أين يذهب ركام البنايات المنهارة إثر الكوارث الطبيعية والحروب؟.. هذه استخداماته
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
السومرية نيوز - دوليات
تسبب العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول ،2023 في تدمير مساحات شاسعة من البنايات والبقع السكنية، الأمر الذي تسبب في تحويل أحياء كاملة إلى أطلال، مخلفةً أطناناً لا حصر لها من الركام. هذا الركام والهدم المتراكم لعب دوراً كبيراً في عرقلة مساعي الدفاع المدني والمنظمات الإغاثية في الوصول إلى الأحياء المنكوبة، ما تسبب في حصار كثير من الأحياء، وتعطيل قدرة سكان المناطق المستهدفة على الحركة.
وعلاوة على وقوف الركام حائلاً أمام مساعي إغاثة وإسعاف ضحايا استهدافات قوات الاحتلال، يمثل الركام معضلة اقتصادية ضخمة أمام جهود الإعمار وإعادة البناء.
الأمر الذي قد يدفع كثيرين إلى التساؤل: أين يذهب ركام البنايات والهدم الناجم عن الحروب والكوارث الطبيعية، وكيف يتم التخلص منه؟
ما هو الركام؟
الركام هو بقايا الشظايا المكسورة مثل الصخور والأحجار والألواح الخشبية والأسلاك والمخلفات البلاستيكية والألياف الناتجة عن تساقط وتدمير المباني وتحولها إلى أنقاض.
وهي تتكون من كتل متنوعة من الأشياء المعدومة المنهارة داخل البنايات، علاوة على جسم البناء نفسه من ألواح خرسانية وأحجار وأساسات من الصلب تم تشييدها بها.
وبحسب سبب التدمير، تختلف طبيعة الركام الناجم عن البنايات والطرق المنهارة، وفرص إعادة التدوير والاستخدام لاحقاً.
على سبيل المثال، تختلف طبيعة الركام والأنقاض في المدن التي تعرضت لفيضانات خطيرة، عن تلك الناجمة عن الزلازل المدمرة، وذلك بسبب تغيير الماء لطبيعة وشكل المخلفات وقابلية استخدامها لاحقاً عند إعادة التدوير.
وبطبيعة الحال، يختلف الشكل النهائي للركام الناجم عن القصف والحرائق في مناطق الحروب والنزاعات عن الأنواع الأخرى من الأنقاض والهدم. وهو ما يلعب دوراً في طرق الإزالة وإعادة تدوير الركام لإعمار المناطق المنكوبة وبناء البنى التحتية من جديد.
اختيار مواقع جمع الأنقاض بعناية
يوضح خبراء متخصصون أن اختيار مكان تخزين الحطام الناجم عن الحروب والكوارث الطبيعية يتطلب "دراسة دقيقة" من قبل خبراء جيولوجيين وبيئيين متخصصين.
ويحذّر بعض الناشطين في مجال البيئة من أن إزالة الأنقاض بطريقة غير مناسبة، قد تؤدي إلى كارثة بيئية. على سبيل المثال، يساهم إلقاء الأنقاض في المدن أو الغابات أو المسطحات المائية كالبحار والأنهار، دون تحللها وإعادة تدويرها، في حدوث كوارث بيئية جديدة وتهديد حياة النباتات والحيوانات والحشرات، وأحياناً قد يصل الأمر إلى تسببها في تفشي الأمراض والأوبئة بين البشر.
لذلك ينبغي اختيار مواقع التجميع على أن تكون بعيدة عن المناطق الزراعية والسكنية، وكذلك الأراضي الرطبة والمناطق المحمية الغنية بالنباتات والحيوانات المتنوعة.
استخدامات الأنقاض وركام البنايات المنهارة
عندما يتم رفع الأنقاض في المناطق المنكوبة، تجري عمليات لهدم المباني المتضررة ونقل الأنقاض وإزالة الجدران المتصدعة وغير ذلك، لكيلا يتم إعادة سكن المباني المتضررة بشكل يهدد حياة المواطنين لاحقاً.
كما يتم العمل على إعادة تدوير الأنقاض والخرسانة والإسمنت ومخلفات البناء المختلفة لاستخدامها في رصف الطرقات غير المأهولة، وترميم الشوارع والأراضي المتضررة، وكذلك ضمن المواد الخام في إتمام بعض عمليات البناء الأخرى.
إلى ذلك يقول عمران الخروبي مدير برنامج إزالة الركام الصادر عن منظمة الأمم المتحدة لإعادة إعمار غزة بعد حرب 2014، إن هناك نوعين من استخدامات الركام.
وأوضح في تصريحات نشرها الموقع الرسمي للمنظمة، أنه أولاً، يتم تجميع الركام في مناطق محددة، ثم بعد ذلك "يتم طحن هذا الركام واستخدامه في إعادة ترميم الطرق التي تم تدميرها، أو الطرق الزراعية. أما الجزء الآخر من الركام أو الكتل الكبيرة فيتم في فترة الشتاء استخدام كمية كبيرة منها لتدعيم كاسر الميناء في مدينة غزة".
كما لفت إلى أن الركام الناتج عن الحروب يختلف كلياً عن الركام الناتج عن الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل أو غيرها، إذ يكون فيه خليط من المواد المتفجرة أو الصواريخ أو المعدات الحربية التي لم يتم تفجيرها، مما يتطلب عناية خاصة وفرقاً متخصصة، وهو الأمر الذي يفاقم من تكلفة إعادة البناء، والمدة التي تستغرقها العملية.
التصنيف وإعادة التدوير
ويوضح جان روكا، مدير مشروع إعادة تدوير ركام الزلازل في مكتب الأمم المتحدة للمشاريع، أنه عندما يتم إحضار الأنقاض إلى مراكز الفرز، يتم فصل المواد القابلة لإعادة التدوير- وتكون معظمها كتلاً خرسانية- عن كتل الرمل الضعيفة غير القابلة للاستخدام والطوب الذي انهار وتحول إلى غبار.
بعدها تقوم معدات "الكسارة" بطحن الخرسانة وتحويلها إلى مادة يمكن استخدامها مرة أخرى في رصف الطرق وبناء أساسات المنازل، وهي العملية التي قد تستغرق عاماً على الأقل وفقاً للإمكانات المتاحة وعدد الكيلومترات المكعبة من الأنقاض المراد إزالتها وإعادة تدويرها.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: إعادة التدویر الناجم عن
إقرأ أيضاً:
مدينة حلب تنفض ركام الحرب عن تراثها العريق
يشهد فندق بارون الأثريّ على تاريخ عريق يمتدّ لقرن من الزمان في مدينة حلب كبرى مدن الشمال السوري، وأيضا على معارك قاسية عاشتها المدينة في العقد الماضي بين قوات الحُكم السابق وفصائل المعارضة المسلّحة.
وأتت المعارك في شوارع المدينة والقصف الجويّ والصاروخي بطائرات النظام السوري السابق – لا سيما بين العامين 2012 و2016 – على كثير من معالم المدينة المدرجة على قائمة اليونسكو والتي تعد واحدة من أقدم المدن المأهولة في التاريخ.
وبعد سيطرة المعارضة السورية الخاطفة على المدينة في مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، تبدو المدينة وكأنها تستعد للخروج من حالة الفوضى والتقاط أنفاسها، رغم الدمار الكبير فيها.
ويقول جورج إدلبي، وهو مرشد سياحيّ منذ 35 عاما "للأسف، أكثر من 60% من مباني حلب القديمة هدمت".
رغم ذلك، يبدو المتحف الوطني في حلب جاهزا لاستقبال زواره بعد شيء من أعمال الترميم، فالقذائف التي سقطت في محيطه أصابت بشكل أساسي باحته من دون أن تسبب ضررا كبيرا للمبنى نفسه.
مدخل المتحف الوطني في مدينة حلب كما يبدو في 17 ديسمبر/كانون الأول 2024 (الفرنسية)ومما نجا من سنوات الحرب والفوضى، الكنوز الأثرية التي يحويها المتحف، وهي تشهد على 9 آلاف سنة من عمر البشريّة وعلى ظهور الكتابة في بلاد ما بين النهرين المجاورة.
إعلانيقول مدير المتحف أحمد عثمان لوكالة الصحافة الفرنسية "لقد استفدنا مما جرى مع الدول المجاورة" ولا سيما العراق الذي "تعرّض متحفه للنهب"، لذا "اتخذنا التدابير اللازمة لحماية ما لدينا من قطع أثريّة".
ويضيف "التماثيل الثقيلة التي كان يصعب نقلها حُميت في المكان نفسه بصبّ الإسمنت حولها، أما القطع القابلة للنقل، فقد نُقلت إلى مستودعات آمنة".
تروي جدران الأسواق القديمة في حلب، العابقة برائحة صابون الغار الحلبي الشهير، قصص المعارك العنيفة والقصف الذي حوّل مساحات منها إلى ركام ترتفع من ورائه قلعة حلب المهيبة الشاهدة هي الأخرى على صعود دول وسقوط أخرى على امتداد الزمن.
واليوم، وبعدما توالت على هذا الموقع جيوش من عصور مختلفة، باتت القلعة تحت حراسة إدارة العمليّات العسكريّة، يضع أحدهم وردة في فوهة بندقيّته، في مؤشر على انتهاء نزاع دام 13 سنة مع حُكم عائلة الأسد التي أمسكت بمقاليد البلاد أكثر من نصف قرن بالحديد والنار.
وإضافة للنزاع الطاحن واستخدام الجيش السوري القلعة كمربض للقصف، عانى هذا البناء الأثريّ من تداعيات الزلزال العنيف الذي ضرب تركيا والشمال السوري في فبراير/شباط 2023، وفقا للمرشد السياحي.
وبجوار القلعة، عادت الحياة إلى الأزقة الصغيرة التي تشكّل السوق القديم بعدما خضعت لأعمال ترميم بتمويل من مؤسسة الآغا خان الثقافية بموجب اتفاق مع السلطات السورية، وأيضا بتمويل سعودي، بحسب ما تُظهر اللوحات الموضوعة في المكان.
فاضل فاضل بائع في سوق تقليدي بحلب بتاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2024 (الفرنسية)يقول جمال حبال البالغ من العمر 66 عاما والذي أعاد قبل نحو عام افتتاح متجره في السوق لبيع الحبال والمشغولات الحرفيّة "لدينا الكثير من الذكريات هنا، كان سوقا كبيرا ينبض بالحياة، كانت العرائس يأتين إلى هنا لشراء جهازهنّ، ويجدن كل شيء هنا. ثم فجأة، وقعت الأزمة"، متجنّبا استخدام كلمة "حرب".
عمال يعملون على ترميم متجر في سوق تقليدي بمدينة حلب بتاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2024 (الفرنسية)ويروي هذا التاجر أنه اضطر لترك متجره ثم عاد إليه في العام 2018. ويقول وسط آثار الدمار وقلّة الحركة وضعف الإنارة "الأوضاع ما زالت صعبة".
إعلانوعلى غرار جمال حبال، أعاد فاضل فاضل فتح متجره المخصص لبيع التذكارات والصابون والصناديق المرصّعة.
ويقول هذا التاجر البالغ 51 عاما "كان كلّ شيء مدمرا هنا"، آملا أن تعود المدينة "مركزا تجاريا وصناعيا وسياحيًا" مثلما كانت.
ويضيف "يحدونا الأمل بحياة أفضل".
صورة جوية تظهر قلعة حلب المطلة على المدينة بتاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2024 (الفرنسية)استقبل فندق بارون في خالي الأيام شخصيات ذات شهرة عالمية، من بينها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول، ومؤسس نظام جمهورية تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، وأيضا ًالكاتبة البريطانية الشهيرة آغاثا كريستي.
صورة جوية تظهر سوريين يؤدون صلاة الجمعة في الجامع الأموي بدمشق بتاريخ 20 ديسمبر/كانون الأول 2024 (الفرنسية)وكان الفندق مقصدا للسياح والمهتمين بالتاريخ، سواء لعمارته الساحرة، أو لمعاينة مقتنيات توثّق تاريخا مضى، من بينها فاتورة لم تُسدّد، تعود للضابط والدبلوماسي البريطاني لورانس العرب. لكن غرف الفندق وباحاته تحتاج لنفض غبار السنين عنها قبل أن تعود لاستقبال زوارها.
في العام 2014، وفيما كانت الحرب السوريّة في ذروتها، أعرب آخر مالكي الفندق آرمان مظلوميان عن تشاؤمه لمصير الفندق. وقال يومها "أخشى أن تكون الأيام الجميلة قد ولّت"، وقد توفي بعد ذلك قبل أن تضع الحرب السوريّة أوزارها.