دمشق-سانا

تضمنت المجموعة الشعرية الجديدة للشاعر الدكتور عيسى درويش المعنونة بـ (رسائل في العشق) رسائل وجدانية مضمرة، تجمع بين الحداثة والأصالة ليعبر عما في داخله من لواعج متنوعة بين فرح وألم.

وتخرج العواطف في المجموعة بين مكونات النص الشعري عند الدكتور درويش ملأى بالصدق وممزوجة بالوعي والمعرفة لتكون نقية بما تذهب إليه، وتشد العلاقة بين المتلقي والنص فيقول:

إليك اشتكيت الهم لا قصد ذلة

عزيز أنا.

. إن جئتك اليوم راجيا

يقولون: لا ذل مع العشق إنما

ذليل من اختار المهانة راضيا

وبين الشاعر درويش وموضوعه في القصيدة توحد وعلاقة في تكوين البناء الشعري، وهذا ما يظهر في أغلب نصوصه لأن القارئ سيكشف ما هو موجود نتيجة الحالات المتشابهة عن الأنقياء في التعامل فيقول:

سمعت صوتك في موج الأثير وما

عرفت أن حبيب القلب ناداني

ورحت أسال وانزاح الحجاب وقد

رأيت محبوبتي بالورد تلقاني.

ويعود الشاعر لتداعي الذكريات وجميل الماضي فيستذكر الشعر العفيف ويجد أن حاله وحال الأنقياء يجب أن يكون هكذا، وأن الماضي الجميل حالة نقية على الشاعر أن يتمسك بمبدئها فقال:

ياليل لا تترك الأحلام تسبقنا

تدار ليلى إلى تلك البساتين

إلى العشيات في أكتاف جيرتها

إلى ابتسامتها في الحب تغريني

وفي المجموعة الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب والتي تقع في 112 صفحة من القطع المتوسط يلتزم الشاعر باللغة والموسيقا والأصالة الشعرية التي تدل على موهبة حقيقية.

محمد خالد الخضر

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

نجوم النعائم

لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمينها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.

واليوم أيضا لن نتحدث عن نجم مفرد، بل سنتحدث عن مجموعة من النجوم وقد أطلق عليها العرب اسم نجوم النعائم، وقسموها إلى النعائم الشمالية وهي أربعة نجوم تشكل جزءًا من «إبريق الشاي» الشهير في كوكبة القوس، والنعائم الجنوبية وهي أربعة نجوم في الكوكبة نفسها، وفقًا للمعاجم اللغوية ف«النَّعائِم» هو جمع لكلمة «نَعامة»، ويشير إلى مجموعة من النجوم التي تشكل منزلة من منازل القمر، تُصور على هيئة النعامة، وقد كانت النعامة أحد الحيوانات التي تعيش في الصحراء العربية، وقد وصفها الشعراء في معلقاتهم وقصائدهم، فلا غرابة حين يقومون بتسمية النجوم المتناثرة في السماء بقطعان النعام.

وفقًا للتقويم الفلكي العربي، تُعتبر «النعايم»، المنزلة الرابعة من منازل فصل الشتاء، وتبدأ في 15 يناير وتستمر لمدة 13 يومًا خلال هذه الفترة، يكون الطقس شديد البرودة، خاصة في الليل والصباح الباكر، وقد اعتمد العرب القدماء على منازل القمر والنجوم، بما في ذلك «النعائم» لتحديد مواعيد الزراعة والأنشطة الفلاحية، خلال هذه الفترة، وكان المزارعون يجهزون أراضيهم للزراعة، حيث تُزرع خلالها الكثير من المحاصيل، كما استخدم المغاربة «المنازل» لتحديد مواعيد الزراعة، وحصاد المحاصيل، وغرس الأشجار، وجني الغلات، بالإضافة إلى تحديد مواسم الصيد البري وقنص الطيور.

ولأن «النعائم»، تشير إلى مجموعة من النجوم وليس نجمًا واحدًا، فإن خصائصها الفلكية التي أثبتتها الدراسات الحديثة تشير إلى أنها تختلف من نجم لآخر من حيث القطر ودرجة الحرارة، والبعد عن الأرض، ولكن تتراوح أحجام النجوم بين حوالي 5% من حجم الشمس إلى حوالي عشرة أضعاف قطر الشمس، أما درجات الحرارة السطحية للنجوم، فتتراوح بين 3,500 درجة كلفن للنجوم الحمراء الصغيرة إلى 30,000 درجة كلفن أو أكثر للنجوم الزرقاء الكبيرة.

وإذا أتينا إلى الشعر العربي وورود هذه النجوم فيه فنجدها في كل العصور الأدبية في الشعر العربي، كما نجد لها شواهد في المنظومات والقصائد العمانية، فنجد مثلا الشاعر العماني سليمان النبهاني يصف قوم ويمدحهم بأنهم وصلوا في العلو والرفعة مكانة لم تصل لها نجوم النعائم فقال:

همُ القوم سادوا كلَّ حيٍ وشيَّدوا مراتبَ لم تبلغ مداها النَّعائمُ

ليوثٌ صناديد غُيوث هواطل جبال منيفات بحار خضارمُ

كما أن البحار العماني أحمد بن ماجد ذكرها في منظوماته الفلكية فقال:

والقَلبُ والشولَةُ والنَعَائِم

وَبَعدَهَا البَلدَةُ تَطلُع دائِم

ثُمَّ السعُودُ الأَربَعَة والفَرغُ

يا طال ما فُصِّل عليها الشُّرعُ

حتى أننا نجد أبو طالب بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر النعائم في مقطوعة شعرية وهو يصف أن بني هاشم بلغوا في المجد مكان نجوم النعائم، وذلك بفضل محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول:

لَقَدْ حَلَّ مَجْدُ بَني هاشمٍ

مَكانَ النَّعائِمِ وَالنَّثْرَةْ

وَخَيْرُ بَنِي هاشمٍ أَحْمَدٌ

رَسولُ الْإِلَهِ عَلَى فَتْرَةْ

ونجد الشاعر الجاهلي عامر بن الظرب العدواني يذكر النعائم في إحدى قصائده ويقرنها مع نجم النسر فيقول:

سَمَوْا فِي الْمَعالِي رُتْبَةً فَوْقَ رُتْبَةٍ

أَحَلَّتْهُمُ حَيْثُ النَّعائِمُ والنَّسرُ

أَضاءَتْ لَهُمْ أَحْسابُهُمْ فَتَضاءَلَتْ

لِنُورِهِمُ الشمْسُ الْمُنِيرَةُ وَالْبَدْرُ

في حين نجد أن الشاعر الأموي أبو طالب المأموني يذكر نجوم النعائم مقرونة بنجم السهى فيقول:

سيخلف جفني مخلفات الغمائم

على ما مضى من عمري المتقادم

بأرض رواق العز فيها مطنب

على هاشم فوق السهى والنعائم

ونرى الشاعر العباسي أبو العلاء المعري في لزومياته يذكر هذه النجوم في معرض مدح أحدهم ويذكر الصوم أيضا فيقول:

وَرِثتَ هُدى التَذكارِ مِن قَبلَ جُرهُمٍ

أَوانَ تَرَقَّت في السماءِ النَعائِمُ

وَما زِلتَ لِلدَينِ القَديمِ دِعامَةً

إِذا قَلِقَت مِن حامِليهِ الدَعائِمُ

وَلَو كُنتَ لي ما أُرهِفَت لَكَ مُديَةٌ

وَلا رامَ إِفطاراً بِأَكلِكَ صائِمُ

وإذا أتينا إلى الشاعر العباسي الشريف المرتضى نجده يشبه النوق وهي تمشي في الليل مثل نجوم النعائم التي تنتثر في السماء فيقول:

ركبوا قلائصَ كالنّعائمِ خرّقَتْ

عنها الظّلامَ بوَخْدِها تَخرِيقا

يَقطَعن أجوازَ الفَلا كمعابِلٍ

يمرُقن عن جَفْنِ القِسيِّ مُروقا

مقالات مشابهة

  • قوم يا مصري وأنا المصري.. كيف أصبحت موسيقى سيد درويش رمزا للهوية الوطنية
  • ياسمينا عيسى تتوج ببرونزية الزوجي المختلط ببطولة إسبانيا الدولية للريشة الطائرة البارالمبية
  • ترتيب مجموعة منتخب مصر في تصفيات كأس العالم 2026 قبل مواجهتي إثيوبيا وسيراليون
  • بارسيلو الإسبانية تعزز استثماراتها في المغرب استعدادًا لكأس العالم 2030
  • ثقافة أسوان تنظم أنشطة ثقافية وأمسيات شعرية لإحياء ليالي رمضان
  • رائد الموسيقى في مصر والعالم العربي.. ذكرى رحيل فنان الشعب سيد درويش
  • سحور رمضاني لموظفي مجموعة «بن حم»
  • «مسرح عرائس وأمسية شعرية» في السهرة الرمضانية ببيت ثقافة القلج بالقليوبية
  • نجوم النعائم
  • "محسن حيدر درويش" تستضيف "إفطار الأسطول" لعملاء "جيب" و"دودج" و"رام"