز الدعم الحكومي، التعاون الدولي والتأمين والتخطيط للطوارئ". كما إن تجاوب اليمن مع التغيرات المناخية وحماية الأمن الغذائي يتطلب تطوير استراتيجيات مستدامة للتكيف مع هذه التغيرات، بما في ذلك ٧تحسين إدارة الموارد المائية، وتعزيز الزراعة المستدامة واستخدام التقنيات الزراعية المبتكرة وتشجيع التنوع البيولوجي وإيجاد حلول لتقليل الجفاف والاستفادة الأمثل من الموارد المتاحة.
إن المنظمات، وهي تدعو قادة العالم والمشاركين في قمة المناخ cop28 إلى دعم اليمن وتمكينه من التصدي لآثار التغيرات المناخية من خلال سلسلة التحقيقات الصحافية المنتَجة ضمن حملة #اليمن_خطر_المناخ التي أطلقتها (hjf) منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2023، تؤكد أن تغيرات المُناخ خطر محدق يهدد اليمن ويضاعف من تدهور الوضع الإنساني الأسوأ عالميًا.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، فإن تغير المُناخ في اليمن يقود ثلثي سكان البلد نحو الجوع وانعدام الأمن الغذائي المزمن وسوء التغذية، وهذا ما رصدته تحقيقات صحافية علمية مدفوعة بالبيانات ومتعددة الوسائط باللغتين العربية والانجليزية أنتجتها مؤسسة الصحافة الإنسانية (hjf) حول تأثيرات التغيرات المناخية على الأمن الغذائي المائي والإنساني، وعلى تراجع الإنتاج الزراعي والحيواني وغيرها الكثير.
1- مؤسسة الصحافة الإنسانية(hjf)
2- المؤسسة الطبية الميدانية(FMF)
3- مركز حماية لحقوق الانسان
4- مؤسسة باحث للتنمية وحقوق الإنسان
5- مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب
6- مؤسسة وجود للأمن الإنساني
7- مؤسسة جلوبال شيبرز عدن
8- مؤسسة التضامن التنموية
9- مؤسسة أنا إنسان للتنمية
10- مؤسسة ميديا ساك للإعلام والتنمية
11- مركز الإعلام الثقافي
12- ميكروميديا للإنتاج الفني والإعلامي
13- مؤسسة حلول لمجتمعات مستدامة
14- ائتلاف الخير للاغاثة الانسانية BCHR
15- مؤسسة لاجلك يا عدن التنموية
16- مؤسسة قرار للإعلام والتنمية
17- مركز التغيير للإعلام والدراسات
18- الشبكة العربية للصحافة العلمية
19- مركز رؤى للدراسات الاستراتيجية والاستشارات والتدريب
20- مركز سوث24 للأخبار والدراسات
21- الشبكة اليمنية للعلوم والبيئة
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: منظمات المجتمع المدنی التغیرات المناخیة التغیر المناخی الأمم المتحدة الأمن الغذائی تغیر المناخ آثار التغیر مواجهة آثار الیمن الذی ر المناخ تغیر الم الأول 2023 فی الیمن إلى دعم الم ناخ عالمی ا ف معها من بین
إقرأ أيضاً:
ما الذي يحدث في العالم ؟
نحن اليوم أمام سؤال كبير لن ندركه بكل أبعاده طالما ونمط التفكير الذي يسيطر في التفاعل مع الأحداث هو نفسه دون تغيير، ثمة أحداث مماثلة قد حدثت في سياق التاريخ البشري حملت إجابات واضحة، لكننا ما نزال نتعامل مع القضايا الكبرى في حياتنا بذات نمط التفكير القديم الذي يؤمن بالكليات دون تحليل، أو تدقيق، أو معرفة الأبعاد والآثار، التي تترك ظلالا على الحياة بكل تموجاتها، ولذلك نجد التاريخ يتكرر في حياتنا، وتتكرر كل مآسيه وأحداثه دون وعي منا أو إدراك.
القضية ليست انسياباً وجدانياً، ولا الحياة عاطفة وطاقات إيمانية، ولكنها نظام دقيق، وقانون أكثر دقة، من أدرك تفاصيله وأبعاده استطاع البناء، وحقق وجودا فاعلا ومؤثرا في الحياة، وربما وجدنا في التاريخ القريب والبعيد ما يؤيد ذلك من خلال التأمل والتفكير، فمثلا في وقعة الخندق لم يمنع القوة الإيمانية من التعامل والتفاعل مع تجارب الأمم الأخرى، فكان الخندق فكرة جديدة غيرت مسارا وأحدثت متغيرا في النتائج، وفي الحديبية كانت هناك قوة مؤمنة ضاربة قادرة على الغلبة لكنها مالت إلى العقل، وقبلت ببنود صلح مجحفة فكان الانتصار من حيث ظن الكثير الهزيمة والهوان، فالعقل هو القوة الموازية للقوة الإيمانية وبتظافرهما يتحقق الوجود، وتنتصر إرادة الخير والعدل في المجتمعات الإنسانية .
والعالم اليوم يخوض صراعا وجوديا في مستويات متعددة ذات أبعاد وثقافات وتغاير كبير، ففي المستوى الحضاري حدث انفجار كبير جعل العالم يبدو كقرية صغيرة، وفي المستوى الثقافي المتعدد والمتنوع تاهت الحقائق والمسلمات ولم تعد هناك من ثوابت بل كادت الرياح أن تموج بكل القضايا ذات المنطق السليم، وقد تعددت وسائل التفاعل الاجتماعي والوسائط، حتى وصل الفرد إلى مرحلة الضياع والتيه، وتعززت قيم جديدة، وضاعت قيم كانت من الثوابت الجامعة للمجتمع البشري، وسادت نظم ثقافة التفاهة والانحطاط، وكل مشاهير الزمن اليوم والمؤثرين من الرعاع وعوام الناس من الذين لا يملكون فكرة أو معرفة سوى فكرة الابتذال والسقوط القيمي والأخلاقي، أما الجانب الاقتصادي فقد تبدلت وتغيرت كل أدواته وعلاقاته وبشكل متسارع وكبير فالغني بين غمضة عين وافتتاحها قد يصبح فقيرا، والفقير قد يصبح غنيا، والصراع اليوم على أشده في العالم، وبالعودة إلى زمن الدولة العربية القديم وتحديدا في زمن الدولة العباسية، نجد اتساع الدولة، وهذا الاتساع في الجغرافيا فرض اتساعا في التفاعل مع الثقافات، ولذلك نشأت مدارس فقهية متعددة تتعاطى مع الواقع الجديد وتدرسه وتحاول أن تشرعنه بالدليل النصي، أو النقلي، أو العقلي، أو الاجتهادي، حتى أصبحت الدولة ذات شأن عظيم يخافها الأعداء ويرسلون الهدايا تودداً إليها، فكان وجود الدولة الإسلامية قويا وقائدا للمجتمع الإنساني والحضاري والثقافي والتقني والعلمي، وبعد أن دبَّ الضعف في أركانها وتشتت أمرها بزغت الحضارة الغربية على أنقاضها واستفادت من العلوم والمعارف التي تركتها بين ظهرانينا، فكان العلماء المسلمون هم النبراس الذي أضاء مسالك الحضارة المعاصرة، وقد أضافوا إلى تلك المعارف معارف وعلوما جديدة فاشتغلوا دون ملل أو كلل ومال المسلمون إلى الدعة والسكينة دون أن يحققوا وجودا حضاريا وثقافيا جديدا على الرغم من أنهم يحملون رسالة الخيرية إلى البشرية جمعاء .
والسؤال اليوم الذي يجب أن نقف أمامه هو : ما الذي جعلنا نبدو في تصور العالم أننا أمة متوحشة تشكل عبئا على الحضارة الإنسانية المعاصرة وعلى الرفاه والحياة الكريمة ؟ هذا السؤال هو نفسه الذي يبعث فينا روح الهزيمة، وفي السياق روح الانتصار على الذات المنكسرة في كوامن انفسنا، فنحن نملك مقومات الحياة والرفاه ومقومات الحياة الكريمة للإنسان ونملك مقومات الانتصار للإنسان الذي يؤكد ديننا على حريته وتعزيز عوامل التكريم فيه، ويرفض استغلاله واستعباده والحط من قدره أو النيل من آدميته وبشريته، فالإسلام جاء من أجل تحرير الإنسان من عبادة البشر ومن استغلال البشر لبعضهم ليكون إنسانا حرا كريما، ومسار التاريخ الإسلامي وشواهده وقصصه وأخباره كثيرة وهي مبثوثة في التراث الثقافي الذي أم نعد نقرأه، وفي المقابل نجد تاريخ الأمم الأخرى التي توازى وجودها مع بزوع الحضارة الإسلامية يتحدث عن استغلال واستعباد للإنسان بل كادت بعض الأمم أن تأكل بعضها بعضا ولا ترى للبشر أي قيمة أو معنى سوى أنهم موجودون لخدمة أسيادهم الذين امتازوا عليهم بالثروة والسلطة والقوة، هذه الصورة تغايرت مع الضعف الذي أصاب المسلمين وضياع أمرهم وشتاته، ولعل أبلغ عبارة موجزة في هذا الأمر ما قاله أحد أقطاب عصر النهضة العربية الشيخ محمد عبده حين عاد من الغرب فقال : “ذهبت إلى الغرب فوجدت إسلاما ولم أجد مسلمين وعدت للشرق فوجدت مسلمين ولم أجد إسلاما ” وهنا تكمن الإشكالية للسؤال الذي علينا أن نبحث له عن إجابة في عالم اليوم الذي نعيش فيه ونشعر بعدم وجودنا فيه .
اليوم الأمة تباد في الشرق، تباد في فلسطين، وفي لبنان، وفي سوريا، وفي اليمن، وشتاتها وضياعها واضح للعيان، وقضية وجودها في خارطة العالم الجديد لا قيمة ولا معنى له بل هناك من يساهم ويعزز هذا الضياع من بني جلدتنا ممن يتحدثون بلساننا ويؤمنون بديننا ولا سبيل لنا إلا بالعودة إلى مقومات وجودنا الثقافية والحضارية وبدون ذلك سنكون ضحايا هذا العالم المتغطرس والمستغل .