يُلاحظ، ومنذ فترة وجيزة، أن أولويات الدول الخارجية بالنسبة إلى لبنان هي غير تلك التي يتمناها اللبنانيون، أو تلك التي اعتقدوا أن هذه الدول مهتمّة بها، وتسعى إلى إيجاد حلّ ما من شأنه إخراجهم من عنق زجاج أزمات المنطقة، ومن أهمّها القضية الفلسطينية. فأولويات اللبنانيين هي غير أولويات الخارج، أيًّا يكن هذا الخارج.

اللبنانيون الذين لا علاقة لهم بالسياسة وحبائلها، وهم كثر، يريدون أن يكون لجمهوريتهم رئيس كما هي حال كل هذه الدول المهتمة بأمور كثيرة فيما المطلوب واحد. وهذا المطلوب لبنانيًا قبل أي شيء آخر هو الخروج من حال الشغور الرئاسي. المنطق السليم يقول إن الانتخابات الرئاسية، سواء أكانت بإيحاءات خارجية أو بقرار داخلي بحت، هي مفتاح لبداية حلحلة في مكان ما، بمعزل عمّا يحصل في الجنوب من مناوشات متبادلة بين "حزب الله" وجيش العدو، مع خشية تطورّها إلى ما لا تُحمد عقباه.     فمنذ الاجتماع الأخير لمجموعة الدول الخمس لم نعد نسمع أحدًا يتكلم عن الاستحقاق الرئاسي وكأنه طوي إلى غير رجعة، أو إلى أن تنتهي مفاعيل الحرب على غزة ومدى انعكاسها على لبنان، في ضوء تبادل التقاصف على طول الخط الأزرق. وثمة من يقول إنه كان في وسع القيادات السياسية الممثلة بشكل أو بآخر في مجلس النواب أن تستفيد من فرصة هدنة السبعة أيام في غزة، والتي انعكست هدوءًا نسبيًا على الجبهة الجنوبية، وأن تقدم على خطوة انتخاب رئيس للجمهورية من غير الأسماء المطروحة في "البازار السياسي".    وعلى رغم أن بعض القوى يقول إن لا شيء يعلو في الوقت الحاضر على صوت المدفع، فإن ثمة أطرافًا أخرى تميل إلى النظرية التي تقول إن الانتخابات الرئاسية هي أكثر من ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى، باعتبار أن لبنان لم يعد قادرًا على تحمّل المزيد من الانهيارات في وضعيته الحالية، وأن التوصّل إلى حلّ ما للقضية الفلسطينية قد يأخذ وقتًا طويلًا. فمعاودة الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة بشكل أكثر عنفًا من ذي قبل، وكذلك في جنوب لبنان، تشي بأن الحرب طويلة بمفاعيلها الميدانية، هناك وهنا. وهذا الأمر يقود المحللين والمطلعين إلى استنتاج وحيد، وهو الاستنتاج المنطقي والطبيعي، ومفاده أن قدرة لبنان على الصمود بدأت تنوص، وأن توريطه في أي حرب شاملة سيكون له انعكاسات خطيرة على كل المستويات. وهذا ما لا يريده أحد، لا في الخارج ولا في الداخل. وحدها إسرائيل تسعى إلى هذا النوع من الحروب، وذلك لأسباب داخلية كثيرة، ومن بينها وأهمها أن رئيس حكومة الحرب بنيامين نتنياهو يحاول الهروب إلى الأمام، اعتقادًا منه أنه بذلك يمكنه النجاة مما ينتظره من مصير محتوم.    ولأن لا قدرة للبنانيين على تحمّل وزر أزمات المنطقة فإن اللجوء إلى انتخاب رئيس اليوم قبل الغد، وقبل فوات الأوان، هو السبيل الوحيد المتاح امام اللبنانيين للخروج من نفق له بداية وليس له نهاية. فما تحمّله لبنان نتيجة عدم اكتراث الآخرين بمعاناة الشعب الفلسطيني أكبر من قدراته الذاتية. وهذا الأمر يتكرّر بالنسبة إلى ما يشكّله النزوح السوري الكثيف من أعباء. ولن نقول جديدًا أن من بين أسباب ما يعانيه لبنان، ومنذ زمن طويل، هو ارتباطه المعنوي بالقضية الفلسطينية، التي تحدّث عنها شارل مالك في  أيار من العام 1974 في قاعة محاضرات معهد الرسل – جونيه، حين قال إن القضية الفلسطينية الخطيرة المستعصية سنبقى في لبنان بسببها بلا راحة ولا سلام ولا اطمئنان حقيقي، الى أن تحل بشكل نهائي عادل.   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

عماد الدين حسين: الكويت من الدول الداعمة للقضية الفلسطينية وعلاقاتها مع مصر طيبة

تحدث عماد الدين حسين، رئيس تحرير جريدة الشروق، عن أهمية توقيت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الكويت.

أمير البلاد في مقدمة مودعيه..الرئيس السيسي يختتم زيارته للكويتالرئيس السيسي وأمير الكويت يشددان على ضرورة وقف إطلاق النار في غزة

وقال "حسين" في مداخلة لقناة "إكسترا نيوز" مع الإعلامية مروة فهمي، إن أي زيارة بين مصر وشقيقاتها العرب أو حتى دول أخرى تعني مزيدا من التواصل ومزيدا من المصالح بين مصر وهذه الدول.

وأضاف أن الكويت تحديدًا معروف أنها من الدول ذات العلاقة الطيبة جدًا مع مصر على المستوى التاريخي، فمنذ استقلال الكويت ومصر تقف بجانب الكويت في كل المحطات التاريخية الفاصلة.

وتابع: "كل من يعرف العلاقات المصرية الكويتية وتاريخها يدرك الوقفات المصرية المهمة مع الكويت في أوائل الستينيات حينما هددها العراق بالغزو، ونعلم أيضًا الدور المصري المهم في تحرير الكويت في سنة 1991".

واستكمل: "الكويت استقبلت واحتضنت ملايين المصريين على مدار العقود الماضية، وما زالوا يشكلون جزءا كبيرا من العمالة الخارجية في الكويت، ويساهمون في الاقتصاد المصري بصورة طيبة".

كما أكد أن العلاقة المصرية الكويتية المباشرة من ناحية الموقف العربي وتمكين الموقف العربي، تعتمد على دعم المفاوضات ودعم الجانب الفلسطيني في الحرب.

وأشار إلى أن الكويت من الدول الداعمة الأساسية للقضية الفلسطينية، كما تم تشكيل جزء أساسي من منظمة التحرير في الكويت.

مقالات مشابهة

  • برلماني ينتقد صمت تركيا تجاه التطورات التي تخص شمال قبرص
  • عضو البرلمان الأوروبي: الاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة أساسية نحو تحقيق السلام في المنطقة
  • عضو البرلمان الأوروبي: الاعتراف بالدولة الفلسطينية خطوة أساسية لتحقيق السلام
  • خدمة جديدة للتحويل الدولي للأموال.. تعرف على الدول المتاحة
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي
  • دعم الجيش وحفظ أمن الجنوب.. بيان لبناني قطري هذه تفاصيله
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي 
  • رئيس الحكومة اللبنانية: نرفض جعلنا مقرا لتهديد أمن الدول الشقيقة
  • عماد الدين حسين: الكويت من الدول الداعمة للقضية الفلسطينية وعلاقاتها مع مصر طيبة
  • رئيس الكتائب عرض مع السيناتور الفرنسي رافير العلاقات الثنائية